“لأن الذيـن سَبقَ فـَعـَرَفهـم سبـق فعيـّنهـم ليكونـوا مـُشابهيـن صورة إبنـهِ ليكون هـم بـكراً بيـن أخوة كثيـريـن” (رومية 29:8)
الشماس نبيل حليم يعقوب
قال الأب محتاراً ماذا أعـمل بإبنـي ولستُ أعلم لـمن أقـدمـه؟[1]
فـأجـابـه صوت صديـق:
قـدّمـه لسـقراط …فيصـبح أفلاطـونـاً
قـدّمـه لأفـلاطـون …فيصبح إسكندراً
قـدّمـه لأرشـميدس …فيصبح طبـيعـيـاً
قـدّمـه لإديسون…فيصبح مـختـرعـاً
قـدّمـه لـفورد…فيصبح غـنيـاً
قـدّمـه لشكسبـير…فيصبح شاعـراً
قـدّمـه للـمال …فيصبح عـبداً
قـدّمـه للبشـريـة…فيصبح إنسانـاً
قـدّمـه للـمسيح …فيصبح إلـهـاً.
فهـل هذا حقـاً مـا يحدث، إذا مـا قدّمـه للـمسيح سيصبح إلهـاً؟
أو مسيحـاً آخـر؟!
جاءت لنا في هذه الرياضة الفصحية أيام البصخة المقدسة دعوة لنعرف حقيقة اننا “ندعى مسيحيين” وان علينا ان نؤمن بالمسيح يسوع الإنسان. ان تجسد السيد المسيح قد حقق للبشريـة أقصى حدود الأماني فلقد قال القديس ايريناوس:”ان المسيح قد أعطانا كل جديد حينما أعطانا ذاته”. فبهذا التجسد إندمج الإنسان بجسد الـمسيح السريّ كـما يذكر يوحنـا الإنجيلي فى بشارته:”فالكلمة صار جسداً وحل فينا”(يوحنا14:1)، ولهذا يقول القديس غريغوريوس لنا:”أيها المسيحي إعرف منـزلتك وقد أصبحت بنعـمة التجسد مشاركاً للطبيعـة الإلهيـة”.
والقديس بولس يدعونا للتأمل فى سمو الدعوة المسيحية قائلاً:”فأسألكم أنـا الأسيـر فى الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم بها”(أفسس1:4).
فبالدعوة المسيحية وبالتجسد الإلهي يصير الإنسان إبناً لله وأخاً للمسيح وهيكلاً للروح القدس.
ونحن يا من نُدعى مسيحيين، هل نحيا حياة تليق بهذه الدعوة العجيبة؟
أن الوالديـن يخجلان من إبن لا يحافظ على كرامة والديه، وأنتَ أيها المسيحي قد صرتَ عضواً فى الأسرة الإلهية، فهل يرى فيك الآب صورته ومجده؟. وهل يلمس فيك الكلمة الـمتجسد ما كانت له من أفكار وأخلاق وهـو على الأرض؟. وهل يجد فيك الروح القدس مسكناً لائقـاً بلاهوته؟
ان الـمسيحيـة مسؤولية.. مسؤوليـة جسيـمة، لذلك أنتَ بلا عُذر أيهـا الإنسان إذا مـا أعلنتَ أنك مـسيحـي.
أنتَ مسـيحـي يعـني الآتـي:
- 1. أنك سفيـر عن الـمسيح: “إذ نسعى كسفراء عن الـمسيح كأن اللـه يعظ بنـا نطلب عن الـمسيح تصالحوا مع اللـه”(2كورنثوس20:5).
- 2. أنك إبـن للـه: “وأمـا كل الذين قبلوه فأعطاهـم سلطانـا أن يصيروا أولاد اللـه أي الـمؤمنون بإسمه”(يوحنا12:1).
“أنظروا أيـّة محبـة أعطانـا الآب حتى نُدعـى ونكون أبنـاء اللـه” (1يوحنا1:3).
- 3. أنك أخ للـمسيح: “لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة إبنـه ليكون هو بكراً بين أخوة كثيـريـن”(رومية29:8).
