كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك
لوس انجلوس- كاليفورنيا
جمعية جنود مريم – فرقة سلطانة الملائكة
شهر مع قلب يسوع الأقدس[1]
يونيو 2017
تقدم الكنيسة الكاثوليكية فـى شهر يونيو من كل عام تكريم خاص لقلب يسوع الأقدس كرياضة دينية موضوعها هو قلب يسوع والـمتوقد حباً نحو البشر والـمُهان من هؤلاء البشر. وإختيار الكنيسة لشهر يونيو بالذات لـممارسة هذا التكريـم لأنـهـا رغبة السيد الـمسيح نفسه من أن يكون هناك تكريم وعيد خاص لقلبـه الأقدس وهذه الرغبـة قـد أعلنهـا للقديسة مرجريت ألاكوك. وأمـا إختيار القلب كموضوع للتكريم لأن قلب الإنسان كـما هو معروف هو ينبوع الحب ومركز العواطف.
إن التأمـل فـى صِفات قـــلــب يسوع سيجعلنا نعرف أكثـر وأكثـر كيف أن قلب يسوع هـو قلب مُحب، مُقدس، ومـركز حميع القلوب، وهو أيضاً قلب الكنيسة حتى يستطيع كل واحد منـا أن يقول مع بولس الرسول:”ومـا لـيّ من الحياة بإبن الله الذى أحبنـي وبذل نفسه لأجلي” (غلاطية20:2). أمـا إذا مـا تأملنـا فـى صفات قلب الإنــسان فسوف نجده ممـلوء مـحبة للعالـم وحبـاً للذات وبعداً عن الله. وبـمقارنـة قلب الإنسان مع قلب يسوع،يـمكن للإنسان أن يـمتحن قلبـه فيصرخ إلـى الله طالبـاً “ماذا يجب أن يصنع” فيرشده الروح القدس لكي يعود إلـي “الطريق والحق والحيـاة”(يوحنا 6:14).
صلاة يومية أمام قلب يسوع
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني.أنت رحيم و غفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي.فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي،وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس.واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد.وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
مسبحة قلب يسوع
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية
عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعيد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة: أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات: يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
صلاة قلب يسوع
كيـرياليسون كريستاليسون كيـرياليسون
يـا ربنا يسوع الـمسيح أنصت إليـنا
يـا ربنا يسوع الـمسيح استجب لنـا
أيهـا الآب السماوي الله ارحـمنـا
يـاإبن الله مخلص العالـم ارحـمنـا
أيهـا الروح القدس ارحـمنـا
أيهـا الثالوث القدوس الإله الواحد ارحـمنـا
يـا قلب يسوع إبن الآب الأزلـي اشعل قلبنـا بمحبتك
يا قلب يسوع الـمصور من الروح
القدس فى أحشاء الوالدة البتول اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الـمتحد جوهريـا بكلمة الله اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع ذا العظمة غير الـمتناهية اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع هيكل الله الـمقدس اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع خباء الرب العلي أشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع بيت الله وباب السماء اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع آتون الـمحبة الـمضطرم اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع مقر العدل والـمحبة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع لـمفعم جوداً وحبـاً اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع لجّة الفضائل كلهـا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الجدير بكل تسبحة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الحاوي كل كنز الحكمة والعلم اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع مسكن ملء الـلاهوت كلـه اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع موضوع سرور الآب اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الذى من فيضه أخذنا جميعا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريـة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الطويل الآناة والكثير الرحمة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الغني لكل من يدعونك اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنـا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الـموسع عاراً لأجلنـا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الـمنسحق لأجل أرجاسنا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الـمطيع حتى الـموت اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع الـمطعون بالحربـة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع مصدر كل تعزيـة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع حياتنا وقيامتنـا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع صُلحنـا وسلامنـا اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع ذبيحة الخطـأة اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع خلاص الراجيـن اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع رجاء الـمائتيـن اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا قلب يسوع نعيم جميع القديسين اشعل قلبنـا بمحبتك
يـا حـمل اللـه الحامـل خطايـا العالـم انصت الينـا
يـا حـامـل اللـه الغافـر خطايـا العالـم استجب لنا يارب
يـا حمل اللـه الرافـع خطايـا العالـم ارحمنـا يارب
كيـريـاليسون كريستياليسون كيـريـاليسـون.
صلاة:
– يـا يسوع الوديع والـمتواضع القلب
– اجعـل قلبنـا مثل قلبك
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
اليوم الأول: تأمل في لماذا أختير قلب يسوع للعِبادة والإكرام
قبل الرجوع الى تاريخ عِبادة قلب يسوع الأقدس يلزمنا اولا تعريف كلمة “قلب”،فلا يـمكننا ان نتفهم هذه العِبادة بـمعناها الحقيقي او الهدف منها ما لم نتعرف على معنى كلمة “القلب”،ولـماذا أختيـر كموضوع للعبِادة والإكرام؟.
ان القلب عموما فى الإستخدام البشرى هو رمز للعواطف والـمشاعر كأن نقول مثلاً”ذو قلب
كبير” على الإنسان الذى يصنع رحمة أو يغفر لـمن يُغضبه، أو “ذو قلب حامي” على الإنسان الذى له غيرة ظاهرة للعمل.
والرمز حسب تعريف القواميس هو علامة مرئية لشيئ غير مرئي أو ملموس. والقلب يستخدم ايضا لتعريف الشخص بكل كيانـه،فقلب الإنسان هو رمز طبيعي لشخصيته وتعريفاً بنشاطه،وهو الـمركز الروحي والإرادي والعقلي لنشاط الإنسان.والقلب أيضا هو العضو اللحمي فى جسم الإنسان.
سر القلب الأقدس كما جاء فى الكتاب الـمقدس
يحوي الكتاب الـمقدس فى عهديه القديم والجديد أكثر من ألف موضع ذكر فيها القلب بجميع ما سبق من معانى شخصية وروحية وعضوية،فالعهد القديم وحده حوى هذا التعبير 858 مرّة،منها 113 مرّة فى مزامير داود وحدها، اما العهد الجديد فذكرت فى الأناجيل اكثر من 25مرّة ورسائل القديس بولس اكثر من 50 مرّة.
ان إستخدام تعبير “القلب” كما جاء فى الكتاب الـمقدس لـه عدة معان:
أولاً: جـاء بـمعناه التشبيهي أو الـمجازي كما جاء فى الأمثلة التالية عن قلب الله:
+ “ورأى الرب ان شر الانسان قد كثر على الأرض وان كل تصور أفكار قلوبهم انما هى شر فى جميع الأيام فندم الرب انه عمل الانسان على الأرض وتأسف فى قلبه”(تكوين5:6-6).
+ “لماذا تقّسون قلوبكم كما قسّى المصريون وفرعون قلوبهم”(1ملوك6:6).
+ “واعطيكم رعاة على وفق قلبي فيرعونكم بعلم وعقل”(ارميا15:3).
والتعبير الكتابي عن “قلب الله”،مع ان الله روح وليس له قلب او جسد، ليس إلاّ طريقة لتوصيل
الحقيقة عن الله بصورة مجازيـة،ولهذا فيمكننا استخدام ما ذكره الكتاب المقدس عن “قلب الله”
لتوصيل حقيقة “قلب يسوع” لنـا لأن يسوع هو “ضياء مجده وصورة جوهره”(عبرانيين3:1).
ثانيـاً: جـاء بـمعنـاه الرمـزي أو النبوي
ان كل ما جاء فى العهد القديم من رموز عن الـمخلّص الـمنتظر وعن الآمـه والذى قد تحقق فى
مـجئ السيد الـمسيح وموتـه وقيامته سوف نجد أن هناك بعض التعبيرات والتى قيلت عن “قلب
الـمسيّا”، منها ما يلي:
+”كالـماء انسكبت وتفككت جميع عظامي.صار قلبي مثل الشمع.ذاب فى وسط أحشائي”
(مزمور15:21).
+”قد كسر قلبي العار والشقاء وإنتظرت من يرثي فلم يكن ومن يعزّي فلم أجد”(مزمور21:68).
+”لذلك فرح قلبي وابتهج مجدي وجسدي ايضا سيسكن على الرجاء. لأنك لا تترك نفسي فى الجحيم ولا تدع قدوسك يرى فساداً”(مزمور9:15-10).
ثالثـا: جـاء كتعبيـراً عن حب الله للإنسان
ويمتلئ ايضا الكتاب الـمقدس بالعديد من الآيات التى تعبر عن حب الله للإنسان مثل ما جاء كالتالى:
-“لا لأنكم اكثر من جميع الشعوب لزِمكم الرب وإصطفاكم فإنـما أنتم أقل من جميع الشعوب لكن لـمحبة الرب لكم ومحافظته على اليمين التى اقسم بها لآبائكم أخرجكم الرب بيد قديرة وفداكم من أرض العبوديـة”(تثنية7:7-8).
- “إسمع يا إسرائيل إن الربّ إلهنـا ربُّ واحد فأحبب الرب إلهك بكل قلبِك وكل نفسِك وكل قُدرتك. ولتكن هذه الكلـمات التى أنـا آمرك بهـا اليوم فـى قلبك”(تث4:6-6).
- “انـا لحبيبي وحبيبي لـي” (نشيد الأناشيد2:6).
- “من بعيد ترآى لـي الرب. إنـي أحببتك حباً أبديـاً فلذلك اجتذبتك برحـمة” (ارميا3:31).
- “إذ كان إسرائيل صبيّاً أحببته ومن مصر دعوت ابني”(هوشع1:11).
- “إنـي أجتذبهم بحبال البشر برُبط الحب وأكون لهم كـمن يرفع النيّـر عن فكوكهم وأمدّ لـه وأطعـمه”(هوشع4:11).
- “قالت صهيون قد خذلنى الرب ونسيني السيّد.أتنسى الـمرأة مُرضعها فلا ترحم ابن بطنها لكن ولو أنّ هؤلاء نسين لا أنساك أنـا. هآنذا على كفّي رسـمتك”(اشعيا14:49-16).
– وفـى الأمثاـة التى جاءت على لسان السيد الـمسيح كمثل الراعى الصالح(يوحنا1:10-18)، ومثل الإبن الضال(لوقا1:15-31)،ومثل السامري الصالح(لوقا30:10-37)، ومثل الدرهـم الـمفقود (لوقا8:15-10) أو مثل الخروف الضال(متى11:18-14)،ففـى كلـماتهـا ومواضيعهـا تعبيـراً عن حب الله للإنسان.
- التعبيرات التى جاءت على لسان السيد الـمسيح والتى تعكس عن قلبـه وحبـه نحو البشر، فعندما رأى الجموع والزحام وكـما جاء “لـم يكن لهم ما يأكلون” ذُكر قولـه للتلاميذ:”إننـي أتحنن على الجـمع”(مر2:8)، وعندما رأى أورشليم تلك الـمدينة التى أحبهـا وكيف أنهـا تحيا فـى خطاياهـا “بكى عليهـا”(لوقا41:19).
- العديد من معجزات الشفاء وإقامة الـموتى تعكس محبة الرب يسوع وعطفه وحنانـه حتى ان اليهود قالوا عنـه أمام قبر لعازر”انظروا كيف كان يحبه”(يوحنا36:11).
لهذا دعانـا الرسول بولس لكى نعرف حب يسوع “ليحل الـمسيح بالإيـمان فى قلوبكم حتى إذا تأصلتم فى الـمحبة وتأسستم عليهـا تستطيعون أن تدركوا مع جميع القديسين ما العرض والطول والعلو والعمق وأن تعرفوا محبّة الـمسيح التى تفوق الـمعرفـة لكي تـمتلئوا إلـى كل ملء الله”(افسس17:3-19).
رابعـاً: معـان مباشرة
فلقـد ذُكر أيضا القلب مثلاً فى العهد الجديد فـى الـمواضع التاليـة:
+”طوبى للأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله”(متى8:5).
+”فعلم يسوع أفكارهم فأجاب وقال لهم بـماذا تفكّرون فـى قلوبكم”(لو22:5).
+”لأنه حيث يكون كنـزكم هناك يكون قلبكم”(لو34:12).
+”فقال احدهما للآخر اما كانت قلوبنا مضطرمة فينا حين كان يخاطبنا فى الطريق ويشرح لنا الكتب”(لوقا32:24).
+”تعالوا إلي يا جميع الـمتعبين والـمثقّلين وأنا أريحكم.إحملوا نيـري عليكم وتعلّموا مني أنّي وديع
ومتواضع القلب فتجدوا راحة لأنفسكم”(متى28:11-29).
+”لأنه بالقلب يؤمن الإنسان للبِر وبالفم يعترف للخلاص”(رومية10:10).
+”وبما إنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم داعيّاً أبـّا آيها الآب” (غلاطية6:4)
من هذا الإستعراض عـما جاء عن معنى “القلب” فى الكتاب الـمقدس يـمكن إستنتاج ما يلي:
- ان قلب الإنسان هو عموما مركز العواطف ويعبـّر عن الإنسان نفسه.
- ان تعبير القلب له معناه الرمزي او التشبيهي.
- ان كلمة القلب قد إمتد معناها ليشمل قلب الله وقلب الإنسان.
- ان الله قد أظهر بوضوح قلب الـمسيّا الـمنتظر.
