إعداد – ناجى كامل- نقلا عن صفحة قدسيين فى الكنيسة الجامعة
St. Raphael Arnáiz Barón
San Rafael Arnáiz Barón
(عيده 26 أبريل)
+ النشأة والتعليم:
وُلِدَ “رافائيل” في 9 ابريل 1911م، في مدينة بُرجُس شمالي اسبانيا، كإبنٍ أكبر من أصل ثلاث بنين وبنت وحيدة، لأبٍ هو “رافائيل أرنيز” ويعمل مهندساً معمارياً وأمٍ هي “مرسيدس بارون” وتعمل كاتبة صحفية. وكان الأبناء على الترتيب “رافائيل”، “فرناندو”، “ليوپولدو”، و”مرسيدس”.
نال سر المعمودية يوم 21 ابريل 1911م، بإسم “رافائيل للقديس ألڤارو خوسيه لسيدة الحبل بلا دنس والقديس لويس جونزاجا”.
وأدّى المناولة الإحتفالية بمسقط رأسه أيضاً في 25 أكتوبر1919م.
درس بمدارس تديرها الرهبنة اليسوعية وما بين عامي 1920م إلى 1922م لاحظ مدرسيه موهبته الفنية. إلا أن ضعف صحته وكثرة نوبات الحُمّىَ كانت سبباً في جعل دراسته متقطعة. أخذته والدته للإستشفاء في بيت جدته عام 1921م وبعد الشفاء أخذه الوالدان إلى كنيسة بمدينة سارجوسا ليشكرا الله ويضعاه في عناية مريم العذراء.
في مرحلة المراهقة ظهرت مواهبه الفنية في الرسم وكذلك ظهر هدوئه وميله للعُزلة والتأمل بعكس طبيعة هذه المرحلة العمرية. كذلك كان خفيف الظلّ يميل إلى الدعابة المتسمة بالإحترام واللياقة. لكل تلك المواصفات كان يُعامل بكثير من الإحترام كشخص بالغ رغم صغر سنّه.
عام 1923م انتقل مع عائلته للعيش في مدينة أوڤيادو القريبة من مسقط رأسه، والتحق بكلية القديس أغناطيوس اليسوعية وأتم فيها تعليمه الثانوي عام 1929م.
في إجازة ما قبل الإلتحاق بالجامعة ذهب للاستجمام لدى عمه “ليوپولدو” وزوجة عمه “ماريا” وكانا دوق ودوقة مدينة ماكيدا التي تبعد 80 كم عن العاصمة مدريد والواقعة شمال غرب اسبانيا. هناك بدأ رحلة تأملية مع الذات ومحاولة اكتشاف كيفية الإتحاد التام بالمسيح يسوع، وقد شجعه عمه وزوجته على الانتباه لصوت الله وعدم إهمال نواة الدعوة الرهبانية داخله، وبالفعل بدأ التواصل ول مرة مع رهبنة التراپيست Trappists في ديرهم بمدينة پالنسيا. جذبه في هذه الرهبنة تحديداً الحفاظ الشديد على الصمت وكذلك كان للألحان الجريجورية أشد الأثر في نفسه وتحديداً لحن Salve Regina أو السلام أيتها الملكة، الذي كان يُرنَّم وقت صلاة المساء. بعد الإرتياح الشديد لهذه الرهبنة قرَّر رافائيل أنه سوف يلتحق بها بمجرد إنهاء دراسته الجامعية.
– نبدة عن رهبنة التراپيست Trappists :
هي فرع من رهبنة السيسترسية Cistercian (أو البرناردية نسبة للقديس برناردوس). وهي للرهبان (والراهبات) ناذري العُزلة – أي الحُبساء – تعتمد قانون القديس بندكتس الرهباني وهو قانون شديد الإلتزام بالتقشُّف، الجزء الأكبر من يوم الراهب أو الراهبة التراپيست مُكرَّس للتأمل والأعمال اليدوية مع الصمت التام. لذلك تُعد أديرتهم من أفضل الأديرة لراغبي أداء الرياضات الصامتة والتركيز في الصلاة والتأمل والكتابات الروحية.
يشتهرون بالزي الرهباني الأبيض مثل رهبنة السيسترسية.
تأسس أول دير لهم عام 1892م بمدينة نورماندي الفرنسية في منطقة تُسمى “سوليني لا تراپ Soligny-la-Trappe ” فاشتهر ديرهم باسم “دير لاتراپ La Trappe Abbey ” من هنا جائت شهرتهم إسم “التراپيست Trappists “.
في 26 ابريل 1930م، بدأ دراسة الهندسة المعمارية بالجامعة في العاصمة الإسبانية مدريد، إلا أنه اضطر للإنقطاع عن الدراسة في ديسمبر من نفس العام بعد إصابته بعدوى بكتيرية تسببت في تعطُّل البنكرياس وإصابته بمرض السكر، وظلَّت تلاحقه الأمراض وتقطع دراسته بين الحين، لكنه أتمها هام 1934م وتخرَّج كمهندس معماري، وبعدها مباشرةً قدّم طلباً للإلتحاق بالرهبنة، ونال الموافقة ليصير في مرحلة الإبتداء في نفس العام.
