إعداد مراسل الموقع من القاهرة – ناجى كامل ، نقلا عن إذاعة الفاتيكان
في إطار زيارته الرسولية للولايات المتحدة توجه البابا فرنسيس ظهر الجمعة بالتوقيت المحلي إلى “…غراوند زيرو” في نيويورك حيث رُفعت صلاة على نية السلام بحضور ممثلين عن مختلف الديانات من بينهم رئيس أساقفة نيويورك وحاخام المدينة الأمريكية وإمامها. بعدها وجه البابا كلمة إلى الممثلين عن مختلف الديانات استهلها معبرا عن المشاعر التي تخالج صدره لحضوره في “غراوند زيرو” حيث قُتل آلاف الأشخاص في عمل مدمِّر ومجنون. ولفت إلى الصرخة الصامتة التي يُطلقها من تألموا بسبب منطق العنف والحقد والانتقام وهو منطق لا يولّد إلا الألم والمعاناة والدمار والدموع، مشيرا إلى مشاعر الاستسلام أمام الظلم وقتل الأخوة والعجز عن حل الخلافات عبر الحوار.
هذا ثم تطرق البابا إلى اللقاء الذي جمعه إلى عدد من عائلات عمال الإنقاذ الذين قضوا في الخدمة، مؤكدا أن للدمار وجوها وقصصا ملموسة وأسماء. وقال إن تلك العائلات أظهرت له الوجه الآخر لهذا الاعتداء، الوجه الآخر لألمها أي قوة المحبة والذكرى: ذكرى لا تتركنا فارغين إذ إن أسماء الذين ماتوا تبقى مكتوبة في هذا المكان كي لا ننساهم أبدا.
أضاف البابا فرنسيس أنه في هذا المكان يمكننا أن نلمس قدرة الطيبة البطولية التي ما يزال الإنسان قادرا على صنعها، هذه القوة المخبأة التي لا بد من اللجوء إليها في كل مرة. واعتبر أن مدينة نيويورك الكبيرة عكست التضامن والمساعدة المتبادلة والمحبة وصولا إلى حد التضحية بالذات، مذكرا بأن رجال الإطفاء دخلوا إلى هذا المبنى دون أن يكترثوا لأرواحهم، وكثيرون منهم ماتوا لينقذوا حياة أشخاصا آخرين.
بعدها أكد البابا فرنسيس أن مكان الموت هذا تحوّل إلى مكان للحياة ما يحملنا على القول إن الحياة ستنتصر دائما على أنباء الدمار والموت وإن الخير سيتغلّب دائما على الشر، والمصالحة والوحدة ستنتصران دائما على الحقد والانقسام. هذا ثم أمل البابا بأن يشكل حضور قادة مختلف الديانات في هذا المكان علامة قوية للإرادة المشتركة في التأكيد على الرغبة بأن يصبحوا معا قوة للمصالحة والسلام والعدالة في أنحاء العالم كافة. وقال إننا مدعوون للمطالبة بالاختلاف في إطار القبول والمصالحة، ولفت إلى أن هذا الأمر يتطلب منا أن نتخلى عن مشاعر الحقد والانتقام والضغينة.
في الختام اقترح البابا على الحاضرين أن يتوقفوا دقيقة صمت للصلاة ويطلبوا من السماء هبة العمل من أجل السلام: السلام لبيوتنا وعائلاتنا ومدارسنا وجماعاتنا، السلام للمناطق التي تسودها حروب
لا تعرف وقفة، السلام لهذا العالم الذي أعطاه لنا الله كبيت للجميع. وبهذه الطريقة لا تصبح حياة أحبائنا طي النسيان بل تكون حاضرة في كل مرة نناضل فيها لنكون أنبياء لإعادة الإعمار والمصالحة والسلام.