عيد سيدة الانتقال…
تأمل في قراءات الجمعة 15 أغسطس 2014 الموافق الثاني والعشرون من مسرى1730
الأب/ بولس جرس
السنكسار
صعود جسد القديسة مريم العذراء
في مثل هذا اليوم كان صعود جسد سيدتنا الطاهرة مريم والدة الإله فأنها بينما كانت ملازمة الصلاة في القبر المقدس ومنتظرة ذلك الوقت السعيد الذي فيه تنطلق من رباطات الجسد أعلمها الروح القدس بانتقالها سريعا من هذا العالم الزائل ولما دنا الوقت حضر التلاميذ وعذارى جبل الزيتون وكانت السيدة مضطجعة علي سريرها . وإذا بالسيد المسيح قد حضر إليها وحوله ألوف ألوف من الملائكة. فعزاها وأعلمها بسعادتها الدائمة المعدة لها فسرت بذلك ومدت يدها وباركت التلاميذ والعذارى ثم أسلمت روحها الطاهرة بيد ابنها وألهها يسوع المسيح فأصعدها إلى المساكن العلوية آما الجسد الطاهر فكفنوه وحملوه إلى الجسمانية وفيما هم ذاهبون به خرج بعض اليهود في وجه التلاميذ لمنع دفنه وأمسك أحدهم بالتابوت فانفصلت يداه من جسمه وبقيتا معلقتين حتى آمن وندم علي سوء فعله وبصلوات التلاميذ القديسين عادت يداه إلى جسمه كما كانتا . ولم يكن توما الرسول حاضرا وقت نياحتها ، واتفق حضوره عند دفنها فرأي جسدها الطاهر مع الملائكة صاعدين به فقال له أحدهم : ” أسرع وقبل جسد الطاهرة القديسة مريم ” فأسرع وقبله . وعند حضوره إلى التلاميذ أعلموه بنياحتها فقال : ” أنا لا أصدق حتى أعاين جسدها فأنتم تعرفون كيف أني شككت في قيامة السيد المسيح ” . فمضوا معه إلى القبر وكشفوا عن الجسد فلم يجدوه فدهش الكل وتعجبوا فعرفهم توما الرسول كيف أنه شاهد الجسد الطاهر مع الملائكة صاعدين به .
وقال لهم الروح القدس : ” أن الرب لم يشأ أن يبقي جسدها في الأرض ” وكان الرب قد وعد رسله الأطهار أن يريها لهم في الجسد مرة أخري فكانوا منتظرين إتمام ذلك الوعد الصادق حتى اليوم السادس عشر من شهر مسرى حيث تم الوعد لهم برؤيتها وهي جالسة عن يمين ابنها وإلهها وحولها طغمات الملائكة وتمت بذلك نبوة داود القائلة : ” قامت الملكة عن يمين الملك ” وكانت سنو حياتها علي الأرض ستين سنة . جازت منها اثنتي عشرة سنة في الهيكل وثلاثين سنة في بيت القديس يوسف البار . وأربع عشرة سنة عند القديس يوحنا الإنجيلي ، كوصية الرب القائل له : ” هذا ابنك ” وليوحنا : ” هذه أمك ” شفاعتها تكون معنا . آمين
نص الإنجيل
39 فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا
40 ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات
41 فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت أليصابات من الروح القدس
42 وصرخت بصوت عظيم وقالت : مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك
43 فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي
44 فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني
45 فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب
46 فقالت مريم : تعظم نفسي الرب
47 وتبتهج روحي بالله مخلصي
48 لأنه نظر إلى اتضاع أمته . فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني
49 لأن القدير صنع بي عظائم ، واسمه قدوس
50 ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه
51 صنع قوة بذراعه . شتت المستكبرين بفكر قلوبهم
52 أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين
53 أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين
54 عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة
55 كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد
56 فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ، ثم رجعت إلى بيتها
(لوقا 1 : 39 – 56)
نص التأمل
سيدة الانتقال…
تعتبر عقيدة انتقال العذراء مريم بالنفس والجسد على السماء من أهم العقائد المريمية،
وهي بدورها مشتركة بين مختلف الطوائف المسيحية وإن بأشكال مختلفة، ت
ترجع وتعود أصول هذا الاعتقاد إلى القرون الأولى، كما تظهر في كتابات آباء الكنيسة،
ويخصص يوم 15 أغسطس تذكاراً لهذه المناسبة العظيمة يسبقه صوم مدته خمسة عشر يومًا؛
والأساس الكتابي الغالب لها هو (نشيد الأناشيد 2: 10)
غير أن هذه العقيدة لم تبحث في أي من المجامع المسكونية،
أما في الكنيسة الكاثوليكية فقد قام قداسة البابا بيوس الثاني عشر
بإعلانها عقيدة رسمية في الأول من نوفمبر 1950،بعد دراسة لاهوتية استمرت أربع سنوات.
وينطلق هذا الاعتقاد في الكنيسة الكاثوليكية متوافقًا مع الرؤية المسيحية لدواعي الموت،
فإذا كان الإنسان وكل إنسان يموت بسبب الخطيئة الأصلية المتوارثة منذ آدم،
فهذا حق وعدل وامر واقع لا مراء فيه، ولكن حيث تؤمن
الكنيسة الكاثوليكية بصفة خاصة أن العذراء مريم لم ترث هذه الخطيئة الأصلية
بل حُبل بها بلا دنس فهي بالتالي لا داعي لموتها.
أما الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية وبعض الكنائس الكاثوليكية الشرقية
فيرون أن الانتقال قد تمّ بعد فترة قصيرة من وفاتها، فعندما توفيت حسب التقليد الشرقي في بستان الزيتون،
وشهد الحدث من بقي حيًا من التلاميذ الاثني عشر، بعث جسدها بعد ثلاث أيام من جديد حيًا
وبعد ذلك انتقلت نفسها وجسدها إلى السماء،
وبحسب القديس كيرلس الأورشليمي فإنها قد نقلت من بستان الزيتون إلى القدس ودفنت هناك،
أما البعض الآخر من هذه الكنائس فيرى أن جسدها انتقل إلى السماء من دون أن يبعث حيًا
كما تتعدد تفاصيل الروايات الأخرى باختلاف الأصول:
فإحداها تروي انه قد قدمت تذكارًا لتوما الرسول أحد التلاميذ الاثني عشر ممثلاً بحزام ثوبها،
وتعتقد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الانتقال قد تمّ بعد عدة أشهر من وفاتها وليس بعد فترة وجيزة،
أما الكنيسة الأنجليكانية فهي ذات موقف مختلف، فهي ترى أن الإنسان يفنى بعد موته حتى يوم القيامة
والعذراء هي وحدها من لم تمت روحها، أي انتقلت روحيًا لا جسديًا.
وكما نرى فغن كل الكنائس بمختلف طوائفها وأشكالها تلتقي حول
عقيدة انتقال العذراء مع النظرة المسيحية بكونها أولى المخلَّصين،
لذلك تعتبر هذه المناسبة عطلة رسمية في عدد كبير من دول العالم.