- على الرغم من عدم وجود نص صريح يذكر اي شيئ عن قلب يسوع او عن إكرام لهذا القلب لكن من الـممكن الوصول الى أصل فكرة تقديم الإكرام لقلب يسوع ألا وهى تقديم كل القلب لله والتعويض الكاف من البشر عن الخطايـا والسهوات.
إكرام: تناول القربان المقدس في الجمعة الأولى من كل شهر.
نافذة: كما يشتاق الأيل الى ينابيع المياه تتوق نفسي الى محبتك يا قلب يسوع الهي.
اليوم الثاني: تأمل في أصل عبادة قلب يسوع الأقدس
كان في أحد أديرة راهباتِ القديس أوغسطينوس في باريس تلميذةٌ تدعى “آنجيل دي لاسانت كروا” تحدّثتْ إلى رئيستِها، جيروم، يوماً عن شوقِها الكبير للانخراط في أخوية السيدة العذراء فقالت لها الرئيسة:”إنّ أفضل الوسائل لاستمالة قلب مريم يا آنجيل هي بلا شك أنْ تقدّمي الإكرام اللازم لقلب ابنِها يسوع”، فأجابت آنجيل:”نعم، وذلك ما دعاني أنْ أقدّم عبادةً لقلب ابنِها الطاهر”، وقالت أيضاً:”في هذا الصباح وبعد مشاركتي في القداس الإلهي وتناول جسدَ الرب تساءلتُ: لماذا لا نخصّص شهراً كاملاً لتكريم قلب يسوع أسوةً بالشهر المريمي “.فسُرَّتِ الرئيسةُ لهذه الفكرة وحبّذتها، وعرضتْها على الرئيسة العامة للسماح بممارسة هذه العبادة في الدير بعد حصول تصريح بها من السلطة الكنسية العليا. وفي هذه الأثناء عَمِلَتْ آنجيل دي لاسانت كروا على إعداد بعض القراءات والصلوات إكراماً لقلب يسوع على مثال ما جاء في كتب الشهر المريمي… وهكذا نالت الرئيسة العامة تصريحاً بحرية ممارسة هذه العبادة وكان ذلك في 29 مايو سنة 1833. حيث دُعي رئيس
أساقفة باريس المطران دي كيلن آنذاك لإقامة الذبيحة الإلهية وأعلن خلال الذبيحة موافقته على
إقامة صلوات لتكريم قلب يسوع الأقدس على نية ارتداد الخطأة وخلاص النفوس، فقوبِلَ كلامُه بالتهليل والتصفيق وأخذ على عاتقه ترتيب الممارسات التقوية لقلب يسوع فأخذ يتلو هو أيضاً كل صباح بعد القداس فعل التكريس لقلب يسوع الأقدس ثم زاد على ذلك قراءة روحية بسيطة وترنيمة مع هاتين النافذتين “يا قلب يسوع الأقدس كن حبي… يا قلب مريم الطاهر كن خلاصي”. وهكذا ابتدأتِ الأخوات في الدير بتلاوة صلوات شهر قلب يسوع الأقدس ونشطت الغيرة في نشر هذه العبادة من الدير إلى كنائس أخرى ومن مدينة إلى أخرى، حتى أصبح اليوم العالم كلُّه أشبه بهيكلٍ عظيم تُذاع فيه يومياً في أثناء هذا الشهرالمبارك عظائمُ قلب يسوع وحنانُهُ نحو البشر، وذلك بفضل تلك الابنة آنجيل دي لاسانت كروا التي ترهبت فيما بعد في دير الزيارة مدينة رينس بفرنسا.
إكـــرام: عرِّف الناسَ الذين حواليكَ بعظمة وفائدة صلوات الإكرام لقلب يسوع الأقدس… فأنتَ
رسولٌ لنشرِ هذه العبادة.
نافـــذة: يا قلبَ يسوع الأقدس إني واثقٌ بكَ
اليوم الثالث: تأمل في طبيعة قلب يسوع الأقدس
قلب مـُحب قلب يسوع،هو قلب الله،وإلهنا إلـه مُحب لأن “الله محبة”(1يوحنا8:4) ولقد أحبنا إلى الـمنتهى وهذا ما أعلنه الوحي الإلهـي على لسان ارميا النبي القائـل:” مـحبة أبـديـة أحببتك من أجل ذلك أدمت لـك الرحمة” (أرميا3:31)، وردده أيضاً على لسان رسول الأمم: “أما الله فيدّل على مـحبتـه لنـا بأنـّه إذ كنـّا خطأة بعد ففى الآوان مات الـمسيح عنّـا”(رومية8:5-9).
وهذا القلب الـمُحب يتلذذ بحبنــا، ويفرح بقدومنـا إليـه، وينتظر دائـما عودتنـا إليـه، ويحفظنـا دائـماً: فإلهنا يتلذذ بـمحبتنا كما جاء فى سفر الأمثال “نعيمي مع بني البشر” (أمثال 8:31).
وإلهنا يفرح بقدومنا إليه ويضمنا الى صدره كما نرى فى مثل الإبن الضال “وفيما هو بعيد رآه أبوه فتحنن عليه وأسرع وألقى بنفسه على عنقه وقبـّله” (لوقا 2:15).
وإلهنا يقف بصبر ينـتظر إجابتنا مع حبه “ها أنذا واقف على الباب أقرع” (رؤيـا 20:3).
وإلهنـا يحفظنـا ويحـمينـا فهو القائـل:”كما يحرّك النسر عُشّه وعلى فراخِـه يُرِّف ويبسط جناحيـه ويأخذهـا ويحـملهـا على مناكبـه “(تثنية11:32). والله هو الذى”بريشـه يُظللك وتحت أجنحتـه تعتصم. لاتخشى من هول الليل ولا من سهم يطير فى النهار ولا من وباء يسرى فى الدُجى. لا يُصيـبك شر ولا تدنو ضربـة من خِبائك. لأنـه يُوصي ملائكتـه بك ليحفظوك فى جميع طرقـك”(مزمور4:90-16).
إكرام: تأمل في كل ما وهبك الله من نِعم ومواهب وبركات
نافذة: يا قلب يسوع الأقدس أشكرك على حبك لي وللذين أحبهم.
اليوم الثالث: سر المسيح
“من هو الـمسيح؟”، على إجابة هذا السؤال الهام قامت الكنيسة منذ نشأتها بالرد على كل الهرطقات والبِدع التى تمس سر الـمسيح وسر التجسد ومن أجل هذا إنعقدت الـمجامع الـمسكونية فى نيقية و القسطنطينية وأفسس وخلقيدونية وأعلنت الكنيسة مبدأ إيمانها والـموجود فى قانون الإيمان والذى تؤمن بـه جميع الطوائف الـمسيحية فى هذه الأيـام. ان السيد الـمسيح هو إنسان تـام وإلـه تـام وان لاهوتـه لـم يفارق ناسوتـه لحظة واحدة ولا طرفـة عيـن.
ولهذا فالتكريم الـمقدم لقلب يسوع ليس مقدمـاً للقلب ذاتـه ولكن لكون هذا القلب هو قلب شخص يسوع الـمسيح “الكلمة” الإنسان التام والإلـه التام أو الإله الـمتأنس. لهذا فلقد تم تقديم الإكرام لقلب يسوع الأقدس كرمز لحب الـمخلّص السمائي للآب الأزلـي ولجميع البشر وذلك بـمعرفة العديد من
باباوات الكنيسة وعلماء اللاهوت والقديسين والـمؤمنين.
لا يـمكن القول بتاتـا ان عبادة القلب الأقدس قد ظهرت فجأة فى الكنيسة نتيجة لظهورات السيد
الـمسيح للقديسة مارجريت مارى الاكوك ولكن سوف نجد انـه نتيجة لوجود العديد من الأشخاص
الذى آمنوا بأهمية التعبير لقلب يسوع عن حبهم لـه وتعويضه عن تلك الإهانات التى لحقت بـه من البشر. ولا غرابـة فـى ذلك فتاريخ الكنيسة يحوى العديد من حوادث ظهور للسيد الـمسيح من بعد صعوده إلـى السـماء لبعض الناس لتلقينهـم بعض الحقائق والسابق إيداعـها للكنيسة وذلك بقصد زيـادة إعلان ونشر لتلك الحقائـق الإيـمانيـة. فالسيد الـمسيح قد ظهـر لتلميذي عـمواس “ثـم أخذ يُفسر هـما من موسى ومن جـميع الأنبيـاء ما يختص بـه فـى الأسفار كلهـا”(لوقـا26:24)، وظهـر لشاول الطرسوسي ويدعوه” إنـاء مختـار ليحمل إسمي أمام الأمم والـملوك وبني إسرائيل”(أع15:9).وكذلك فـى عام 312م ظهر للـملك قسطنطين وطلب منـه رسم علامـة الصليب عند حربـه ضد الـملك مكسنس الـمشهود بعدائـه للدين الـمسيحي وبالفعل إنتصر الـملك قسطنطين وآمـن بالدين الـمسيحي وشيّد الكنائس ومنذ هذا التاريخ إزداد الـمؤمنون تقوى وإكرام نحو عود الصليب الـمقدس. وظهـورات السيد الـمسيح لبعض القديسين وإن قـد إستمر حتى هذا القرن فـما هـى إلاّ تعبير حقيقي عن محبـة الله للإنسان ورغبتـه فـى عودة نفوس عديدة للإيـمان بالـمسيح مع تجديـد الحيـاة الروحيـة، فهناك مازال خطـأة كثيـرون لـم يعودوا إلـى الله ، وما زالت هناك طوائف عِدة قسّمت الكنيسة – جسد الـمسيح السريّ – وهذا مـما يسبب ألـماً للجسد كلـه. ومـا زالت هناك الـماديـة والتى هـى الإلـه السائد بين البشر وتركـوا الله فحق ما قاله السيد الرب عن علامات الأزمنـة عن أن البشر عند إقتراب الـمنتهـى “يـمقت بعضهم بعضـاً ويقوم أنبيـاء كثيـرون ويضلّون كثيـريـن ولكثـرة الإثـم تبـرُد الـمحبـة من الكثيـريـن”(متى10:24-12).
إذاً فإن عبادة،أوتكريم قلب يسوع ما هى إلا رياضــة دينيــة موضـوعهـا هو قلب يسوع والـمتوقـد حبـا ً للبشـر والـُمهان من هؤلاء البشر. ولا يـمكن القول ان موضوع هذه العبادة هو هذا القلب بإعتباره منفصلاً عن اقنوم الكلمة الـمتجسد،ولا انها توجه فقط لهذا القلب دون باقى ناسوت السيد الـمسيح،ولا انها توجه إلى الجزء الـمادى من جسم الـمسيح الـمعروف بإسم القلب،ولكن إنـما توجّه الى الشيئ الـمرموز بالقلب وهو حب يسوع نحو البشر،أليس هو القائل لنا”تعلموا مني فـإنـى وديع ومتواضع القلب”(متى29:11).
ان العبادة لهذا القلب بإعتبار انه رمز لحب يسوع نحو البشر هو ضرورة لذا قال بولس الرسول:”إن كان أحد لا يحب ربنا يسوع الـمسيح فليكن مُبسلاً”(1كورنثوس22:16). وهـى أيضاً إستجابـة لدعوة الحب التى يقدمهـا قلب يسوع الـمخلّص لنـا فهـو الذى أحبنـا دائـما:”لكن الله لكونـه غنيـّاً بالرحـمة ومن أجل كثـرة مـحبتـه التى أحبّنـا بهـا”(افسس4:2).
وبالتأمل فى حب يسوع لنا يضرم فى قلبنا لهيب الـمحبة نحوه ويجعلنا نهتف مع الرسول:”فمن يفصلنا عن محبة الـمسيح أشدة أم ضيق أم جوع أم عريّ أم خطر أم إضطهاد أم سيف..فاني لواثق بأنه لاموت ولا حياة ولا ملائكة ولا رئاسات ولا قوات ولا أشياء حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خلق آخر يقدر ان يفصنا عن محبة الله التى هى فى الـمسيح يسوع ربنا”(رومية35:8-29).
إذن هى رياضة نتأمل فيها ونعرف بقدر إستطاعتنا من هو يسوع ومقدار حبــه لنــا و هى أيضا صلوات وإماتات وأعمال نقدمها تعويضا عن الإهانات. وهـذا الإكرام لا يتعارض البتـة مع أي إكرام آخـر يقوم بـه الـمؤمنيـن وهذا بعد موافقـة السلطة الكنسية كالإكرام الـمقدم لـمراحل الصلب الـمقدس فـى أيام الصوم الكبيـر والتى يتم فيهـا التأمـل والصلاة فـى طريق الجلجثـة، أو إكرام الـمقدم للسيد الـمسيح فـى سر القربان الأقدس والذى يُحتفل بـه فـى يوم خميس العهد أو فـى تكريس أول جمعة من كل شهر، أو الإكرام الـمخصص لقلب مريم الطاهـر، فـمثل هذه الـممارسات التقويـة كلهـا تؤدى إلـى هدف واحد وهو تقديس الأنفس.
إكرام: حاول أن تقرأ وتتأمل بعض سير القديسين وكيف وصلوا بالنعمة الى حالة القداسة
نافذة: يا قلب يسوع الأقدس، قدّس نفسي وروحي وجسدي.
