الدستور الأصلي
الأنبا أنطونيوس عزيز مينا مطران الجيزة والفيوم وبنى سويف بالكنيسة القبطية الكاثوليكية، وممثلها بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، يتحدّث لـ«الدستور الأصلي» عن تطلعاته لدستور مصر الجديد، وما الذى يسعى لأن يتضمّنه.
مطران الجيزة والفيوم وبنى سويف: الدستور المحترم لا يفرق بين إنسان وآخر ما دامت لديه الجنسية المصرية
الأنبا أنطونيوس عزيز: الكنيسة ستأخذ حقوقها كاملة عندما يأخذ كل مواطن مصرى حقّه… لست مشاركًا لأضيف أمورًا خاصة بالكنيسة.. بل سأفكّر فى كل ما يخص المصريين الكنيسة طوال تاريخها لم تطلب حماية أو تدخلاً خارجيًّا.. وهى جزء من نسيج الوطن ولن يستطيع أحد عزلها
أنطونيوس أكد أن الدستور لا بد أن يشتمل على ما يتفق عليه المصريون، وليس ما يفرقهم، وأن يتم التعبير عن كل فئات المجتمع سواء المرأة أو الطفل وحقوق الإنسان، وعن رأيه فى حرق هذا العدد من الكنائس، وعدم إدانة الحكومات الغربية إلا متأخرًا، موضحًا أن المسيحيين لم يعترضوا وأظهروا روحًا وطنية شديدة جدًّا ووعيًا بأنه لو كان هذا ثمن حرية بلدهم فهم مستعدون لدفعه، وإلى نص الحوار..
■ ما تطلعاتك للدستور الجديد؟ – كنا نعيش بدستور 1971 حتى الثورة، ولما قامت الثورة كان الطبيعى أن يسقط الدستور، ولم يكن دستورًا سيئًا للدرجة، ويا ليتنا نرجع للدستور القديم ونطوّر منه، ثم وصلنا إلى دستور لم يكن يرضى عنه أحد، وكانت سنة عشناها «غلط» بطولها وبعرضها، وخرجت القوى الشعبية فى 30 يونيو لتصحيح المسار وإعادة ثورة 25 يناير للمسار الذى بدأته.. فمجرد أننا نعود للطريق المضبوط، ونسير نحو الصواب، فنضع القواعد ثم نختار الناس الذين ينفّذون لا العكس، كما حدث فى السنة الماضية، أمر جيد.
■ هل أنت راضٍ عن تشكيل لجنة الخمسين؟ – بشكل عام، نعم، أى لجنة لن تمثّل كاملًا كل الشعب، لكن ستمثله فى حالة واحدة عندما يكون الموجودون باللجنة مستعدين لحمل هموم كل المصريين، لا أن يتصرفوا باعتبارهم مندوبين عن جهات معينة، اليوم لدينا 85 مليون مصرى، كل واحد فيهم واعٍ ويعرف ما يريد، وعنده قناعاته السياسية وآراؤه واتجاهاته، ويريد أن يصل صوته، لذا نحتاج إلى لجنة تمثّل الـ85 مليونًا، وهذا مستحيل، وبالتالى نشكّل لجنة بالعدد الذى نستطيعه ونتحمل ما يوجّه إليها من انتقادات، طالما أنها انتقادات مقبولة، اللجنة على حجمها هى نصف عدد اللجنة السابقة، ولم توجّه إليها كمية الانتقادات التى وجّهت إلى اللجنة الماضية، أى عمل إنسانى وبشرى تكون عليه ملاحظات وانتقادات، لكننى أشعر بوجود روح طيبة مستعدة للتفكير فى مصر وكل شعبها لا مجموعة منه.
■ ما الفئات التى لم تجد مَن يمثلها فى لجنة الدستور وترى أنه لا بد أن يتكلم عنها ويعبر عن مطالبها؟ – فئات نوعية، أعتقد أنه لا يوجد، والفئة النوعية غير الممثلة إن وجدت يجب أن تتكلم وتقول إنها ليست ممثلة، وأنا مستعد أن أتواصل معهم ويمنحونى مقترحاتهم ومطالبهم، وسأوصلها كلها بأمانة شديدة طالما أنها شرعية، أرى أن الأطفال يجب أن يمثّلوا بالفعل فى لجنة الدستور، لكن صعب أن تأتى بطفل ليمثّل الأطفال فى اللجنة، وهذه أكثر فئة لا بد من الدفاع عنها، لأنها مستقبل مصر، كذلك النساء، فالمرأة تحتاج إلى الدفاع عن حقوقها، وحقوق الإنسان، وبعض القطاعات، مثل التعليم والصحة وحرية الرأى والصحافة، وكل هذه القطاعات تحتاج إلى ناس وطنيين يسعون لأن يحصلوا على حقوقهم كاملة بالدستور.