“فأجاب وقال لهم أمي وأخوتـي هم الذين يسمعون كلمة اللـه ويعملون بهـا”(لوقا21:8).
- 4. أنك عـامل مع اللـه –“فإذ نحن عاملون معـه نطلب أن لا تقبلوا نعمة اللـه باطلاً”(2كو1:6).
- 5. أنك من شهود الرب –“أنتـم شهودي يقول الرب”(اشعيا10:43).
- 6. أنك هيكل اللـه –“أمـا تعلمون أنكم هيكل الله وأنَّ روح الله مستقر فيكم”(1كور16:3).
- 7. أنك مشترك فـى الطبيعـة الإلهيـة –“وبه وُهبت لنا المواعيد العظيمة الثمينة لكي تصيروا بها شركاء فى الطبيعة الإلهية”(2بطرس4:1).
- 8. أنك وارث للـه – “إذاً لستَ بعد عبداُ بل إبناً وإن كنتَ إبناً فأنتَ وارث للـه بالـمسيح”(غلاطية7:4).
“وحيث نحن أبناء فنحن ورثـة ورثـة الله ووارثـون مع الـمسيح”(رومية17:8).
أنـتَ مسيحـي يعنـي:
+ أنك من خراف الراعي الصالح “والخراف تتبعـه لأنهـا تعرف صوته” (يوحنا4:10).
+ أنك ملح للأرض ” أنتم ملح الأرض”(متى13:5)
+ أنك من جنس مختـار ومن مباركوا الآب “أمّـا أنتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمـّة مقدسة وشعب مـُقتنى لتُخبـروا بفضائل ال1ى دعاكم”(1بطرس9:2).
أنك من خدام اللـه، وأنك من الفعلـة فـى كرم الرب، وأنك نور للعالـم “أنتم نور العالـم..هكذا فليضيئ نوركم قدّام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات”(متى16:5).
+ أنـنا لسنا من الـعـالـم”- فـى صـلاة يسوع الأخـيـرة قـبـل الرحيـل قال هذه العبارة عـن الرسل:” انـهـم ليـسوا مـن العـالـم كـمـا إنـي أنـا لستُ مـن العـالـم” (يوحنا16:17). وهذا يعـنـى :
– ” لا نحيا بعد فـى الجسد” (1بطرس 2:4-3)
– ” نحب بعضنا البعض حبـاً أخويـاً”(رومية10:12)
– ” مضيفين بعضهم لبعض من دون تذمــــر” (1بطرس9:4)
– ” يخـدم كل واحد الآخـرين”(1بطرس10:4)
– ” لا يرتبكون بـهـموم الحياة” (2تيموثاوس 4)
– ” جسد واحـد وروح واحـد” (أفسس 4:4)
– ” يثمرون ثـمر الروح ” (غلاطية 22:5)
– “لا يحسدون بعضهم بعضا” (غلاطية 26:5)
-” فيهم من الأفكار والأخلاق ما هو فى المسيح يسوع”(فيليبى 5:2)
– ” يسلكون بحسب الروح لا بحسب الجسد” (غلاطية 16:5)
_”يـُـقـتـادون بروح اللـه” (رومية 14:8)
– ” يـبتـغون مـا هـو فوق حيث الـمسيح” (كولوسي1:3)
– ” يسمـعون أقوال اللـه” ( يوحنا 47:8)
– ” مـولودين من الروح” (يوحنا 6:3)
– “أحقاؤهم مشدودة وسرجهم موقدة ينتظرون سيدهم متى يرجع” (لوقا 35:12)
– ” لا يطلبون ما يأكلون أو مـا يشربون ولا يقلقوا بل يطلبون ملكوت اللـه” (لوقا 29:12)
– ” مـخلوقين على صورة الله ومثاله” (تكوين 27:1) …
– ذريـة اللـه (أعمال الرسل 28:17)
– أحبهـم اللـه (1يوحنا 10:4)
– إخـتارهـم اللـه (يوحنا 16:15)
– أخـوة للرب (عبرانيين 11:2)
– أُعطوا معرفـة أسرار الـملكوت (متى 9:13) ….
