مع رأي للبابا بندكتس السادس عشر
بقلم أنطوانيت نمور
روما, 9 مايو 2014 (زينيت)
تعمد الصورة إلى تكثيف المحتوى المعرفي للمادة التي تعالجها فتجذبنا… و اليوم تزخر شاشاتنا الصغيرة كما الكبيرة بأطياف لونية متعددة : الكثير من المفاهيم المقيمة فيها مواد مضلِلة و لكن تبقى مواد أخرى، على شحها، جيدة و تصلح أن تكون نافذة للتأمل في عالم الجمال لا سيما الروحي منه.
(Mary of Nazareth) فيلم سينمائي وصفّه البعض بالتحفة اللاهوتية المريمية عندما خرج الى الشاشة الكبيرة العام المنصرم. وهو يعالج حياة مريم ، أم يسوع المسيح ، من طفولتها الى القيامة. والملفت أن البابا بنديكتوس السادس عشر شاهده في القصر الرسولي أنذاك ، وترك لنا إنطباعاً جيداًعن هذا الفيلم، مما يشجع محبي الثقافة الروحية ضمه الى مكتبتهم الخاصة أو الرعائية.
الفيلم يجسد بوضوح جوهر الإيمان المريمي العميق والثقة التي أولتها مريم لله وسط الأسرار العظيمة التي عاشتها كأم للمسيح. كما يلقي الضوء على جانب من شخصيتها الرائعة و عطفها،رأفتها واهتمامها بالآخرين ، كما المحبة الجارفة التي جمعتها بيسوع الإبن.
و نرى في مشهديات هذا الفيلم ما يؤكد على أهمية الدور الخاص الذي لعبته هذه العذراء من الناصرة في خطة الله و خلاصنا ، و على العلاقة الفريدة من نوعها مع المسيح ابنها ، كما على المعاناة الهائلة التي تحملتها في آلامه وموت الصليب… فضلا عن فرحها الصافي و الهادىء في قيامته .
في مساء ذاك الاربعاء الفاتيكاني و بعد إنتهاء العرض ، شكر الأب الأقدس منتجي الفيلم على جهدهم و تعاونهم تحت عنوان ” مريم الناصرة” . و في كلمته، أشار البابا بنديكتوس السادس عشر أنه ” ليس من السهل تشخيص صورة أي أم ، لأن غنى الأمومة يصعب وصفها، و كم يصبح الأمر أكثر صعوبة عندما يتعلق بمريم التي هي أم يسوع ، إبن الله المتجسد”… و الفيلم يتناول حياة ثلاث نساء من العهد الجديد : هيروديا ، زوجة هيرودس أنتيباس ، مريم المجدلية ، و بطلة الرواية مريم، أم يسوع… وهي الأم التي تريد أن تبقي ابنها معها، لكنها تعرف أنه هو الله”، قال البابا.
” نراها صاحبة إيمان ومحبة عظيمتين ، قبلت مهمتها و قالت ” أنا هنا يا رب ” من البشارة إلى الصليب ” .
وأعاد البابا العبارة مجدداً ” أنا هنا يا رب ! ” هو نموذج لكيفية ترتيب حياتنا. مريم الناصرة هي امرأة ال ” أنا هنا ” ، تسلّم نفسها بثقة تامة للإرادة الإلهية “… ويختم الأب الأقدس: ” في هذه ال ” نعم ” لله حتى أقدام الصليب وجدت مريم كنز السعادة العظمى والعميقة . “ في كلمات البابا هذه وسط زحمة السياق الصوري المكثف، كلمةُ حق تتألق بجاذبيتها وهيبتها كما هي الحال دوماً عندما يوصّف الحق أمنا مريم