تأمل في قراءات الخميس 16 يناير2014 – 21 طوبه 1730
اليوم الحادي والعشرون من شهر طوبة
الأب/ بولس جرس
نص القراءة من الرسالة إلى العبرانيين
عوضا عن قراءة (لوقا 1 : 39 – 56) فقامت مريم في تلك الأيام، التي سبق وتأملناها مراراً نختار قراءة البولس من الرسالة الى العبرانيين:
“ثم العهد الأول كان له أيضا فرائض خدمة والقدس العالمي لأنه نصب المسكن الأول الذي يقال له القدس الذي كان فيه المنارة ، والمائدة، وخبز التقدمة ووراء الحجاب الثاني المسكن الذي يقال له قدس الأقداس فيه مبخرة من ذهب، وتابوت العهد مغشى من كل جهة بالذهب، الذي فيه قسط من ذهب فيه المن ، وعصا هارون التي أفرخت، ولوحا العهد وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء. أشياء ليس لنا الآن أن نتكلم عنها بالتفصيل ثم إذ صارت هذه مهيأة هكذا، يدخل الكهنة إلى المسكن الأول كل حين ، صانعين الخدمة وأما إلى الثاني فرئيس الكهنة فقط مرة في السنة ، ليس بلا دم يقدمه عن نفسه وعن جهالات الشعب معلنا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد ، ما دام المسكن الأول له إقامة الذي هو رمز للوقت الحاضر، الذي فيه تقدم قرابين وذبائح، لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم هي قائمة بأطعمة وأشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط ، موضوعة إلى وقت الإصلاح وأما المسيح ، وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة، فبالمسكن الأعظم والأكمل، غير المصنوع بيد ، أي الذي ليس من هذه الخليقة وليس بدم تيوس وعجول ، بل بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداء أبديا (عبرانيين 9 : 1 – 12).
نص التأمل
يبدو أن للتوابيت دور في تاريخ البشرية، يجب أن نتعرف عليه ونعترف به جميعا لاسيما نحن أبناء الفراعين،
والتابوت هو مكان حفظ جسد الإنسان المتوفي ويمكن أن يُصنع من الخشب او الحجر
وقد برع آباؤنا في صناعته ونقشه ونحته وزخرفته بل وشخصنته،
بحيث يعبر عن شخصية من يحويه وتسطيع التعرف عليه من الوهلة الأولى…
ولدينا في المتحف المصري ومتاحف العالم
عديد من التوابيت الرائعة التي ظلت محتفظة ليس فقط بجثامين أصحابها في أكمل صورة
بل بمعلومات كاملة عن هويتهم وتاريخ حياتهم وشخصيتهم
أبرز النماذج في ذلك هو تابوت توت عنخ آمون
الذي يعتبر آية في الفن وروعة الألوان والتعبير الدقيق عن شخصية من سكنه…
ليس غريبا ان نجد في تاريخ الشعب المختار الذي خرج من مصر تقديسا لنفس الرمز:
برجاء قراءة نص سفر الخروج 25: 10-22…
فقد امر الله موسى أن يصنع
تابوت العهد:
“تصنع تابوتا من خشب السنط، طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وسمكه ذراع ونصف. فتغشيه بذهب خالص من داخل ومن خارج وتضع عليه حلية من ذهب تحيط به… وتضع في التابوت لوحي الوصايا التي اعطيك… “
وهكذا صار التابوت علامة ورمز لوجود الله نفسه وسط أحباءه وأبناء شعبه
وقطع معهم عهدا مقدساأن يقيم معهم فيصر لهم إلها ويصيرون له شعباً
أما التابوت فكانت تكمن قدسيته فيما يحوي من “وصايا الله “
وفي أنه صار مقر اللقاء ومنطلقاً للحوار القائم بين الله وشعبه وموسى كليمه
“فاجتمع بك هناك وأكلمك من فوق الغطاء، من بين الكاروبين اللذين على تابوت العهد، بجميع ما أوصيك به“
وكأنه المذياع، منه يسمع موسى صوت الله…
وهكذا صار التابوت وسيلة لتواصل الله مع شعبه إسرائيل عبر موسى الكليم…
ما أبدع هذا اللقاء بين الله الذي لا يستطيع ان يقترب منه ليسمعه او يلمسه أو يراه
وبين البشر أبناءه من مكان تواجده الجديد في تابوت يسكنه ولا يقترب منه او يلمسه أحدسوى موسى وحده ،
وظل الأمر كذلك: حيثما تحرك اسرائيل تحرك التابوت امامهم
وحيثما استقر التابوت هناك نصبوا خيامهم حوله
وفي الحروب كان يتقدمهم فيرهب جنود العدو وجود الله مع شعبه ويفرون أمامه…
وعند الأزمات يدخل موسى ليجتمع بالرب حيث مقر التابوت
فيخرج بالوحي والإلهام والحل والبيان
إنه يحوي إذن كل أمجاد إسرائيل…
ولقد أضاف الزمان إلى محتوى التابوت عناصر مستجدة :” الذي فيه قسط من ذهب فيه المن ، وعصا هارون التي أفرخت ، ولوحا العهد وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء” كذا الحية النحاسية…
فماذا عن التابوت الآخر : مريم ، تابوت العهد الجديد”
هذا ما سنتناوله لاحقا في تأمل الغد…
صلاتي اليوم
“فاجتمع بك هناك وأكلمك”:
كلمني يا رب فأسمعك
أنر عيني فأراك…
افتح شفتي لتفيض بالتهليل لك
إكشف لي إرادتك فألمسك
إعلن لي مشيئتك فأتبعك
لأسبحك وأمجدك كل ايام عمري