لأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط للكاثوليك فى حواره مع اليوم السابع : حرس الكنيسة الأرثوذكسية القديم عطل اتفاق توحيد المعمودية مع الفاتيكان..

نقلا عن موقع اليوم السابع :
نيافة الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط للأقباط الكاثوليك، فى حوار مع اليوم السابع :
بحكم علاقاته الطيبة بالمسلمين والأقباط، يشغل المطران منصب رئيس فرع مؤسسة بيت العائلة المصرية بمحافظة اسيوط ، ويتدخل لحل الكثير من المشاكل بين المسلمين والأقباط، ويؤمن الأنبا كيرلس بضرورة فصل الدين عن الدولة، ويرى أن الزواج المدنى حق لا يمكن أن تمنعه الكنيسة، وفى الوقت نفسه يبدى انزعاجه مما سماهم صقور الكنيسة القبطية، الذين عطلوا توقيع اتفاق توحيد المعمودية بين الكنيستين القبطية والأرثوذكسية.. عن كل تلك القضايا وأكثر، كان لـ”اليوم السابع” معه هذا الحوار..

بوصفك رئيسًا لبيت العائلة المصرية.. هل هو كيان حقيقى له دور على الأرض أم مجرد مؤسسة بروتوكولية؟

– بيت العائلة المصرية نموذج للتعايش والتلاقى الفكرى، أقدمه لدول العالم حين أسافر فى مشاركات فكرية، وبيت العائلة فى أسيوط نشط جدًا، وهو مثال للعمل الفعلى، وليس مجرد كيان صورى أو بروتوكولى، بل نتحرك فى القرى والنجوع، ونحقق الاندماج بين فئات المجتمع المختلفة والعمل المشترك، فنعمل على تعاون الشباب معًا، مثل أعمال التشجير وتنظيف الشوارع.. علينا أن نترك القوقعة ونستمع لبعضنا البعض.

 هناك من يتهم بيت العائلة المصرية بدعم الجلسات العرفية ضد تطبيق القانون.. ما رأيك؟

– حين يحاول معالجة القشور، ولا يدخل إلى الأعماق، يصبح نوعًا من «الضحك على الذقون»، شيخ وقس يقبلان بعضهما البعض، لكن ما يحدث غير ذلك، وبيت العائلة المصرية ليس بديلًا عن تفعيل القانون، لكنه يعمل على تهيئة الأجواء الاجتماعية لخلق حالة من التعايش الدينى والمجتمعى بين المسلمين والأقباط، ولا بد من العدالة أن تأخذ مجراها، وبيت العائلة كيان يؤسس لحالة فكرية، والقانون شأن آخر.

كيف تقيم قانون بناء الكنائس بعد عام على صدوره؟

– كنت أظن أننا لسنا بحاجة إلى قانون، علينا أن نعامل الكنيسة كأى مبنى خدمى، ولكن أمامنا مشوار طويل لكى نصل إلى ذلك.. تطبيق القانون يتطلب وجود عقليات منفتحة من المسؤولين، وهو ما يحتاج مجهودًا كبيرًا، وفى أسيوط أشكر الله لأننا لم نعانِ من أى مشكلات طائفية فى المحافظة، ونتمتع بعلاقات طيبة بالمسئولين.

 هل تقدمت كرئيس لطائفة الكاثوليك بأى طلبات لترخيص كنائس بعد صدور القانون؟

– تقدمت بطلب ترخيص لبيتين من بيوت الخدمات التابعين للكنيسة، وحصلت على الموافقة مباشرة من المحافظ، وبسرعة كبيرة.

 فى رأيك هل هناك تحسن فى أوضاع الأقباط فى مصر فى السنوات الأخيرة؟

– هذا السؤال يطرح علىّ فى الخارج حين أسافر، وأقول بملء الفم إن هناك تحسنًا كبيرًا.. الرئيس السيسى رجل وطنى مخلص، والقوات المسلحة وعدت ببناء الكنائس بعد احتراقها على يد الإخوان، وأوفت بوعدها، والرئيس يزور الكاتدرائية كل عيد، ولا يخشى هجوم الإسلاميين عليه، ويتعامل بشجاعة ومحبة نابعة من القلب، ووعد ببناء أكبر كنيسة بجوار أكبر مسجد فى العاصمة الإدارية، وهى رسالة مهمة جدًا للغرب، والتبرع لبناء مسجد وكنيسة بالعاصمة الإدارية يمتزج فيه أموال المسلمين والأقباط معًا يصيب الغرب بالدهشة، رغم دعايات الإعلام المغرض.. كنت فى وارسو منذ شهور، وقال لى أحد المصريين هناك إن الأقباط مضطهدون فى مصر ورفضت بشدة، والرئيس يبذل جهدًا من أجل تجديد الخطاب الدينى.

