المطوب الأب بشارة ابو مراد

المطوب الأب بشارة ابو مراد

إعداد ناجي كامل – مراسل الموقع – القاهرة

* وُلد سليم – ألاب بشارة أبو مراد- سنة 1853 في زحلة بلبنان . كان جبّور والدُه من أسرة أبي مراد، كانت اسرته متوسّطة الحال،.أما والدته اليصابات فقد امتازت بتقواها وعقلها الرّاجح، ثم بغيرتها، وعنايتها بحسن تربية أولادها، وحبّها لهم ولزوجها ولجميع الناس.
ورزقت هذه العائلة بخمسةَ أولاد : ثلاثة ابناء وابنتين .
قضت العائلة حياةً هادئةً سعيدةً تعتني بكروم العنب وبالزراعة ، الى أن شبّت نيران الثورة الشهيرة سنة 1860 فاجتاحت زحلة نهبًا وحرقًا وتدميرًا، فتشتّت المسيحيّون في كلّ الجهات هربًا من الفناء. ومع الهاربين، هرب جبّور وامرأته وأولاده الى بسكنتا، عبر الجبال، تاركين كلَّ شيء، لينجوا بانفسهم. وبعد أيّام قليلة عاد الأب الى زحلة ليتفقّدَ بيته، وأرسل عائلته الى بيروت، وفي اعتقاده أنّها آمنةٌ لسلامتها. ولكن أحوال المدينة ساءت فاضطرّت الأمّ الى الهرب بأولادها في اتّجاه كسروان. وفي الطريق، خارت قواها من شدّة الجوع والتعب والخوف من المصير، فاستلقت على قارعة الطريق، تبكي وتندب سوء حالها. عند حلول الظلام، أتتهم النجدة من احد اقربِاء زوجها. فنقلهم الى بيتٍ في بلدة الزوق، حيث كان الوالد جبور يتفقّدّهم بما يحتاجون إليه. شهران طويلان من التشرّد قبل ان تنقشع الغيوم ويعود جبّور بعائلتِه الى زحلة.
* عندما بلغ الشاب سليم العشرين من العمر، صارح والدتَه برغبته تكريس حياته لله، لكن والده رفض. وفي ليلة أعدّ عدته وسلّم الى عمّه وجاره مفاتيحَ الدكان وسار قاصدًا دير المخلص من دون علم والديه، لئلا يصدّاه عن رغبته. ولكن الجار وشى به الى أبيه، فلحق به في الطريق، وأعاده الى البيت.
خضع سليم لمشيئة والده، وقضى أيّامًا طويلةً في الصّلاة والإنفراد والدّموع، “لا يكلّم أحداً كأنه ضائع العقل، لا همّ له الاّ دير المخلص وحياة الرهبنة” كما روت، بعد ذلك، شقيقتُه سعدى. فرقّ له قلبُ والدته واندفعت تقنع الوالد “بأن الرهبانيّة دعوة من الله وحرام أن نمنع ولدنا عن طاعته تعالى إن كان يدعوه إليها”. اقتنع زوجُها أخيراً، بفضل تقواها وما لها عنده من الكرامة والإعتبار، “وأذن لابنه الشابّ بالسفر الى دير المخلص، ليمتحن نفسه بالرهبانيّة”.
* وفي أوائل سبتمبر سنة 1874 غادر سليم جبّور زحلة، بعد أن ودّع اهله وأقاربه، وسار قاصدًا دير المخلص في الشوف. حطَّ رحاله عند مدخل الدير، وسار حالاً الى الكنيسة الكبرى.
وفرح بنوع خاص لمشاهدة خاله بولس القشّ، الذي بشّره بأنه سوف يرتسم شماساً انجيليّاً في 9 سبتمبر. وبكثير من التأثّر، أسرع ليأخذ بركة الأب ديونيسيوس الصّائغ الذي خدم رعيّةَ مار الياس في زحلة، لأكثر من ربع قرن، ويطلب صلوات قريبِه الخوري الياس غانم، وكلاهما قد اشتركا في الإحتفال.
