وقصة هذا المسكين هي انه كان موظفاً في احدى شركات القطار الحديدي التي عهدت اليه وانزاله بمناظرة جسر ممتد فوق نهر , وكان عمله محصوراً في رفع الجسر عند مرور البواخر واعداد الخط لمرور القطار الحديدي . وكان هذا الموظف يتمتع بكامل صحته وقواه العقلية
وتسلم ، ذات يوم ، امراً خاصاً مشدداً بابقاء الجسر مُنزَّلاً في وقت معيّن ، وذلك لمرور قطار سياح خصوصي لم يكن موعد وصوله محدداً بالضبط ، فأخذ الاستعدادات اللازمة لتنفيذ هذا الامر ، وانزل الجسر وحضَّر الخط لمرور القطار المذكور ، وجلس ينتظر
في تلك الساعة وصلت بعض البواخر وطلب قادتها المرور كالعادة ، فرفض الموظف ان يرفع الجسر ، بناء على الامر الخاص المشدد الذي تسلمه . ووصلت سفينة اخرى ، وطلب اليه قبطانها وهو صديق حميم له ، ان يسمح له بالمرور ، قائلاً : انت ترفع الجسر وانا اعبر في بضع دقائق بعجلة ، وبعد اخذ ورد اذعن الموظف لطلب صديقه ورفع الجسر ، واخذت السفينة تتحرك .. ولكن يا لهول الرعب الذي انقض على الموظف عندما اصم اذنيه صوت صفير مزعج منطلق من قطار السياح المقبل بسرعة فائقة ، اذ لم يعد هناك أي متسع من الوقت لانزال الجسر ، فتمنى ، في لحظة الندامة وفوات الاوان ، لو انه تقيَّد بالامر الخاص المشدد ، فرفع يديه ، في ساعة قنوطه ، الى العلاء ، وصرخ من اعماق اعماقه : أواه : يا ليتني اطعت ! أواه : يا ليتني اطعت ! اما القطار فاندفع بمن فيه منحدراً الى النهر حيث لاقى السياح حتفهم
والموظف المسكين ، ماذا جرى له ؟ لما جاء اهل النجدة وجدوه يتمشى ذاهباً واياباً على غير هدى ويصيح : أواه : يا ليتني اطعت ! أواه : يا ليتني اطعت ! ولم يتفوه بغير هذه الكلمات ، فقد فَقَدَ رشده وظل مجنوناً كل حياته لا ينطق الا بهذه الجملة : أواه : يا ليتني اطعت ! كان قد تلقى امراً صريحاً فعصاه ! كان من المحتمل ان لا يأتي القطار في ذلك الوقت ، ولكنه اتى وهلك جمع غفير
يا لها من مأساة ربما تقول عندما تطلع على تفاصيلها : ما احمق ذلك الموظف ! ولكنك ، اذا اطلقت لتأملاتك العنان وغصت في اعماق ضميرك ، قد تجد انك سالك المسلك ذاته الذي ادى الى تلك الفاجعة الرهيبة ، فانت ، ايضاً ، قد تلقيت امراً اسمى جاءك من السماء يجب ان تطيعه اكثر فقد جاء في الكتاب المقدس :
“فالله يأمر جميع الناس في كل مكان بأن يتوبوا ”
أنت خاطىء ، أليس كذلك ؟ فجميع الناس خطاة ، والله في السماء قدوس يبغض الخطيئة ، وقد قرر معاقبة فاعلها ، وانت لا تتمكن من دخول السماء ان لم تغفر لك خطاياك ، وان قلت : ” لم يبق لي امل بعد ” نجيبك : نعم يوجد أمل ، فان الله قد ارسل الرب يسوع ليخلص الخطاة ، وقد أتم المسيح المبارك ما تطلبه عدالة الله ، وذلك بتحمله عقاب الخطيئة على الصليب ،
لقد بلغك الامر الآن بان تتوب عن خطاياك وتقبل الرب يسوع كمخلصك وربك ، فما انت فاعل بهذا الخصوص ؟ أتتلاعب بهذه المسألة الخطيرة ؟ تروَّ وفكر : ان امامك حقيقة رهيبة : ان الوفاً مؤلفة ستردد في الجحيم صارخة : اواه .. يا ليتني أطعت اواه : يا ليتني أطعت الانجيل ! انني اتمنى لو انني قبلت الخلاص بيسوع المسيح ! أتريد ان تكون احد هؤلاء التعساء الصارخين صرخة الخيبة والالم واليأس هذه ؟
جابه المسألة باخلاص وصدق الدعوة الآن ، لقد كان في نية الموظف ، الذي ذكرنا قصته ، ان يستعد لمجيء القطار ، ولكنه خاطر وعصى الامر ، فما انت فاعل بأمر الله وبهبة خلاصه المجانية المقدمة لك في المسيح ؟ أمستهتر انت بهذه الهبة السماوية ؟ ان هذا الاستهتار يعود عليك بالويل . وما اكثر مختلقي الاعذار والمستهترين بخلاص نفوسهم ، فهناك من يقول : ” ليست هذه ديانتي ” وآخر يقول : ” ان امامي متسعاً من الوقت ” فاذا كنت تفكر مثل هؤلاء فانك مهمل امر خلاصك . وكلمة الله تقول :
” كيف ننجوا ان اهملنا خلاصا هذا مقداره ؟ ”
لتكن لنا عبرة من قصة موظف القطار : لقد سبب عدم اطاعته الامر هلاك الكثيرين ، واضاع هو ، في لحظة ، عقله ! وقضى زمانه مجنوناً يصرخ : ” اواه .. يا ليتني أطعت ” ! وانت يا رفيقنا في الانسانية ، ما الذي ينتظرك في الابدية ان رفضت ان تقبل الخلاص المقدم لك الآن ؟ انك ستندم حين لا تنفع الندامة ، وسيتبين لك مقدار خسارتك الجسيمة .
فيا رفيقنا في هذا العالم , ونحن جميعاً من جبلة واحدة نعبر هذه الطريق في رحلتنا القصيرة الموقته على الارض ، اننا نرجو ، بعد ان تنتهي من قراءة هذه الرسالة ، ان تتأمل في ما يتخبط به العالم من ضغائن واضطرابات وعدم طمأنينة بسبب عصيان الامر الإلهي ، وان تفكر في مستقبلك بالابدية وما سيكون قولك عندما يفوت الوقت وتتأكد انك قد اضعت فرصة الخلاص السانحة لك الآن ضياعاً ابدياً، اننا نرجو ان لا تقف صائحاً : “اواه : يا ليتني أطعت اواه : يا ليتني أطعت”
اننا نبعث اليك بهذه الرسالة بدون سابق معرفة الا معرفة اننا رفقاء في سياحتنا الى الابدية يهمنا ان يقف كل منا في اللحظة الحاسمة ويقول : ” كم انا سعيد في تركي الخطيئة وقبولي الرب يسوع المسيح مخلصي” . نرجو أن لا يصيح احد صيحة اليأس الرهيبة : “اواه .. يا ليتني أطعت الخلاص ! اواه .. يا ليتني أطعت”