سأراكُمْ أيضًا فتفرَحُ قُلوبُكُمْ
تأمل في قراءات الثلاثاء 27 مايو 2014 الموافق2 بؤونه1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ. أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ. المَرأةُ وهي تلِدُ تحزَنُ لأنَّ ساعَتَها قد جاءَتْ، ولكن مَتَى ولَدَتِ الطِّفلَ لا تعودُ تذكُرُ الشِّدَّةَ لسَبَبِ الفَرَحِ، لأنَّهُ قد وُلِدَ إنسانٌ في العالَمِ. فأنتُمْ كذلكَ، عِندَكُمُ الآنَ حُزنٌ. ولكني سأراكُمْ أيضًا فتفرَحُ قُلوبُكُمْ، ولا يَنزِعُ أحَدٌ فرَحَكُمْ مِنكُمْ وفي ذلكَ اليومِ لا تسألونَني شَيئًا. الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ كُلَّ ما طَلَبتُمْ مِنَ الآبِ باسمي يُعطيكُمْ. إلَى الآنَ لم تطلُبوا شَيئًا باسمي. اُطلُبوا تأخُذوا، ليكونَ فرَحُكُمْ كامِلاً.”قد كلَّمتُكُمْ بهذا بأمثالٍ، ولكن تأتي ساعَةٌ حينَ لا أُكلِّمُكُمْ أيضًا بأمثالٍ، بل أُخبِرُكُمْ عن الآبِ عَلانيَةً. في ذلكَ اليومِ تطلُبونَ باسمي. ولستُ أقولُ لكُمْ إنِّي أنا أسألُ الآبَ مِنْ أجلِكُمْ، لأنَّ الآبَ نَفسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأنَّكُمْ قد أحبَبتُموني، وآمَنتُمْ أنِّي مِنْ عِندِ اللهِ خرجتُ. خرجتُ مِنْ عِندِ الآبِ، وقد أتيتُ إلَى العالَمِ، وأيضًا أترُكُ العالَمَ وأذهَبُ إلَى الآبِ”. قالَ لهُ تلاميذُهُ:”هوذا الآنَ تتكلَّمُ عَلانيَةً ولستَ تقولُ مَثَلاً واحِدًا. الآنَ نَعلَمُ أنَّكَ عالِمٌ بكُلِّ شَيءٍ، ولستَ تحتاجُ أنْ يَسألكَ أحَدٌ. لهذا نؤمِنُ أنَّكَ مِنَ اللهِ خرجتَ”. أجابَهُمْ يَسوعُ:”ألآنَ تؤمِنونَ؟ هوذا تأتي ساعَةٌ، وقد أتتِ الآنَ، تتفَرَّقونَ فيها كُلُّ واحِدٍ إلَى خاصَّتِهِ، وتترُكونَني وحدي. وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ مَعي”. (يوحتا 16: 20-33).
نص التأمل
تأملنا بالأمس في الفرح كرسالة محورية لبشارة الإنجيل
اليوم يعود الرب فيذكرنا بعنصر مهم يتميز به الفرح المسيحي
فالفرح في المسيح هو كالمجد المسيحي تماما يمر عبر الصليب
وقد لا يفهم البعض هذا الارتباط وقد يرفضه الآخرون
كما كان بطرس والتلاميذ قبل القيامة حين كان المعلم
يتحدث عما ينتظره في أورشليم من عذاب وصلب وموت ومن ثم قيامة
إذهب إلى الخلف أيها الشيطان فإنك تتكلم بما هو للناس لا فيما هو لله
فابن الإنسان الصاعد إلى أورشليم بإرادته كان سيد العارفين بما ينتظره
وشرح ذلك بعد قيامته لتلميذي عمواس وللتلاميذ كافة
” اما كان ينبغي لإبن البشر ان يتألم ويصلب ويموت ثم بعد ذلك يقوم في اليوم الثالث”
فالألم كان طريق المجد الذي ناله يسوع
ومن ثم فالفرح الذي يحياه في المجد تأتّى بعد الضيق والشدة
فليس غريبا إذن أن يكون الضيق هو الطريق إلى الفرح المسيحي
الفرح الذي لا يستطيع احد ان ينتزعه من قلوبنا
وفيما يبدو فإننا نحن المسيحيين نُعتبر الأوحدون في العالم
الذين سبق الرب وقال لهم قبل ان يتبعوه ” سيكون لكم ضيق في العالم”
وهم قبلوا الدرب الصعب والباب الضيق وحملو الصليب وساروا خلف المعلم فرحين
هؤلاء هم الذين يبشرهم القديس بطرس”هنيئا لكم وإفرحوا ايها الإخوة متى إضطهدوكم من أجل البر”
والغرب أننا فعلا وعلى مدى تاريخ المسيحية نفرح ونفتخر ونبتهح ونمجد الشهداء
ونعتبر يوم استشهادهم يوم يوم زفافهم غلى الفرح حيث نكتب ونالوا إكليل الشهادة
وكأنه نفس الإكليل الذي يوضع على رأس العريس في طقوس الزفاف
فرحون بان نحسب اهلا لأن نُضطهد ونُهان ونُزلّ من أجل اسم المسيح
ففرحون لأن نُعدّ أهلا أن نُضطهد ونهان من أجل إسم الرب
فهذا هو الضيق والألم المؤدي إلى الفرح الحقيقي
الفرح الذي لا يقدر احد ان ينتزعه منّا.