* في شهرنوفمبر سنة 1891، استدعته الطّاعة المقدّسة الى خدمة النفوس في دير القمر وجوارها. وفي صباح اليوم التالي سافر الى دير القمر، حيث قضى نحو 32 سنة في العمل بخدمة النفوس والكنيسة.
وسعى لبناء مدرسة للصّغار، ملاصقةٍ لكنيسة سيّدة البشارة التي بناها، بجهد وعرق، في قرية وادي الدّير. وكان يصرف عليها بوسائله الخاصّة، ويشرف شخصيًّا على توجيهها، بالإضافة الى مهامّه الراعويّة المتعدّدة، ليؤمّن التربية والثقافة لجيل المستقبل
وفي سبتمبر 1892 انتقل الى خدمة أهل قرية وادي الدير، فكان ينحدر مع الفجر من دير القمر، ليقيم لهم القداس، و”ليحارب الشيطان.
كان يسهر الّليالي راكعاً يصلّي وهذا تعب جسمه وأضعفت قواه وأخذت تمنعه عن إكمال خدمتُه الكهنوتيّة في تلك المنطقة الجبليّة، فاقتضى نقلُه إلى مكان آخر تكون فيه الخدمة الراعويّة اقل مشقّة وّ صُعوبة. في الرابع من ديسمبر نُقل الأب بشارة من دير القمر إلى صيدا لمتابعة الخدمة الكهنوتيّة فيها.
* في أواخر سنة 1926 إستولى عليه مرض شديد بضعف عامٍّ في جسمه وقلبه بسبب التعب لمواصلة إتمام واجباته الكهنوتيّة ولبقائه على ممارسة التّقشّفات التي اعتادها من ريعان شبابه. بتاريخ 26 فبراير 1927، عاد الأب بشارة الى دير المخلّص.
في 3 فبراير 1930، اشتدّ المرض على الأب بشارة، وأخذت تعاوده نوبات قلب قويّة ومتتالية، أقلقت كلَّ إخوانه الكهنة، فأخذوا يلازمون قلاّيته ليلاً ونهارًا, وهو ممّدد على سريره.
أمضى الأيام الخمسة الأخيرة من حياته، لا يستطيع تناول شيءٍ من الطعام، بل تعذّر عليه ابتلاعُ الماء, مهما كانت كميّته قليلة. فكان إخوانُه الكهنة يستعينون بإسفنجة يرطّبون بها شفتيه وطرف لسانه، ومع ذلك فقد كان يتناول القربانة المقدّسة، بحجمها العادي، بسهولة أذهلت الجميع.
كانت الساعة السادسة والنصف من صباح ” السبت 22 فبراير 1930 “حين اسلم الأب بشارة الروح وله من العمر سبعة وسبعون عاماً. فانتقل من الحياة الدنيوية الى رحاب السماء

* وصلت شهرة الأب بشارة ابو مراد الى روما، وعن دعوى تكريم الأب بشارة، قال وكيل الرهبنة المخلصية لدى الكرسي الرسولي والذى رفع دعوى الأب بشارة ابو مراد لدى مجمع دعاوى القديسين في روما الأب سليمان ابو زيد.
يشرح الأب ابو زيد ان الأب بشارة ابن دير المخلص وخدمته كانت كهنوتية في دير المخلص وفي دير القمر لفترة كبيرة وآخر فترة كانت في دير ما نقولا في صيدا وكل هذه الفترة في كهنوته خدمها في ابرشية صيدا، لهذا السبب طلبت الرهبنية من ابرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك فتح الدعوى أولا وحصلت على موافقة مجمع دعاوى القديسين في روما على فتح الدعوى في 8 يونيو 1983 ووافق مجمع دعاوى القديسين في روما على فتح الدعوى في ابرشية صيدا، فجرى افتتاح دعوى التطويب رسميا يوم عيد تجلي الرب في 6 آغسطس في 1984.
