“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيّون” (2)

“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيّون” (2)

تحليل الكاردينال ساندري

روما,  (زينيتآن كوريان 

بعد أن نشرنا القسم الأول من أقوال الكاردينال ساندري حول أمنية المجمع الفاتيكاني الثاني، إليكم في ما يلي ترجمة القسم الثاني من هذه الأقوال.

***

رسالة مسكونيّة

إعتبر الكاردينال ساندري أنّ الرسالة الفعليّة المجمعيّة الموجّهة إلى المسيحيّين الشرقيين تشير إلى “الرسالة المسكونية لكنائس كاثوليكيّة شرقيّة وأنّ الإخلاص الديني للتقاليد القديمة الشرقية، بالتعاون مع الكرسي الروماني، يساهم في تعزيز الوحدة لجميع المسيحيّين.

وذكّر الكاردينال بالمواقف البابويّة إزاء هذا الموضوع. إذ إقترح يوحنا الثالث والعشرون، عند إفتتاح المجمع، موضوع “طبّ الرحمة” من أجل تقريب المسيحيّين. وفي رسالته الرسوليّة “Orientale Lumen” وفي منشوره البابويّ “Ut Unum Sint” تحدّث يوحنّا بولس الثاني عن المسيحيّين في الشرق. وأشار بندكتس السادس عشر، خلال زيارته إلى مجمع الكنائس الشرقية، إلى أنّ “الخيار المسكوني الذي أداره المجمع لا ينعكس” وأنّ تقاليد الشرق المسيحيّ هي “تراث الكنيسة جمعاء” و”مرجع للمستقبل”.

وأخيرًا، أثنى البابا فرنسيس، خلال درب الصليب في الكولوسيوم الذي أُقيم في 29 مارس الأخير، على “الشهادة” التي قدّمها مسيحيّو الشرق: “لقد رأينا هذه الشهادة عندما ذهب البابا بندكتس إلى لبنان حيث رأينا جمال تعاون المسيحيّين في هذه الأرض وقوّته والصّداقة من العديد من الإخوان المسلمين ومن الكثير غيرهم. هذا يعدّ إشارة للشرق الأوسط وللعالم بأكمله: إشارة أمل”.

كرامة عينها

يذكر الكاردينال ساندري، من بين نتائج المجمع، مدونة القانون الكنسي للكنائس الشرقية التي أصدرها يوحنا بولس الثاني في 18 أكتوبر 1990 وبالنسبة إلى الفاتيكان الثاني هي “واحدة من التعابير الرئيسيّة والرسميّة من “التنوع في الوحدة”.

وشرح الكاردينال أنّ هذه المدونة هي نقطة تحوّل في التاريخ، ففي الواقع، إستوحتها الكنيسة، حتى الفاتيكاني الثاني، من مبدأ “praestantia ritus latini” الذي طرح، بشكلٍ خاص من الطقس اللاتيني، “تفوّق الكنيسة اللاتينيّة على الكنائس الشرقية”.

ووضع المجمع نظريةً جديدةً أكّد من خلالها أنّ “الكناس الشرقيّة تتمتع كالكنائس الغربيّة بالكرامة عينها بحيث لا تتفوّق أيّ واحدة منها على الأخرى بسبب طقسها”.

ومثلًا تنص (Orientalium Ecclesiarum) “الكنائس الشرقية” على ما يلي: “يعلن المجمع رسميًّا أنّ كنائس الشرق يحقّ لها ويتوجّب عليها، كتلك الموجودة في الغرب، أن تحكم وفق أنظمتها الخاصة بها. وبالفعل، تُعرف تلك الكنائس بأقدميّتها الجليّة وتنسجم، بشكلٍ أفضل، مع عادات مؤمنيها وتبدو مكيّفة أكثر في سبيل الخير للنفوس”.

وبعبارة أخرى، “لا تكون الكنيسة اللاتينيّة مرادفًا للكنيسة الجامعة ولا تعدّ قوانينها مماثلة في الكنيسة. فهي لا تُجبر الشرقيين بقوانينها وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحقّ الشرقي الذي لا يجُبر اللاتينيّين بقوانينه”.

خاصيّة الشرقيّين

أمل المجمع أيضًا أن “ترافق الهويّة الكنسيّة والطقسيّة الكاثوليك الشرقيين أينما كانوا”، و”أن يعلم جميع الشرقيين، بثقة تامّة، أنّه يمكنهم وعليهم دائمًا الحفاظ على طقوسهم الليتورجيّة الشرعيّة ونظامهم وأنّ التغيّرات لا يجب أن تُجرى فقط من أجل تقدّمهم الخاص والمنظّم”.

وبحسب مدونة القانون الكنسي الشرقي، يعدّ الطّقس “التراث الليتورجي، واللّاهوتيّ، والروحيّ والنظاميّ الذي يتميّز بالثقافة والظروف التاريخيّة للشعب ويُبان وفق الطريقة الخاصّة بكلّ كنيسة في الإحتفال وعيش الإيمان”.

واليوم، بسبب هجرة المؤمنين الشرقيين، يجب على هذه الطقوس أن تكون محفوظة بإنتباهٍ دقيقٍ كما تشير إليه عظة “الكنيسة في الشرق الأوسط” التي وقّعها بندكتس السادس عشر في 4 سبتمبر 2012، حيث يشجّع فيها البابا إلى “إحاطة” المؤمنين الشرقيين المغتربين “بالحنان” من خلال دعوتهم إلى “البقاء على إتّصال وثيقٍ مع عائلاتهم وكنائسهم والإحتفاظ، بشكلٍ خاص، وبإخلاصٍ، على إيمانهم بالرب بفضل هويّتهم الدينيّة المبنيّة على تقاليد روحيّة جليّة”.

وشرح الكاردينال ساندري أنّه بالنسبة إلى بندكتس السادس عشر ” في الواقع، يكون ذلك من خلال الحفاظ على إنتمائهم هذا إلى الله وعلى كنائسهم ومن خلال زرع محبّة عميقة للإخوة والأخوات اللاتينيين الذين سيقدّمون إلى الكنيسة الكاثوليكيّة بأكملها منفعةً كبيرة”.

وختم عميد المجمع الروماني للكنائس الشرقيّة بالقول أنّه من هذا المنطلق، يندفع رعاة المناطق الكنسيّة الذين يستقبلون الكاثوليك الشرقيين إلى “إعطائهم إمكانيّة الإحتفال بحسب تقاليدهم الخاصّة وممارسة أنشطة رعويّة وأبرشيّة حيث يمكن ذلك”.

***

نقلته إلى العربية ميريام سركيس- وكالة زينيت العالمية