– ” جيل مـختار وكهنوت ملوكى” (1بطرس9:2)
أخـوتـي أنسيتم هكذا سريعـاً من أنتـم؟
أنسيتم أنكم ولدتـم من آدم الثانـي؟
أنسيـتم أنكم خاصـتي يقول الرب؟
ابحثـوا ودققـوا فـى البحث واعرفـوا من أنـتم؟
“أنتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمـّة مقدسة وشعب مـُقتنى لتُخبروا بفضائل الذى دعاكم من الظلـمة إلـى نوره العجيب”(1بطرس9:2).
أن دعوتنـا اليوم أيهـا الأخوة هو أن نتأمـل فـى عِظم حياتنـا الـمسيحية،فإن الـمسيحيين كان يُطلق عليهم ألقابـاً كثيـرة، فهم قديسون لطهارتهم، مؤمنون لإيـمانهم، وأخوة لـمحبتهـم، وتلاميذ لـمعرفتهـم.
وأنت يـا أخـي..هـل أنتَ مسيحي حقيقـي؟
أم مسيحـي فاتـر فتذكر القول لـملاك كنيسة اللاذقيـة:”بـما أنك فاتر لا حار ولا بارد فقد أوشكت أن أتقيأك من فمي”(رؤيا16:3).
أم مسيحي منافق فتذكر القول لـملاك كنيسة اللاذقية:”وبـما أنك تقول أنا غنيّ وقد استغنيت ولا حاجة بـي إلـى شيئ ولستَ تعلـم أنك شقيّ وبائس ومسكين وأعـمى وعريان”(رؤيا17:3).
أم مسيحي مـرهـون فتذكر قول الرسول بولس:”فمن يستطيع أن يفصلنـا عن محبـة الـمسيح أشّدة أم ضيق أم جوع أم عُري أم خطر أم إضطهاد أم سيف”(رومية35:8).
أم مسيحي مواقف كـما حدث لشاول الطرسوسي الذى التقى بيسوع وحدثت لـه معجزو فآمـن وبشّر(اعمال9)، أو كمثل الوزير الخصيّ الذى بعد لقائـه بفيلبس وتبشيره لـه فقال:”أنا أؤمن أن يسوع الـمسيح هو إبن الله”(اعمال37:8)، أو كـمثل نثنائيل الذى بعد أن رأه الـمسيح تحت التينة قبل أن يدعوه فيلبس وقال لـه هذا صرخ قائلاً:”يا معلّم أنت ابن الله”(يوحنا49:1).
أم انت منتمي للمسيحية بالمولد فقط وهذا ما تعلنه هويتك الشخصية؟
أم أنتَ مسيحي أميـن ومحفوظ بقوة اللـه وكـما يقول القديس يوحنا:”ان علمتم أنـه بـار فاعلموا ان كل من يصنع البِر فمولود منـه”(1يوحنا29:2) و “نعلم أن كل من ولد من اللـه لا يخطئ بل الـمولود من اللـه يحفظ نفسه والشرير لا يـمسه”(2يوحنا18:5).
وإن كنتَ حقـاً مسيحيـاً فكما هو مكتوب “الشجرة تُعرف من ثـمارهـا، فأنهم لا يجتنون من الشوك تينـاً ولا يقطفون من العليق عنباً(لوقا44:6).
فيجب أن تكون هنـاك مشابهـة مع من دعانا بإسمه ولهذا فالرسول بولس يدعونا قائلاً:”فليكن فيكم من الأفكار والأخلاق ما هو فى الـمسيح يسوع”(فيليبي5:2).
أوجـه الـمشـابهـة مع الـمسيح:
- 1. فـى القـداسـة -” بل نظير القدوس الذى دعاكم كونوا أنتم قديسين فى كل سيرة لأنـه مكتوب كونوا قديسين لأنـي أنـا قدوّس”(1بطرس15:1-16).
