نَحنُ قد سمِعنا ونَعلَمُ
أنَّ هذا هو بالحَقيقَةِ المَسيحُ مُخَلِّصُ العالَمِ
تأمل في قراءات الأحد الثالث من الصوم ( السامرية) 27 من شهر برمهات
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
فلَمّا عَلِمَ الرَّبُّ أنَّ الفَرِّيسيِّينَ سمِعوا أنَّ يَسوعَ يُصَيِّرُ ويُعَمِّدُ تلاميذَ أكثَرَ مِنْ يوحَنا، مع أنَّ يَسوعَ نَفسَهُ لم يَكُنْ يُعَمِّدُ بل تلاميذُهُ، ترَكَ اليَهوديَّةَ ومَضَى أيضًا إلَى الجليلِ. وكانَ لا بُدَّ لهُ أنْ يَجتازَ السّامِرَةَ. فأتَى إلَى مدينةٍ مِنَ السّامِرَةِ يُقالُ لها سوخارُ، بقُربِ الضَّيعَةِ التي وهَبَها يعقوبُ ليوسُفَ ابنِهِ. وكانَتْ هناكَ بئرُ يعقوبَ. فإذ كانَ يَسوعُ قد تعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكذا علَى البِئرِ، وكانَ نَحوَ السّاعَةِ السّادِسَةِ. فجاءَتِ امرأةٌ مِنَ السّامِرَةِ لتستَقيَ ماءً، فقالَ لها يَسوعُ:”أعطيني لأشرَبَ”.لأنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مَضَوْا إلَى المدينةِ ليَبتاعوا طَعامًا. فقالتْ لهُ المَرأةُ السّامِريَّةُ:”كيفَ تطلُبُ مِنِّي لتشرَبَ، وأنتَ يَهوديٌّ وأنا امرأةٌ سامِريَّةٌ؟ .لأنَّ اليَهودَ لا يُعامِلونَ السّامِريِّينَ0أجابَ يَسوعُ وقالَ لها:”لو كُنتِ تعلَمينَ عَطيَّةَ اللهِ، ومَنْ هو الذي يقولُ لكِ أعطيني لأشرَبَ، لَطَلَبتِ أنتِ مِنهُ فأعطاكِ ماءً حَيًّا”. قالتْ لهُ المَرأةُ: “ياسيِّدُ، لا دَلوَ لكَ والبِئرُ عَميقَةٌ. فمِنْ أين لكَ الماءُ الحَيُّ؟ ألَعَلَّكَ أعظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ، الذي أعطانا البِئرَ، وشَرِبَ مِنها هو وبَنوهُ ومَواشيهِ؟”. أجابَ يَسوعُ وقالَ لها:”كُلُّ مَنْ يَشرَبُ مِنْ هذا الماءِ يَعطَشُ أيضًا. ولكن مَنْ يَشرَبُ مِنَ الماءِ الذي أُعطيهِ أنا فلن يَعطَشَ إلَى الأبدِ، بل الماءُ الذي أُعطيهِ يَصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبَعُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ”. قالتْ لهُ المَرأةُ:”يا سيِّدُ، أعطِني هذا الماءَ، لكَيْ لا أعطَشَ ولا آتيَ إلَى هنا لأستَقيَ”. قالَ لها يَسوعُ:”اذهَبي وادعي زَوْجَكِ وتعالَيْ إلَى ههنا” أجابَتِ المَرأةُ وقالتْ:”ليس لي زَوْجٌ”. قالَ لها يَسوعُ:”حَسَنًا قُلتِ: ليس لي زَوْجٌ، لأنَّهُ كانَ لكِ خَمسَةُ أزواجٍ، والذي لكِ الآنَ ليس هو زَوْجَكِ. هذا قُلتِ بالصِّدقِ”. قالتْ لهُ المَرأةُ: “ياسيِّدُ، أرَى أنَّكَ نَبيٌّ! آباؤُنا سجَدوا في هذا الجَبَلِ، وأنتُمْ تقولونَ إنَّ في أورُشَليمَ المَوْضِعَ الذي يَنبَغي أنْ يُسجَدَ فيهِ”. قالَ لها يَسوعُ:”يا امرأةُ، صَدِّقيني أنَّهُ تأتي ساعَةٌ، لا في هذا الجَبَلِ، ولا في أورُشَليمَ تسجُدونَ للآبِ. أنتُمْ تسجُدونَ لما لستُمْ تعلَمونَ، أمّا نَحنُ فنَسجُدُ لما نَعلَمُ . لأنَّ الخَلاصَ هو مِنَ اليَهودِ. ولكن تأتي ساعَةٌ، وهي الآنَ، حينَ السّاجِدونَ الحَقيقيّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالرّوحِ والحَقِّ، لأنَّ الآبَ طالِبٌ مِثلَ هؤُلاءِ السّاجِدينَ لهُ. اللهُ روحٌ. والذينَ يَسجُدونَ لهُ فبالرّوحِ والحَقِّ يَنبَغي أنْ يَسجُدوا”. قالتْ لهُ المَرأةُ:”أنا أعلَمُ أنَّ مَسيّا، الذي يُقالُ لهُ المَسيحُ، يأتي. فمَتَى جاءَ ذاكَ يُخبِرُنا بكُلِّ شَيءٍ”. قالَ لها يَسوعُ:”أنا الذي أُكلِّمُكِ هو”. وعِندَ ذلكَ جاءَ تلاميذُهُ، وكانوا يتعَجَّبونَ أنَّهُ يتكلَّمُ مع امرأةٍ. ولكن لم يَقُلْ أحَدٌ: “ماذا تطلُبُ؟” أو “لماذا تتكلَّمُ معها؟”