” آمِنوا بالنّورِ لتصيروا أبناءَ النّور”:  تأمل في قراءات الثلاثاء 8 ابريل 2014

” آمِنوا بالنّورِ لتصيروا أبناءَ النّور”: تأمل في قراءات الثلاثاء 8 ابريل 2014

 

آمِنوا بالنّورِ لتصيروا أبناءَ النّور

تأمل في قراءات الثلاثاء 8 ابريل 2014 الموافق  13 برمودة 1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل
” ما دامَ لكُمُ النّورُ آمِنوا بالنّورِ لتصيروا أبناءَ النّورِ”. تكلَّمَ يَسوعُ بهذا ثُمَّ مَضَى واختَفَى عنهُمْ. ومع أنَّهُ كانَ قد صَنَعَ أمامَهُمْ آياتٍ هذا عَدَدُها، لم يؤمِنوا بهِ، ليَتِمَّ قَوْلُ إشَعياءَ النَّبيِّ الذي قالهُ:”يارَبُّ، مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنا؟ ولمَنِ استُعلِنَتْ ذِراعُ الرَّبِّ؟”. لهذا لم يَقدِروا أنْ يؤمِنوا. لأنَّ إشَعياءَ قالَ أيضًا: “قد أعمَى عُيونَهُمْ، وأغلَظَ قُلوبَهُمْ، لِئلا يُبصِروا بعُيونِهِمْ، ويَشعُروا بقُلوبِهِمْ، ويَرجِعوا فأشفيَهُمْ”. قالَ إشَعياءُ هذا حينَ رأَى مَجدَهُ وتكلَّمَ عنهُ. ولكن مع ذلكَ آمَنَ بهِ كثيرونَ مِنَ الرّؤَساءِ أيضًا، غَيرَ أنهُم لسَبَبِ الفَرِّيسيِّينَ لم يَعتَرِفوا بهِ، لِئلا يَصيروا خارِجَ المَجمَعِ، لأنَّهُمْ أحَبّوا مَجدَ الناسِ أكثَرَ مِنْ مَجدِ اللهِ.( يوحنا 12: 36-43)

نص التأمل
آمِنوا بالنّورِ لتصيروا أبناءَ النّور
حقا تلمسني هذه الاية  وتبدوا في عيني اليوم أكثر تالقا وواقعية وحقيقة عن أي ووقت مضى…
فالإيمان ينعكس بالفعل على صاحبه ويشكل كيانه:
    فمن آمن بالشيطان صار من عبيده،  فتشكلت كل أفكاره وأقواله وتصرفاته وسلوكياته بما يعتقد…
    ومن إستُعبد للجنس، اصبح الجنس هاجسه الأول والأخير، يشغله في يقظته ونومه  ويوجهه في ذهابه وإيابه.
    ومن إتخذ من المال ربا، صار له  تابعاً وعبدا، يوجهه ويحركه ويتحكم في كل تصرفاته
    ومن آمن بالحياة، صار مدافعا عنها متمسكا بها حارسا لها ليل نهار.
    ومن إلتحف بالخير، تمكن عمل الخير منه فيصير عسيرا عليه الإنحراف غلى الشر ويعذبه مخالفة مبادئه
    ومن عانق الصدق،  رفض كل كذب ونبذ كل زيف وتمسك بالحق وشهد له بحياته….
وهكذا يطبع الإيمان الحياة ويشكل الوجدان، كما يوجه محتواه أفكارالإنسان وسلوكياته ويتحكم في أقواله وافعاله…
لذا فحين يطلب المعلم يسوع من تلاميذه والذين يتبعونه جهرا وعلنا ام سرا وكتمانا ان يؤمنوا بالنور فإنه يدعوهم لا إلى فعل نظري فقط او مجرد صيغة لفظية او طقوس رمزية  او حتى مراسيم إحتفالية…كلا فهذا كله يمكن ان يمثل لحظات عابرات قد يكنّ جميلات او مؤثرات،  لكنه لا يغيير كياناً… فإذا كان المسيح بدعوته التلاميذ للإيمان به يطلب من كل مَن يتعونه توبة ورجوعا وتغييرا كيانيا عميقا وشاملا؛ فمما ذلك إلا كي يتمكنوا من الدخول بلا خوف ولا وجل إلى مملكة النور … نوره العجيب نوره الرهيب نوره الكاشف نوره المطهر نوره الحارق نوره الخارق نوره الفارق نوره السرمدي الذي لا يعرف غروبا ولا تدنو منه ظلمة.
من البديهي إذن  ان يصير  الذين يؤمنون بالنور أبناءً للنور فيصبحون اشخاصاً نورانيين، بل يتحولون مع المسيح  إلى كواكب مشرقة متألقة:” يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت ابيهم”
وهكذا يقودنا الإيمان بالنور الحقيقي الذي يضيء لكل انسان آت إلى العالم، تدريجياً نحو هذه الشفافية وذاك الوضوح …وها هو العالم يسير حتما نحو الحق والنور وها هي البشرية تمضي نحو ملكوت الحب والفرح والسلام… هذا ما يحدث الآن بالفعل وما نلمسه في حياتنا وما نلقاه على طرقاتها وما نطالعه على شاشاتنا فقد صرنا اليوم نسطيع أن نمييز ببساطة إذا كانت عيوننا سليمة ومدربة بين:
ما هو نيير وما هو مظلم
بين ما صادق وما هو كاذب
بين ما هو حق وما هو باطل
بين ما هو صدق ونقاء وما هو زيف ورياء
بين ما هو طهارة وضياء وما هو فساد وظلمة
بين ما يقود الى الحب والسلام وما يؤدي إلى الحرب والكراهية
كل هذا لا يعني بالطبع وعلى الفور إختفاء مملكة الظلام فهؤلاء  من قالَ عنهم إشَعياء النبيُ: “قد أعمَى عُيونَهُمْ، وأغلَظَ قُلوبَهُمْ، لِئلا يُبصِروا بعُيونِهِمْ، ويَشعُروا بقُلوبِهِمْ، ويَرجِعوا فأشفيَهُمْ” ولا انتهاء مملكة الظلام واقضاء زمانها
فالمعركة قائمة الى ان يحسمها ذاك الحمل الذي يبطل كل قوى الظلام بإشراقة وجهه…لكن ما أعلمه حقا ويقينا :
ان مملكة الظلام إلى إنقضاء فحتما سيشرق النهار
أن أبناء تلك المملكة المتشحة بالسواد إلى هزيمة نكراء
أن تزايد عدد المصابيح في مكان يزيده إشراقا ويبدد كل ظلماته مهما حلكت وتحالفت
أنك انت وهو وإياي نستطيع أن نكون واحداً من المصابيح التي أوقدها الرب ليبدد ظلمة من حولنا
فبدلا من ان نظل نتذمر ونلعن الظلام ألا يجدر بنا أن نشعل شمعة؟!!!
هلا أشعلت مصابيحك اليوم لا تبخل فلديك الكثير؟