‎زيارة بابا الفاتيكان لمصر جسر الوصل بين القاهرة وروما ومفتاح عودة السفير

‎زيارة بابا الفاتيكان لمصر جسر الوصل بين القاهرة وروما ومفتاح عودة السفير

نقلا عن الموقع الاخبارى : اليوم السابع

كانت التحذيرات تسبق كل التقديرات، وبادر المعلقون حينها بالجزم المسبق بإقدام الحبر الأعظم على إلغاء الزيارة المقررة إلى القاهرة لدواع أمنية، إلا أن قداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان كان سريعا فى التأكيد على تمسكه بالجولة التاريخية التى تمد الكثير من جذور الثقة بين روما والقاهرة، وفتحت بما لا يدع مجالا للشك الطريق أمام عودة السفير الإيطالى.

فزيارة البابا فرانسيس التى تمت قبل أشهر، واكبتها حملات واسعة فى الصحافة الإيطالية أشادت بمستوى التأمين داخل مصر، بخلاف تأكيدها على ضرورة عودة السفير، حيث قالت وسائل إعلام إيطالية حينها أن “عودة السفير الإيطالى لمصر أصبح أمرًا طبيعيًا وضروريًا بعد زيارة البابا للقاهرة، حيث أن تلك الزيارة اعتراف كامل من الفاتيكان بأهمية مصر فى العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن اختيار البابا فرانسيس لزيارة مصر وتصميمه على تلك الزيارة رغم الهجمات ضد كنيستى طنطا والإسكندرية، وحتى تفجير كمين سانت كاترين، يعكس أن مصر بالفعل بلد الأمن والسلام، ولذلك فإن قضية مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى فى مصر مجرد “حادث” لا يستدعى سحب السفير الإيطالى من البلاد هذه الفترة الطويلة.

وأضافت الصحيفة أن العلاقات المصرية الإيطالية عادت إلى طبيعتها مجددًا، وأصبح من الضرورى إعادة السفير الإيطالى إلى لمصر، فلن تتوقف تلك العلاقات لمجرد حادث.

أما صحيفة “جورنال دى إيطاليا” فكانت أشادت بإجراءات التأمين التى فرضتها الأجهزة الأمنية خلال الزيارة، مشيرة إلى أن زيارة البابا تؤكد أن مصر بلد آمن وستدعم السياحة، مضيفة أن “زيارة البابا وعدم استخدامه سيارة مدرعة دليل قوى على أن مصر ليس بها بؤر إرهابية، ولا تمثل أى خطورة، كما يرى البعض، إنما على العكس من ذلك، لذا فإن زيارة البابا إلى مصر ستكون نقطة تحول فى مستقبل مصر التى ستحظى بانتعاش فى قطاع السياحة بشكل كبير الفترة المقبلة بعد الترويج بأنها “بلد الأمان”.

ومن الصحف الإيطالية إلى دوائر النخبة والبرلمان لم تختلف الدعوات حيث أكد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الإيطالى ضرورة عودة التمثيل الدبلوماسى بشكل طبيعى مع مصر، ودعا الدبلوماسى الإيطالى أنطونيو زاناردى لاندى مستشار دبلوماسى سابق للرئيس الإيطالى، ورئيس منظمة “أنترسوس”، رئيس الوزراء الإيطالى باولو جينتيلونى، إلى إعادة كانتينى فى أسرع وقت ممكن، نظرا لخلو المنصب منذ أكثر من عام منذ مقتل الطالب ريجينى فى مصر، مضيفا: “ليس من المنطقى أن يجرى البلدان حوارا عبر وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن مصر تعد لاعبا رئيسيا فى عمليات إعمار دول منطقة المتوسط”.