اليوم الرابع: قلب يسوع المُحب
قلب يسوع الـمُحب منحـنـا مواهب عـِديدة كأن نُصبح من الـمختارين، وأن نكون أبناء لله، وأن نحصل على معرفـة أسرار الـملكوت وأيضاً أن نحصل على مـجد الأبنـاء:
فحب يسوع لنـا جعلـه يخـتارنـا فهـو القائل:”ليس أنتم إخترتـمونـي بل أنـا إخترتكم”(يوحنا16:15).
وهـو الذى أحبنـا أولاً يشرح القديس يوحنـا الرسول لنـا الـمعنى الحقيقي لـمحبة الله لنـا:”إنـما الـمحبـة فـى هذا أننـا لـم نكن نحن أحبـبنا الله بل هو أحبنـا فأرسل إبنـه كـفّارة عن خطايـانـا” (1يوحنا10:4).
وحبه جعلنا أبناء لـه يُعلن يوحنا أيضاً عن كلـمة الله وعن النور الحقيقي الذى يُنيـر كل إنسان قائلاً: ” فأمّـا كل الذين قبلوه فأعطى لهم سلطانـاً أن يكونـوا أبناء الله”
(يوحنا 12:1). ويقول الرسول بولس لنا:”إذ لـم تأخذوا روح العبوديـة أيضاً للـمخافـة بل أخذتم روح التبنـي الذى ندعو به أبـّاً أيهـا الآب” وهـذه البنـوة تعطينـا أن نكون ورثـة الله كـما يُعلن لنـا الرسول بولس:”حيث نحن أبناء فنحن ورثـة ورثـه الله ووارثون مع الـمسيح”(رومية14:8-17).
وحبـه أعطـانـا معرفـة لأسرار الـملكوت فالسيد الـمسيح قال لتلاميذه: “أمـا أنتم قد أُعطيتم معرفـة أسرار ملكوت السموات”(مت 9:13).
وحب يسوع أعطانا مـجد البنين لهذا قال القديس بولس:” قد أورد الى المجد أبناء كثيرين” (عبرانيين 10:2).
إكرام: تأمل في محبة يسوع لك وتذكر موقف في حياتك لمست فيه محبته
نافذة: يا قلب يسوع ثبتني في حبك الي الأبد
اليوم الخامس: قلب يسوع الـمُحب يشبـه حب الراعـى لقطيـعه:
فيسوع هـو الراعـى الصالح “انا الراعي الصالح” (يوحنا11:10). وكما جاء عنـه فـى النبؤات:”
كراع يرعى قطيعه بذراعه، يجمع الحملان وفى حضنه يحملها ويقود الـمُرضعات” (أشعيا 11:40)، وأيضاً “هـآنذا أنشد غنمـي وأفتقدهـا أنـا”(حزقيال11:34).
أنـه “الراعي الصالح الذى يعرف خاصته،انه ليس بالأجير الذى ليس براع وليست الخراف له ، بل هو الراعي الذى يدعو الخراف بأسمائها وهى تتبعه لأنها تعرف صوته فيعطيها الحياة الأبدية فلا تهلك للأبد ولا يخـتطفها أحد من يـده” (يوحنا1:10-16).
هـذا القلب الـمُحب الذى يحب بلا نـهايـة ويبذل نفسه من أجلنـا: ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بـه بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا16:3).
“بهذا تتبيـّن مـحبة الله لنـا أنّ الله أرسل إبنـه الوحيـد إلـى العالـم لنحيـا بـه”(1يوحنـا9:4).
هـذا القلب الـمُحب نراه فى مواقفه الـمكتوبـة فى الأناجيل: يسوع الـمسيح “الذى إذ هو فـى
صورة الله لـم يكن يعتد مساواتـه لله إختلاساً لكنه أخلى ذاتـه آخذاً صورة عبد صائراً فـى شِبه البشر وموجوداً كبشر فـى الهيئة” (فيليبي 6:2-7)، فتجسد على الأرض من العذراء مريـم (لوقا31:1-32). “ووضع نفسه” (فيليبي8:2) فكانت ولادتـه فـى مزود حقيـر ببيت لحم (لوقا4:2-6)، وعاش حياتـه فى الناصرة تلك التى قال عنهـا نثنائيل”لم يخرج منهـا شيئ صالـح”(يوحنا46:1)، “وصار يُطيع حتى الـموت موت الصليب”(فيليبي8:2).
حب يسوع نراه مدونـاً ومعلنـاً فـىكلماتـه وأفعالـه و تعاليـمه ومعجزاتـه والتى تبرهـن جميعهـا على حبـه للإنسان كغفرانـه للمرأة الزانية،وحبه للأطفال(لوقا15:18-17) وشفاؤه للعمي والعرج والبُرّص وذوي الأمراض (مرقس32:1-34)،ومع تحننه لأرملة نايين(لو11:7-17) وحديثه مع السامريـة (لوقا5:4-30)،وعند بكائه على قبر لعازر وإقامته من بين الأموات (يوحنا1:11-44)، وحتى
عندما أسلمه يهوذا الأسخريوطي مازال يلّقبه بإسم “صاحب” (مت 50:26).
حب يسوع ظاهـر فلقد أعطـانـا جسده ودمـه فـى سر التناول الـمقدس (لوقا19:22-20)، وترك لنـا أمـه القديسة مريـم لتكون أمـاً لنـا فـى شخص يوحنا الحبيب (يوحنا26:19-27)،و فـى آلامـه ومـوتـه على الصليب وقيامتـه من بين الأموات ولهذا قال رسول الأمم: “كـما أحبنـّا الـمسيح وأسلم نفسه لأجلنـا قُربانـاً وذبيحة لله رائحـة طيـّبـة”(افسس2:5).
إكرام: حاول ان تتكلم طوال هذا الشهر عن محبة الله وكم صنع بك
نافذة: قلبا نقيا اخلق في يا الله
اليوم السادس: قلب يسوع الـمُحب نراه ونلمسه فى كل جوانب حياتنا،فهو حب شخصي: كشخص يوحنـا الحبيب والذى قال بطرس عنـه “التلميذ الذى كان يسوع يُحبـه ..وهو الذى كان إتكأ فـى العشاء على صدره وقال يارب من الذى يُسلّمك”(يوحنا20:21). وعن لعازر الذى أقامـه الرب من الأموات كانت رسالة أختاه مريم ومرثـا ليسوع:”يارب ها إنّ الذى تحبـه مريض” (يوحنا3:11)،ولهذا قال اليهود عندما رأوا دموع يسوع “أنظروا كيف كان يُحبـه”(يوحنا36:11).
أنشد داود عن حب الله مرنـماً:”أين أذهب من روحك وأين أفرّ من وجهك إن صعدت الى السماء فأنت هناك وإن إضجعت فى الجحيم فإنت حاضر، إن إتخذت أجنحة الصبح وسكنت أقاصي البحر فهناك أيضا يدك تهديني ويـمينك يـمسكني” (مز5:138-10).
وكما صرخ فى القديم إشعياء النبي قائلا :”فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون” (أش 18:40).
إكرام:التجئ لقلب يسوع في جميع احتياجاتك وقدّم اليه كل افعالك اليومية حتى يقودك لتميم إرادة الله.
نافذة: يا قلب يسوع لا تدعني أنفصل عنك
اليوم السابع: القلب المُحب
إنّ هذا الحب هو الذي جعل يسوع ـ الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس ـ أنْ تجسّدَ من العذراء مريم، وأصبح واحداً منا ووُلِدَ من أجلِنا ليرسِمَ لنا طريقَ الله، فهو الطريق والحق والحياة (يو 6:14). ولِدَ في مغارة بيت لحم ليعلِّمَنا عَظَمَةَ التواضع، وغِنى الفقر، وبساطةَ الحياة التي تقود إلى السماء. وقَبْلَ موتِهِ وقيامتِهِ رسم لنا سرَّ الافخارستيا المقدس ليغذّينا من جسدِه ودمِه، وحبُّه جعلَه يُرسِل لنا المعزّي ليكون معنا في هذه الحياة الفانية لنواصلَ رسالةَ المحبة التي زرعها في قلوبِ عِبادِه. نعم، هكذا أحبَّ يسوع البشر، أحبَّهم محبةً لا توصف، ومتّى الإنجيلي يقول:”ما مِنْ حُبٍّ أعظمُ من هذا، أنْ يبذُلَ الإنسان نفسَه عن أحبائه” (يو 13:15). فقد أحبَّ والدَيه مريم ويوسف وخضعَ لهما في الناصرة، سار في طريق الجليل وأورشليم مُعْلِناً ملكوت الله فشفى المرضى وأقام الموتى وطهّر البُرص وفتح أعين العميان، فكان السامريُّ الصالح وكان الأبُ الرحيم، وأشفق على الجموع، وبارك الأطفال، وغفر خطايا المجدلية، وقَبِلَ زكّا والعشّار، وسقى السامريةَ ماء الحياة، وعلّم الشعب بأمثالٍ كثيرة… ومحبتُه هذه جعلته يختار أضعفَ الناس وأبسطَهم ليكونوا له رسلاً يُعلنون البشارة الإنجيلية في أقاصي المسكونة لكي يَخلُص جميع الناس على يدِه (مر 16:16). فكم هو حَريٌّ بنا ونحن في هذا الشهر المقدس أنْ نُدرِك عظمة المحبة التي أحبنا بها الله ونواصل رسالةَ المحبة عبر البشر الذين نعيش معهم. آمين إكرام: اتلوا بيت من المسبحة الوردية لإهتداء الخطأة
نافذة: يا قلب يسوع ليأت ملكوتك
اليوم الثامن: قلب يسوع هو قلب مقدّس
قلب يسوع هـو مقدّس،لأنه قلب الله و لأن إلهنا قدوس كـما جاء فـى العهد القديم “إنـى أنـا الرب إلهكم ..فإني انا قدوس” (لاويين44:11). وكما جاء فى تسبحة العذراء “اسمه قدوس” (لوقا 49:1) ، وكما أعلن الـملاك لـمريم:” القدوس الـمولود منك” (لوقا35:1). بــل إنه سميّ “قدوس القديسين” كما جاء فى نبؤة دانيال (دانيال 24:9) ، وحتى الشياطين كانت تصرخ وتقول: ” نحن نعرفك من أنت أنت قدوس الله” (مرقس24:1).
وهو ملك جميع القلوب ومركزهـا فلابد أن تخضع له كل القلوب وإلا لفقد قلب الإنسان كل شيئ
“إن كان أحد لا يحب الرب يسوع فليكن أناثيما” كما أعلن الرسول بولس (1كورنثوس 22:16).
وهو الهيكل الذى نقدم عليه الذبيحة الأكثر قبولا لدى الآب: فيسوع “قد أخذ عاهاتنا وحمل أوجاعنا..وجعل نفسه ذبيحة إثم ” كما تنبأ إشعيا فى القديم (اشعيا 4:53-12).والقديس بولس الرسول يقول:” وفيه رضي الآب أن يحل الـملء كله وأن يصالح به الجميع لنفسه”و “أما الله فيدل على محبته لنا بانه إذ كنا خطاة بعد ففي الأوان مات المسيح عنا” (رومية 8:5-9). “الـمسيح هو الذى مات بل قام أيضا وهو عن يـمين الله وهو يشفع أيضا فينا” (رومية 34:8).
” فلذلك هو قادر أن يُخلّص على الدوام الذين يتقرّبون به إلـى الله إذ هو حيّ كل حين ليشفع فيهـم”(عبرانيين25:7).
إكرام: لا تنسَ أنْ تزرعَ بِذارَ المحبة والوئام أينما تكون، فلا شيء أعظمُ من أن تكون رجلَ محبةٍ، فالله قال لنا “إنه محبة”.
نافذة: يا قلب يسوع اجعل نفسي تحيا بك دائماً اليوم التاسع: قلب يسوع هو قلب الكنيسة
كما كانت الكنيسة فى القديم قلب واحد ونفس واحدة كـما جاء فـى سفر أعـمال الرسل:”ولـمّا حلّ يوم الخمسين كانوا كلهم معاً فى مكان واحد”(أعمال1:2)،”وكانوا مواظبين على تعاليم الرسل والشركة فى كسر الخبز والصلوات”(أعمال42:2)،”وكان جميع الـمؤمنين معاً وكل شئ مشتركاً بينهم”(اعمال44:2).
ويقول الرسول بولس لنا:”فأنتم جسد الـمسيح وأعضاء من عضو” (1كورنثوس27:12) و أيضاً:”كذلك نحن الكثيرين جسدُ واحد فى الـمسيح وكل واحد منا عضو للآخر”(رومية 5:12).
“ان يسوع الـمسيح هو هو أمس والـيوم والى مدى الدهر”(عب 8:13). ويسوع هـو الذى أحب كنيستـه أي جسده و”إنـّا أعضاء جسده من لـحمـه ومن عِظامـه” (أفسس30:5)، لهذا جاء قول الرسول عن حب يسوع لكنيسته:”أحبّ الـمسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلهـا ليقدسّهـا مُطهرّاً إياهـا بغسل الـماء وكلـمة الحيـاة ليُهديهـا لنفسه كنيسة مجيدة لا كلَف فيها ولا غضَن ولا شيئ مثل ذلك بل تكون مقدسة منـزهّـة عن كل عيب”(أف25:5-27). هـذا هـو قلب يسوع الـمُحب ومركـز كل القلوب التى تتوق إلـى الحيـاة الأبـديـة.
اكرام:التجئ الي قلب يسوع الأقدس واسأله بإخلاص أن يشعل نيران حبه الإلهي في قلبك
نافذة:يا قلب يسوع الحلو زدني حبا لك كل حين.