■ بالنسبة إلى المواد التى تخص الكنيسة، خصوصًا المادة 3، ما رأيك فيها؟ – الكنيسة تأخذ حقوقها كاملة عندما يأخذ كل مواطن مصرى حقّه، لو لم يوجد تمييز ستكون الحقوق متساوية، حتى لو لم تكن موجودة المادة 3، ستكون موجودة ضمنًا، لأن لكل مواطن الحق فى أن يحاسب ويحاكم حسب معتقده فى الأحوال الشخصية وهو حق بديهى، لأن كل الأحوال الشخصية فيها شقان، أحدهما مدنى والآخر ضميرى، ولن يحاسبنى عليه أحد إلا الله، واعتقادى معه، والشق الضميرى.. الهيئة الدينية هى المنوطة بأن تضع القوانين فى هذا الجزء، لكن هناك شق مدنى، الزواج نقيمه فى الكنيسة، لكن فى الآخر لا بد أن يوثق لدى الحكومة وتعترف به، ليكون له مفاعيله المدنية، فدائمًا الشق المدنى يخضع له الكل، ما يخالف هو الأحوال الشخصية، ولا يوجد عليها اختلاف من قديم الأزل ووجود المادة مجرد توضيح، ليس أكثر ولا أقل.
■ المادة تتجاهل مصريين لا ينتمون إلى الديانات السماوية.. فما رأيك؟ – ولماذا لا يكون تعميمًا، لنترك النص الحالى الخاص بالمسيحيين واليهود وندع كل أصحاب ديانة؟ يكون مصدره الرئيسى للتشريع الرجوع لمبادئ شريعته فى الأحوال الشخصية.
■ كيف يكون هذا ودستور 2012 نص على حرية ممارسة الشعائر الدينية لـ«الديانات السماوية» فقط؟ – أعتقد أن الدولة عندها نضوج أكبر، والناس متفهمة أن كل واحد مصرى من حقّه أن يعبد ربنا بالطريقة التى أبلغه بها الله، ولدينا طرق مختلفة، وكل شخص يعتقد أن طريقته هى المضبوطة، لكن يجب أن نحترم بعضًا، وأن كل واحد يعبد ربنا بطريقته، أنا قلت عن المادة الثالثة إن كل الموجودين على أرض مصر يكون المصدر الرئيسى لتشريع أحوالهم الشخصية هو مبادئ الديانة التى يعتنقوها، مثلما تكون مبادئ الشريعة للمسلمين، مبادئ الإنجيل للمسيحيين على مختلف طوائفهم، فالكاثوليك لهم قانون، والأرثوذكس قانون، ولو اتفقوا، ممكن يعملوا قانونًا موحدًا، وهذا سيكون أمرًا جيدًا.
■ لماذا يصعب صدور قانون موحد للأحوال المسيحية لكل الكنائس المسيحية فى مصر، سواء الأرثوذكسية أو الإنجيلية أو الكاثوليكية؟ – الأمر صعب، لأن الكاثوليك كمعتقد مرتبطون بكل كاثوليك العالم، والإنجيليون على مختلف طوائفهم مرتبطون بالإنجيليين فى العالم، أما الأقباط فكنيسة وطنية محلية ويكفى أن يقرر البطريرك هنا أمرًا فيصير على الكل، إلى جانب الاختلافات فى الفهم، هناك كنائس لا تعتمد الطلاق، وكنائس تعتمد الطلاق لسبب أو سببين، هناك تفاوت ين الكنائس، بسبب التفاوت فى تفسير الكتاب المقدس.
■ ما النصوص التى تقترح إضافتها إلى الدستور؟ – الدستور محتاج إلى أن يقل لا أن يزيد، لأنه كلما قلت مواد الدستور كلما اتضح أن الناس متفقة ولديها حضارة، ومستعدة لقبول بعضها والباقى يوضع فى القانون وهو عرضة للتغيير القريب، على سحب الحزب الحاكم ونواب مجلس الشعب، فالهيئة التشريعية هى المستعدة لأن تتجاوب مع الناس، مثل طبيعة الضرائب، أو أى قانون، أعتقد أن الدستور امتلأ بحشو كثير لخوف البعض من البعض، لو حذفت فلن تؤثّر.
