إن لم تمت حبة الحنطة تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير
الأب/ بولس جرس
إنجيل باكر
“وكان أناس يونانيون من الذين صعدوا ليسجدوا في العيد فتقدم هؤلاء إلى فيلبس الذي من بيت صيدا الجليل ، وسألوه قائلين : يا سيد ، نريد أن نرى يسوع فأتى فيلبس وقال لأندراوس ، ثم قال أندراوس وفيلبس ليسوع تتوأما يسوع فأجابهما قائلا : قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان الحق الحق أقول لكم : إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها . ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير من يحب نفسه يهلكها ، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية إن كان أحد يخدمني فليتبعني ، وحيث أكون أنا هناك أيضا يكون خادمي . وإن كان أحد يخدمني يكرمه الآب”. (يوحنا 12 : 20 – 26).
نص التأمل
بينما راحت السنبلة الذهبية تتمايل في خدر ودلال مع لمسات الريح الرقيق
محملة ببذار الحياة مثقلة بالعديد من الحبوب التي نضجت للحصاد
تنتظر يد الحاصد الماهر الذي سيقطفها ليحولها غلى طحين نقي وعجين بهي وخبز ناضج
ذاك الزارع الذي غرسها ورعاها وسقاها ونقاها وحماها من مناقير الطيور الجائعة
يستحق حقا ان تكافئه بحياتها لتصير جزأً من حياته خلية من خلاياه
بينما كانت السنبلة الخصيب تحلم بهذا المستقبل الزاهر سمعت وقع اقدام فخفق قلبها
هوذا لحظة الحقيقة آتية لا ريب فيها…وامتدت يد الحصاد الخشنة لتنهي رحلتها في الحقل
وتنقيها مما يحيطها من بيدر وتغربلها وتحفظها في مكان امين بعيدا عن الرطوبة والسوس والفساد
انتظرت دورها طويلا لكن لم يات احد في طلبها لتنصهر تحت الرحى وتنضج فوق النار…
طال الإنتظار وبدأت تتململ في موقعها، لكن هوذا نفس الخطوات القديمة تطرق آذنها من جديد
فهبت للقاء فرحة متقبلة لمصيرها المحتوم ” أن تصير خبزا ناضجا لذيذا”…
لكن ما هذا هوذا السيد يغيير مساره عن الطاحونة ويذهب بها في طريق الحقل من جديد
لا تدري ماذا ينوي وما يقصد من تغيير المسار لكنها عادت تستشعر قبضته المهيبة
نمسك بها وتقذفها في الهواء لتسقط على الأرض… يا للهول
هناك استقرت وداستها عجلات المحراث فازدات انغراسا في باطن التربة وسمعت خرير المياه تقترب منها
بدات تنكمش في مكانها والمياه تحيط بها من كل جانب …دائما ما خشيت الرطوبة
ها هي الرطوبة تتلف قوامها وها هي قشرتها الذهبية الساطعة اللون تنطفيء تدرجيا
وها بعض الإنحرافات في قوامها الرشيق قد بدات تظهر شيئاً فشيئاً
لقد تسربت الرطوبة إلى الداخل فتحول باطنها الصلد غلى ما يشبه السائل
غنه الموت على ما تعرف حسب معلوماتها الضحلة…هي برودة الموت تقترب لتسلبها لونها وقوامها وحياتها
هي ظلمة التربة التي تحيط بها كظلمة قبر لا متنفس فيه ولا مهرب منه
تذداد مع مرور الساعات ضعفاً ووهنا وتكاد تلفظ انفاسها الأخيرة
يا لهول الموت …لم تعد تستطيع المقاومة حانت لحظة النهاية
اقترب الموت الرهيب آه أيها الموت كنت أبغي الحياة ويل لمن اتى بي إليكّ…
صرخت الحبة صرختها الأخيرة….وفي اللحظة نفسها ابثبق من تحت التربة
برعم صغير بهي اللون رقيق القوام
يلامس الهواء بدلال ورقة
يتطلع إلى شعاع الشمس بدهشة وتساؤل
يتنفس النور في عطش من كان منذ وهلة حبيس الظلمات
حقا يا رب ما أعظم أفكارك، ما أعجب تدبيرك وما أروع لمساتك