اليوم العاشر: تأمل في حــــب يــســـــــــــــــوع
عند التأمـل فـى حب يسوع للإنسان يظهـر سؤالاً هـامـاً كيف يـمكن للإنسان أن يجاوب على حب يسوع حتـى يُسر القلب الأقدس؟ للإجـابـة على هذا السؤال علينا أن نتأمـل فـى ركائـز الحب التي تقوم على ركائز ثلاث هى:
(1) الجودة (2) الـمعرفـة و (3) التشابه أو الـمشابهة
(1) الجـودة:
يـميل الإنسان عادة إلى الشيئ الجيّد فى ذاتـه. فأي إنسان يرغب فى شيئ يـميل إليه إذا آمن بأنه جيّد. هذه الجودة التى نعشقها فى الغير قد تكون جودة خارجية ، أو جودة ذات نفع وفى هذه الحال نحب الغير بسبب ما يجلبه لنا من نفع أو ربح أو لأي باعث آخر لنا فيه مصلحة مـا. خير نسعى إليه ومادام الخيـر يأتـي يظلّ تـمسكنا، وحيث لا نلمح شيئا من الخيـر يظلّ القلب على غير إكتراث. وقد نحاول دوماً فى أمور حياتنا أن نـملأها بأمور تلوح لنا أحياناً بأنها جيّدة من أحد الوجوه ولكن قد تكون تقديراتـنا خاطـئة أحيانـاً.
(2) الـمعرفـة :
لا بـد من الـمعرفـة،إذ يستحيل أن نحب ما ليس لنا بـه معرفة. الـمعرفـة ضرورية فى البدء، وكلمـا إزدادت العلاقة يزيد الحب وتزيد الـمعرفـة.
(3) الـتشـابـه :
قد لا يعني هذا ضرورة أن يكونا الـمتحابـان متماثلين حقيقة وفعلاً، بل قد يعنى أن الواحد منهما حاصل فى الحال على ما بوسع الأخر أن يحصل عليه فيما بعد، فإبن الإنسان نفسه تأنس وأحب الإنسان وصار إنساناً ليتمكن الإنسان من مماثلة الله سبحانه وتعالـى.
بعد أن عرفنا ركائز الحب والتى هـي الجودة،الـمعرفة،والتشابـه،فهل ياترى سوف نجد فى حب يسوع لنا تلك الركائز الثلاث؟
حب يسوع جيـّد للإنسان لأنه أعطاه الحياة الأبدية.
حب يسوع أعطى الإنسان الـمعرفة..معرفة الآب والإبن والروح القدس.
حب يسوع أعطى الإنسان معرفة ما لـم تراه عين ولم تسمع به أذن أورشليم السماوية.
حب يسوع أعطى الإنسان معرفة كلمة الله وفكر الرب وحياة السماء.
حب يسوع أعطى الإنسان أن يشابهه..خليقة جديدة..إنساناً جديداً
ها قد مضى القديم وها أن كل شيئ قد تجدد” (2كو 17:5).
إكرام:إذا ما تعرضت لإهانة من إنسان فاقبلها فهي تفيدك خيرا من الف مديح
نافذة: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب اجعل قلبي مثل قلبك الأقدس
اليوم الحادي عشر: تأمل الحب والـمحبـة:
عـن معـنى الـمحبـة كـما جاءت فـى العهـد الجديـد والذى قد كُتب باللغة اليونانيـة سوف نجد أنـه جاءت فيـه ثلاث كلمات تحمل معنى الـمحبة وهى:EROS,PHILEO, and AGAPE ،ولكن كل كلمة تختلف فى مضمونها. فكلمة EROS تعنى ان الشخص يحب ولكن بشروط معينة ولا يـمكنه الـمساعدة، وكلمة PHILEO تعنى ان الشخص يحب إذا وجد شيئ يجذبـه نحو الشخص الآخر،أما كلمة AGAPE فتعنى ان الشخص يحب بلا شروط وهذا هو نوع حب الله للإنسان والذى لا يعتمد على مشاعر حسية بقدر ما يرتكن الى الفعل ذاتـه.
وعـن صفات الـمحبـة فلقد تم وصـفهـا على لسـان القديـس
بولس فى رسالته الأولـى الى كورونـثوس :
“الـمحـبـة تـتأ نـى وتــرفـــق ..
المحـبـة لا تحـــسد ولا تتباهــى ولا تنـتـفـــخ..
ولا تـأتـي قــباحــة ولا تـلتـمـس مـاهـو لـهـا..
ولا تحــتد ولا تـظـن الســوء.. ولا تفــرح بالظــلـم , بل تفــرح بالحــق..
و تحـتـمـل كـل شـيئ ..وتــصــدق كـل شـيئ.. وتـرجـو كـل شـيئ..وتـصــبـر على كــل شـيئ .. المحــبـة لا تـــســقط أبـداً “(1كو4:13-8).
ونشـيد الإنـــشـاد يــصـف الـمحبـة بـإنهـا “قــويـة كالـمـوت..مــيــاه كثيرة لا تستطيع ان تـطفئ الـمحـبـة والسـيـول لا تـغـمـرهــا” (نـش 7:8).
وبتأملنـا فى هـذه الصفات نجـدهـا فى هـذا القلــب،قلب الحبيـب الذى أحبــنا الى الـمنتهــى.
لقد قال السيد الـمسيح ان كل الوصايا والشرائع يـمكن ان تتلخص فى كلمة واحدة ألا وهى “الـمحبة “(متى36:22-40).
والرسول بولس يقول ان هناك ثلاث فضائل تثبت “والذى يثبت الآن هو الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة وأعظمهن الـمحبة”(1كورنثوس13:13).
والرسول يوحنا يعرّف لنا الـمحبة قائلاً:
“انـما الـمحبة فى هذا اننا لم نكن نحن أحببنا الله بل هو الذى أحبنا فأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا”(1يوحنا10:4)،ويقول أيضا “من لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة” (1يوحنا8:4).
ان الله محبة ولقد خلقنا نحن لكي نَحب ونُحب ولكن خطايانا هى التى فصلتنا عن الله وعن الآخرين وأيضا عن أنفسنا لهذا قال الرسول بولس:”فإنـي لا أعرف ما أنـا عامله لأنّ ما أريده من الخيـر لا أعـمله بل ما أكرهـه من الشر إيـّاه أعـمل”(رومية 15:7)،ولهذا صرخ قائلاً:”الويل لي أنـا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد الـموت هذا”(رومية24:7).
إكرام: لا تقاوم الروح القدس إذا دعاك الى عمل خير او أجتناب شر.
نافذة: يا قلب يسوع مرني ان آتي اليك.
اليوم الثاني عشر: تأمل في اسم يسوع
إنّ اسم يسوع، كما يقول بولس الرسول:”هو الذي يفوقُ كلَّ اسمٍ وله تجثو كلُّ ركبةٍ مما في السماوات ومما على الأرض وتحت الأرض” (فيلبي 9:2-10)، وهو الاسم الذي تكمنُ فيه كلُّ معاني القداسة إذ أنبأ عنه جبرائيل الملاك يومَ بشارتِه للعذراء “سيكونُ عظيماً وابنَ العليِّ يُدعى وسيعطيه الربُّ الإله عَرشَ داود أبيه ويملُك على آلِ يعقوب إلى الأبد ولا يكون لمُلكِه انقضاء” (لوقا 32:1-33) نعم، إنّ بين البشر أسماءٌ لامعة وربّما تُبهِرُ الأبصار، ولكن اسم يسوع الذي تفسيرُهُ المخلّص فهو يشير إشارةً صريحة إلى المعاني الإلهية التي يحمِلُها فهو عمانوئيل _ أي الله معنا _ وهو المسيح الفادي “إذ لا اسم آخر تحت السماء ممنوحاً للناس به ينبغي أنْ نَخلُصْ” (أع 12:4). إنه الإله القدير كما تدعوه الكتب المقدسة، و”الجبّار الذي به كان كلُّ شيء وبغيرِهِ لم يكن شيء مما كان” (يوحنا3:1)، فهو النور الذي أشرق على المسكونة، وهو الراعي الذي يرعى شعبه، إنَّه الحَمَلُ الذي مِنْ أجلِنا قُدِّمَ على مذبح البشرية لفدائِها. ففي اسم يسوع تكمن كلُّ المعاني، فهو الفادي الذي سأل عنه برنردوس قائلاً:”لماذا ولِدْتَ ؟” فيجيبُهُ:”لأني يسوع”، “ولماذا قاسيتَ الآلامَ وأهرقْتَ الدمَ ومتَّ على الصليب ؟” يجيبُهُ:”لأني يسوع”،… نعم، إنّ هذا الحب الذي يحمِله اسم يسوع يذكّرُنا بقول القديس برنردوس أيضاً إذ يقول:”إنّه شَهدٌ على الشفتين وموسيقى شجيّة في الأذن وطربٌ وبهجةٌ للقلوب التقيّة”. باسم يسوع نالت البشرية خلاصاً وفداءً، وباسمِه دخل اللصُّ ملكوتَ السماوات، وباسمِه غُفِرَتْ خطايا المجدلية، وباسمِهِ طُرِدَ الشيطان،وباسمِه وَجَدَتْ النفوس تعزيةً وفرحاً… لذا علينا أنْ نقدِّمَ الإكرامَ اللازمَ لهذا الاسم في هذا الشهر المقدس الذي به آمنّا، وبه كان لنا الخلاصُ، وبثقةٍ وإيمان، عاملين بوصيّة الرسول القائل:”ومهما أخذتُم فيه من قولٍ أو فعلٍ فليكن الكلُّ باسمِ الربِّ يسوع المسيح شاكرين الله الآب” (1كو 17:3). إكـــرام : اعمل دائماً على أنْ تقدّسَ اسمَ يسوع في حياتِكَ، واجعل اسمَه على شفتيكَ مدى حياتِكَ وحتى ساعة موتِكَ واعمل أن لا يفارِقَكَ هذا الاسم إلا إذا فارقتْكَ الحياة. نافـــذة : يا قلبَ يسوع الأقدس باسمِكَ يكون لي الخلاص
اليوم الثالث عشر: تأمل في محبة قلب يسوع الشخصية بما أنّ محبةَ يسوع عامة وهي تشمل الجميع، ويدعوهم مهما كَثُرَت خطاياهم إلى التوبة، ولكن ربما يخالجُ أحدَّنا الظنُّ بأنّ نفسَه بعيدةً عن أنظارِ الله، كلاّ فإنّ محبة قلب يسوع شخصية إذ هو الذي قال لنا “إنني أدعو كلَّ واحدٍ باسمِه” فهو الراعي الحقيقي الذي يعرف خرافَه (يو 14:10). إنّ حبَّ قلب يسوع هو شبيه بالحبِّ الوالدي فهو حبٌّ شامل للكبار والصغار، وأمثلة كثيرة في الإنجيل تشرح لنا هذا الحب الشخصي، إنّه لم يلتقِ بنثنائيل ولما رآه يوماً بصحبةِ فيلبس قال له: “إنني قبل أنْ يدعوكَ فيلبس وأنتَ تحت شجرةِ التينة رأيتُكَ” فلما سمِعَ نثنائيل كلام يسوع الذي أخبره بكلِّ ماضيه صرخ متعجباً: “يا معلم أنتَ ابنُ الله، أنتَ ملكُ إسرائيل” (يو 49:1)، وكذلك زكّا الذي كان يجهلُ يسوع صعِدَ إلى جمّيزةٍ ليراه فلما وصل المعلّم رفع طرفَه فرآه فقال له:”يا زكّا أسرِع وانزِل فاليوم ينبغي لي أنْ أمكثَ معكَ في بيتِكَ” (لو5:19)، وأيضاً السامرية التي جاءت لتستقي ماءً صرخت وقالت:”يا رب أرى أنّكَ نبيٌّ” (يو19:4). نعم، هكذا يعرِفُنا يسوع وينادي كلُّ واحدٍ منا باسمِه كما نحن تحت أنظارِه، يعرفني كما عرِفَ نثنائيل وزكّا والسامرية وكما يعرف الراعي خرافَه هكذا يعرفني أنا أيضاً بما لي من صفاتٍ حسَنَة أو سيئة كما يعرف ضعفي وتجاربي وميولي ومع هذا كلُّه فإنّ حبَّ قلبِه يجعلُه أنْ يسهرَ عليّ لكي لا يأتي الشرير ويوقِعَنا في الشرِّ والخطيئة. يا لسموِّ مقام نفوسِنا عند يسوع، إنه أحبَّنا شخصياً فبذل حياتَه من أجلِنا قائلاً لنا:”لقد ذكرتُكم ساعةَ نزاعي في بستان الزيتون وسفكتُ دمي من أجلِ خلاصِكُم”. وهو يحمِلُنا على أنْ نعملَ على تقديسِ ذواتِنا تحت أنظارِه وأنْ نجدِّدَ محبتِنا لقلبِهِ لنحيا فيه ومعه وله… فهو قوتُنا في الحياة وخلاصُنا في الممات. إكـــرام: إنّ محبةَ قلب يسوع الشخصية لكَ يجب أنْ تذكِّرَكَ بأنه عاش ومات لأجلِ خلاصِكَ… فاجعل من حياتِكَ غصناً في كَرْمَةِ المسيح. نافـــذة: يا قلب يسوع الأقدس أضرِمْ قلوبَنا بنارِ محبَّتِكَ
اليوم الرابع عشر: تأمل في أنّ حبَّ قلبِ يسوع لا يَشبع ولا يرتوي
