“بل بَينَما أنا آتٍ، يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ“
تأمل في قراءات الأحد الرابع من الصوم 30 مارس 2014 الموافق 4 برمودة 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
وبَعدَ هذا كانَ عيدٌ لليَهودِ، فصَعِدَ يَسوعُ إلَى أورُشَليمَ. وفي أورُشَليمَ عِندَ بابِ الضّأنِ بركَةٌ يُقالُ لها بالعِبرانيَّةِ “بَيتُ حِسدا” لها خَمسَةُ أروِقَةٍ. في هذِهِ كانَ مُضطَجِعًا جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرضَى وعُميٍ وعُرجٍ وعُسمٍ، يتوَقَّعونَ تحريكَ الماءِ. لأنَّ مَلاكًا كانَ يَنزِلُ أحيانًا في البِركَةِ ويُحَرِّكُ الماءَ. فمَنْ نَزَلَ أوَّلاً بَعدَ تحريكِ الماءِ كانَ يَبرأُ مِنْ أيِّ مَرَضٍ اعتَراهُ. وكانَ هناكَ إنسانٌ بهِ مَرَضٌ منذُ ثَمانٍ وثَلاثينَ سنَةً.6هذا رَآهُ يَسوعُ مُضطَجِعًا، وعَلِمَ أنَّ لهُ زَمانًا كثيرًا، فقالَ لهُ: “أتُريدُ أنْ تبرأَ؟”. أجابَهُ المَريضُ:”يا سيِّدُ، ليس لي إنسانٌ يُلقيني في البِركَةِ مَتَى تحَرَّكَ الماءُ. بل بَينَما أنا آتٍ، يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ“. قالَ لهُ يَسوعُ:”قُمِ. احمِلْ سريرَكَ وامشِ”. فحالاً بَرِئَ الإنسانُ وحَمَلَ سريرَهُ ومَشَى. وكانَ في ذلكَ اليومِ سبتٌ.فقالَ اليَهودُ للذي شُفيَ:”إنَّهُ سبتٌ! لا يَحِلُّ لكَ أنْ تحمِلَ سريرَكَ”. أجابَهُمْ:”إنَّ الذي أبرأني هو قالَ لي: احمِلْ سريرَكَ وامشِ”. فسألوهُ:”مَنْ هو الإنسانُ الذي قالَ لكَ: احمِلْ سريرَكَ وامشِ؟”. أمّا الذي شُفيَ فلم يَكُنْ يَعلَمُ مَنْ هو، لأنَّ يَسوعَ اعتَزَلَ، إذ كانَ في المَوْضِعِ جَمعٌ. بَعدَ ذلكَ وجَدَهُ يَسوعُ في الهيكلِ وقالَ لهُ:”ها أنتَ قد بَرِئتَ، فلا تُخطِئْ أيضًا، لِئلا يكونَ لكَ أشَرُّ”. فمَضَى الإنسانُ وأخبَرَ اليَهودَ أنَّ يَسوعَ هو الذي أبرأهُ. ولهذا كانَ اليَهودُ يَطرُدونَ يَسوعَ، ويَطلُبونَ أنْ يَقتُلوهُ، لأنَّهُ عَمِلَ هذا في سبتٍ. فأجابَهُمْ يَسوعُ:”أبي يَعمَلُ حتَّى الآنَ وأنا أعمَلُ”. فمِنْ أجلِ هذا كانَ اليَهودُ يَطلُبونَ أكثَرَ أنْ يَقتُلوهُ، لأنَّهُ لم يَنقُضِ السَّبتَ فقط، بل قالَ أيضًا إنَّ اللهَ أبوهُ، مُعادِلاً نَفسَهُ باللهِ.
نص التامل
في هذا النص الرائع الجميل يستطيع الكاهن او الواعظ او المتأمل التوقف طويلا وبعمق كبير امام العديد من النقاط:
1- الجمهور الكثير من المرضى المنتظرين تحريك الماء
2- الإنسان الريض منذ الدهر 38 سنة
3- الرب والمعلم يبحث عن الخروف البعيد ويذهب إليه ليقيمه ويحمله على منكبيه
4- ليس لي إنسان ” شكوى كل إنسان”
5- قم واحمل سريرك وأمش، يسوع وسر القيام والإنتصار على كل سقم ووجع
6- :”ها أنتَ قد بَرِئتَ، فلا تُخطِئْ أيضًا، لِئلا يكونَ لكَ أشَرُّ”.
7- أبي يَعمَلُ حتَّى الآنَ وأنا أعمَلُ”.
بل بَينَما أنا آتٍ، يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ
سعي الإنسان مهما بلغ ن القوة والشراسة غير كاف ابدا كي يصل غلى الشفاء بلقاء الله حتى ولو نزل ذاك من حين غلى آخر لمساعدته والتخفيف من اسقامه.
هذا ما استوقفني في تأمل صباح هذا الأحد الجميل فالسعي غلى الله مهم من جهتنا لأننا نعلم ان لا شفاء لنا غير عنده ولا راحة لنا غير فيه ولا عزاء لنا عند سواه….
الجميع زاغوا وفسدوا، الجميع مُضطَجِعين وهم جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرضَى وعُميٍ وعُرجٍ وعُسمٍ… لكل علته وعند كل إنسان اسقامه وامراضه والجميع منطرحين ينتظرون عمل الله لن عمل الإنسان مهما بلغ من المهارة والبراعة غير كاف لخلاص إخوته….
الوحيد الذي يستطيع ان يخلص وليس باحد غيره الخلاص
الوحيد القادر أن يتفقد الإنسانية في عجزها وهوانها فينتشلها
الوحيد القادر على أن يلمس جراحها فيشفيها وينظر إلى أسقامها فيبرأها
هو يسوع
للذين يعرفونه والذين لا يعرفوه
للذين يطلبونه والذين لم يطلبوه
للذين يؤمنون به والذين يرفضوه
للذين يستحقون ولغير المستحقين
للذين يسعون نحوه والذين يتجاهلوه
للذين لم يفقدوا الرجاء وللذين فيه يأملون
أخيراً حل ملء الزمان ولم يعد الله يفتقد البشرية الهائمة في برية التيه لسنوات طوال المضجعة على سرير المرض لأعوام طويلةهن الجالسة في الظلمة وظلال الموت تنتظر صدقة وتستعطي قبسة من نور او ملاك يزور او نبي يثور… بل جاء المسيح نفسه الإبن ، الكلمة ليفتقد وينجي من قد هلك…
إنه مسيح مبادر يسعى إليك ويفتش عنك يعرف من انت وما احتياج قلبك يدرك شوقك للنهوض وووحده بمفرده ياتي إليك وحدك في سرير مرضك على حافة بركتك الراكدة وفي سبيل ذلك يتحدى كل القوانين ويحطم السبوت وكل الأعراف….
انت محور اهتمامه وانت جوهر رسالته
مرضك مصدر كربته وشفائك مركز إهتمامه
لأجلك مستعد هو أن يكسر الزمان الطويل
ووحده يستطيع يحيل الفراش إلى علامة شفاء
إقبله اليوم ودعه
يحررك من عجزك فتحمل بدلا من ان تُحمل
ويبرئك من مرضك فتجري عوض ان ترقد
ويشفيك من اسقام نفسك فتبرا وتتحرر
وتصير لله إبناً وللمسيح تابعاً
هلم استقبله وأسعى نحوه
اترك سرير خطاياك وتب
لئلا يصيبك اعظم