■ البعض أشار إلى أن المادة 219 وضعت مقابل المادة 3؟ – هذا أكبر خطأ، عندما يكون الأمر أعطينى وأعطيك، أو اترك لى وأترك لك، هنا أتاجر بمصر والمصريين، لأنى يجب أن أصل فى الآخر إلى ما يعجب الكل، وليس لكى تقبلنى فئة أضع لها هذه الجزئية، لا تكون الحياة بهذا الشكل.. وهذا معناه أننا نضع فروقًا وحدودًا لكى نقبل ببعضنا، وهذه عقلية خطيرة جدًّا، إنما المبدأ يجب أن يكون «ما يتفق عليه عموم المصريين يوضع فى الدستور، لكن ما لم يتفق عليه عموم المصريين يكون مكانه القانون»، ولو لم نصدر قانونًا موحدًا لدور العبادة يكون هناك قانون للمساجد وآخر للكنائس، وقانون للمعابد اليهودية، لكن هذه التفرقة لا تكون فى الدستور، لأن الدستور المحترم لا يفرق بين إنسان وآخر ما دامت لديه الجنسية المصرية، فيكون له كامل الحقوق على أرض الوطن الذى يعيش فيه.
■ هل ترى أن وجود ممثل للنوبة وآخر لسيناء كافٍ للتعبير عن تطلعات مَن يمثلونهم؟ طبعًا، وأهلًا وسهلًا بالكل، وكنا نتمنّى أن يكون الـ85 مليونًا المشاركين، ومَن يستطيع فليضف، فأنا لست مشاركًا لأضيف أمورًا خاصة بالكنيسة، بل ما يخص كل مصرى يأخذ اهتمامى الكامل.
■ كيف ترى الاعتداءات التى وقعت على الكنائس يوم فض اعتصامى رابعة والنهضة وما تلاه؟ – هنا أسأل: هل كان هناك فرق بين الاعتداء على الكنائس قبل 30 يونيو وبعدها من جهة رد فعل المسيحيين؟ الفارق أنه عندما كان يحدث اعتداء قبل 30 يونيو على كنيسة كانت كل الكنائس تعترض وتحتج والمسيحيون يعترضون ولديهم حق فى ذلك، لأنه يُعتدى عليهم ويطالبون بالعدل بأن يقبض على المجرم ويُحاكم، لكن لماذا لم يعترض أحد رغم أن كمية الكنائس المحروقة أكبر؟ لأن كل ما نفعله هو فقط حصر للخسائر التى تعرضت لها الكنائس، لفعل ما نستطيع عمله.. المسيحيون لم يعترضوا لأنهم أظهروا وطنية شديدة جدًّا ووعيًا بأنه لو كان هذا ثمن حرية بلدنا فنحن مستعدون لدفعه.. هتهدموا الكنائس هنصلى فى الجوامع، هتهدوا الجوامع هنصلى فى الشارع، لن تخيفونا ولن ترهبونا، انتهى هذا العصر، الكنائس ستبنى وتعود مرة أخرى، المهم أننا استرجعنا البلد وعاد القرار بأيدينا، والناس مستعدة أن تتقبل بعضها وتعيش بمحبة كما كان سابقًا. لن يكون هناك جزء يضرب الآخر، كنا نضرب لكى ندخل فى مواجهة مع الحكومة أو الجيش أو الشرطة، وكانت هناك حكمة كبيرة جدًّا، بناية تم هدمها ستبنى مرة أخرى، وإذا لم يتبناها الناس فربنا يتولاها ويجد من يبنيها لأنها بيته، ونشكر ربنا أن الخسائر فى الأرواح كانت أقل بكثير، بسبب حكمة عدم المواجهة، ونقول يا رب اهدى الآخرين، لن ندعى الدعوات التى كنا نسمعها علينا، بل دعواتنا بالهداية والرجوع للحقوق والعودة للوطنية، والاعتراف بفضل الوطن علينا، لأنه هو من نعيش فوق أرضه وأعطانا الحياة، وأن نرفع رؤوسنا وسط الأمم.
■ كيف تفسر الاعتداء على المستوصفات والملاجئ والمدارس رغم أن هناك مَن كان يستفيد منها خصوصًا فى المنيا وبنى سويف؟ – لقد جئت على الجرح، لأننى من المنيا، وأغلب هذه البيوت طلع على يدى، هناك بيت فى جاد السيد، فى قبلى المنيا وكان يخدم أهالى الحى ولا يفرق بين مسيحى ومسلم، وكانت مكتبة جيدة وسط حى شعبى، جعلت الناس ترتقى ثقافيًّا، كذلك مدرسة سان جوزيف، أما بنى سويف التى تتبعنى فى الأبروشية حاليًا الخراب فيها كان شاملًا.