قال الربُّ يسوع: إنّ رجلاً صنع عشاءً عظيماً ودعا إليه كثيرين. ولكن كل الذين دعاهم اعتذروا بأنّ أشغالَهم لا تسمح لهم بالحضور. حينئذٍ غضِبَ ربُّ البيت وقال لعبده:”أُخرُجْ سريعاً إلى شوارعِ المدينةِ وأزِقَّتِها وأتِ بالمساكين والعميان والبُرص إلى ههنا” فقال العبد: “يا سيد قد قضي كما أمَرْتَ وبقي محلٌّ” فقال السيد للعبد:”أخرج إلى الطريقِ بعيداً عن المدينة وادعهم إلى الدخولِ حتى يمتلئَ بيتي” (لوقا 16:14-23). من هذا المثل نجدُ أنّ قلبَ يسوع هو قلبٌ رحِبْ فهو يدعو جميع البشر إلى مائدتِه قائلاً:”تعالوا كلوا خبزي واشربوا من هذه الخمرالتي أعدَدْتُها لكم” (اش 1:55-3) ولكن كثيرين يتخلّفون عن هذا العشاء ومع هذا يُصدر الربُّ أوامِرَه لعبيدِه الأمناء ويقول لهم: “اخرجوا واذهبوا إلى المدنِ والقرى ليأتوا جميعاً إلى عشاء حبي لأنه بقي محلٌ في قلبي” وهذا ما يريدُ أنْ يقولَه لنا إنَه يهِبُنا كلَّ شيء حتى ذاتِهِ، ولا يهدأ إلا إذا لبّى جميعُ البشر نداءَ حبِّه… فالمدعوّون الأولون في هذا المثل قدّموا أعذارَهم وامتنعوا عن الحضور رغم اختيار الرب لهم ودعوتِهم، وما أعذارُهُم إلا أعذارٌ تافهة ودنيوية. إنّ الربّ اختارَنا ودعانا وما علينا إلا أنْ نسهرَ ولا نهمل دعوةَ قلبِ يسوع لنا إلى مائدتِه السماوية فقد ترك لنا أسرارَه المقدسة لكي نبلغ بها إلى حياةٍ أفضل، فقلبُه لا يَشبع ولا يرتوي فهو يدعونا دائماً إلى أنْ نحبَّه وما علينا إلا أن نكون أول الملبّينَ لدعوةِ قلبه وأن نكون عبيدَه الأمناء ونحمل رسالةَ قلبِه إلى أقربائِنا وأصدقائِنا وجيرانِنا وبالخصوص إلى الذين يجهلونَه إلى الآن وهجروا مائدتَه، فإنه يدعو كلَّ محبٍّ إلى قلبِه. إكـــرام: تشجّعْ واذهب إلى يسوع وسلِّمْ له حمايةَ نفسِكَ بشفاعة قلبِه الأقدس فهو يدعوكَ إلى عشاء محبة قلبه يوماً ما في السماء. نافـــذة: يا قلب يسوع الأقدس اجعلني أن أجلسَ على مائدتِكَ في السماء
اليوم الخامس عشر: تأمل في معرفة قلب يسوع
يعلمنا يوحنا الأنجيلي ان المسيح جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله. ( يو 1 : 11) ولم تعرف انه المسيح الموعود به ، وحيد الأب وابنه الأزلي .لأن هذه المعرفة هي هبة من لدن الله لا يدركها الأنسان بعقله بل بنعمة فائقة الطبيعة وبنور الوحي الألهي ، كما يتضح من شهادة ربنا يسوع نفسه لشمعون بطرس إذ عرف قبل الجميع ان المسيح هو أبن الله الحي فقال له إذ ذاك (( طوبى لك يا شمعون بريونا ان اللحم والدم لم يكشفا لك ذلك لكن أبي الذي في السماوات )) ( متى 16 : 17) . والآن ايضاً كثير من المسيحين لا يعرفون المسيح حق معرفته ، لا يعرفون غير اسمه دون علم بصفاته وكمالاته التي تحببه الى الناس ولذا تراهم بعيدين عن الله محرومين من محبته لا يشعرون في ديانتهم وعبادتهم بذاك الشعور العذب الذي يجعلهم يتمسكون بديانتهم ويقدمونها على كل ديانة اخرى. وكذلك يمكننا ان نقول عن عبادة قلب يسوع الأقدس ، كثيرون لا يعرفونها حق معرفتها ولذا لا يعرفون ان يغترفو من كنوزها الخيرات التي فيها ولا سيما محبة الله فوق كل شي ، لأن معرفة هذه العبادة نحصل عليها بنعمة خصوصية من لدن ابي الأنوار وهذه النعمة يجب ان نطلبها بصلواتنا اليومية ولا سيما في هذا الشهر. فالصلاة هي الوسيلة الأولى للحصول على محبة يسوع المضطرمة وعلى عبادة قلبه الحقيقية. وهي علامة الأرتداد الى الله. فلنصلّ اذن بثقة وايمان وخشوع وادمان. قال سليمان الحكيم : “طالما بادرت ملتجئاً الى الله اعطاني الحكمة”، وقال الرب نفسه للقديسة بريجيتا
( ايطاليا 1303 – 1381 )” إننا ان صلينا بالتأهب الكامل والأستعداد التام اعطانا الله اكثر مما نطلبه ومنحنا اكثر مما نتمناه بل اعطانا ذلك في كل ساعة ودقيقة”. فما نقول اذن في الصلاة التي نوجهها الى ربنا يسوع المسيح لكي ننال منه محبة قلبه الأقدس ؟ حقاً انها لذيذة ومقبولة لديه جداً. فلنبتهل اليه ولنطلبها منه بتذلل ومن المحال ان يردنا خائبين. إكرام: التجيء الي القديسة مريم في هذا الشهر وأسألها بأخلاص ان تضرم حبها نحو يسوع في قلبك. نافذة : (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب مريم الطاهر كن خلاصي.
اليوم السادس عشر: تأمل في أن حب قلب يسوع كريم وسخي
إنّ معلّمَنا الإلهي يسوع المسيح يحدِّثُنا في إنجيل متى عن ملكوت السماوات يقول:”يُشبه ملكوت السماوات رجلاً تاجراً يطلب لآلئ حسَنة وثمينة فوجد لؤلؤةً كثيرةَ الثمن فمضى وباعَ كلَّ مالَه واشتراها” (متى 45:19-46). نعم، إنّ يسوع هو هذا التاجر، وما تقرأه في هذا المثل ما هو إلا رمزٌ من كَرَم وسخاء حب يسوع لنا إذ أنّ نفوسَنا هذه لآلئ ثمينة يفتش عنها الآب السماوي بابنِه يسوع كما يقول بولس الرسول:”إنّه أخلى ذاتَه آخذاً صورةَ عبدٍ صائراً في شِبهِ البشر وذلك ليشتري نفوسَنا وبأي ثمنٍ كان”. إذا ما تأمّلنا هذا المثل تحت أنوار الروح القدس يستولي علينا الذهول والدهشة، إذ نرى يسوع _ الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس يضحي .بكلِّ شيء من أجل الحصول على حياة الإنسان كلؤلؤة ثمينة… ما هذا الكَرَم ؟ وما هذا السخاء ؟ فلا يمكن للعقل أنْ يُدرِكَه إلا بروحِ الإيمان والمحبة. وبعملِه هذا يعلّمنا أنْ نعملَ دائماً على التفتيش عن اللؤلؤة الثمينة ويجعل من ضِيقاتِنا وألمِنا واسطةً لنيل السماء، فهو يقول:”إنّ نِيْري طيّب وحملي خفيف”. وبما أنّ حب قلب يسوع كريم وسخي إلى حد البذل والعطاء يجب علينا أيضاً أن لا يكون حبُّنا له شحيحاً وفقيراً رغم محدوديتِنا وضعفِنا… ما علينا إلا أنْ نعطيه كلَّ شيء بدون حساب ولا تراجع، فهو اللؤلؤة الثمينة التي يجب أنْ نبيع كلَّ شيء، كل الدنيا وملذّاتِها، كل الحياة الزمنية ولهوِها، ونشتري قلب يسوع الذي هو اللؤلؤة الكثيرة الثمن التي لا يضارعها شيء والتي من أجلِها تجسّد المسيح وصار إنساناً ومات على الصليب ليربَحَها ويُغنينا بها.
إكـــرام: مَن يمكنُه أن يَرويَ عجائبَ كَرَم يسوع وسخائه نحو البشر, فلنقل كلَّ يومٍ من حياتِنا إنّ يسوع ينبوعٌ من النِعَم وسخيٌّ في حبِّه للبشر.
نافـــذة: يا قلب يسوع الأقدس أفِضْ علينا نعمَكَ وارحمنا
اليوم السابع عشر: تأمل في أنّ قلب يسوع عادل وأمين
لقد رأينا أنّ حبَّ قلب يسوع لنا كلُّه كَرَمٌ وسخاء وبذلْ ذات بلا حساب وبلا ملل، وإذا ما عرفنا جيداً عظمة هذا الحب ما علينا إلا أنْ نُجيبَ المحبةَ بالمحبةِ الصادقة. وهذا ما يطلبُه منا أن نكونَ مثلَه رحومين وعادلين لأن الرحمة والعدالة صفتان متلازمتان لا تنفصلان. وهذا ما يقولُه لنا متّى الإنجيلي إذ يقول يسوع: يُشبه ملكوت السماوات رجلٌ مسافر دعا عبيدَه وسلّمَهم أموالَه فالواحد أعطاه خَمْسَ وَزَناتٍ والآخر وزنَتَين والآخر وزنة واحدة كلٌّ على قَدرِ طاقتِه وسافر (متى 14:25-31). في هذا المثل نرى عدلَ يسوع ونرى عطاءه اللامحدود، فقد حظينا بالحياة، والحياة هبةٌ منه وهي وزنة علينا أنْ نتاجِرَ بها ونربح لا أنْ ندفنَها ونترك الحياة بلا ثمرة فعندما يأتي الحصاد نظهر وأيدينا فارغة فنكون بذلك قد أهملنا موهبة الحياة التي أُعطيَتْ لنا ودفنّا وزنَتَه في الأرض وأصبحنا بلا ثمرة، بينما الرب يطالب بحقِّه مع ربح وزنَتِه ويسألكَ: ماذا صنعتَ بالوزنةِ التي وهبتُكَ إيّاها ؟ أعطني حسابَ وكالتِكَ. أين محبتُك لي ؟
عند ذاك تقف في تلك الساعة واجماً وتُتمتِم بعض الكلمات مثل الكسلان وتقول: لقد أخفيتُها ودفنتُها وبدّلتُ المحبةَ بالنسيانِ والنكران… حينئذٍ يكون البكاء وصرير الأسنان. نعم، لنُدرِك أنّ حبَّ قلب يسوع لنا هو ليعلِّمَنا العملَ والعطاء في العدل والمحبة وهو يطالب بأنْ لا تكون حياتُنا بلا جدوى بل أنْ تكونَ حياةُ محبٍ وصديقٍ أمين… وفي هذا الصدد يقول الكاردينال “مرسيه”:”إنّ قلب يسوع يدعو حياة الإنسان لتُلاقي حبيبَين، الحب الإلهي الذي يتنازل ويدعو إليه الإنسان، وحب الإنسان الذي يَهِب ذاتَه لله”. فلنَهِب الله حسْبَ طلبِهِ حياتَنا وحبَّنا بهذه يكون حب قلب يسوع عادلاً وأميناً.
إكـــرام: كن مستعداً لعمل مشيئة الرب حسب نداء قلبه الأقدس فهو يدعوكَ لكي تكون أميناً في
رسالتِكَ وعادلاً أمام نِعَم الحياة التي أُعطيت لكَ.
نافـــذة: يا قلب يسوع اجعلني أميناً لرسالتي
اليوم الثامن عشر: تأمل في أن قلب يسوع مثالٌ للطاعة
طاعتُنا المسيحية الحقّة هي في الخضوع لإرادة الله. فلوقا الإنجيلي يقول عن يسوع: ثمَّ نزل معهما وأتى الناصرة وكان خاضعاً لهما (لو 51:2) مطيعاً لمربّيهِ يوسف ولأمِّه مريم وكما كان مطيعاً لوالدَيه الزمنيين كان يعمل مشيئةَ أبيه السماوي ومطيعاً له إذ قال:”إنّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئةَ مَنْ أرسلَني وأُتمِّمَ عملَه” (يو 34:14)، يدعو البشر أجمعين إلى حمل هذه الصفة وهي أعظم الوسائط التي تقرّب البشر من قلبِه الإلهي في إتمام رغبات أبيه السماوي “لأن كل مَن يعمل مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي” (متى 50:12).وفي ساعات النـزاع في بستان الزيتون بيّن لنا يسوع بحبِّ قلبِه صفة الطاعة التي يحملُها تجاه الآب السماوي إذ كان يردِّد في البستان “يا أبتي إنْ كان مستطاعاً أنْ تعبُرَ عنّي هذه الكأس ولكن لا مشيئتي بل مشيئتُكَ” (متى 42:26). وبلغتْ محبتُه للطاعة إلى سَفْكِ دمِهِ على الصليب لأجلِ خلاصِنا جميعاً إذ يقول بولس الرسول “وَضَعَ نفسَه وصار يطيعُ حتى الموت موت الصليب”… وبطاعتِهِ هذه فتح طريقَ السماء لجميع البشر فهو الذي قال “أنا الطريق والحق والحياة” (يو 6:14) مما يدلُّنا على أنّ الطاعة يجب أنْ تكون للوالدَين وللرؤساء الروحيين
والزمنيين لأنها تقودُنا إلى احترام المطاع الذي له السلطة، وكل سلطة تكون من الله لأنه هو مصدر كل سلطان في الأرض والسماء.
