قلم أندريا تورنيللي، ترجمة منير بيوك
ترجمة إلى اللغة العربية خاصة بأبونا
عندما عينه البابا فرانسيس له كوكيل عنه لتقديم الصدقات، قال: “لن تكون أسقفاً يعمل في المكتب، كما لا أريد أن أراك واقفاً خلفي أثناء القداس الإلهي. أريد أن أراك بين الناس. وسوف تقدم محبتي إلى الفقراء والأقل حظاً. عندما كنت في بيونس أيرس كنت أذهب في كثير من الأحيان في المساء لملاقاة فقرائي. الآن لا أستطيع فعل ذلك، لأنه من الصعب بالنسبة لي مغادرة الفاتيكان. لذا ستقوم بالمهمة بدلاً مني. وستكون امتداداً لقلبي الذي يجلب لهم ابتسامة الآب السماوي ورحمته”.
فكان “الأب” كونراد كراجيوسكي، كما يدعو نفسه حتى بعد أن أصبح رئيساً للأساقفة، يطوف أنحاء المدينة “ليجلب تضامن أسقف روما إلى أحلك الأحياء والأكثر عوزاً”. وقد “بدأ بالفعل زيارة بعض دور المسنين،” كما قال في مقابلة مع ماريو بوزي، الصحفي في صحيفة الفاتيكان اوبسرفاتوري رومانو.
قال الأب كاجيفسكي: “يغمرني الفرح مجرد أن أدرك أنني كلما أعانق أحد إخوتنا المعوزين أنقل إليه دفء البابا، وحبه، وتضامنه. فغالباً ما يسألني البابا عن ذلك. إنه يريد أن يعرف”. كان وكيل تقديم الصدقات الجديد في روما منذ عام 1998 وقام بدور أحد مدراء المراسيم الدينية خلال فتره يوحنا بولس الثاني البابوية، “لقد أدرك على الغالب العالم القاتم والمحيط بالكرسي البابوي. كان هذا العالم مليئاً بأناس معوزين ليس لديهم مسكن ثابت، وعلى الغالب يفتقدون دفء الإنسان أكثر مما يفتقدون الطعام، وكانت روما سخية جدا في هذا الصدد. لقد كانوا جياعاً لشخص ما يستمع لهم، ويمنحهم حضناً دافئاً وعناقاً”.
وبمساعدة الراهبات ومجموعة من المتطوعين الشباب من الحرس السويسري، نظم الأب كونراد نوعاً ما من مطبخ حساء نقال. “لقد جمعنا متبقيات الطعام من غداء وعشاء الجنود وتم فصلها لتكون وجبات عديدة. وبعد الساعة 8:30 مساءً، خرجنا لإعطاء الطعام للفقراء الذين عادة ما يتجمعون حول ساحة القديس بطرس ليلاً”. كان هناك نحو 40 شخصاً بلا مأوى التجأوا إلى منطقة تحت الممرات على طول طريق المصالحة – حدود الفاتيكان. “لقد كانت أسلوباً للوصول إليهم وقضاء بعض الوقت معهم”. ولا يزال يتم ذلك في هذه الأيام.
“في يوم رسامتي الأسقفية تلقيت أجمل هدية” من هؤلاء الناس المعوزين. دعوت حوالي عشرين شخصاً منهم، ووعدوني أنهم لن يشربوا قطرة من الخمر لمدة يومين. كان من الصعب جداً بالنسبة لهم مقاومة إغراء الخمر، لكنهم تدبروا أمرهم بترحاب. كانوا يدركون أن تلك كانت أفضل هدية تقدم لي. حتى أنهم غسلوا ملابسهم في الينابيع حول روما. وفي اليوم التالي عادوا إلى قاعة بولس السادس وقدموا لي باقة من محبتهم. لا أعرف بأمانة من أين حصلوا عليها لكن كانت طريقتهم لإظهار محبتهم. وأنا سعيد لأنه عندما أذهب لزيارتهم، أحمل قلب البابا معي لهم”.
خلال المقابلة، أعلن البابا علناً بأنه “سأتمكن من قضاء اليوم بكامله بعد رسامتي مع عائلتي. وكوني وكيلاً لتقديم الصدقات يعني قبل كل شيء أداء العمل الخيري الذي يتجاوز جدران الفاتيكان. لقد طلب مني صراحة عدم البقاء في مكتبي أوقع المستندات بل أخرج وألتقي الفقراء والمحتاجين جسداً وروحاً”.
إن تقديم المساعدات المادية للمحتاجين ليس بالأمر الكافي. “فالبابا يريدني أن أكون على اتصال مباشر معهم والإطلاع على واقع حياتهم، إلى حساء المطابخ، دور اللاجئين، ودور الرعاية، والمستشفيات. فعلى سبيل المثال، إذا احتاج أحدهم إلى مساعدة لدفع فاتورة، فإنني أذهب من وجهة نظر مثالية إلى بيته وأقدم له المساعدة المادية التي يحتاجها لأبين له أن البابا موجود من أجلهم من خلال وكيل تقديم الصدقات الخاص به. وإذا احتاج أحد مساعدة لأنه وحيد ومخذول، يجب أن أذهب إليه وأعانقه ليتمكن من أن يشعر بدفء البابا وبالتالي دفء كنيسة المسيح. لقد كان بوده أن يفعل ذلك بنفسه كما اعتاد أن يفعل في بيونس أيرس ولكنه لا يستطيع. لذلك فهو يريد مني أن أفعل ذلك نيابة عنه”.
قال الأب كونراد: إن طلبات المساعدة المرسلة من روما ومن أجزاء أخرى من إيطاليا “ترسم صورة مؤلمة للفقر المتزايد، ليس فقط من حيث المال ولكن من حيث الشخص ككل. ففي الواقع أود القول أن العامل الاقتصادي هو جزء واحد فقط من الصورة. فعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية قد تجلب حالات بائسة في غمضة عين. وأيضاً يجد المهاجرون واللاجئون الذين يلجأون إلى وكيل تقديم الصدقات أنفسهم في أوضاع بائسة. ناهيك عن المصابين بأمراض خطيرة الذين ليس بإمكانهم الحصول على العلاج الطبي والأدوية. لقد أنشأنا خدمة طبية تطوعية في محاولة لمساعدة الجميع”.
“البابا يساعدنا. كما تقدم بعض الجمعيات الخيرية مساعدات مالية كأولوية لخدماتها الخيرية. وفي العام الماضي تمكنا من توزيع أكثر من 900 ألف يورو نيابة عن البابا”. إنها دفعة كبيرة لهذا العمل الخيري.