- 2. فـى البــِر-“من قال أنـه ثابت فيـه ينبغى كـما سلك ذاك هكذا يسلك هـو أيضاً”(1يوحنا6:2).
- 3. فـى الطـهـارة –“وكل من عنده هذا الرجاء بـه يطّهـر نفسه كـما هو طاهر”(1يو3:3).
- 4. فـى الـمحـبـة –“بهذا قد عرفنـا الـمحبـة أن ذاك وضع نفسه لأجلنـا فنحن
ينبغى لنا أن نضع نفوسنا لأجل الأخوة”(1يوحنا16:3).
” وصّـية جديدة أنـا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كـما أحببتكم أنـا تحبون أنتم أيضاً بعضاً بهذا يعرف الجميع إنكم تلاميذي”(يوحنا34:13).
- 5. فـى الوداعـة وتواضع القلب –“تعلّـموا منـي لأنـي وديع ومتواضع القلب”(متى29:11).
- 6. فـى إنـكار النفس –“إن أراد أحد أن يأتـى ورائـي فلينكر نفسه ويحمل صليبـه ويتبعني”(متى24:16).
- 7. فـى خـدمـة الآخـريـن –“من أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداً كـما أن إبن الإنسان لـم يأت ليُخدم بل ليخدِم وليبذل نفسه فديـة عن كثيرين”(متى27:20).
- 8. فـى الإحـسان –“فـى كل شيئ أريتكم أن هكذا ينبغى انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكريـن كلـمات الرب يسوع أنـه قال مغبوط هـو العطـاء أكثـر من الأخـذ”(أعمال35:20).
- 9. فـى الـمسامـحة-“مـحتملين بعضكم بعضاً ومسامحين بعضكم بعضاً إن كان لأحد على أحد شكوى كـما غفر لكم الـمسيح هكذا أنتم أيضاً”(كولوسي13:3).
- أن أمجّد الله فى كل ما أفعل أو أقول -لهذا دعانا الرسول قائلاً: “فإذا أكلتم أو شربتم أو عملتم شيئاً فأعملوا كل شيئ لمجد الله” (1كورنثوس31:10). لهذا أوصانـا السيد الـمسيح قائلاً:”فليضيئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويُمجّدوا أباكم الذى فى السماوات” (متى16:5).
- أن أعـمل على نشر رسالة الـمسيح – كـما أرسل الرب يسوع تلاميذه
للعالـم أجمع قائلاً لهم: “اذهبوا الآن وتلمذوا كل الأمم.. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم بـه”(متى19:28). فهل من عـمل أعظم وأشرف وأسمـى وأكثـر مشابهـة لأعـمال السيد الـمسيح نفسه والذى كـما يقول الكتاب “كان يجول يصنع خيـراً”.
- أن أسلّم للرب ذاتـي ليعـمل بـي –كـما يقول الرسول بولس:”لأن الله هو العامل فيكم الإرادة والعمل حسب مرضاتـِه. افعلوا كل شيئ بغير تذمّر ولا جدال لتكونوا بغير لوم وبسطاء وأبناء الله بغير عيب بين جيل مُعوج ملتو تُضيئون فيهم كأنوار فـى العالـم”(فيليبي13:2-15).
ولهذا يعلن الرسول لتلميذه تيموثاوس”الرب وقف معي وقوّانـي لكي تُتم بـي الكرازة ويسمع جميع الأمم”(2تيموثاوس17:4).
- أن أبشر الآخـريـن بكلـمة الله وأعرفهـم بـه –فها هو اندراوس الرسول عندما آمن يقول عنه الكتاب:”وجد اولا أخاه سمعان فقال لـه قد وجدنـا مسيّا الذى تفسيره الـمسيح وجاء بـه الـى يسوع”(يوحنا41:1). وفيلبس والذى تقابل مع نثنائيل ودعـاه قائلاً:”لقد وجدنـا الذى كتب عنه موسى فى الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة”(يوحنا45:1).
