إعداد بتصرف – مراسل الموقع من القاهرة – ناجى كامل
خاص بالموقع
ولد بيار فافر في سافوا عام 1506 و إنتقل الى السماء في روما في الأوّل من شهر أغسطس عام 1546 عن عمر يناهز الاربعين عاما هو واحدٌ من أوائل رفاق القدّيس إغناطيوس دي لويولا مؤسّس الرهبانيّة اليسوعيّة، وشارك ايضا في تأسيس رهبنة رفاق يسوع.
عُرف بتفانيه في الحفاظ على الكنيسة الجامعة.
كان قد أٌعلن الأب فافر صديق القدّيس اغناطيوس دي لويولا طوباويًّا عام ١٨٧٢ فى عهد البابا الطوباوى بيوس التاسع ويُحتفل بعيده حسب الطقس اللاتينى يوم ٢ اغسطس
الجدير بالذكر انه في 12 مايو 2013 احتفل البابا فرنسيس بأول عملية تطويب قديسين خلال ولايته، شملت القديسة لورا من كولومبيا، والقديسة ماريا غوادالوبي غارسيا زافالا من المكسيك وشهداء أوترانتو من إيطاليا؛ ثم أعلن قداسة البابا فرنسيس يوم السابع عشر من ديسمبر 2013 الطوباويّ بيير فافر قدّيسًا.
عاش فافر في العصر الّذي كانت فيه الوحدة الكنسيّة على المحكّ وتعيش ظروفًا عصيبة، لكنّ الاب فافر نأى بنفسه عن الخلافات المذهبيّة، موجّهًا كلّ جهوده الرسوليّة لإعادة إصلاح الكنيسة فأصبح من رواد الحركة المسكونيّة،
أحد أهمّ الجوانب الّتي عُرف فيها فافر، أنّه شخصٌ تأمّليّ في العمل، رجلٌ انجذب للمسيح، وأولى اهتمامًا لمفهوم المراِفقة الرهبانيّة ، كان مُحنّكًا في التمييز الروحيّ، كرّس ذاته للخدمة الكهنوتيّة في صبرٍ ووداعةٍ، فبذل نفسه دون انتظار أيّ مكافئة بشريّة أو ثناء . رأى فافر الله في كلّ شيء، وفي كلّ مكان، حتّى في الظروف الأكثر قساوة وعدائيّة
– لقد وصف فافر نفسه في وسط أوّل رعيل من الرهبانيّة بهذه الطريقة: “كنتُ جدّ حزين ومفجع عندما لاحظتُ أنّني لا أعمل شيئاً عظيم الشأن، وقد توصّلتُ إلى الاعتقاد أنّني، من بين مُعاصريّ، أقلّهم نجاحاً ” 3/4/1545
لم يكن الاب فافر موهوباً للرئاسة مِثل إغناطيوس، ولا مندفعاً للأعمال العظيمة مِثل فرنسيس، فقد تكرّس لمرافقة الكثيرين من الناس مرافقة روحيّة في بحثهم عن الله، أقلّه من خلال ثلاث خدمات: الاعترافات والأحاديث والرياضات. فافر استطاع، من خلال تلك الخدمة التي فضّلها، القول بأنّ الروح المعزّي يحبّ أحيانا أن يضيف من ذاته على أصغر الوقائع والأعمال: “كلّما اتّحدنا بالروح، أفاض الروح بركته التي تنسكب على تلك الأعمال المتواضعة، ذلك بأنّه مصدرها وقُدوتها” (3/4/1545
قد دفعه الروح القدس إلى الرغبة والرجاء أن يتمّم خدمة المسيح المعزّي. لقد أراد أن يكون “المُعزّي والمُنجّي والشافي والمُحرّر والمُغْني والمُقوّي”، لكي يحمل للناس “لا المواد الروحيّة فحسب، بل الجرأة والرجاء اللذين يسمح الله بهما بشكل محسوس، فضلاً عن كلّ ما باستطاعة المحبّة أن تفعله لأيّ نفس وأيّ جسد من إخوتنا ” (26/10/1542
من اقوال القديس فافر فى مذكراته :
– في الليلة المقدّسة التي فيها وُلد يسوع ربّنا، عندما كنت في الكاتدرائية أصلّي فرض الليل أمام الذخائر المقدّسة غمرني شعور قويّ بالتعزيّة حتى أنّي ذرفت دموعًا غزيرة من البداية حتى النهاية
– تأثّرت بأقوال النبيّ أشعيا في الفرض الأوّل من الليل. ونِلت رغبات كبيرة حتى كنت أتمنّى أن “أولدَ من الله، لا من رغبة لَحمٍ أو دمٍ ولا من رغبة بشر، تمنّيت بكامل معرفتي وقد لمست في قلبي، أن تولد في هذه الليلة أدوية شافية لآلام عصرنا. وشعرت برغبة عميقة أن أولدَ أنا أيضًا لكلّ الأعمال الصالحة للقريب، وهذا ما يحصل إن وهبني روحًا يكون فيّ نبعًا ووسيلة لأكرّس ذاتي تكريسًا تامًا لكلّ عملٍ من هذه الأعمال الصالحة وهكذا أتشبّه بالّذي حُبِل به ووُلد ومات تَمامًا لأجل كلٍّ منّا
– علينا أن نقضي باقي حياتنا “في الرّوح” ونعمل لِخدمة القريب ولِتَمجيد الله.