إكـــرام: تذكّر إنّ الطاعة طريقٌ تقودُ إلى السماء عَبْرَ مجالِ الحياة وهكذا أطاع قبلَكَ مُحِبُّكَ يسوع، أطاع حتى الموت موت الصليب.
نافـــذة: يا قلبَ يسوع الأقدس لتكن مشيئتُكَ
اليوم التاسع عشر: تأمل في دعوة قلب يسوع الى جميع الناس اليه
تعالوا اليّ جميعاً، فأستمعوا يا بني البشر وتعجبوا من لطافة هذه الكلمات وفرط حلاوتها حتى
ان القديس باسيليوس السلوقي يقول في التعليق عليها: تعالوا الي جميعاً فأني لا أضع حداً لمواعيدي، وقلبي ينبوع الجودة التي لا تنفذ، يمحو آثامكم وخطاياكم. تعالوا الي جميعاً فأريحكم، أعرضوا علي أسقام خطاياكم فأعالجها، اظهروا جروحاتكم فأضع عليها المرهم. تعالوا الي جميعاً فأن قلبي رحب يسعكم جميعاً وبحار جودتي فسيحة لقبول اجواق الخطأة الذين كالأنهار يلقون نفوسهم فيها لكي يغرقوا زلاتهم ومآثمهم. تعالوا الي جميعاً إذ لابد لقولي من مفعول فأنه شبكة ألقيتها في بحر العالم لأصطاد البشر واقيدهم بها. تعالوا الي جميعاً…
يا للصوت القدير الذي انتصر على جميع الأمم ويا للكلمة العلوية قد أسّرت المسكونة كلها تحت نير الأيمان بسلطتها واقتدارها. تعالوا جميعاً الى قلبي، تعالو ايها الأطفال الى قلب يسوع فأن محبته أشد من محبة أمهاتكم لأن محبتهنّ ظل بجانب ما يحبكم هذا القلب الحبيب. تعالوا ايها الشيوخ الى قلب يسوع فأنه يرجع عليكم شبابكم لتصبحوا كالنسر. هلموا ايها الأبرار الى قلب يسوع حتى اذا ما تحصنتم في هذا الملجأ الأمين أرتقيتم يوماً فيوماً من فضيلة الى فضيلة. تعالوا ايضاً ايها الخطأة بأجمعكم الى قلب يسوع فأن كانت خطاياكم كالقرمز فيبيضها كالثلج.
إكـــرام : إنّ حبَّكَ لقلب يسوع الأقدس يجب أنْ يكون متجرّداً من كل الأمور الدنيوية
نافـــذة : يا قلب يسوع الأقدس … املأني غِنىً بفقرِكَ
اليوم العشرون: تأمل في أن قلب يسوع مثال الطهارة لقد قال القديس كاسيانوس:”إنه لا شيء يقرّب البشر من الملائكة مثل فضيلة الطهارة فهي زينةُ الملائكة. والنَفسُ الطاهرة تحيى كأنَّها روحٌ محض تنطلق في مراقي العلا دون قيدٍ أو شرط وتتحرّر من سجن البشرية وتحلّق في ملكوت السماوات” كما قال الرسول: “أما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح” (رو9:8)، والقديس متى يقول في إنجيلِه معلِناً أنّه “في القيامة يكونون كملائكة الله في السماوات” (متى 30:22). إذ لا عجب إذا كان الملاكُ طاهراً بحكمِ طبيعتِهِ إذ يستحيلُ عليه أنْ يأتي بأعمالٍ تتنافى مع هذه الطبيعة وتتجافى مع صفاء جوهره وطهارتِه المثالية. أما الإنسان الذي تحاربُهُ الأهواء والشهوات فهو يكافح ويناضل ليظلَّ محافظاً على طهارة نفسِهِ، وهكذا بكفاحِهِ في هذا المضمار يحافظ على هذه الجوهرة الثمينة التي زرعها الخالق في قلبِ الإنسان واختار منذ البدء العذراء مريم لتكون طاهرةً مقدسة حيث منها تجسَّدَ المسيح وهي بتول وطاهرة وعفيفة. لقد كان يسوع في طهارتِهِ مثالاً، تجرَّدَ من أدرانِ البشرية وترفَّعَ عن أفعالِ البشر ولم يعكِّر أو يَمُسَّ هذه الفضيلة المقدسة وبهذا قرَّبَ يسوع إليه النفوسَ الطاهرة وميَّزَها بالنِعَم والعطايا المختلفة. وقد ورد على لسان سليمان الحكيم بقوةِ الروح القدس عن المسيح كيف عاش بين الزنابق ينظر إلى بياضِها الناصع ويستنشق عبيرَها الفيّاح وما ذاكَ إلاّ بياضُ النفوس وعبيرُ فضائِلِها الذكي “وهو الذي يرعى بين السوسن” (نش 16:2). إكـــرام: إذا أردنا أنْ نحافظَ على فضيلة الطهارة في حياتِنا، علينا أنْ نجعلَ من قلوبِنا بيوتاً لسُكنى قلب يسوع الأقدس ومحبتَه. فقلبُهُ ينبوعُ الحبِّ الإلهي… ينبوع الطهارة والقداسة. نافـــذة: يا قلب يسوع الأقدس اخلق فيَّ قلباً طاهراً ونقياً
اليوم الواحد والعشرون: تأمل في أن قلب يسوع مثال الصبر الصبر نوعان: صبرُ النفس وصبرُ الجسد. والنَفس الصبورة إنْ لم تقتُل الغمَّ بالصبرِ قتلها، فهو دواءٌ لكلِّ داء ولا يَصلح له إلا سَعَةُ الصدر وهو أفضلُ ما لِذوي العزائم من صفات لأنه قوةٌ من قِوى العقولِ الراجحة وبقدر هذه القِوى يكون إيمانُ المَرء لأنه يغلُب الشدّة ويُذيبُ ما يكتنِفُنا من أحزانٍ ويجلو ما بصدورِنا من آلامٍ. نعم، الصبر مرّ كمرارةِ الحياة، وتمتزج مرارتُهُ بخبزِنا اليومي حيث لا نستطيع أن نكتسِبَ هذا القوت ونجني ثمرةَ العمل من غيرِهِ، إنّه يدخل دائماً في حياتِنا ولا مفرَّ منه إذ يستحيل أنْ يحيا الإنسان خالياً من المتاعب ولا يقضي عمرَهُ دون تجارب، فكل هذه المتاعب تتطلب المزيد من الصبرلتحقِّق فائدةَ التجارب التي تمرُّ به ومثالُنا في ذلك أيوب البار. ولكن رغمَ مرارةِ الصبر فله خاتمة حلوة وفيه عزاءٌ بعد الشقاء، وراحةٌ بعد العناء، ورضى بعد الجهاد، وسعادة بعد تحقق الأماني والفوز بالنصر الأكيد في حياة الروح. فالإنسان العاقل هو مَن كان رابطَ الجأشِ هادئَ الطبعِ، يَلقى المِحَنَ والشدائدَ برحابةِ صدرٍ وصدقٍ وعزيمةٍ وقوةِ إيمانٍ فتتذلَّلُ أمامَه الصِعاب وتهونُ المتاعب لأنه بالصبر أفضل عتادٍ على التجارب والآلام وهو بشيرُ النصرِ والغَلَبة في كلِّ الأحوال. لذا على الإنسان أن يتوخّى الصبرَ دائماً في حياتِهِ ولا يتعجَّلِ الأمورَ لأنَّ أطيبَ الثمارِ أبطئُها نضجاً وعليه أنْ يستسلمَ لإرادةِ الله رغم صعوبة الحياة ويرفع أنظارَهُ إلى العلى ويوجّه قلبَه إلى الله مستلهماً منه قوةَ الاحتمال لمواجهة متاعب الحياة فإنه تعالى لا ريب هادِيَهُ وفوق ما يبتغيه. فالرب يسوع مثالُنا في الصبرِ والأمانة، فقد عَصَفَت بالمسيح محنٌ وشدائدُ كثيرة ومن كلِّ جانب وبصبرٍ احتملَ كلَّ شيء إذ “كحَمَلٍ سيقَ إلى الذبح أمام الذين يجزّونه” (اش 7:53). وأيضاً “جُرِحَ لأجلِ معاصينا وسُحِقَ لأجلِ آثامِنا” (اش 5:53)، “ولكنه لم يفتح فاه”… صَبَرَ يسوع فانتصر، فاصبرْ أنتَ أيضاً يا أخي حتى تنتصر وتنالَ الثواب إذ يقول لوقا:”بصبرِكم تقتنونَ نفوسَكم” (لو 19:21) أما متى فيقول:” ومَن يصبر إلى المنتهى فهو يخلُص” (متى 13:24). إكـــرام: كان المسيح مثالَكَ في الصبر واحتملَ كلَّ شيء من أجلِ إرادةِ الآب السماوي اطلبْ إليه أنْ يمنَحَكَ قلباً متواضعاً وصبراً جميلاً لاقتناء نفسِكَ. نافـــذة: يا قلبَ يسوع الأقدس علِّمنا الصبرَ والاحتمال على مثالِكَ
اليوم الثاني والعشرون: تأمل في الحب الأسمى ان محبة الله لنا لم تنته الى أقصى حدودها بتجسده في احشاء مريم العذراء وبآلامه وموته على الصليب . ان هذه المحبة العظيمة والشديدة لم تكن إلا بداية لمحبة أعظم وأشد حيرت العقول ، وقد أعلن لنا ربنا يسوع المسيح هذه المحبة بغايتها القصوى برسمه سر القربان المقدس. إن المحبة تقرب القلوب بعشهما من بعض وغايتها القصوى الأتحاد باللذين تحبهم . ولما كان ربنا يسوع قد أحبنا للغاية ( يو 13 : 1 )، ألجأته محبته هذه الى الأتحاد بنا فرسم لذلك سر القربان المقدس تاركاً لنا ذاته في هذا السر تحت أشكال الخبز والخمر ، ويدعونا الآن الى قبوله ليحيا فينا ونحيا فيه ، ليثبت فينا زنثبت فيه ، فيدرك الحب غايته القصوى وندرك نحن أيضاً غاية كمالنا المسيحي. لأننا بدون ان نثبت في المسيح لا حياة ولا خلاص لنا كما أكد لنا ذلك ربنا يسوع المسيح نفسه بقوله لنا ” إن لم تأكلو جسد أبن البشر وتشربو دمه فليسلكم حياة في ذاتكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه. من يأكلني يحيا لأجلي”( يو 6 : 54 ، 57 ، 58) . وما هذه الحياة لأجل الله إلا الحياة الحقيقية التي تولينا القداسة وتبعدنا عن النجاسة وتقيمنا في اليوم الآخر عن جنب اليمين. لاشك ان خالق النفس على صورته ومثاله عالم بأن هذه النفس لا يشبع جوعها ولا يروي عطشها الى الخيرات والأفراح والمسرات بغيره تعالى ، كما ان عطشه الى محبتنا لا يشفي غليله غير اتحادِه بنا ، فقدم لذلك الينا ذاته الألهية في سر القربان الأقدس ، وفي تناولنا اياه نجد كفايتنا ومسرتنا فنبتعد عن الخلائق وعن الخطيئة ونأتي بثمار كثيرة لحياة الأبد. فيا للحب الذي يجهلهُ كثيرون ولا يعرفه غير القليلين. واليوم تهدينا الى معرفته عبادة قلب يسوع الأقدس وتدعونا في الوقت نفسه الى مقابلته بتناولات مستمرة. إكرام: أقترب من مائدة الرب لتزداد حباً له. نافذة : (تقال ثلاث مرات دائماً) يا جسد المسيح خلصني .
