اِحتَرِزوا…
تأمل في قراءات الأحد2 مارس 2014 الموافق السادس من شهر برمهات1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“اِحتَرِزوا مِنْ أنْ تصنَعوا صَدَقَتَكُمْ قُدّامَ الناسِ لكَيْ يَنظُروكُمْ، وإلا فليس لكُمْ أجرٌ عِندَ أبيكُمُ الذي في السماواتِ. فمَتَى صَنَعتَ صَدَقَةً فلا تُصَوِّتْ قُدّامَكَ بالبوقِ، كما يَفعَلُ المُراؤونَ في المجامعِ وفي الأزِقَّةِ، لكَيْ يُمَجَّدوا مِنَ الناسِ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنهُم قد استَوْفَوْا أجرَهُمْ!وأمّا أنتَ فمَتَى صَنَعتَ صَدَقَةً فلا تُعَرِّفْ شِمالكَ ما تفعَلُ يَمينُكَ، 4لكَيْ تكونَ صَدَقَتُكَ في الخَفاءِ. فأبوكَ الذي يَرَى في الخَفاءِ هو يُجازيكَ عَلانيَةً.ومَتَى صَلَّيتَ فلا تكُنْ كالمُرائينَ، فإنَّهُمْ يُحِبّونَ أنْ يُصَلّوا قائمينَ في المجامعِ وفي زَوايا الشَّوارِعِ، لكَيْ يَظهَروا للنّاسِ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنهُم قد استَوْفَوْا أجرَهُمْ! وأمّا أنتَ فمَتَى صَلَّيتَ فادخُلْ إلَى مِخدَعِكَ وأغلِقْ بابَكَ، وصَلِّ إلَى أبيكَ الذي في الخَفاءِ. فأبوكَ الذي يَرَى في الخَفاءِ يُجازيكَ عَلانيَةً. 7وحينَما تُصَلّونَ لا تُكَرِّروا الكلامَ باطِلاً كالأُمَمِ، فإنَّهُمْ يَظُنّونَ أنَّهُ بكَثرَةِ كلامِهِمْ يُستَجابُ لهُمْ. 8فلا تتَشَبَّهوا بهِمْ. لأنَّ أباكُمْ يَعلَمُ ما تحتاجونَ إليهِ قَبلَ أنْ تسألوهُ.فصَلّوا أنتُمْ هكذا: أبانا الذي في السماواتِ، ليَتَقَدَّسِ اسمُكَ. 10ليأتِ ملكوتُكَ. لتكُنْ مَشيئَتُكَ كما في السماءِ كذلكَ علَى الأرضِ. خُبزَنا كفافَنا أعطِنا اليومَ. واغفِرْ لَنا ذُنوبَنا كما نَغفِرُ نَحنُ أيضًا للمُذنِبينَ إلَينا. ولا تُدخِلنا في تجرِبَةٍ، لكن نَجِّنا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأنَّ لكَ المُلكَ، والقوَّةَ، والمَجدَ، إلَى الأبدِ. آمينَ فإنَّهُ إنْ غَفَرتُمْ للنّاسِ زَلاَّتِهِمْ، يَغفِرْ لكُمْ أيضًا أبوكُمُ السماويُّ. وإنْ لم تغفِروا للنّاسِ زَلاَّتِهِمْ، لا يَغفِرْ لكُمْ أبوكُمْ أيضًا زَلاَّتِكُمْ. ومَتَى صُمتُمْ فلا تكونوا عابِسينَ كالمُرائينَ، فإنَّهُمْ يُغَيِّرونَ وُجوهَهُمْ لكَيْ يَظهَروا للنّاسِ صائمينَ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنهُم قد استَوْفَوْا أجرَهُمْ وأمّا أنتَ فمَتَى صُمتَ فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وجهَكَ، لكَيْ لا تظهَرَ للنّاسِ صائمًا، بل لأبيكَ الذي في الخَفاءِ. فأبوكَ الذي يَرَى في الخَفاءِ يُجازيكَ عَلانيَةً.( متى6:1-18).