والرعـاة عندمـا رأوا مـا أخبرهـم بـه الرب عن طريق ملائكتـه “أخبروا بالكلام الذى قيل لهم عن الصبي”(لوقا17:2). والنبيّة حنـة تلك الأرملة التى كان عمرها 84 عاما والتى كانت لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام يذكر عنها الكتاب بعد أن رأت الطفل يسوع:”ففى تلك الساعة وقثت تسبّح الرب وتلكمت عنـه مع جميع الـمنتظرين فداء فى أورشليم”(لوقا36:2).
وذلك الأبرص الذى عندمـا رأى أنـه قد شُفي “رجع يُمجد الله بصوت عظيم”(لوقا15:17).
وقائد الـمئة الذى لـمّا رأى مجد الله صاح قائلاً:”بالحقيقة كان هذا الإنسان
باراً”(لوقا47:23). وتلك السامريـة التى صرخت لأهل بلدتهـا قائلة:”هلّموا وأنظروا إنسانـاً قال لـي كل ما فعلت العلّ هذا هو الـمسيح”(يوحنا5:4).
أنـه يدعوك لأن تدعو الآخريـن ليعرفوا ويذوقوا حلاوة القرب من الله لهذا يرنم داود قائلاً:”ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب”(مزمور8:34)، ويصرخ بولس الرسول قائلاً:”الويل لـي إن لـم أبشّر”(2كورنثوس16:9).
- أن نعـمل على خلاص النفوس -تلك النفوس التى إفتداهـا بدمـه على الصليب وكما يقول الرسول:”فكل من يدعو باسم الرب يخلُص. وكيف يَدعون إلـى من لم يؤمنوا بـه وكيف يؤمنون بـمن لم يسمعوا به وكيف يسمعون بلا مُبشّر وكيف يُبشّرون إن لم يُرسلوا”(رومية13:10-15).
- أن يـملك الله عليك أولاً مُلكـاً تـامـاً – فتقول قول الرسول بولس “أنـا حيّ لا أنـا بلْ إنـمّا الـمسيح حيّ فـيّ”(غلاطية20:2). ومن غير أن يملك الرب علينـا سيكون عملنـا فى خلاص الآخرين هو عمل عقيم وغير سليم. فلنملأ مصابيحنـا أولاً بالزيت وبعدهـا يمكننا أن ننيـر للآخريـن.
- أن نكون وكلاء صالحـون على بيعتـه –كذلك العبد الصالح والأمين (متى45:25) فتعـمل أعـمال السيد الذى وكلّك وتتكلم عنـه وعن أعـمالـه. والرسول بطرس يدعونا قائلاً : “ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبـه يخدم بهـا بعضكم بعضاً كوكلاء صالحين على نعـمة الله الـمتنوعـة.إن كان يتكلّم أحد فكأقوال اللـه وإن كان يخدم أحد فكأنـه من قوة يـمنحهـا اللـه لكي يتمجد اللـه فـى كل شيئ بيسوع الـمسيح الذى لـه الـمجد والسلطان الى الأبـد” (1بطرس10:4-12). فيـا أيهـا الوكيل الآميـن إن الرب عطش للنفوس، عطش صرخ بـه وهو سط الآلام قائلاً:”أنـا عطشان”.
- أن أحـارب معـه أعـداؤه
أ- الحرب ضد ابليس
فالرسول بطرس يحذّرنـا قائلاً:”اصحوا واسهروا لأن ابليس خصمكم كأسد زائـريجول ملـتمساً من يبتلعـه هـو”(1بطرس8:5).
ويحذرنـا ايضاً الرسول بولس قائلاً:”إن مصارعتنا ليست ضد اللحم والدم بل ضد الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة فى السماويات”(افسس12:6).
ب- الحرب ضد محبة العالـم
لهذا ينصحنـا يوحنا الرسول قائلاً:”لا تحبوا العالـم ولا الأشياء التى فى العالـم.إن كان أحد يُحب العالـم فليست فيـه محبة الآب”(1يو15:2).
ت- الحرب ضد الكبـريـاء
فكـما يقول الكتاب الـمقدس “الكبريـاء هو أول الخطأ ومن رسخت
فيـه فاض أرجاسـاً”(يشوع بن سيراخ15:10).
