صلاتي اليوم:  قصة بحثي وبحثك (3-إيمان العقل والفكر والمنطق والقياس)

صلاتي اليوم: قصة بحثي وبحثك (3-إيمان العقل والفكر والمنطق والقياس)

صلاتي اليوم

قصة بحثي وبحثك

ها انا اختم كلامي بقصة شهيرة للقديس توما الكويني

فقد كان هذا القديس اللاهوتي العظيم عظيما

وبقيت مؤلفاته اللاهوتية الثمينة” الخلاصة اللاهوتية” تدرس إلى اليوم

في جميع جامعات اللاهوت في العالم “

وقد تناول فيها جميع العقائد المسيحية

بالتحليل المنطقي والبرهان العقلي واللاهوتي والتاريخي…إلخ

ُيحكى انه بينما يريد ان يدون الجزء الخاص بالقيامة والثالوث ضج من الجلوس

فخرج من الدير قاصدا التنزه على شاطئ البحر

لعله يرطب بنسمة منه خلايا عقله الملتهب بقيظ نار اللاهوت

ويستطيع بالتالي ان يجد الصياغة المناسبة لتلك الموضوعات الإيمانية

 البالغة الدقة والمتناهية الأهمية والحساسية

وبينما هو يسير الهوينة متفكرا ومتحيرا

استلفت نظره صبي يلهو بإناء في يده

وهو يجري مسرعا نحو البحر مغترفا ملء إناءه

ويعود مسرعا ليصبه في حفرة صنعها على الشاطيء

راقبه برهة فوجده مستمر بالجدية نفسها في هذا العمل العبثي

غير المنطي- غير المجدي الذي يقترب من السذاجة والخيال

فاقترب ليستوقف الصبي ا

لذي لم يكن لديه وقت يضيعه مع الشيخ العجوز

واراد ان ينطلق ليتمم ما كان يفعله

فرجاه القديس ان يتوقف برهة

ليشرح له ما الهدف مما يقصد بتلك العملية المرهقة الشاقه

فاجاب الطفل ببساطة:

” أريد ان افرغ تلك المياه الموجودة في البحر هناك في حفرتي هذه”

فتعجب القديس واراد أن يعود بالطفل إلى أبسط انواع القياس والمنطق فقال:

أو أتظن يا ولدي الشقي ان حفرتك الصغيرة هذه تستطيع ان تستوعب ماء البحر العظيم كله؟

فما كان من الطفل…الملائكي… إلا ان اجابه:

وهل تظن يا توما

أن عقللك البشري بكامل عظمته ومحدوديته

يستطيع ان يستوعب ويمنطق لاهوت الثالوث والقيامة…

عندها اختفي الصبي ولم يعد توما الإكويني يراه

فعاد الرجل إلى ديره واعتبر تلك رسالة من السماء لا لشخصه وحده

بل لجميع إخوته من البشر على مدى الأجيال

كل من يحاولون منطقة الإيمان بعقولهم المحدودة

وقياس حقائقه النورانية بعيونهم الرمدة

فهل نتعلم الدرس ونعرف ان الإيمان ليس مسألة محض عقلانية

مع التأكيد في الوقت نفسه على عدم نفي العقل او رفضه

فأولا واخيرا نستطيع ان نجزم أنه لا إيمان بدون عقل

فنحن عرفنا الله بما وهبنا من نعمة العقل

لكن العقل وحده لا يكفي…   

لذا سنظل إلى الأبد يا سيدي تلاميذاً بين يديك

إبنك الأب/ بولس جرس