الأحد, 10 نوفمبر 2013 1 – هاتور 1730
الأب/ بولس جرس
نياحة كرياكوس أسقف أورشليم
هاتور: نسبة إلى الإله (هاتهورأو أثور) إله الحب والجمال وملكة السماء والفرح والمحبة التي يقابلها عند اليونان ” أفرودت “، لان في هذا الشهر تتزين الأرض بجمال الخضرة .يصور: امرأة برأس بقرة . وأحيانا بصورة بقرة .أمثال الشهر : هاتور أبو الذهب المنثور أي “القمح“إن فاتك زرع هاتور أصبر لما السنة تدور أشهر محاصيله : موز هاتور
نص قراءة الإنجيل
“فلما اجتمع جمع كثير أيضا من الذين جاءوا إليه من كل مدينة ، قال بمثل خرج الزارع ليزرع زرعه . وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق ، فانداس وأكلته طيور السماء وسقط آخر على الصخر ، فلما نبت جف لأنه لم تكن له رطوبة وسقط آخر في وسط الشوك ، فنبت معه الشوك وخنقه وسقط آخر في الأرض الصالحة ، فلما نبت صنع ثمرا مئة ضعف . قال هذا ونادى : من له أذنان للسمع فليسمع فسأله تلاميذه قائلين : ما عسى أن يكون هذا المثل فقال : لكم قد أعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله ، وأما للباقين فبأمثال ، حتى إنهم : مبصرين لا يبصرون ، وسامعين لا يفهمون وهذا هو المثل : الزرع هو كلام الله والذين على الطريق هم الذين يسمعون ، ثم يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح ، وهؤلاء ليس لهم أصل ، فيؤمنون إلى حين ، وفي وقت التجربة يرتدون والذي سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ، ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ، ولا ينضجون ثمرا والذي في الأرض الجيدة ، هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ، ويثمرون بالصبر ” ( لوقا 8 : 4 – 15)
نص التأمل
كثيرا ما قرأت هذا المثل الرائع الجميل وسمعته أكثر ولا أدري كم من المرات وعظت عنه أوتأملته…
لكن أثناء قراءته صباح هذا الأحد المبارك لمستني كلمة “فيختنقون من هموم الحياة وغناها” وبالتحديد “فيختنقون”
لست مختنقا ولا مهموما ولا مكتئبا بل مليء بالإيمان والرجاء والفرح وأحاول أن أنقلهم لكل من يلقاني…
لكني ألحظ مجتمعي والمجتمع العالمي وأتابع الأخبار والأحداث ولست منفصلا عن هموم الناس…
بالحق أرى البشر حائرين مضطربين مرتبكين مهموممين وفي أغلب الأوقات قلقين خائفين ” مختنقين”…
والأسباب كثيرة متعددة منها ما هو عالمي وقومي ووطني ومنها ما هو عائلي واسري وشخصي…
ولا أستطيع أنا او غيري ان اقلل من قدر المشاكل أو اخفف من الأحمال أو حتى أهديء الخواطر أمام جم المشاكل
لكن الله قادر
فها هو اليوم يخرج كعادته كل يوم ينثر بذار الخصوبة والحياة وثمار الفرح والرجاء على أهل الأرض جميعا
لا يبخل ببذاره الثمينة حتى على العابرين في الطريق ” من يدري لعل وعسى” فقد تنبت وتثمر
نعمه وعطاياه لا تستثني أحدا ولا يستبعد إنسانا ” يشرق شمسه على الأبرار والأخيار”
لكن ما عسى ان يكون رد الإنسان
الماشي على الطريق مسرعا لا تلتقط أذناه كلمة الحياة ولا صراخ الأحياء
لا يستلفت نظره الآخرون أفرادا أو جماعات فهمه الأوحد وتركيزه الأساسي صار ” لقمة العيش”
ومن هذا المنطلق تحول من سيد الخلائق وحاكم الكون والمسيطر على أقداره
إلى ذاك الكائن المشتت المشغول دائما والمنشغل بهموم لا تعرف نهاية
المأخوذ من ذاته والمخطوف من أسرته والمفقود لوالديه….
المبرمج طوال يومه والمشحون النهار كله
ليلقي بنفسه في الفراش آخر الليل منهك القوى
وفي نفسه عطش إلى الحياة إلى الراحة والإسترخاء إلى الأسرة إلى الرفاق والأصدقاء
بل لا ابالغ إذ أقول إلى لحظة يختلي فيها بذاته يذكر ربه فيصلي إليه يدعوه ويناجيه كما كان يفعل يوما
لكن ما العمل وقد تكاثرت الهموم وتعاظمت المشاكل وتناثرت أشلاء الحياة لتخنق الحياة وتبددها
ما العمل امام هذا العطش إلى الكنيسة والصلاة إلى الاعتراف والتناول إلى التأمل والقداس
بينما تتخاطفنا حتى نحن الكهنة والرهبان والراهبات هموم الحياة “فنختنق”…
فما بالك برب الأسرة وعائل العائلة وأب لأطفال بما يتطلبون…..
والنتيجة الرهيبة هي أن هناك رب ينثر بذار الحياة كل يوم
لكن رغم ذلك يزداد عدد النفوس العطشى والقلوب الجوعي
ونرى الناس يتساقطون في المنازل والشوارع والميادين منهكين مبددى القوى
“مختنقون من هموم الحياة وغناها” …
اليوم يمر الرب من امامك في بيتك في مقر عملك حتى في سريرك يلقى إليك وفيك سماره بنفس سخاء الأمس
فهل ستقبله اليوم فرحا؟
أي أرض أنت منهم أطريق تعبر الكلمة فتختطفها المشاغل وتدوسها الهموم؟
أصخري قلبك لا تخترقه الخصوبة ولا يؤثر في غنى الكلمة وخصوبتها
أشوكي انت تعبر إليه الكلمة وتنبت وسرعان ما تجهضها الهموم والمشاغل “فتختنق”
أم أرض خصبة عطشى تستقبل بفرح وتحتضن بحب وتثمر بسخاء؟!!!
كن كما شئتت لكن :
لا تمت جوعا وانت تملك بذار الحياة
ولا عطشا وأمامك ينبوع الحياة
انتظره يقظا فحتما سيمر أمامك مهما كانت تربة قلبك