ث- الحرب ضد حب الذات
فالرب يسوع يقول “من أراد أن يتبعـني فليكفـر بنفسه”(لوقا23:9).
ج- الحرب ضد الحواس
القديس بولس يوضح أعمال الجسد قائلاً:”اعمال الجسد ظاهرة وهى الزنـى والنجاسة والعُهـر وعبادة الأوثان والسِحر والعداوات والِخصام والغيـرة والـمغاضبات والـمنازعات والـمُشقات والبدع والـمحاسدات والقتل والسُكر والقصوف وما يُشبـه ذلك. وعنها أقول لكم ايضاً كـما قلت إنّ الذّين يصنعون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله”(غلاطية19:5-21).
أنت مسيح آخـر..موجود على الأرض ..تحـمل الصليب ولهذا يقول بولس الرسول:”افعلوا كل شيئ بلا دمدمة ولا مجادلـة..لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاداً للـه بلا عيب فى وسط جيل معّوج وملتو تُضيئون بينهم كأنوار فـى العالـم”(فيليبي14:2).
انك تحمل الصليب وتعبـر طريق الجلجثـة، وهناك كتبـة وعشّارون وفريسيون قـد يعايرونك، قـد يرجمونك والكل ينتظـر قائلين: ماذا سيفعل هذا الناصري الجديـد؟
مـاذا يقول الناس عـنيّ؟.. من هو؟ هذا السؤال في منتهى الأهمية حتى ان يسوع قد سأله للتلاميذ: “سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ»” (متى13:16-14) و(مرقس29:8)
و(لوقا20:9).
هكذا كان سؤال الرب يسوع لتلاميذه.
وأنتَ مـاذا يقول الناس عنك؟
هـل أنتَ ايليـا أم موسى أم مسيحـاً؟
هـل رأوا فيك رمز الـمحبة والإتضاع؟
أم رأوا فيك نـموذجاً للأنـانيـة والكبريـاء!
هـل رأوا فيك رمـز الـقداسـة؟
أم كنتَ معـلـّمـاً للإثـم والفجـور!
هـل رأوا فيك رمز إنكار الذات؟
أم كنت سبـاّقـاً للإرتفاع على أكتاف الجميـع!
هـل رأوا فيك رمز الإنتصار والغَلـبة على الخطيـّة؟
أم رأوا فيك عبداً لأصنام صنعتـهـا أنت!
هـل رأوا فيك نـوراً للـعـالـم؟
أم رأوا فيك داعيـة لتحطيم كل الأنوار الإلهـية!
هـل رأوا فيك أحـد ورثـة الـملكوت؟
أم رأوا فيك نـموذجـاً للإبن الأكبـر فـى مثل الإبن الضال!
هـل رأوا فيك هيكلاً للروح القدس؟
أم رأوا فيك مذبحاً للـماسونيـة والحيـّة الخبيثـة!
الآن يوجـد ليسوع تابعيـن كثيـريـن يرغبـون فـى ملكوتـه، أمـّا حاملوا صليبـه فقليلون.
كثيـرون يـبتغون تعزيـته وكثيـرون يشاركونـه الـمائـدة، أمـّا شركاؤه فـى التقشف فقليلون.
الجميع يرغبون أن يفرحوا معه، أمـّا الذيـن يريدون إحتمال شيئ من أجلـه فقليلون.
كثيـرون يتبعونه إلى كسر الخبـز، أمـّا تابعـوه فـى شرب كأس الألـم فقليلون.
كثيـرون يكرّمـون معجزاتـه، امـّا الذين يتبعـونـه الـى الصليب فقليلون.
كثيـرون يحبـون يسوع مـا دامت الـمِحـن لا تنتـابهـم.
كثيـرون يسبحـونـه ويباركـونـه مادامـوا يحصلون على بعض تعزياته، فإذا توارى وتركهم قليلاً سقطوا فى التذمر أو فى فشل مفرط “لو كنتَ ها هنـا لـِم مات أخي”
يــا وارث الـملكوت..يـا من تشعر بالألـم ..يـا من تُصلب من أجـل الـمسيح، لا يـمكن أن تُرفع على الصليب ويوضع صليبك فـى حفرة الجلجثـة إلاّ بواسطة حب يسوع.