تطوَّرت حالة مرض السكر بعد دخوله الدير بأربعة أشهر فقط، وصارت تحدث أزمات قاسية للمرض في أوقات متقاربة. فألزمه رئيس دير الإبتداء بالاستراحة في منزله لعدة أشهر لنوال الرعاية الطبية اللازمة مما أشعر رافائيل بالحزن الشديد، وخلال تلك الفترة تم استدعائه للجيش بسبب الحرب الأهلية الإسبانية، لكنه أُعفيَ من الخدمة بسبب سوء حالته الصحية.
عاد رافائيل إلى الدير على مراحل ما بين عامي 1935م و1937م ، حيث مكث بالدير من 29 سبتمبر إلى 6 ديسمبر 1936م. وغادر بسبب المرض ثم عاد من 7 فبراير إلى 15 ديسمبر 1937م.
وبرغم كل معاناة المرض فقد كان صافي الذهن، شفاف النفس، متحرر من قيود الجسد وكتب في الفترة ما بين ديسمبر 1937م وأبريل 1938م خطابات روحية تأملية بلغ عددها 33 خطاباً.
في عودته الأخيرة للدير قبيل وفاته عام 1938م، وبسبب وضعه الصحي تم قبوله بالدير بعد إلحاح شديد منه بصفة ناسِك وليس راهب، ليأخذ المُتكأ الأخير ويكون على هامش حياة الدير. برغم ذلك أظهرت هذه الظروف صدق دعوة رافائيل ومحبته الشديدة للحياة الديرية وتقواه الحقيقية، فلم يستطع رئيس الدير أن يحرمه ارتداء الزي الرهباني واعتباره راهب في 17 ابريل 1938م.
+الوفاة والتكريم:
زاره والده ورأه للمرة الأخيرة بعد ارتداء الزي الرهباني بأربعة أيام أي في 21 ابريل 1938م، وفي اليوم التالي أصابته حمّىَ شديدة تسببت في فقدان الوعي والهذيان، وتوفيَّ بعطر القداسة في 26 أبريل 1938م بعمر السابعة والعشرين.
تم دفن جثمانه بالدير أولاً، ثم نُقِلَت رفاته لمكان آخر عام 1965م، واخيراً عام 1972م استقرت الرفات بكنيسة صغيرة تابعة للدير.
وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني بأنه: “نموذج إنكار الذات وصدق الدعوة وقداسة الشباب، حتى أنه بذل كل طاقته للتأمل والتنسُّك ولم يستطع نطق النذر الرهباني بسبب اعتلال صحته. لقد وصل الأخ رافائيل أرنيز بارون لجوهر الدعوة الرهبانية حيث العطاء بلا أخذ والقداسة بلا اعتزاز وكبرياء، لم يكن يسوع المسيح بالنسبة له موضوع بحث فلسفي بل رفيق رحلة الحب المُطلق”.
تمت بشفاعته معجزات عديدة، وأُعلِن طوباوياً عن يد البابا القديس يوحنا بولس الثاني 1992م.
ثم تم إعلان قداسته عن يد البابا بندكتس السادس عشر عام 2009م.
أشهر معجزات تمت بشفاعته هي التي حدثت في يناير 2001م بشفاء سيدة مدريدية في الثلاثين من عمرها، تُدعى “بيجونيا ألونسو ليون”، تحمل في أحشائها جنين في شهره الخامس، وقد ظهرت عليها أعراض التشنُّج والصداع العنيف.
في الشهر السابع وخلال أعياد الكريسماس لعام 2000م، نُقِلَت إلى إحدى مستشفيات مدريد، بعد تفاقُم اعراض التشنج والصداع وكان القرار الطبي هو عمل جراحة قيصرية وولادة مبكرة للجنين. وُلِدَت الطفلة “لورا” بصحة جيدة إلا ان حالة الأم صارت أسوأ وتم إيداعها بوحدة العناية المركزة لأكثر من اسبوعين وقد مهَّد الأطباء لأسرتها الاستعداد لقبول فكرة خطورة الحالة وارتفاع نسبة عدم الخروج من تلك الأزمة، وفجأة بدأت الحالة في التحسن السريع وليس التدريجي مما أدهش الأطباء، وقد أعلنت السيدة بيجونيا أنها كانت تناجي الطوباوي رافائيل أرنيز بارون الذي قرأت عن سيرته قبيل مرضها.
تعيد الكنيسة الجامعة للقديس رافائيل أرنيز بارون يوم 26 ابريل، وتدعوه شفيعاً لليوم العالمي للشباب وشفيعاً لمرضى السكر.
شهادة حياته وبركة شفاعته فلتكن معنا. آمين.