نص التأمل
اِحتَرِزوا…
1- الصلاة
يتلخص متحتوى هذه القراءة الغنية الحافلة بالعديد من نقاط التأمل
في كلمة واحدة تخص المسيحية وحدها “احترزوا”…
فهي غذ تقدم توصيات الرب يسوع لأتباعه
ومنهج المسحية في الصلاة والصوم والصدقة
تتفرد في هذا كله بكلمة “احترزوا”أي إحذروا وتحاشوا وابتعدوا عن…
فعما يريد المعلم أن يبعدنا؟
تعالوا ،اخذها واحدة فواحدة فالموضوع بالغ العمق والأهمية
والصوم طويل يحتاج إلى مثل هذه النوعية من التامل لنفهم معناه
ونتحاشى محازير ما نقع فيه للأسف كل عام
فلنبدا بالصلاة:
الصلاة وسيلة بشرية وجدت قبل المسيح وموسى وهي أسلوب للتواصل
مع الكائن الأسمى في جميع الديانات…
فجميعها تأمر بالصلاة ، تحض عليها وتحدد لها النصوص والمواقيت
وحتى إن تميزت الصلاة المسيحية بسمات جديدة وفريدة لا تتوافر عند الآخرين
سيما بروحانتيتها الخاصة وفرادة العلاقة بين الله كآب من البشر الذين يدعونه كبنين
لكن برغم ذلك تظل الصلاة فريضة دينية ضرورية وركنا جوهريا فما الذي يميزها؟
برجاء إعادة قراءة النص الخاص بالصلاة فستجده
يبدأ بالتحذير من التقلد بالمرائين: ” ومَتَى صَلَّيتَ فلا تكُنْ كالمُرائينَ، ”
حيث يرفض ان تكون الصلاة عملية مظهرية شكلية خارجية شعبوية إعلامية
” يُحِبّونَ أنْ يُصَلّوا قائمينَ في المجامعِ وفي زَوايا الشَّوارِعِ، لكَيْ يَظهَروا للنّاسِ”
حيث أن الهدف من الصلاة “لكَيْ يَظهَروا” ينقض الصلاة ويهدمها من أساسها
وأمّا أنتَ : الدعوة هنا إلى التميز والتفرد والفرادة في الممارسة
فمَتَى صَلَّيتَ : لم تحدد مواعيد ومواقيت وساعات وعدد دقائق ولا اسلوباً وصيغاً للصلاة
تتركها للدافع الباطني كعملية شوق تدفع الكائن لأن يترك الجميع ويتوجه
لينفرد وحده في لقاء حميمي
يجمعه بشخص لا يريد لأحد ان يراه او يسمعه وهو يناجيه
فادخُلْ إلَى مِخدَعِكَ وأغلِقْ بابَكَ: هذا هو المكان حيث لا يدخل غريب ولا يصل متطفل
فالبيت قديما كان مكون من ساحة واسعة تشمل الجميع وغرفة واحدة حيث ينامون باجمعهم
وصَلِّ إلَى أبيكَ الذي في الخَفاءِ: في تلك الغرفة حيث لا يدخل غريب ولا تتلص العيون والاذان
ينبغي للمسيحي أن يصلي وصلاته هي مناجاة ل ” أبيكَ” الكائن الغير المرئي والغير المنظور
وبقدر ما تتسم صلاتك بالحميمية وحوارك بروح البنوة
بقدر ما تقدس اباك وترفع اسمه
بقدر ما تقبل مشيئته وترفع غرادته فوق غرادتك
بقدر ما أنت فيه واثق وموقن بأن رازق طيور السماء لن يسلمك إلى الجوع
وبذا تطلب كفاف يومك حيث انت واثق أن مخازنه مليء واهرائه لا تفرغ
وبمقدار ما أنت نستعد للصفح والغفران قابل ومتسامح مع ضعف إخوتك
بقدر ما تتجرأ فتطلب الغفران لنفسك
وبقدر ثقتك في قوة ابيك السماوي تطلب حماية من قوى الشر والشرير
عارف بأنه يحفظك في حدقة عينه…
بهذه الروح وتلك البساطة وقدر هذا الإختصار والإيجاز
يقدم الرب يسوع الصلاة لأتباعه الذين به يؤمنون
فإلى أي درجة نتبع نحن أتباعه تعليماته في الصلاة؟