■ هل الراهبات تعرضن لأذى هناك؟ – لا أستطيع أن أقول بهذه الطريقة، بل على العكس هناك ناس من الأهالى حاولوا حمايتهن، وأرادوا استقبالهن فى البيوت، وتكرّم الأنبا غبريال أسقف بنى سويف، واستضافهن فى بيت المكرسات، ونشكر هذا الموقف للكنيسة الأرثوذكسية لمساعدة الراهبات، أيضًا سيكن بعض الظهر فى المدرسة لأننا «داخلون» على مدارس والمدرسة ستكون فترة مسائية عندهن فى نفس المدرسة عند الأنبا غبريال. ولا أستغرب، فإذا كانت العقلية ملتوية فالشر ستقلبه لخير والخير لشر، فهى عقلية ناس لم تتلقّ تربية جيدة وضميرها ملتوٍ، فتضع الخير مكان الشر والعكس، بل وتفسّره وتعطيه كمان صبغة دينية، فلو لديهم مبادئ دينية حقيقية فلن يعتدوا على أحد، لأنه لا يوجد دين يسمح بالاعتداء على الغير، خصوصًا إذا كان الآخر يخدمك، فنسبة المسيحيين فى المدرسة لا تتعدى 20 فى المئة، ولا ننظر إلى النسبة، بل تقدّم لى قائمة بالأطفال أرسلها إلى الإدارة التعليمية وهى تأخذ بالسن فتضع وتقول لى أقبل هؤلاء ولا أستطيع التمييز، ولا أقدر أن ألحق طفلًا بالمدرسة لأن هناك التزامًا بالقانون ومَن يحدّد هو الإدارة التعليمية.
■ كيف تقيم ردود الفعل الغربية عقب حرق هذا الكم من الكنائس؟ – كانت ردود فعل خاطئة، وبسبب ما كانت تعرضها وسائل الإعلام هناك، فى البداية تكون رأيًا وبناء عليه تأخذ قرارك، فالأخبار التى وصلت فى أوروبا وأمريكا تقول بأننا الذين قمنا ضد التيار الإسلامى وهو سلمى ومضطهد، ولا يحمل أى أسلحة، وليس فقط الجيش والشرطة ضدهم بل الناس وتقريبًا نأكلهم أحياء، وهذا ما كان واصلًا.. كان لا بد أن يكون هناك شغل أكبر من الإعلام، وتعبنا كثيرًا لكى تصل الصورة الحقيقية للخارج، واضطررنا لعقد لقاءات مع السفارات ومع الاتحاد الأوروبى ومع كل معارفنا بالخارج، ونقول لهم إن ما تعتقدونه ليس حقيقيًّا، وقناة «الجزيرة» قامت بتشويه صورة مصر أمام العالم، أما الآن فبدأ العالم يعرف الحقيقة، وأظن أن أكبر حادثة هزّت ضمير العالم هى مقتل 25 شهيدًا من جنودنا فى سيناء، ففى اليوم التالى كان هناك اجتماع فى الاتحاد الأوروبى وبدأت النغمة تتغيّر، والصورة صارت أفضل وأصح وأعم بالنسبة إليهم.
■ هل ما يعرض بوسائل الإعلام الغربية مبرر لدى قادة هذه الحكومات لتكوين رأى غير واقعى؟ أليس لهم سفراء وأجهزة استخباراتية منتشرة فى العالم كله؟ – هو مَن الذى يأخذ المعلومات ممن؟ أوباما يأخذ معلوماته من «سى إن إن» أم العكس؟ أكيد العكس.
■ هذا يعنى أن الحكومات متواطئة وهى التى توجّه الإعلام، أليس كذلك؟ – لأنه كان هناك مخطط كبير تنبهنا له ولم نكن نعرفه، ولو كان تم، كانت مصر ربنا يعوّض عليها، لكن ربنا حاميها وهاتفضل فوق الكل، ومصر ستظل أم الدنيا وقد الدنيا كما قال الفريق السيسى.