*انتهت الدعوى وخُتمت بأبرشية صيدا في 26 نوفمبر 1993
ويشير الأب ابو زيد الى ان الوثائق الموجودة في الدعوى مستقاة من بعض شهود العيان وايضا من كتب عن ابونا بشارة من اشخاص معاصرين خصوصا من الأب قسطنطين الباشا الذي عاشر الأب بشارة وهو تلميذه وكتب سيرة حياته بعد وفاته بفترة قصيرة.
وفي متابعة ملف الدعوى، يقول الأب ابو زيد انه في 2 ديسمبر 1993 اودع ملف الدعوى الى مجمع دعاوى القديسين في روما وفي الغد صدر الأمر من روما بفتح ملف الدعوى في روما، وفي 18 مارس 1994 صدر قرار من مجمع دعاوى القديسين يعترف بصحة اعمال الدعوى التي صدرت من الأبرشية.
وفي 22 ابريل عام 1994 عيّن مجمع دعاوى القديسين الدومينيكاني دانيال اولس مرافعا عن الدعوى في المجمع بينما الرهبنة كانت عينت الأب افتيموس سكاف لكي يهتما بالدعوى في روما، وكان عملهما يقتضي تحضير الدفاع عن صيت قداسة خادم الله الأب بشارة ابو مراد وعن ممارسته الفضائل بشكل بطولي.
في مايو 1998 اعد الأب سكاف والأب اولس ما يسمى بمجموعة من الوثائق التي تُعرّف عن صيت فضائل الأب بشارة وانه عاش الفضائل بشكل بطولي وهذا ارتكز بشكل خاص على كتاب الأب قسطنطين الباشا والذي هو كتاب ثقة لأنه عاشر الأب بشارة.
وفي الشهر نفسه، يتابع الأب ابو زيد، تم تسليم هذه الوثائق لمجمع دعاوى القديسين وكان رقم دعوة بشارة 1413.
يتابع الأب ابو زيد انه في 2004 تم تعيين الأب فؤاد نصر وهو مرافع الدعوى وفي 10 فبراير 2004 درست لجنة المستشارين التاريخيين الملف وصوت كل اعضائها بالايجاب بأن الأب بشارة برهن انه عاش الفضائل بشكل بطولي واشتهر بسيرة قداسته.
وفي العام الحالي2009، عيّن مجمع دعاوى القديسين في روما لجنة الخبراء اللاهوتيين التي اخذت الملف مضاف اليه تقرير لجنة المستشارين التاريخيين وهم يدرسون الملف لجهة حياة الأب بشارة وشخصته وكيف عاش الفضائل بشكل بطولي.
واعلن الأب ابو زيد ان لجنة الخبراء اللاهوتيين ستجتمع في 18 ديسمبر وتصوت وتعطي تقريرها لتؤكد من خلال درسها للملف ان الأب بشارة اظهر صيت قداسة.
ويشرح الأب ابو زيد انه بعد هذا الأمر يرفع تقرير لجنة الخبراء اللاهوتيين وتقرير المستشارين التاريخيين الى مجمع كرادلة واساقفة والذين يعودون بدورهم ويدرسون هذين التقريرين واذا كان القرار ايجابي يرفع حينها الى البابا بنديكتس السادس عشر الذي يعطي مرسوما باعلانه مكرما.وقد اعتمد قداسة البابا السبت 26 ديسمبر 2009 مرسوما يقضى بتطويب الاب بشارة مراد والبابا بيوس الثانى عشر و البابا يوحنا بولس الثانى
** ويلفت الأب ابو زيد انه عند اعلان الأب بشارة ابو مراد مكرما سيقام احتفال في لبنان، لافتا الى ان للأب بشارة الكثير من الشفاءات ولكن لم يتم توثيقها طبيا جميعا كما يلزم، ونحن نحترم قرار الكنيسة.
صلوات الاب المطوب بشارة أبو مراد تكون معنا آمين .