فلـتُدق الـمساميـر، والذيـن يمسكون بالـمطرقـة إجعلهـم يدقـون وليفعلوا مـا أرادوا لكن هناك يوجـد أقوى من الـمسمار، وأقوى من الطعنـة، وأقوى من سيوف العالـم وهـو حب يسوع وملكوتـه.
حب يسوع الذى يحملك، والذى يسيـر بـك، والذى يرفع أقدامك عن الأرض،
فتـمشي فـى هذه الحيـاة إنسانـاً يراه الناس ويكلـمـه الناس ويتعامل معـه الناس،ولكن هـذا الإنسان الذى يـمشي وأقدامـه فوق الأرض لأنـه معلّق على الصليب بحب يسوع.
وهـنا سيصرخـون قائليـن: “بالحقيقة كان هذا الإنسان بـاراً”.
فلا تدعهـم يهزأون بالـمسيح.
ونحن لا نُصلب من أجل أقوال الناس ولكن كـما قيل:”ان كنا نقبل شهادة الناس فشهادة اللـه أعظم لأن هذه هى شهادة اللـه التى شهد بهـا عن إبنـه”(1يوحنا9:5).
و”من لا يصدق اللـه فقد جعلـه كاذبـاً لأنـه لا يؤمن بالشهادة التى قد شهد بهـا اللـه عـن إبنـه”.
ولقد شهد اللـه بأننـا أخوة يسوع ، وبأننـا أبنـاؤه فهـل نجعل شهادة الرب كاذبــة!
إنهـا إنكـار لجـميل الثالوث الأقدس:
فاللـه الآب دعانـا بالنعـمة إلـى بنوتـه الإلهيـة.
وجـميل الإبـن الذى بذل نفسه عـنـا.
وجـميل الروح القدس الذى سكب علينـا مواهبـه وإتخذ قلوبنـا مسكناً لـه.
فلقد قيلت لنـا :”أنتـم الذين قـد أُعطى لكم أن تعرفـوا أسرار الـملكوت”(متى11:13).
لهـذا يدعونـا الرسول قائلاً:”فأنظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل
كحكماء”(افسس15:5) وأيضـاً ينصحنـا قائلاً:”فكونوا متـمثليـن باللـه كأولاد أحـّبـاء”(أفسس1:5).
فـهـل عـرفـنـا الآن مـن نـحن يـا أحبـائـي..
فلنتأمل يا أخوتي في هذه الأيام المباركة عن معنى اننا “مسيحي” ونطلب من يسوع المسيح هذا الإنسان التام الذي أرانا الطريق وكلمنا بالحق للوصول الي الحياة الأبدية طالبين منه ان يكشف لنا أكثر وأكثر معنى “الكنز المخفي” الذي نحمله وحصلنا عليه بإيماننا به ونصرخ صرخة برتلماوس الأعمى وزكا العشار والمرأة الكنعانية وسمعان ابن يونا ان يغفر لنا ويرحمنا نحن من أهملنا رسالتنا وأخفينا الوزنات.
شكراً لك يارب،ولكن لازلنا فـى الأرض، نعيش للأرض، قلوبـنـا مشدودة للأرض،وحتى مظالـنا أقـمناهـا على الأرض.
يارب..إنـنا لا زلنـا للآن لا نفهـم،لا نعرف،ولا نشعـر بـما فينـا من نعـمة.
فـهـَب لـنـا يارب روحك القدوس لكى نفهـم ونتأمـل معنى
أنـنا لسنـا مـن العالـم..أي أنـنـا مـن فـوق
وبروحك نعـمل فـى هـذا العالـم فـيتمجد اسـمك الآن وإلى دهر الدهـور آمين
[1] ليلة الخميس من البصخة المقدسة – لوس انجلوس في 28 مارس 2018