■ لكن، بدا واضحًا تأثير بيانات الكنيسة وكلمات البابا فرانسيس حول مصر فى تغيّر موقف عدد من دول أوروبا.. والبعض قدّم الشكر إلى الكنيسة على ذلك، فماذا تقول؟ – هذا أقل ما نقدّمه لمصر، والكنيسة فعلت أقل من الواجب، وهذا دائمًا هو موقف الكنيسة فى كل المناسبات الوطنية، وأظن أن الشعب يعرفه، وأشكر أشخاصًا كثيرين شكرت الكنيسة، لكن لا شكر على واجب، فنحن عنصر من عناصر الوطن قد يكون عددنا قليلًا أو يقولون نسبتنا 2 فى المئة، لا يهمنى العدد بل يهمنى هل الكنيسة تقدّم خدمة للوطن أم لا؟ هل الكنيسة معترفة بجميل الوطن أم لا؟ وهل ما تقوم به الكنيسة لصالح حزب معين أو فئة معينة أم لكل الوطن؟ هل هى مكون على الهامش أم من قلب وصميم المجتمع المصرى؟ والكنيسة ليست فى هذه المرة بل كل المرات التى وضعت فيها أمام تحدٍّ، تكون جزءًا من نسيج الوطن، ولن يستطيع أحد عزلها.
■ لكن خرجت أصوات فى الغرب تنادى بحماية الأقلية المسيحية فى مصر، فما رأيك؟ – تخيّل لو حدث العكس وكنا تصرّفنا مثل الآخرين الذين استقووا بالغرب، فلم يتحرّك أحد، لكن لو الكنيسة استقوت بالغرب فى الأسبوع التالى تكون مصر ضربت، وهذا عمره ما يحدث، وكل مرة الغرب يصرّح يقول نريد حماية الأقليات، نرد: متشكرين، مَن يحيمنا هنا إخوتنا، ويحمينا حقّى كمصرى فى أرض مصر، وعمر الكنيسة فى يوم ما طلبت حماية ولا تدخلًا خارجيًّا، بل كل ما طلبناه أن يعدلوا من فكرتهم عن مصر، وكنا بمنتهى الصراحة نظهر ونعطى صورًا لما حدث عن الأماكن التى تم ضربها.
■ ماذا لو ظلت هذه الأصوات تردد نغمة حماية المسيحيين، فماذا ستفعل الكنيسة؟ – عليهم أن يقولوا ما يريدون، فنحن نرفض أى تدخل خارجى فى شؤون مصر، بل مستعدون أن نموت أفضل، ليس بإرادتهم، فنحن لم نطلب حماية من أحد، ومستعدون حتى لو ظلمنا أن نموت من أجل مصر.
■ ما الذى تحتاجه مصر فى نقاط محددة؟ – نحتاج الرجوع إلى ربنا، لكن لربنا، وليس لأمر آخر ونسميه ربنا، لأننا مرات كثيرة نرجع إلى أفكارنا الجامدة، ونقول إننا راجعون إلى الله، بل يجب أن نعود لكلمته فى كتبه، كذلك لا بد من الاهتمام بالتعليم والكرامة الإنسانية والصحة، ويسند الكل الاقتصاد، وأعتقد مصر ليست دولة فقيرة وستقوم باحتياجاتها لو هناك إدارة حسنة وواعية، ربما «نعرج» بعض السنين بسبب الديون التى تراكمت فى العام الماضى التى نقصت فيها خزائن الدول ونقص الاحتياطى من العملات الأجنبية، وعجز الميزانية صار غريب الشكل، والديون تراكمت، لكن لو تم التوزيع بعدل وبقت الضرائب مَن يكسب أكثر يعول مَن لا يكسب، ويتحمل الواجب الكبير من البنية الأساسية للوطن، وسوف تتحرك مصر وقد تسبق الدول الثمانى العظمى.
■ ما المدى الزمنى لتحقيق ذلك؟ – نحن صابرون ونعطى الفرصة لمن بيده القرار، لكن بشرط أن نجد الروح الطيبة والنية الحسنة، وأن يسير فى الطريق المضبوط والعدل والمساواة وعدم التمييز وليأخذ ما يريد من وقت.
■ هل ترى للشباب فرصة فى مستقبل مصر؟ – هذا البلد لن ينهض من غير الشباب، الكبار خبرات لا يمكن الاستغناء عنهم، لكن البلد يحتاج إلى تهوّر الشباب، ومَن يضبط تهوّر الشباب هو خبرة الكبار، والشباب قادر على تصحيح مساره أسرع من الكبار، نريد شبابًا تم تكوينه، واعيًا ويستطيع أن يتحمّل المسؤولية، ولا يهمل نصيحة الكبار.