موقف متناقضة
الأحد الثالث من أبيب
تأمل في قراءات الأحد 13 يوليو 2014 الموافق 19 أبيب 1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“ولَمّا رَجَعَ الرُّسُلُ أخبَروهُ بجميعِ ما فعَلوا، فأخَذَهُمْ وانصَرَفَ مُنفَرِدًا إلَى مَوْضِعٍ خَلاءٍ لمدينةٍ تُسَمَّى بَيتَ صَيدا، فالجُموعُ إذ عَلِموا تبِعوهُ، فقَبِلهُمْ وكلَّمَهُمْ عن ملكوتِ اللهِ، والمُحتاجونَ إلَى الشِّفاءِ شَفاهُمْ. فابتَدأَ النَّهارُ يَميلُ. فتقَدَّمَ الِاثنا عشَرَ وقالوا لهُ: “اصرِفِ الجَمعَ ليَذهَبوا إلَى القرَى والضِّياعِ حَوالَينا فيَبيتوا ويَجِدوا طَعامًا، لأنَّنا ههنا في مَوْضِعٍ خَلاءٍ”. فقالَ لهُمْ:”أعطوهُمْ أنتُمْ ليأكُلوا”. فقالوا:”ليس عِندَنا أكثَرُ مِنْ خَمسَةِ أرغِفَةٍ وسمَكَتَينِ، إلا أنْ نَذهَبَ ونَبتاعَ طَعامًا لهذا الشَّعبِ كُلِّهِ”. لأنَّهُمْ كانوا نَحوَ خَمسَةِ آلافِ رَجُلٍ. فقالَ لتلاميذِهِ:”أتكِئوهُمْ فِرَقًا خَمسينَ خَمسينَ”. ففَعَلوا هكذا، وأتكأوا الجميعَ. فأخَذَ الأرغِفَةَ الخَمسَةَ والسَّمَكَتَينِ، ورَفَعَ نَظَرَهُ نَحوَ السماءِ وبارَكَهُنَّ، ثُمَّ كسَّرَ وأعطَى التلاميذَ ليُقَدِّموا للجَمعِ. فأكلوا وشَبِعوا جميعًا. ثُمَّ رُفِعَ ما فضَلَ عنهُمْ مِنَ الكِسَرِ اثنَتا عَشرَةَ قُفَّةً.(لوقا 9 : 10 – 17).
نص التأمل
مواقف متناقضة
تاملنا هذه المعجزة طويلا وكثيرا….
ما استوقفني اليوم هو التناقض الواضح والصريح بين موقف التلاميذ وموقف يسوع
فيسوع يعظ ويعلم ويصنع المعجزات… لذا تتبعه الجموع من كل الجهات وتسير خلفه أينما ذهب
وهو اليوم قد توجه بهم إلى البرية حيث الهدوء والسكون والخلوة الروحية بعيدا عن مشاغل وضجيج المدينة
والبرية في الكتاب المقدس هي دوما مكان لقيا الله كما في كوسى والشعب في البرية وإيليا…إلخ
واليوم يسوع ينتوي عملا مجيدا وعجيبا لكن التلاميذ لا يستوعبون
موقف الله:
ينزل من علياء سمائه يتجسد ويصير “عمانوئيل”
وها هو يجول يصنع خيرا ويشفي كل اسقام البشرية
وها هو يفتح فاه يحدثهم عن ملكوت الآب
فيخلب الألباب ويسبي العقول ويأسر القلوب
وهذا هو غاية المراد في تخطيط الله الخلاصي
موقف البشرية:
ها قد فتح البشر عيونهم على نوره فتبعوه حيث يمضي
وها هو يمضي أمام الخراف وخرافه تتبعه لأنها عرفت فيه الرب والمعلم
فينسى الإنسان للمرة الأولى متطلبات الحباة من طعام وشراب
ويتلهي عن ضروريات المعيشة بما هو اهم وابقى
ويحقق قول المسيح: ” ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”
لذا لم يشكو أحد عطشا ولا تزمر جوعا ولا تذمر وعاد أدراجه
لم يطالبوا يسوع بالتوقف ولا باستراحة طعام وشراب….
نصل إلى موقف التلاميذ:
هم يظنون المعلم غير ملم بالأبعاد الإستراتيجية للموقف
فيقتربون منه ينبهونه “إصرف الجموع فقد صار لهم ثلاثة أيام”
ويوضوحون له الغرض من ذلك:” ليَذهَبوا إلَى القرَى والضِّياعِ حَوالَينا فيَبيتوا ويَجِدوا طَعامًا”
ويوجهون نظره إلى الموقف الجعرافي: ” لأنَّنا ههنا في مَوْضِعٍ خَلاءٍ”
ويحذرونه من التمادي “لئلا يخوروا في الطريق”…
وكانهم بهذا يقولون ” اللهم قد بلغت اللهم فاشهد”
أو كأنهم مع بيلاطس يطلبون الماء ليغسلوا ايديهم:
” إني بريء من دم هذا الصديق”
والتوجه النفسي والروحي لموقف التلاميذ
هو عدم الرغبة في تحمل المسئولية…. ” ألعلي أنا حارس لأخي؟!!”
لهذه المواقف الثلاثة أهمية كبرى:
موقف الله ثابت لا يتغيير : حاضر دوما بل ويجول يصنع خيرا
دوما مستعد لأن يشفي ويعالج ويداوي
متكفل دوما بسد احتياجات كل من يتبعه المادية منها والمعنوية
موقف التلاميذ:
هم مستجدون تبعوا يسوع ولم يفهموه بعد
هم مازالوا أسرى افكارهم المحدودة
هم أبناء العهد القديم ” تذمر الشعب على موسى،
هل اخرجتنا إلى البرية لنهلك جوعا؟”
هم لا يريدون ان يتحملوا أي نوع من المسئولية
هم يظنون أنفسهم اكثر وعيا من المعلم لذا ينبهون ويحذرون ويلفتون النظر
موقف يسوع:
المعلم يغيير المفاهيم ويعلم: أعطوهم أنتم ليأكلوا…
أيها الإنسان أنت مسئول عن أخيك
أيها التلميذ أنت ملزم بخدمة أخيك
أيها العارف ببواطن الأمور انت لا تعلم فكر الله
يا كل من يظن نفسه ملماً بجوانب الموقف هناك ما لا تستطيع أن تراه
ايها الغارق في الأرقام والحسابات والمنطق والقياس
تعلم من اليوم ان تستخدم مقاييس الله
فإن كانت خبزات الصبي الخمس وسمكتاه لا تكفي لسد جوع فرد واحد
فبركة وحضور الرب ومشاركتك كفيلة بجمع ما يفضل عن الآلاف من كسر