الفاتيكان/ أليتيا (aleteia.org/ar) في أواخر شهر أبريل، تم تأكيد رحلة البابا فرنسيس إلى فاطيما بمناسبة الذكرى المئوية الأولى للظهورات المريمية، وأشيع أنه سيغتنم الفرصة لتقديس الرائيين الصغيرين جاسينتا وفرنسيسكو مارتو.
هذا الأسبوع، خلال الاحتفال بعيد سيدة فاطيما، كرّم الأب الأقدس الصورة الأصلية في الفاتيكان. فكيف يفهم البابا فرنسيس رسالة فاطيما، ولمَ تبدو له عذراء فاطيما مهمة جداً، كما كانت بالنسبة إلى سلفيه؟
وقعت أحداث فاطيما المذهلة في مايو 1917 فيما كان العالم يدخل في القرن العشرين – القرن الذي سيشهد حربين عالميتين، إبادة على نطاق واسع، اختراع القنبلة الذرية وزيادة وسائل التكنولوجيا التي غيّرت العالم والجنس البشري.
إن زيارة البابا المخطط لها إلى فاطيما بالإضافة إلى احتفاله هذا الأسبوع يُكمل اهتمامه بفاطيما حيث كرّس العالم لسيدة فاطيما في 13 أكتوبر 2013.
يشير تعبد البابا فرنسيس المستمر لسيدة فاطيما إلى رابط تاريخي مهم بين البابوية ونبوءات فاطيما. في الواقع، زار يوحنا بولس الثاني فاطيما ثلاث مرات، وطوّب سنة 2000 جاسينتا وفرنسيسكو، وكان أيضاً مسؤولاً عن توكيل الألفية الثالثة إلى قلب مريم الطاهر أمام تمثال السيدة نهار الأحد 8 أكتوبر سنة 2000 عندما كان أكثر من 1400 أسقف حاضرين للمشاركة في القداس اليوبيلي.
بدوره، دعم البابا بندكتس السادس عشر فاطيما وزار المزار في مايو 2010 قائلاً بخاصة: “نخطئ إذا اعتقدنا أن رسالة فاطيما النبوية قد انتهت”.
في رؤيا البابا لاوون الثالث عشر الشهيرة، قال الشيطان إنه إذا حظي بمئة عام، سيتمكن من تدمير الكنيسة. من المهم أن نلاحظ أن تاريخ الرؤيا كان 13 أكتوبر 1884. وقد حصلت محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني في 13 مايو 1981. كما كرّس البابا فرنسيس العالم لسيدة فاطيما في 13 أكتوبر 2013. كذلك، بدأت الظهورات في 13 مايو 1917، وانتهت بمعجزة الشمس في 13 أكتوبر 1917. هل بإمكان هذه العلامة الهامة من السماء أن تشير إلى بداية السنوات المئة التي سيحاول فيها الشيطان تدمير الكنيسة؟ إذا كانت الأمور كذلك، فهل نقترب من نهاية ذلك الزمان؟ وهل تعتبر زيارة البابا إلى فاطيما سنة 2017 أهم من مجرد احتفال مئوي؟
عندما احتفل البابا فرنسيس بالتكريس لسيدة فاطيما في أكتوبر 2013، قال: “تمثال السيدة الذي أتى من فاطيما يساعدنا على الشعور بحضورها وسطنا. مريم ترشدنا دوماً إلى يسوع… لا شيء مستحيل بالنسبة إلى رحمة الله! حتى أكثر العقد تشابكاً تُحلّ بنعمته. ومريم التي فتحت إجابتها الإيجابية المجال لله لكي يحلّ عقدة العصيان القديم، هي الأم التي ترشدنا بصبر وحبّ إلى الله لكي يفكّ عقد روحنا برحمته الأبوية”.
هذا البابا، على غرار سلفيه، يبدو أنه يدرك بدقة المعركة الروحية مع الشيطان، وإنما أيضاً إمكانية أن يكون الزمن قصيراً. في تأملنا بـ “نهاية العالم”، يجب أن نتساءل عن معنى ذلك.
طبعاً، لا نستطيع إبطال بعض الكوارث الرهيبة التي قد تغرق العالم في الفوضى، ولكن هناك معنى آخر يصل فيه جنسنا البشري إلى نقطة نهاية لأننا ندمر أنفسنا.
إننا ندمر جماعاتنا من خلال الحرب والعنف والإرهاب. ندمر عائلاتنا من خلال منع الحمل والتعقيم والإجهاض والطلاق. ندمر طهارتنا وقوتنا من خلال الإباحية وممارسة الجنس غير الشرعي والشهوة والغضب.
إننا ندمر مجتمعنا من خلال الجشع والمادية وإهمال الفقراء والتصرف بقسوة مع الأرامل والأيتام والمشردين والجياع. ندمر بيئتنا من خلال الجشع والإفراط في التنمية والتلوث. بأشكال عدة، نجلب إلينا نهاية العالم، وتنظر إلينا الأم المباركة بقلب أمومي منكسر.
وسط الفوضى القاتلة، تظهر لنا العذراء مريم المباركة قلب ابنها الرحيم. ترشدنا إلى الرحمة الإلهية. وتنظر إلى هذه البشرية المحطمة والمجنونة وتقول بقلب أمومي: “عودي إلى ديارك!”.
هذا يفسر أيضاً رسالة البابا وطريقته. هو ينظر إلى العالم بشفقة وليس بلوم. يريد أن يصل إلى منكسري القلوب وأولئك الذين تعقّدهم الخطيئة فيمنحهم مغفرة الله ورحمته.
لقد رحب الأب الأقدس بصورة فاطيما في الفاتيكان خلال هذا الأسبوع، وكرس العالم لها قبل عامين، وها هو يخطط الآن لزيارة فاطيما سنة 2017، فهل يعقل أنه يعرف شيئاً لا نعرفه نحن؟ هل تلوح أزمة سترشدنا إلى نقطة تحول؟ هل طلب من الأم المباركة الصلاة والتشفع لجنسنا الفقير والمضطرب بإلحاح خاص؟
لا يمكننا التكهن بشأن المستقبل، وإنما نستطيع وضع أنفسنا بين يدي الله بثقة تامة. رسالة فاطيما تقضي بالانتباه والانتظار والصلاة والتكفير عن الخطايا والنظر دائماً برجاء متلهف إلى المستقبل الجيد الذي يخصصه لنا الله.