لا تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ
تأمل في قراءات الإثنين 17 مارس 2014 الموافق الحادي والعشرون من شهر برمهات1730
الأب / بولس جرس
نص الإنجيل
“وقالَ أيضًا لتلاميذِهِ:”كانَ إنسانٌ غَنيٌّ لهُ وكيلٌ، فوُشيَ بهِ إليهِ بأنَّهُ يُبَذِّرُ أموالهُ. فدَعاهُ وقالَ لهُ: ما هذا الذي أسمَعُ عنكَ؟ أعطِ حِسابَ وكالَتِكَ لأنَّكَ لا تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ. فقالَ الوَكيلُ في نَفسِهِ: ماذا أفعَلُ؟ لأنَّ سيِّدي يأخُذُ مِنِّي الوَكالَةَ. لستُ أستَطيعُ أنْ أنقُبَ، وأستَحي أنْ أستَعطيَ. قد عَلِمتُ ماذا أفعَلُ، حتَّى إذا عُزِلتُ عن الوَكالَةِ يَقبَلوني في بُيوتِهِمْ. فدَعا كُلَّ واحِدٍ مِنْ مَديوني سيِّدِهِ، وقالَ للأوَّلِ: كمْ علَيكَ لسَيِّدي؟ فقالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيتٍ. فقالَ لهُ: خُذْ صَكَّكَ واجلِسْ عاجِلاً واكتُبْ خَمسينَ. ثُمَّ قالَ لآخَرَ: وأنتَ كمْ علَيكَ؟ فقالَ: مِئَةُ كُرِّ قمحٍ. فقالَ لهُ: خُذْ صَكَّكَ واكتُبْ ثَمانينَ. 8فمَدَحَ السَّيِّدُ وكيلَ الظُّلمِ إذ بحِكمَةٍ فعَلَ، لأنَّ أبناءَ هذا الدَّهرِ أحكَمُ مِنْ أبناءِ النّورِ في جيلِهِمْ. وأنا أقولُ لكُمُ: اصنَعوا لكُمْ أصدِقاءَ بمالِ الظُّلمِ، حتَّى إذا فنيتُمْ يَقبَلونَكُمْ في المَظالِّ الأبديَّةِ. الأمينُ في القَليلِ أمينٌ أيضًا في الكَثيرِ، والظّالِمُ في القَليلِ ظالِمٌ أيضًا في الكَثيرِ. فإنْ لم تكونوا أُمَناءَ في مالِ الظُّلمِ، فمَنْ يأتَمِنُكُمْ علَى الحَقِّ؟ وإنْ لم تكونوا أُمَناءَ في ما هو للغَيرِ، فمَنْ يُعطيكُمْ ما هو لكُمْ؟ (لوقا 16: 1-12)
نص التأمل
سبق وتاملنا هذا النص العريق في العديد من الجوانب، لكنه ثري جداً ويظل دوما يبوح باسرار جديدة،
اتوقف اليوم امام هذه العبارة الرهيبة: “ لا تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ“؛
عبارة تعبر عن موقف نهائي لا مجال للرجوع عنه
وتبوح بحكم بات قد إتُخذ لا مفر من تنفيذه وبالتالي تحمل نتائجه
بغض النظر هنا عن الوشاية والنميمة التي تجرى عادة
ولاسيما في مجتمعاتنا الشرقية عن كل مسئؤل او صاحب منصب،
إلا أن حكم السيد يبدو باتا قاطعا لا يدع مجالا للشك او التراجع
ولا يفتح حتى باباً للأمل: “لا تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ“
كان أمامك متسع من الوقت، لكن مر الزمان وولى وقت الولاية والوكالة…
وكانت بين يديك جميع اموال سيدك، وأتيحت امامك كل الفرص
كنت تستطيع أن تستثمر فتربح فتكافيء ” يا سيدي خمس وزنات اعطيتني
وه قد ربحت خمس وزنات أخرى، نِعَمَّ ايها العبد الصالح الأمين، كنت أمينا على القليل،
تعالى أقيمك على الكثير أذخل إلى فرح ربك “
وإذ اقارن اليوم بين وكيل الظلم وموقف العبد الصالح الأمين الذي دُعي إلى الدخول والإنضمام إلى فرح سيده
أرى ان سيرة الوكيل لم تتسم بأي من السمتين المميزتين لرفيقه الذي قد يبدو اقل منه في الدرجة والحظوظ
فبينما كان هذا وكيل كان ذاك عبد
وحيثما إتومن ذاك على وزنات محددة ومحدودة إستوكل ذاك على جميع اموال سيده
وبينما كان هذا فاسدا وغير أمين إذ يبدد أموال سيده، كان ذاك صالحا وأميناً
لذا عند لحظة الحساب بدى الإرتباك واضحا جليا على من أساء وأخطأ وبدد
بينما كانت الفرحة والسعادة وفخر الجهاد الحسن سمة من إجتهد واستثمر فأفاد واستفاد
هكذا ستاتي لحظة يقول الرب فيها لكل منّا لا تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ
فماذا اعددنا لتلك اللحظة الرهيبة ولهذه الساعة الآتية حتما
لعل بداية الأسبوع الثالث من الصوم المقدس تكون فرصة حقيقية
لمراجعة الذات: إلى أي مدى كنت إلى اليوم “ صالحا وأميناً”؟
وإذا بدوت أمام ذاتي، بغض النظر عن الوشاية، غير ذلك فالفرصة ماتزال سانحة
قبل أن تحل ساعة المثول أمام ذلك السيد المتسامح دوما الصابر طويلا الشديد الحساب
حيث ستأني ساعة وهي حتما آتية حين “لن تقدِرُ أنْ تكونَ وكيلاً بَعدُ“
فهل انت مستعد؟