بقلم وسن وارتان
الفاتيكان, 16 ديسمبر 2013 (زينيت)
كنا سابقاً نسمع عن الاضطهاد الذي يصيب المسيحيين في ارجاء المعمورة … و لكن و بوجود وسائل الاتصال، أصبحنا نرى هذا الأضطهاد صوت و صورة، و صرنا نعرف الخبر أثناء حصول الحدث. و الواقع اليوم يدمي القلب و تبكي لأجله العينين، إختطاف 13 راهبات و 3 مدنين في سوريا في ظل تناسي المجتمع الدولي لقضية اختطاف المطرانين. أزمات طائفية في مصر بحجج واهية يذهب ضحيتها أقباط لا ناقة لهم فيها و جمل. إشكلات طلابية في الجامعة اليسوعية في بيروت ذات خلفايات طائفية وحزيبة مسيحية اسلامية.
و في العراق الازمات ابدية عمرها 10 سنوات أبتدأت منذ تفجير الكنائس في الاول من آب 2004 و لم تنته مع مجزرة كاتدارئية سيدة النجاة التي فقدت الكنيسة فيها كاهنين و 52 مصلي … و لا زال الجرح ينزف. هذا هو واقع الشرق الاوسط الذي تحول الى الشر الاوسط .
لا يهنأ الأرهابيون الا بالتنغيص على المسيحين في كل مكان فيه. فبين ربيعهم المنتصر و شتائنا المتهجر هنالك صيف الأضطهاد القاتل و خريف أمانينا الضائعة بالعدالة و الإنسانية . أما المؤتمرات التي يقوم بها المسيحيين من أجل مسيحي الشرق و كل قضاياهم فهي كثيرة و متعددة و تصب في خانة واحدة (هجرة مسيحيي الشرق). و قد نشطت في الأونة الأخيرة مع تزايد الأضطهاد (المقنع). مؤتمرات للإكليروس مؤتمرات للعلمانيين و مؤتمرات لقادة مسيحي الشرق!!!.
أسماء و أسماء و ياليت الأسماء كانت تنفع في صد الهجمات . لن أتحدث عن ما يقوم به الأكليروس من مؤتمرات فليس من شأني التدخل في تصريحاتهم و رغباتهم الحقيقة في لم الشمل المسيحي من أبناء رعاياهم . و لكن كلامي عن من يمثلون المسيحيين في هذه المؤتمرات . و خصوصاً ممن يعيشون في المهجر و يسمون أنفسهم “قادة” و لا أعلم من الذين في المهجر أعطاهم هذا التخويل للتحدث بإسمهم . و أخص بالذكر من يتحدثون من أجل ارجاع المسيحيين الى بلادهم ، و هنا أسأل عن أي بلاد تتحدثون ؟؟!!! عن البلاد التي رفضتنا التي هجرتنا التي خطفت كهنتنا و حرقت كنائسنا .. عن أي بلاد تتحدثون ؟؟!! و بأي مشرق تحلمون ؟! مشرق أضطهد كل ما هو مسيحي فقط لأنه يرسم اشارة الصليب على وجهه ؟! عن أي عودةٍ تتحدثون فيها في المؤتمرات مع من دعوتهم من الأوربين و الأميركان ؟! إن كنتم هكذا محبيين للشرق فلماذا لم تبقوا هناك في بلادكم ؟؟!! لماذا لا نسمع أصواتكم الى بعد أن تأخذوا الجنسيات الأوربية و الأميركية ؟؟!! و بدل كل هذا البذخ في المؤتمرات لماذا لا تعطون هذه النقود الوفيرة للمحتاجين في الشرق اوفي الغرب ؟؟!! .
كل المؤتمرات تصب في ارجاع المهاجريين و منع هجرة الموجوديين . من أنتم حتى تقرروا بدل عن البشر الذي يعانون ؟؟!! دعكم من هذه التصريحات الرنانة التي لو كنت قد آمنتم بها لبقيتم في أرضكم . و نحن فيها الأن … أرسلوا أبنائكم و بناتكم الذين ولدوا هنا للعيش في أرضكم و كونوا قدوة لنا يا ( قادتنا ) !! .أتركوا بيوتكم التي أشترتموها بألاف الدولار ، سياراتكم و سيارات أبنائكم الباهضة ، رواتبكم الشهرية الكبيرة و أرجعوا .. أرجعوا الى أرضكم و مشرقكم الى قراكم التي تحبونها !! ارجعوا الى التراث ، الحضارة ، الأصالة و التاريخ أو لستم تحبونه ؟ و تنادوونا للموت من أجله !!! ارجعوا و أحتضنوه و أتركونا و شأننا في بلاد الغربة نعاني و نقاسي كيفا شئنا فهذه حياتنا و هذا مصيرنا الذي اخترناه بملئ ارادتنا و اختاروا انتم و ابناتكم و “بناتكم” و أكرر” بناتكم” العيش هناك في أرضكم أرض الحضارة و الاجداد .
كونوا لنا قدوة و نحن مستعدين يا قادة .. فإن ذهبتم قبلنا أنتم و عوائلكم أنا عن نفسي مستعدة اليوم قبل غداً أن أتبعكم ! .كفاكم ضحك على أنفسكم بكلام لا تؤمنون أصلا به ، الشعب المسيحي المشرقي ليس ألعوبة بيد هذا أو ذاك هو شعب واعي يعرف كيف يقرر مصيره . المسيحيون ليسوا قصر لكيما يخرج عليه كل يوم شخص يدعي بأنه ” قائد ” و يقول له أعمل كذا و لا تعمل كذا ، هاجر أو لا تهاجر ، ابقى في منزلك او تفضل بالخروج .
كفاكم تمثيل و دعوا كل انسان يختار ما يريد ، ليس لأنكم تتكلمون لغة و أستطعتم الوصول الى مراكز في بلد المهجر تتصورون للحظة ان الناس من الممكن ان تتأثر بما تقولون .فكل مسيحي قائده الوحيد هو “الروح القدس ” في اختيارته و هو لنا خير “قائد” في عبور ” وادي الدموع ” في حياتنا . المسألة مسألة مبدأ و تقرير المصير حق إنساني فردي خالص .
كرستينا ( وسن ) وارتان – الولايات المتحدة الأميركية هي زميلة سابقة لبرنامج حقوق الاقليات في المفوضية السامية لحقوق الانسان – سويسرا.