– في الماضي كنّا نَحيا لأجل ذواتنا ولأجل رفاهيّتنا، كما لو أنّنا جِئنا إلى هذه الحياة لأجل أنفسنا فقط
أمّا الذي يُولد من عَلُ، فيأتي من الله ذاته؛ وطبيعة الله كاملة وإرادتُه مستقيمة؛ فلا يـحيا مشدودًا إلى الطبيعة الفاسدة الّتي من الدم ولا منقادًا للمغريات الجسديّة أو لأسباب بشريّة أو أرضيّة الولادة الحقيقيّة التي من الله، تُعرَف من ثِـمـارها.
– إحتفلت بالقدّاس الأوّل – وهو في منتصف الليل – في الكاتدرائية وكانت لي النيّة أن أقدّمُه لأجل جمعيّتنا. كانت أمنيتي الحارّة أن يُولد فيها كلّ رغبة حسنة وملءُ القداسة والبرارة أمام الله وبفضل تلك الولادة يكون كل عضوّ من أعضائها مهيّئًا للانطلاق إلى العالم كلّه.
– ثم احتفلت بالذبيحة الثانية في دير الآباء الكرمليّين، وكانت على نيّة سيادة مطران “ماينز” لكي يُولدَ فيه كلّ خيرٍ روحيّ كما في مقاطعة “رينانيا” التي أوكِلَت إليّ.
– والذبيحة الثالثة في كنيسة العذراء وخلال القدّاس تأمّلت في هذا العيد (عيد الميلاد) وفي العذراء الطوباويّة التي تَلِد. احتفلت بالقدّاس كي يولد العلاج الذي يَـحتاجُه هذا الزمن التعيس، من أجل السلام بين الرؤساء المسيحيّين، واختفاء الهرطقات ولأجل نوايا العالم كلّه.
في القدّاس الأوّل كنت أشعر كـم هو قلبي باردٌ لا دفءَ فيه وانتابني حزنٌ، قبل المناولة، لأنّ المسيح لن يَـجد فيّ مسكنا مـهيّأ له؛ فراودتني فكرة من الروح أجابت على سؤالي وعزّتني حتى الدموع وهي: هكذا كان مـجيء يسوع المسيح إلى المغارة. لو كنتَ حارًّا لما عاينتَ إنسانيّة ربّك لأنّك ما كنتَ لتُشبِه، روحيًّا، هذه المغارة ، تعزّيت في الربّ لأنّه تنازل وأتى أيضًا مسكنًا لا دفء فيه. كنت أتمنّى أن يكون مزيّنًا لتعزيتي؛ ولكن لمّا رأيت حالة المسكن حيث كان الربّ تعزّيت، إن كنتُ لا أرى في ذاتي ما أريد أن أكون أمام ربّي، أمام يسوع أمام أمّه أو قدّيسيه، فلَيتني أنال النعمة أن أرى وأشعر ما موقفه هو، وهيئته هو ،وتصرّفه هو تُـجاهي.
وصف البابا فرنسيس القدّيس بيار فافر أنّه كان محاور مع الجميع البعيدين منهم وأعداء رفاق يسوع، مثالًا للتواضع ورجل القرارت الصعبة وفي الوقت نفسه قادر أن يكون هادئًا متنبّهًا.
صلوات القديس بيار فافر ومرافقته الروحية وبركاته تكون معنا آمين .