وقال زاناردى لاندى “إننا نحتاج إلى مصر مثلما تحتاج مصر لنا”، وتابع: “جميع الذين يؤججون القضية، يرون الموضوع بالكثير من التعاطف، ولكن حينما ينظر إلى الأمر بواقعية فإن عودة السفير الإيطالى فى القاهرة تشجع البحث عن الحقيقة، كما أنه يسمح بإدارة مجموعة من الملفات المعقدة (الهجرة، ليبيا، الإرهاب) فى ذروة علاقات دبلوماسية طبيعية وسيساعد على انتعاش التبادلات التجارية والاقتصادية، مضيفا “أما بالنسبة لوضع ليبيا فإن إيطاليا تحتاج دائما إلى مصر، وإعادة السفير الإيطالى لمصر سيسهل أمور كثيرة على الطرفين وينهى أى أزمات أو خلافات موجودة”.

ومن جانبه، فقد طالب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الإيطالى نيكولا لاتورى لعدة أشهر بعودة السفير للقاهرة وقال أن “هناك ضرورة لإعادة السفير الإيطالى إلى مصر فى الوقت الحالى، واعتقد أنه سيكون من المناسب تعزيز الوجود الدبلوماسى ليس فقط من خلال إرسال سفير روما للقاهرة نظرا لحساسية وأهمية القضايا التى ينبغى معالجتها”.

وأكد لاتورى فى حوار مع صحيفة “لاستامبا” الإيطالية حول قضية مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، أن “حل القضية أمر بالغ الأهمية، ولكن الحقيقة ليس لها علاقة بإعادة السفير إلى مصر”. وشدد لاتورى أن استمرار الفشل الدبلوماسى بين مصر وإيطاليا سيكون له عواقب سلبية ومخاطر ستأخذنا إلى طريق مسدود حتى فى قضية ريجينى. وشدد على أن إيطاليا ومصر تربطهما شراكة تجارية وسياسية قوية ومتماسكة ولا ينبغى أن تنهار لمجرد ملف أو قضية معينة.

وخلال الفترة الماضية، شهدت إيطاليا تراجعاً حاداً فى عدة مجالات ضمنها الاقتصاد، فعلى الرغم من أنها تعتبر واحدة من أكبر 10 اقتصاديات فى العالم من حيث حجم الناتج المحلى الإجمالى، إلا أن دينها العام ارتفع إلى 2.217.909 مليون يورو، مع ديون 132.6 من الناتج المحلى الإجمالى. وفى مايو تراجع النمو 1.4%.

وتراجع مؤشر التنمية البشرية، كما تعتبر ايطاليا من أكبر البلدان الأوروبية التى تعانى من البطالة وصل حجم البطالة فى أبريل 2017 إلى 11.1%، وبالنسبة للشباب الأقل من 25 عاما وصلت نسبة البطالة إلى 34.0%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل فى إيطاليا أكثر من 3.103.000، كما أنها تأتى فى المرتبة 60 فى ترتيب إدراك الفساد من 176 دولة.

ومع دخول الشراكة الاستراتيجية بين الحكومة المصرية وشركة إينى النفطية لإدارة مشروع حقل ظهر، وقال لورينزو ديلاى عضو بمجلس الشيوخ الإيطالى، ورئيس مقاطعة ترينتو فى تصريحات نشرتها وكالات الأنباء الإيطالية واللاتينية “نحن بحاجة إلى إعادة فتح سفارتنا، وإعادة السفير كانتينى على الفور، لأهمية مصر الاستيراتيجية، ورعاية مصالح الإيطاليين والمصالح الأوروبية فى المنطقة”. هذا بالإضافة إلى العضوين كارلو جوفاناردى، ولويجى كومبانيا، الذين اعترفا بأن “سحب السفير من مصر العام الماضى كان له أثر فى تراجع دور إيطاليا فى ليبيا”، وأكدا أن “عدم وجود سفير لروما فى القاهرة، له دور كبير فى تقليص دور إيطاليا فى العديد من القضايا المهمة، ليس فقط فى مصر بل فى المنطقة بأسرها”.

وقال بياجو: “على الرغم من أن قضية ريجينى مهمة، إلا أن هناك العديد من القضايا التى لها نفس القدر من الأهمية بين البلدين، كما أن وجود دبلوماسى إيطالى فى البلد ذاتها سيسهل عملية التحقيقات والبحث حول القضية، فوجود سفير فى القاهرة مهم للغاية من حيث الأمن الإقليمى والمحافظة على التدفقات الاقتصادية والتجارية”.