يوسف رجل الصمت
ما أحوجنا اليوم إلى قليل من الصمت
تأمل في قراءات الجمعة 31 يناير 2014 الموافق السابع من شهر أمشير1730
الأب/ بولس جرس
نص الإنجيل
“وبعدما انصرفوا ، إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا : قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر ، وكن هناك حتى أقول لك . لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر وكان هناك إلى وفاة هيرودس . لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : من مصر دعوت ابني حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا . فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها ، من ابن سنتين فما دون ، بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل صوت سمع في الرامة ، نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى ، لأنهم ليسوا بموجودين فلما مات هيرودس ، إذا ملاك الرب قد ظهر في حلم ليوسف في مصر قائلا : قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل ، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلى أرض إسرائيل ولكن لما سمع أن أرخيلاوس يملك على اليهودية عوضا عن هيرودس أبيه ، خاف أن يذهب إلى هناك . وإذ أوحي إليه في حلم ، انصرف إلى نواحي الجليل وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة ، لكي يتم ما قيل بالأنبياء : إنه سيدعى ناصرياً” (متى 2 : 13 – 23).
نص التأمل
ها قد أزف الزمان وآن للمسيح المخلص أن يتجسد ويولد
كان الرب قد سبق فأعد الأجيال والأزمان لإستقبال الملك الوليد
فقد هيأ لذلك عذراء بهية خالية من كل دنس وأرسل ملاكه ليبشرها فقبلت
حلّ الروح القدس عليها وظللتها قوة العلى فصارت مسكنا ” للقدوس إبن الله”
لكن صار الموقف صعبا محرجاً ودقيقاً فتحقيق كل تدبير الله الخلاصي
كان يمكن أن يُعاق ويتوقف… يبدو الأمر هكذا شائكاً ومخيفا
لأنه لو وجدت تلك العذراء حاملا بلا رجل فمصيرها الموت رجما حسب الشريعة
بينما الله في سابق علمه وعظيم حكمته كان قد اعد لتلك المهمة العسيرة
رجلا من نوعية خاصة وفصيلة تسمو على كل الفصائل
إنه يوسف من نسل داوود من سلالة الملوك
هذا الذي وهب الحياة لمشروع الله الخلاصي كي يصل إلى التمام
هذا الذي منح العذراء بطاقة النجاة من الموت إذ قبلها زوجة حسب قول الملاك
هذا الذي منح إبن الله لقب “إبن داوود” وهو كائن قبل داوود
وإذ يقول اللاهوتيون “لولا “نعم” مريم ما تم الخلاص”
أستطيع أنا اليوم أن أقول: لولا ” قبول” يوسف الصامت وطاعته المتفانية ما تم الخلاص”.!!
طوباك أيها الرجل الذي اكتحلت عيناه بوجه مريم وعشق طهر قداستها
طوباك ايها العفيف الذي استنشق عبير تلك الوردة النادرة فشاء ان يشاركها بتوليتها
طوباك ايها الإنسان النبيل الذي في صمت وإجلال قبل ان يكون اباً لإبن الآب السماوي
طوبى لقدميك اللتين سارتا من أورشليم إلى مصر ذهابا وإيابا
طوبى لذراعيك اللتين حملتا الطفل الإلهي وطالما نعس على كتفيك
طوبى ليديك الخشنتين اللتين ربتاه صبيا وعلمتاه النجارة مهنة
طوبى لأذنيك التي سمعتاه يتكلم إلى أن نطق اروع الكلام على الإطلاق
طوبى لشباب افنيته في خدمة الكلمة المتجسد
لرجولة أمضيتها في بتولية وطهارة وعفة بجوار عذراء تصلي
لشيخوخة صالحة اسلمت فيها روحك بين زراعي إبنك وإلهك وأم الإله
فسبقت الجميع إلى الفردوس ومازلت صامتا لم تتكلم بعد لكنك
تنضح على الذين يقصدون طهرك النعم الوفيرة
كانت حياتك عمل بلا قول وبذل بلا كلام وعطاء بلا حدود وطاعة بلا نقاش
وفي سبيل الرب وطاعته إعتبرت كنوز العالم خسرانا لتربح الملكوت
كما سبق واعتبر سميك يوسف ملذات إمراة فوطيفار خسرانا لأنه آمن كمن يعاين الذي لا يرى
وكما اعتبر موسى جدك كنوز فرعون خسرانا ليكون مع شعب الله
ها قد صرت على رأس ذلك الشعب معلما وابا للايتام وزوجا للأرامل وشفيعا للأسرة
فسلام عليك يوم ولدت من نسل الملوك
ويوم عشت في خدمة ملك الملوك
ويوم اسلمت الروح بين يدي الإله المتجسد
ويوم كللت بإكليل المجد السماوي
يوسف يا رجل الله الصامت سلاماً