اليوم الثالث والعشرون : حنان قلب يسوع عندما نقرأ الانجيل الطاهر نلتقي مرارا ً بهذا التعبير الانساني جدا يقوله الانجيليون في شخص يسوع فيرددون (( انه تحنن )) او (( اخذته الشفقة ) تحنن على الفقراء والمساكين فقال فيهم الطوبى , وتحنن على المرضى المصابين بمختلف العاهات فشفاهم , وتحنن على الخطاة فجالسهم واكل معهم ,وتحنن على الجموع التي تبعته ولم يرد ان يصرفهم لئلا يخوروا في الطريق فاطعمهم ( متى 9 : 36 . 14 : 15 . 15 : 32 ) وتحنن على ارملة نائين فاقام ابنها الوحيد من الموت ( لوقا 7 : 13 ) والامثلة كثيرة . البعض يرفضون الحنان ويرون فيه موقفا لا يليق بمكانتهم الاجتماعية اذ يضر بمراكزهم ويعطي عنهم انطباعا ً بالضعف , او قد يهز مشاعر الاخرين نحوهم . انهم يفضلون الظهور بمظهر القوي الذي لا يلين ويحاولون كبت مشاعرهم الانسانية . اما يسوع فقد اختار طريق الرحمة والحنان والشفقة لانه اقرب الى قلب الانسان وهو اعرف الكل بضعف الانسان , وهو يعلم ان حنانه على بساطته هو المنتصر في آخر المطاف . فعندما احضروا امامه امرأة اخذت بالجرم المشهود قال لها :(( الم يحكم عليك احد ؟ قالت لا , قال : ولا انا احكم عليك )) واضاف بحنان كبير : (( اذهبي ولا تعودي الى الخطيئة “.ان قلب يسوع يستمر ينظر الينا بحنان ,يسدد خطانا ويرشدنا . اليس من العجيب حقا اننا نحن البشر نحرك قلب ربنا … اكرام: اذا داهمنا الضيق والالم فلننظر الى قلب يسوع ولنستمد منه القوة
نافذة: يا قلب يسوع الصبور والغزير الرحمة ارحمنا
اليوم الرابع والعشرون تأمل في أن قلب يسوع مثال المحبة “هذه هي وصيتي أنْ يُحِبَّ بعضُكُم بعضاً كما أنا أحببتُكُم” (يو 12:15)، هذه هي الوصية العظيمة التي تركَها لنا المسيح، فلا جدال في أنَّ الديانة المسيحية هي ديانةُ المحبةِ والسلام، فقد تأسست على المحبة وانتشرت في المحبة وبذل الحياة من أجل الآخرين. فالإنجيل كتابٌ مفتوح إلى حبِّ الآخرين فالرب يسوع يقول:”ليس حبٌّ اعظم مِن هذا مِن أنْ يبذُلَ الإنسان نفسَه عن أحبائِهِ” (يو 13:15)، وأيضاً “كما احبَّني الآب كذلك أنا أحببتُكُم فاثبتوا في محبتي ” (يو 9:15)، وكما يقول للمجدلية “إنَّ خطاياها الكثيرة قد غُفِرَت لها لأنها أحبَّت كثيراً” (لو 47:7)، وسفر أعمال الرسل يقول “غاية الوصية المحبة من قلبٍ طاهر وضميرٍ وإيمانٍ بلا رياء” (أع 32:4)، و”مَن أحبَّ القريب فقد أتمَّ الناموس”، ومار بولس يصرخ ويقول “لو كنتُ أنطق بألسنةِ الناس والملائكة ولم تكن فيَّ المحبة فأنا نحاسٌ يطنُّ أو صنجٌ يرنّ، ولو كانت ليَ النبوّةُ وكنتُ أعلمُ جميعَ الأسرار والعالم كلَّه ولو كان لي الإيمان كلَّه حتى أنقلَ الجبالَ ولم تكن فيَّ المحبة فلستُ بشيء” (1كو 1:13-13). أجل إنَّ حياةَ ربِّنا يسوع من المذودِ إلى الصليب ما هي إلا أفعالُ محبةٍ متواصلة وبذلُ الذات من أجل الآخرين وفي خدمتِهِم من أجل خلاصِهِم. وأجمل مَثَل يكلِّمُنا به المسيح في العمل بالمحبة مع الآخرين هو قصة السامري الصالح، ومن هذا المثل نُدرك عظمةَ المحبة التي علّمنا إياها قلبُ يسوع حيث بذل دَمَهُ من أجلِ حياتِنا ليعيدَنا من حياةِ الخطيئة إلى حياةِ النعمة وينقّينا من جميع الأدران. فبموتِهِ أحيا موتَنا وأنعَشَنا وأعادَنا إلى أحضانِ الآب السماوي. إكـــرام:تأمل بروحِ الإيمان عظمة المحبة التي بها افتداكَ قلبُ يسوع بدمِهِ، وهو يدعوكَ اليوم وكلَّ يوم أن تحملَ هذا الحب إلى الآخرين عبر العطاء بدون حدود كما أعطاكَ كلَّ الحب على الصليب. نافـــذة: يا قلبَ يسوع الأقدس أضرِمْ قلبي بنارِ حبِّكَ الإلهي
اليوم الخامس والعشرون تأمل في ان محبة قلب يسوع تحمل على التجرد من محبة الخلائق إن الأنسان خليقة ناقصة ولذلك يشعر بميل شديد الى ثانِ يكمله ويسد عوزهُ. وهذا الثاني نظنهُ في جهلنا احدى الخلائق او أحد خيرات الدنيا فنتعلق به كل التعلق بالخليقة او بأحدى خيرات الأرض أمسى بالخطيئة الأصلية وبالاً على الأنسان لأنه يبعدهُ عن الله ويحرمهُ الخيرات الأبدية لأن النفس البشرية مخلوقة على صورة الله ومثاله فلا يستطيع ان يكملها ويسد عوزها غير الله وحدهُ. ولذا سمعنا ربنا يسوع يقول لنا في أنجيله الطاهر : (( لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الأرض ، ما جئتُ لألقي سلاماً لكن سيفاً ، فأني أتيتُ لأفرق الأنسان من الخليقة )متى 10 : 34 ). على ان الله يريد قلبنا كله او لا شيء من ، ولا يكون قلبنا كله لله اذا تعلق ولو تعلقاً خفيفاً بأحدى الخلائق . فلم يتعلق أحد بخليقة إلا ضلّ وشقى ، ولذا كان جميع القديسين مجردين كل التجرد من الخليقة ليملأ الله وحده قلوبهم وهذا هتافهم : (( من لي في السماء وماذا أردت سواك على الأرض انت اله قلبي ونصيبي الى الدهر )) ( مز 72 : 25 – 26 ) . وكان القديس بولس الرسول يعد جميع الخلائق نفاية ليربح المسيح ( فيلبي 3 : 8 ) . فلا يمكننا بدون هذا التجرد ان نحب حقاً قلب يسوع الأقدس ونكون متعبدين مخلصين لهُ. ولذا كانت القديسة مرغريتا مريم تحث كثيراً تلميذاتها على التجرد من الخلائق بقولها لهنّ : (( ان قلب يسوع لا يسر بقلب منقسم فأنه يطلب قلبكم كله او لا شيء منه ، فاذا لا تنزعوا منه حب الخلائق حرمكم هو محبته وترككم على شأنكم )) وقالت ايضاً : (( ان ما يضعف نعمة الحب الألهي في قلبنا هو تعلقنا الشديد بالخليقة وتسلياتها ، فينبغي لنا اذن ان نموت عن كل ذلك لكي يملك علينا الحب الطاهر )). فلنقلع اذن من قلبنا كل تعلق منحرف بالخليقة ليملك عليه قلب يسوع وحده ويجعله نعيمه. إن نفسنا أرفع من ان تكون مقيدة بمحبة خليقة حقيرة فانية وهي مختارة لتكون عرش الله. إكرام : اذا أغوتكَ خليقة بجمالها الفاني والباطل اجتنب معاشرتها ومكالمتها لئلا تستولي على قلبك فتحرمك محبة قلب يسوع الغالية. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس لا تدعني أحب أحداً سواك
اليوم السادس والعشرون قلب يسوع هو تعزية في الأحزان والشدائد الهموم تملأُ الدنيا، والأوجاع والأمراض تصيب الكثير من الناس، المصائب والأشجان تُثقِل كواهل الكثير، ضيقٌ وبلاءٌ وغلاءٌ في كلِّ مكان، قلوبٌ كان يُرجى منها الحب والوفاء فخيّبت الآمال… وهكذا كان الألمُ في بستانِ الزيتون أمامَ يسوع حيث تراءت له بما تحمله من عذاباتٍ وشدائدمما دعاه أنْ يصلي إلى الآب السماوي قائلاً:”إنْ كان ممكناً أنْ تعبُرَ عني هذه الكأس ولكن لا مشيئتي بل مشيئتكَ يا رب”(لو 42:22 وهكذا أناط كلَّ حزنِه وألمِه بمشيئة أبيه السماوي فظهر له الملاك من السماء معزّياً إياه ومقوّياً له في الضيق. نعم، إنَّ ملاكَ بستان الزيتون وملاكُ الرحمة، ملاكُ التعزية يُرسله الله الآب إلينا ليكونَ معنا في ضيقاتِ مسيرة الحياة اليومية. ويسوع وعد متعبدي قلبِه بهذا الملاك إذ قال:”إني أعزّيهم في ضيقاتِهم” فقد عزّى أخوات لعازر _ مريم ومرتا _ شاركَهنّ أَلمَهنَّ إذ بكى على لعازر (يو 35:11)، تحنَّنَ على الأم الثَكلى فأحيا ابنَها (لو 15:7)، وتحنَّنَ على الجموعِ الجائعة فأكثَرَ لهم الخبزَ وأشبعَهم (متى 19:14)، شفى المرضى وقوّم العُرْج، طهّر البُرْصَ وفتح أعين العميان، ومن المؤكد إنَّ قلبَ يسوع يواصل رسالتَه المُحِبَّة والسماوية هذه لأجيالِنا وللأجيالِ القادمة فيحمل إليهم رسالةَ عزاءٍ وحنان، رسالةَ حنانٍ ومحبة. وهذا ما دفع الشهداء والقديسين أن يكونوا أقوياء أمام الألم وراحة القلب أمام العذاب والاستشهاد وجعلوا من حياتِهم ترنيمةَ شكرٍ وتسبيحٍ لعظمة الإيمان وامتثالاً بمعلّمِهِم الفادي يسوع إذ كان ملاكُ السماء يعزّيهم في كلِّ ضيقاتِهم. إكـــرام : اقبل بكلِّ إيمانٍ وشكرٍ ما تُصاب به من أوجاع وآلام في مسيرةِ حياتِكَ الأرضية، فاحتمال الشدائد بصبرٍ وأناةٍ طريقٌ تقودُكَ إلى إدراكِ عظمة حب قلب يسوع وهو طريقُ السماء. نافـــذة: يا قلبَ يسوع الأقدس كن تعزيتي في آلامي
اليوم السابع والعشرون تأمل في ان المحبة لقلب يسوع تدعو الى نبذ الخطيئة واجتنابها
لما ظهر ربنا يسوع لأمته القديسة مرغريتا مريم أراها قلبه الأقدس محاطاً بأكليل من الشوك،
ليفهمنا ان الخطايا التي يفعلها الناس هي مثل أكليل من شوك يؤلم قلبه الأقدس من جميع اطرافه كما آلم رأسه الألهي ذلك الأكليل الذي ضفرته له أمتّه الخاطئة، وسمعناه يتشكى كثيراً من الأهانات التي تصيبه من شعبه المسيحي خاصة، وما هذه الأهانات سوى انواع الخطايا التي تتجدد كل يوم بل كل ساعة على وجه الأرض. فالخطيئة اهانة الله ومخالفة ارادته المقدسة ونواميسه الألهية، وتعطل مقاصده الأزلية فينا وتجعل جميع استحقاقات آلامه وموته على الصليب بدون فائدة. ولأن من أراد حقاً ان يحب يسوع ويتقدم في محبته عليه قبل كل شيء ان يتجنب الخطيئة ولا سيما خطيئة الدنيا التي تميت عواطف التقوى، بل تميت الأيمان نفسه فيصير الأنسان جسدانياً، مادياً وأرضياً لا يهم بأمور الروح، ولا يستطيع ان يُقبل على عبادة قلب يسوع الأقدس لأنه لا يفهمها كما يؤيد لنا ذلك القديس بولس الرسول بقوله عن الأنسان الخاطيء :”انه لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يستطيع ان يعرف”. وفي الحقيقة ان ربنا يسوع يقصد بعبادة قلبه الأقدس ان يتخذ له احباء بين بني البشر ويعقد معهم صلة صداقة وولاء، ولكن الخطيئة تجعل النفس غير قابلة لهذه الصلة وهذا الأقتران، لأنه كما يستحيل امتزاج الزيت بالماء والنور بالظلام، كذلك يستحيل امتزاج قلب يحب الخطيئة بقلب يسوع الطاهر من كل خطيئة والمبغض لها. ولذلك كانت القديسة مرغريتا مريم تحرض كثيراً تلميذاتهاعلى اجتناب الخطيئة قائلة لهن: “كنَّ على الدوام مستعدات لأجتناب كل ما يسيء لله تعالى لكي لا تخسرنّ الى الأبد صداقة قلبه الأقدس”.
اكرام: لا تتفرغ في اعترافاتك لفحص الضمير فقط، بل أبذل اكثر جهدك في الندامة على خطاياك، فقد أعلم قلب يسوع القديسة مرغريتا مريم بأنه يريد ان نقبل سر الأعتراف بقلب منكسر متضع وهو يعوض عن بقية تقصيراتنا غير الأرادية.
نافذة: يا قلب يسوع الحزين في بستان الزيتون اجعل قلبي أكثر ندامة على خطاياي.
اليوم الثامن والعشرون: تأمل في وجوب الشكر لقلب يسوع الأقدس
إن احسانات الله الينا هي اعظم من ان تدرك واكثر من ان تحصى، اذا قسناها برمل البحر او نجوم السماء كانت اكثر عددآ وأعظم شأنا منها، وقد تجلت احسانات الله الينا في اربعة اعمال خاصة وهي: الخلقة، سر التجسد، سر الفداء وسر القربان المقدس.