. فتَرَكَتِ المَرأةُ جَرَّتَها ومَضَتْ إلَى المدينةِ وقالتْ للنّاسِ: “هَلُمّوا انظُروا إنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فعَلتُ. ألَعَلَّ هذا هو المَسيحُ؟”0فخرجوا مِنَ المدينةِ وأتَوْا إليهِ.وفي أثناءِ ذلكَ سألهُ تلاميذُهُ قائلينَ: “يامُعَلِّمُ، كُلْ”. فقالَ لهُمْ:”أنا لي طَعامٌ لآكُلَ لستُمْ تعرِفونَهُ أنتُمْ”. فقالَ التلاميذُ بَعضُهُمْ لبَعضٍ:”ألَعَلَّ أحَدًا أتاهُ بشَيءٍ ليأكُلَ؟” قالَ لهُمْ يَسوعُ:”طَعامي أنْ أعمَلَ مَشيئَةَ الذي أرسَلَني وأُتَمِّمَ عَمَلهُ. أما تقولونَ: إنَّهُ يكونُ أربَعَةُ أشهُرٍ ثُمَّ يأتي الحَصادُ؟ ها أنا أقولُ لكُمُ: ارفَعوا أعيُنَكُمْ وانظُروا الحُقولَ إنَّها قد ابيَضَّتْ للحَصادِ. والحاصِدُ يأخُذُ أُجرَةً ويَجمَعُ ثَمَرًا للحياةِ الأبديَّةِ، لكَيْ يَفرَحَ الزّارِعُ والحاصِدُ مَعًا. لأنَّهُ في هذا يَصدُقُ القَوْلُ: إنَّ واحِدًا يَزرَعُ وآخَرَ يَحصُدُ. أنا أرسَلتُكُمْ لتحصُدوا ما لم تتعَبوا فيهِ. آخَرونَ تعِبوا وأنتُمْ قد دَخَلتُمْ علَى تعَبِهِمْ”.فآمَنَ بهِ مِنْ تِلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السّامِريِّينَ بسَبَبِ كلامِ المَرأةِ التي كانَتْ تشهَدُ أنَّهُ:”قالَ لي كُلَّ ما فعَلتُ”. فلَمّا جاءَ إليهِ السّامِريّونَ سألوهُ أنْ يَمكُثَ عِندَهُمْ، فمَكَثَ هناكَ يومَينِ. فآمَنَ بهِ أكثَرُ جِدًّا بسَبَبِ كلامِهِ. وقالوا للمَرأةِ:”إنَّنا لسنا بَعدُ بسَبَبِ كلامِكِ نؤمِنُ، لأنَّنا نَحنُ قد سمِعنا ونَعلَمُ أنَّ هذا هو بالحَقيقَةِ المَسيحُ مُخَلِّصُ العالَمِ”.( يوحنا 4: 1- 42)
نص التأمل
نَحنُ قد سمِعنا ونَعلَمُ
أنَّ هذا هو بالحَقيقَةِ المَسيحُ مُخَلِّصُ العالَمِ
كيف آمن السامريون بهذا الرجل الذي كانوا مبدئياً يرفضون حتى دخوله أراضيهم؟
هذا الرجل اليهودي من سبط يهوذا أبو اليهود الذين لا يخالطون السامريين واللقب ب “ابن داوود”
هذا الرجل الذي ضُبط متلبسا بالحديث مع إمرأة من السامرة معروف ماضيها وحاضرها
هذا الرجل الذي اقتحم قريتهم بسلامه فادخل السلام قريتهم النائية
ودخل بيوتهم العاتية بمحبته فبث السكينة في قلوبهم المضطربة
واخبرهم بمشيئة الله لهم فروت كلماته العذبة نفوسهم العطشى
الحق يقال ان لهذا المعلم طريقة خاصة جدا في اختراق القلوب والوصول الى مكامن النفس
هو يتعامل مع القلب الانساني بيد جراح خبير:
يلمس اوتاره المرتخية فتتشدد اوتاره
ويعبث بقوامها المتحعد فتستقيم احواله
ويرسل دواءه إلى الشرايين المنسدة ففتفتح أوداجها
ويعقم القلوب ويطهر أدرانها فتضخ في الكيان الانساني حياة جديدة
ويمدها باكسير الحياة ” الحب والغفران” فتتدفق بدماء الحياة الابديه
أليس هذا هو ابن الله؟ قد سمعنا وكم وصلنا من اخبار مثيرة مشوقة
لكنا الآن رأينا وشاهدنا وعرفنا أن هذا الرجل اليهودي
“هو بالحَقيقَةِ المَسيحُ مُخَلِّصُ العالَمِ”
اليس الأمر مذهلا؟ ها هو المسيح اليوم ينتظرك منفردا عند بئر حرمانك
وهو مستعد دوما للمبادرة والدخول في حوار معك
بل مستعد أيضا ان يتحمل الجوع وينسى العطش في صحراء خطاياك في سبيل خلاصك
إذهب اليوم وادعو شريكك او شركائك وتصالح مع نفسك لتتحول من متسلل وهارب
إلى مبشر وداعية وشاهد” تعالوا أنظروا”…