ترى أن عبارة “الأقباط مضطهدون فى مصر” مبالغ فيها؟

– نعم مبالغ فيها بشكل كبير، الأقباط يعانون من التمييز أو من بعض الضغوط، لكنه ليس اضطهادًا، بل نتيجة لتراكمات فى الماضى، لكى تتغير نحتاج لتغيير العقليات، وحين يسألوننى فى الخارج «محتاجين إيه مننا؟»، أقول لهم نحتاج برامج تبادل بين شبابنا وشبابكم، لكى نعمل على تغيير العقليات ونطور التعليم.

 مر أكثر من نصف قرن على قرارات المجمع الفاتيكانى الثانى الذى أحدث ثورة إصلاحية، هل تظن أن الكنيسة الكاثوليكية مازالت بحاجة للإصلاح؟

– الكنيسة لم تكتفِ بقرارات المجمع الفاتيكانى الثانى، إنما سعت لمواكبة العصر، والمجمع كان ثورة كبيرة فى عصره، ولكن التغيرات تتسارع، وانطلاقًا من المجمع أسست الكنيسة ما يسمى بسنودس الأساقفة، يعقد كل ثلاث سنوات، لكى نتبادل النقاش والأفكار، بالإضافة إلى دورات استثنائية تعقد لبعض المناطق، مثل سنودس لأجل أفريقيا، وسنودس لأجل الشرق الأوسط، وذلك من أجل مواصلة التجديد وتغيير الرؤى والأفكار.. الإصلاح عملية مستمرة، وينبغى لها ألا تتوقف أبدًا.

 البابا فرنسيس دعا للإصلاح فى ملف الأحوال الشخصية، كيف ترى الحل فى تلك المشكلة فى مصر؟

– بالنسبة لنا ككاثوليك، عددنا قليل، وحالات الانفصال قليلة جدًا، فى أسيوط لدىّ متوسط من حالتين إلى ثلاث، بعد الإصلاحات التى دعا لها قداسة البابا فرنسيس صار التقاضى درجة واحدة فقط، وتقع مسؤوليته على الأسقف المحلى الذى يصبح قاضيًا يفصل فى الحالات التى أمامه، وذلك رحمة بالمؤمنين ورعايا الكنيسة، ونعين كهنة من دارسى القانون لكى يدرسوا حالات الأحوال الشخصية، ولا نتدخل فى أعمالهم أبدًا.

 ألا ترى أن وجود الزواج المدنى فى مصر قد يسهم فى حل مشكلة الأحوال الشخصية؟

– بحكم احتكاكى بالعالم الخارجى، الزواج المدنى حق لكل إنسان، أتمنى أن كل أبناء الكنيسة يتزوجون فيها، والذى يريد أن يتزوج مدنيًا فهذا حقه الطبيعى، وينبغى لى ألا أمنعه.

 بعد زيارة بابا الفاتيكان لمصر طرحت فكرة قبول المعمودية بين الكاثوليك والأرثوذكس، كيف تقيم الأزمة التى وقعت بعد ذلك داخل الكنيسة الأرثوذكسية؟

– هذه القضية كانت مطروحة للنقاش منذ عصر البابا شنودة، حيث بدأت لجان الحوار اللاهوتى بين الكنائس الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، منذ زيارة البابا شنودة للبابا بولس الثانى فى السبعينيات، واكتشفت تلك اللجان أن الخلاف التاريخى بين الكنيستين لا وجود له، فهى مجرد خلافات لفظية بسبب اختلاف اللغات التى يتحدثون بها، فاقترح البابا شنودة نصًا ليزيل السبب الرئيسى للخلاف، وقد طرح قضية المعمودية أكثر من مرة فى المناقشات، والخلافات تنشأ بين الكنائس الأرثوذكسية نفسها، فبعض الكنائس الأرثوذكسية الأخرى تقبل المعمودية، والكنيسة القبطية ترفضها، وحين زار البابا تواضروس البابا فرنسيس فى روما، اتفقا على إعادة النظر فى تلك الأمور، ورأى البابا تواضروس زيارة بابا الفاتيكان لمصر فرصة لهذا الاتفاق التاريخى، إلا أن أساقفة الكنيسة وصقور الحرس القديم رفضوا وتعللوا بقوانين الكنيسة، فسحب البابا تواضروس الاتفاق، وأضاف عبارة نسعى جاهدين لعدم إعادة المعمودية.