ومع ذلك لا يرى قلب يسوع الأقدس من يشكره على هذه الإحسانات، ولا يلاقي من اغلب المسيحيين الذين أحسن اليهم سوى برودة في محبته وانواع الإهانات التي جعلته يتشكى منها قائلآ لأمته القديسة مرغريتا مريم: (ها هي ذي الحالة التي تركني فيها شعبي المختار فإني أعددتهم ليسكنوا عدلي أما هم فقد اضطهدوني سرآ وعلانية وقابلوا شدة حبي لهم بأنواع الإهانات”. وقال لها ايضآ: “ها هو ذا القلب الذي أحب البشر كل الحب حتى انه أفنى ذاته دلالة على شديد حبه لهم ولا ألاقي عوض الشكران سوى الكفران والإحتقار والإهانات والنفاق والبرودة نحو سر محبته. وفي الحقيقة كم من المسيحين يتناولون القربان المقدس ببرودة فلا يقضون بعد تناولهم بعض دقائق في الكنيسة ليشكروا الرب يسوع على تناوله ومجيئه إليهم ليلح فسادهم ويشركهم في حياته الألهيه. فكأن التناول ليس لديهم عطية تشكر وهو أعظم العطايا فلنكن إذن من الشاكرين لقلب يسوع الأقدس.
إكرام: لا تدع يوما يمضي من دون ان تتذكر عظم إحساناته تعالى اليك فتشكره على انه خلقك وحفظك في الحياة ودعاك إلى أن تعرفه ورباك تريبة مسيحية ومنحك أسراره الإلهية وأسبغ عليك نعمه الخصوصية وأولاك نعما تهديك إلى الخلاص نافذة: يا قلب يسوع الأقدس اني اشكرك على جميع إحساناتك إليّ . اليوم التاسع والعشرون: تأمل في رغبــات يســوع ووعوده والتى أعلنــها للراهبة القديسة مارجريت مارى الاكـوك:
- 1. الـمثــابــرة على إحيــاء السـاعـة المقـدسـة: [كتذكار للوقت الذى قضاه السيد الـمسيح فـى بستان الزيتون، ويُحتفل بـه عادة فـى كل أول خميس من كل شهر]. “أ هـكذا مـا قـدرتـم أن تســهــروا معــى ســاعــة واحــدة , إسهروا وصـلوا لئلا تدخلوا فى تجربة” (متى 40:26).
- 2. تقديس أول جمعـة من الشهر بالصلوات والـمناولة التعويضية : [ كتذكار لذبيحة الصليــب و يوم الجمعـة العظيـمة] “ولــي صـبـغـة أصطبـغ بهـا ومـا أشـد تضـايـقـي حتـى تـكـمـل “(لو 50:12).
- 3. حـضـور الذبيـحة الإ لهيــة : حضور ومشاركـة فعليـة،كاهن وشعب،وبـإستحقاق كامـل “لقـد إشـتهـيت شـهوة ان آكـل هـذا الفصــح مـعـكـم قبل أن أتـألـم”(لو 15:22)،” إ صـنـعـوا هذا لـذكري “ (لو 19:22).
- 4. مـمـارسـة التنــاول اليومـي: “إ ن لـم تـأ كـلـوا جسد إ بن البشر وتشربوا دمــه فلا حياة لكم
فى أنفسكـم” (يـوحنا 54:6).
- 5. الظمــأ الشديــد الى خلاص الأنفــس: كتذكار لصرخـة السيد الـمسيح وهو على الصليب:” أنـا عـطـشـان “(يو 28:19 )،ودعوتـه لنـا لنشر ملكوت السموات “كمـا أرسلتني الى العـالم أرسلتهم أنا ايضا الى العالـم” (يو18:17 ).
- 6. الإ حتفال بعيد قلبـه الأقـدس: [ كتذكار للأعياد التى فرض الله على شعبه القديم كأعياد تذكاريـة مثل الفصح]. ولقد قال السيد الـمسيح للقديسة مارجريت مارى:”أطلب ان يقام في اليوم الواقع بعد ثمانية أيام لعيد القربان , عيد حافل لتكريم قلبي وليتناول فيه المؤمنون القربان المقدس تعويضا عن خطاياهم التي تلحق بي والإهانات فى سر محبتي “. كما جاء فى القديم:”أعــيـاد الرب التى تنادون بهـا محافـل مقـدسـة تلك هي أعـيـادي” (ألاحبار 2:23)
- أن يتمجـد الآب السمــاوي ويمــلك على القلوب: ” أنـه ينبغى لـي ان أكون فيمـا هو لأبــي” (لو 49:2)،”بهـذا يتمجــد أبـي أن تـأتـوا بـثـمـر كـثيـر وتكـونـوا لـي تلامــيذ”(يو 8:15).
وعــود السيــد الـمسيـح للمتعبديـن لقلبــه الأ قدس
- إ نــي أهبــهم كـل النعم الازمــة لهم فى دعوتهم
- إ ني أضــع السلام فى عــائــلا تهــم
- إ نــي أعزّيــهــم فى أحزانهــم وشــدائـدهـم
- إ نـي أكون ملجــأهـم الآميـن فى حياتـهم وخاصة عند مـما تـهـم
- إ نـي أسـكب بركـات وافرة على جميع أعمالهم ومشروعاتهم
- يجد الخـطـأة فى قلبـي ينبوع الرحمـة الفيـّاض
- تحصل النفوس الفاترة على حرارة التقوى
- ترتقي النفوس الحـارة سـريـعا فى طريـق الكمـال
- إ نـي أبـارك البيوت التى تعرض وتكرم فيها صورة قلبي الأقدس
- إ نـي أمنح الكهنـة موهبة يلينون بها القلوب القاسية
- من ينشر ويذيع هذه العبادة يُرسم إسـمه في قلبي ولن يمحى منه أبدا
12.إن الذين يتناولون فى يوم الجمعة الأولى من كل شهر مدة تسعة شهور متتوالية أهبهم نعمة الثبات الى النهاية فلا يموتون دون أن يتقبلوا الأسرار الـمقدسـة.
ان وعود السيد الـمسيح والتى أعلنها فى ظهوراتـه للقديسة مارجريت مارى الاكوك ليست بجديدة فـما هى إلاّ نموذج من تلك الوعود التى قالها يسوع فى حياتـه على الأرض ودونـتها الأناجيـل:
- “الحق اقول لكم لو كان لكم ايمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من ههنا الى هناك فينتقل ولا يعسر عليكم شئ”(متى19:17)
- “وهذه الآيات تتبع الـمؤمنين يخرجون الشياطين بإسمي ويتكلّمون بألسنة جديدة ويحملون الحيات وإن شربوا شيئا مميتا فلا يضرّهم ويضعون أيديهم على الـمرضى فيتعافون”(مرقس17:16).
- “إنّ فى بيت أبي منازل كثيرة وإلاّ لقلت لكم فاني منطلق لأعد لكم مكانا. واذا إنطلقت وأعددت لكم مكانا آتى وآخذكم اليّ لتكونوا أنتم حيث أكون أنـا”(يوحنا2:14-3).
- “فكل ما تسألون الآب بإسمي فأنا أفعله ليتمجد الآب فى الإبن. وان سألتم شيئا باسـمي فإنـي أفعله”(يوحنا12:14-13).
- “انا اسأل الآب فيعطيكم معزيـاً آخر ليقيم معكم الى الأبد”(يو16:14).
- “لا ادعكم يتامى اني آتى إليكم. عن قليل لا يرانى العالم اما انتم فتروني لأنيّ حيّ وانتم ستحيون”(يو18:14-19).
– مـا جاء فـى التطويبات فـى الـموعظة على الجبل(متى3:5-11).
إكرام: حاول ان تنشر عبادة قلب يسوع الأقدس وأن تكون مثالا وقدوة لأسرتك.
نافذة: يا قلب يسوع الأقدس، اجعل قلبي مثل قلبك
اليوم الثلاثون: ماذا يجب ان نصنع والأن بعد أن عرفنـا حقيقة قلب الإنسان من ضعف ونكران أمام عظمة محبـة وقداسة قلب الله، يأتى السؤال كما سأل الجموع يوحنا الـمعمدان فـى القديـم عندما قالوا “ماذا يجب أن نصنع” (لوقا 10:3):
مجاوبـة سريـعة: يقول الـمرّنم:”اليوم اذا سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم”(مز8:94) لهذا فمطلوب مجاوبة سريعة لدعوة الرب لنـا ونتذكر قولـه:”أنا أذهب وستطلبونني وتموتون فى خطاياكم” (يوحنا21:8).
أن نقبل اليه بلا نفاق: فالرب يقول على لسان اشعيا النبي:”لا سلام للمنافقين” (اش21: 57)، ونتذكر قول الرب يسوع:” كذلك انتم يرى الناس ظاهركم مثل الصديقين وانتم من داخل ممتلئون رِياء وإثما” (مت 28:23).
أن نكثر من الصلاة :الصلاة الدائمة هى رغبـة يسوع “صلوا كل حين ولا تـملّوا” (لو 1:18).
الشكر الدائم: يدعونـا الرسول بولس قائلاً:” اشكروا فى كل شيئ لأن هذه هى مشيئة الله فى الـمسيح يسوع من جهتكم” (1تسالونيكي18:5).
أن نتقدس: ينصحنا القديس بطرس قائلاً:” بل على مثال القدوس الذى دعاكم كونوا انتم قديسين فى تصرفكم كله فانـه كُتب كونوا قديسين لأنـي أنـا قدوس” (1بط 15:1-16)،لأنه بلا قداسة لن يرى احد الرب كـما جاء فـى رسالة القديس بولس للعبرانييـن:”إقتفـوا السلام مع الجميع والقّداسة التى بدونهـا لا يُعايـن الرّب أحد”(عب 14:12).
أن نـؤمـن بـه: “ليحل الـمسيح بالإيـمان فى قلوبكم حتى إذا تأصلتم فـى الـمحبـة وتأسستم عليهـا
تستطيعون أن تدركوا مع جميع القديسين ما العرض والطول والعلو والعـمق وأن تعرفوا محبـة الـمسيح التى تفوق الـمعرفـة لكي تـمتلئوا إلـى كل ملء الله”(أفسس17:3-19).
أن نحفظ الوصايـا: ينصحنـا القديس يوحنـا قائلاً:”وهذه هى الـمحبة أن نسلك على حسب
وصايـاه”(2يو 6). ويقول السيد الـمسيح:”إن حفظتم وصايـاي ثبـتم فـى مـحبتـي”(يوحنا10:15).
أن نتـوب توبـة صادقـة: قال بطرس لسيمون الساحر”لأن قلبك غير مستقيم أمام الله.فتب عن شرك هذا وأطلب الى الله عسى ان يغفر لك فكر قلبك” (أع 22:8). ويطلب الرب منـا ذلك على لسان يوئيل النبي قائلاً: “والآن يقول الرب توبوا الـّي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والإنتحاب و مزّقـوا قلوبكم لا ثيابكم وتوبوا الى الرب فإنـه رؤوف رحيم طويل الآنـاة وكثيـر الرحـمة”(يوئيل 12:2-13).
أن نقوم بقراءة الكتب الـمقدسة: كما طلب الرسول بولس من تلميذه تيموثاوس قائلاً:”واظب على القراءة”(1تيموثاوس 13:4)،لأن “الكتاب كله قد أُوحي به من الله وهو مفيد للتعليم والحِجاج وللتقويم وللتهذيب بالبـِر” (2تيمو 16:3).
ان نبادله حباً بحب من كل القلب وبكل القدرة: كانت هذه هى إجابـة السيد الـمسيح لأحد الفريسيين” أحبب الرب الهك من كل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك هذه هي الوصية العظمى والأولى” (مت 37:22-38).
أن نصنع رحمة مع القريب: “انى اريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من المحرقات” (هوشع 6:6).ولكن قد يقول البعض هذه قائمة بعشر خطوات لـمقابلة حب يسوع لنا، أو قد نردد قول الشاب الغني الذى جاء ليسوع متسائلاً عن إرث الحياة الأبديـة وجاءت إجابـة يسوع له قائلاً:”قد عرفتَ الوصايـا” وسرد له خمس فقط من وصايا الله العشرة،وهنا أجابه الشاب الغنـي:”أما تلك فقد حفظتها منذ حداثتي”(لوقا21:18).
لا،انها وصية واحدة يطلبها منـا يسوع اليوم ان ننفذها،وصية واحدة ليست بـجديـدة “هذه وصيتـي أن يُحبّ بعضكم بعضاً كـما أنـا أحببتكم”(يوحنا12:15).
ووصيته لنـا ببساطـة هي: أحبب الرب من كل قلبك، أحبب الرب من كل نفسك،أحبب الرب بكل قدرتك، أحبب قريبـك كنفسِك (متى37:22-39). ولابـد من الـمـجاوبـة على هذا الحب فكـما يقول الرسول “إن كان أحد لا يحب ربّنـا يسوع الـمسيح فليكن مُبسلاً”(1كورنثوس22:16).
فلنصلّي إلى الرب وندعوه أن يعطينـا قلباً واحداً،قلباً لحمياً،وينـزع القلب الحجري تحقيقاً لوعده فى القديم لحزقيال النبي لكي نسلك فى رسومـه،ونحفظ أحكامه..فنكون له شعباً وهو يكون إلهنا (حزقيال26:36) آميـن.
اكرام: اعط صورة قلب يسوع لمن ليس له فيكون عملك هذا نوعآ من التبشير بعبادة قلب يسوع الأقدس.
نافذة: يا قلب يسوع الأقدس توّبني إليك فاتوب.
[1] اعداد وتجميع الشماس نبيل حليم يعقوب
One thought on “شهر مع قلب يسوع الأقدس”
Comments are closed.