كلمة غبطة ابينا البطريرك الانبا ابراهيم إسحق خلال عظته بمناسبة السيامة الاسقفية للانبا توماس مدبرا رسوليا لايبارشية الجيزة و بنى سويف و الفيوم و الاسقف الفخرى لكرسى كاباسا:
نجتمع اليوم لنفرح ونحتفل بالسيامة الأسقفية للأب توما عدلي باسم الأنبا توماس عدلي؛ إنَّهُ عرس الكنيسة ليس في مصر فقط أو في إيبارشية الجيزة توابعها فقط بل في الكنيسة كلها، لأن الأسقف هو راعٍ وخادم في الكنيسة جمعاء هو أسقف الكنيسة الكاثوليكيّة. ومعكم أرفع الشكر للرّبِّ الّذي يرعى كنيسته ويرسل إليها رعاة حسب قلبه.
أبعثُ باسم السينودس رسالة محبّة وشكر إلى قداسة البابا فرنسيس على محبته ورعايته للكنيسة في العالم أجمع، وإلى المجامع التي تخدم الكنيسة وأخصّ بالذكر مجمع الكنائس الشرقيّة ورئيسه الأخ الأكرم نيافة الكاردينال ساندري وكلّ معاونيه.
أشكر سعادة السفير برونو موتزارو ولا يفوتني أن أذكر نيافة الأنبا أنطونيوس عزيز وهو دائمًا في صلاتنا والربّ يكافئه على ما قدّمه من خدمة وحققه من خير للإيبارشية.
أبونا الحبيب توما: أنتَ اليوم هنا بكل ما وهبك الرب من غنى في شخصك وما عشته من خبرة صداقة مع الربّ الراعي الصالح، عرفته فقبض عليك، فسلمت له حياتك. مارست رسالتك الكهنوتيّة من خلال تحملك مسؤوليات عديدة خاصة في مجال التكوين والتعليم، قدتَ فيها الكثيرين إلى من عنده كلام الحياة.
اليوم الربّ يدعوك إلى مسؤولية أكبر وأثقل أن ترعي شعبه وتقوده. في عالم تزداد فيه كل يوم التحديات والصعوبات لا بل يمر بحالة يسميها البابا فرنسيس “ظاهرة اللامبالاة” عالم يمضي في طريق السعي إلى مزيد من المتعة والامتلاك وفي طريقه قد يدوس على الآخرين غالبًا ما يكونون الضعفاء والفقراء.
وفي غمرة انشغال الإنسان بنفسه قد ينسى محبّة الآخرين ومساعدتهم. والأسقف هو من أجل خدمة الإنسان كل إنسان وكل الإنسان.
وكم سيكون العالم أكثر ألمًا وبؤسًا إذا لم يجد في الأسقف العون والعزاء والتشجيع. كم هي ثقيلة وصعبة رسالة الأسقف ولذا فهي تحتاج إلى حياة روحيّة قوية، ومساندة بالصلاة والمحبة من جانب الكهنة والشعب.
ليكن المسيح يا سيادة الأنبا توماس منذُ بداية أسقفيتك، قدوة حياتك ونورًا لسبيلك وهدف وغاية رسالتك، كما يقول بولس الرسول “اقتدوا بي كما اقتدي أنا بالمسيح”
الأسقف هو علامة وحدة وسبب تشجيع. أنت عضو في سينودس الكنيسة ومسؤول فيه عن كل الكنيسة وليس فقط عن إيبارشيتك. فأهلاً وسهلاً بك تزيده غنى وقوة تعمل في تضامن مع أخوتك الأساقفة,
أمّا عن الكهنة فأذكرك بما قاله المسيح لبطرس “أذهب وثبت أخوتك”. فقد أقمت أبًا روحيًّا ومسؤولاً عن أخوتك الكهنة. وما أشد حاجة الكاهن اليوم إلى رفيق درب في طريق الحياة الروحيّة وشريك رسالة في حقل الكنيسة والعالم. إنَّهم أمانة بين يديك أيّها الأب الأسقف،. ولاتنسى أن المحبّة هي كمال الشريعة.
وكهنتنا في حاجة إلى المحبة. فكن لهم أبًا حنونًا وراعيًا أمينًا مع الضعيف كما مع القوي. فكلهم أغصان في كرمة المسيح.
ثم تأتي رسالتك الكبرى وهي الأمانة مع شعبنا، من ينكر أن العالم يمر بصعاب جمّة! الأرزاق قليلة وضيقة في أغلب الأماكن وضعفت كثير من القيم الروحيّة أمام تضخيم القيم الماديّة. إنَّ الأسرة تحتاج يا صاحب النيافة إلى رعايتك وكل شخص يُريدُ منك نورًا وعونًا. والمجتمع المصريّ في أشد الحاجة إلى أن تزرع فيه روح المحبّة والتضامن والتسامح.
فأنت حضور المسيح وعطره المقدس. أُسلمك أمانة الإيبارشيّة كهنة وشعبًا فكن الراعي الأمين وأذكر كلام المسيح، “كن أمينًا حتّى الموت وسوف أعطيك أكليل الحياة”. لترع خدمتك أمّ الراعي الأعظم وأمّ الكنيسة القديسة مريم العذراء.
ختامًا: أتوجه وأنا في مسؤولية الخادم الأوَّل في الكنيسة كبطريرك إلى أبنائي الكهنة في الإيبارشيّة وكل شعبها: التفوا حول أسقفكم وهو هبة من الله لكم، صلوا من أجله أطيعوا وصاياه قدموا له الاحترام والمهابة فهذا كله يعود إليكم بكل البركة والنعمة والخير. أمين.