لا أعودُ أُسَمِّيكُمْ عَبيدًا
تأمل في قراءات الاربعاء 4 يونيو 2014 الموافق10 بؤونه 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
” كما أحَبَّني الآبُ كذلكَ أحبَبتُكُمْ أنا. اُثبُتوا في مَحَبَّتي. إنْ حَفِظتُمْ وصايايَ تثبُتونَ في مَحَبَّتي، كما أنِّي أنا قد حَفِظتُ وصايا أبي وأثبُتُ في مَحَبَّتِهِ. كلَّمتُكُمْ بهذا لكَيْ يَثبُتَ فرَحي فيكُم ويُكمَلَ فرَحُكُمْ.”هذِهِ هي وصيَّتي أنْ تُحِبّوا بَعضُكُمْ بَعضًا كما أحبَبتُكُمْ. ليس لأحَدٍ حُبٌّ أعظَمُ مِنْ هذا: أنْ يَضَعَ أحَدٌ نَفسَهُ لأجلِ أحِبّائهِ. أنتُمْ أحِبّائي إنْ فعَلتُمْ ما أوصيكُمْ بهِ. لا أعودُ أُسَمِّيكُمْ عَبيدًا، لأنَّ العَبدَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سيِّدُهُ، لكني قد سمَّيتُكُمْ أحِبّاءَ لأنِّي أعلَمتُكُمْ بكُلِّ ما سمِعتُهُ مِنْ أبي”. (يوحنا 15: 9-15).
نص التأمل
تغيير نوعية العلاقة
كلمة رب وسيد وإله تقبلها كلمة عبد وخادم ومخلوق….
هكذا بدأت العلاقة منذ الأزل وهكذا استمرت
بشروط السيد الرب نفسه وتحذيراته الصارمة بعدم التعدي
على ما سنه من نواميس وما ابتدعه من وصايا مهما بلغت
غرابتها: كعقاب من يرفض القران بزوجة أخيه يسمى المخلوع النعل
صعوبتها: تحفظ جميع ما أوصيتك به والذي يخطيء في واحدة فقد خالف الناموس كله
او حتى شذوذها: خذ ابنك وحيك الذي تحبه وقدمه لي محرقة او ذبح جدعون لإبنته
ولم يقتصر الأمر على هذا ففي الديانات الوثنية كانت طلبات ونزوات الآلهة تتجاوز ذلك كثيرا
وما كان على العبد سوى الطاعة وما على الخليقة سوى الخضوع لإرادة الآلهة
وليس على الخادم المستعبد بعد ان يعود من يوم شاق في العمل في الحقل
سوى ان يُعد الطعام ويجهز المائدة ويقف يخدم سيده ثم يفكر في الراحة وسد إحتياجاته
هكذا كان الحال قبل يسوع المسيح وهكذا كانت الآلهة قبل أن يكشف لنا عن الآب
فلما تجسد الإبن وصار ” الله معنا” لم نعد بعد عبيد ولا خدم
عبيد: فقد اخذ الله صورتنا البشرية فرع صورة عبوديتنا إلى صورة بهاء مجده
ولا خدم لديه: فقد غسل أرجلنا وسفك دمه ليحررنا من العبودية والرق
ولا غرباء: فقد اصبحنا نحن حرث الله وبنيانه أسرته وإخوته
” لست أدعوكم عبيدا بعد بل أحباء” و ” الآب نفسه يحبكم”
و ” من يحبني يحبه أبي وغليه نأتي ومعه نجعل مقامنا”
حقا لقد حدث تغيير نوعي في العلاقة
لم نعد نخاف الله ونرتعب منه؛ على العكس صرنا نرتمي في حضنه وقت الخوف والرعب
لم نعد نهرب من لقياه ونتحاشى وجوده؛ صرنا نفتش عنه ونأنس لسماع صوته
لم نعد نخشى النظر إليه والتطلع نحوه؛ صرنا نتطلع إليه ونففتش عن نوره
لم نعد نتجنب مجرد ذكر اسمه؛ اصبحنا ناديه بدلا ” أبّا ” ايها الآب
هكذا غير يسوع التاريخ والنظرة لله والعالم والحياة
فكشف امام عيوننا كم نحن أحباء غاليين قريبين إلى قلب الآب
أليس ذلك في حد ذاته كشفا عجيبا كافيا أن نرى في شخصه
الطريق والحق والحياة بحيث لا يستطيع احد الوصول إلى معرفة الآب إلا به
وها قد عرفنا فهلم أيها البنون لنقترب إلى قلب الآب
هناك نستريح ونأمن ونجد حياة جديدة متجددة