أبّا أيها الآب

أبّا أيها الآب

الأثنين, 7 أكتوبر 2013 27- توت 1730

القراءات اليومية

الأب بولس جرس

 

لأن كل الذين ينقادون بروح الله ، فأولئك هم أبناء الله إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف ، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ : يا أبا الآب الروح نفسه أيضا يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا ، ورثة الله ووارثون مع المسيح . إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان أبناء الله إذ أخضعت الخليقة للبطل – ليس طوعا ، بل من أجل الذي أخضعها – على الرجاء لأن الخليقة نفسها أيضا ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معا إلى الآن وليس هكذا فقط ، بل نحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضا نئن في أنفسنا ، متوقعين التبني فداء أجسادنا لأننا بالرجاء خلصنا . ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء ، لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضا ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا ، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي . ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح ، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين (رومية 8 : 14 – 27).

ولدت فكرة الله أساسا من القوّة، فأمام احساس الإنسان بضعفه شعر بوجوب وجود  قوة أعظم منه…

راح يتصورها في أشياء أرضية وكائنات سماوية وشخصيات أسطورية

وامتدت يد الله نحو البشرية المتخبطة في ظلام بحثها

وبدأ يكشف ذاته تدريجياً لبعض الناس المختارين ابراهيم اسحق يعقوب…

صنع انفسه شعبا اختاره ورعاه وقاده وتجلى له وخاطبه وكشف لهم عن هويته

لكن سواء في الكشف الإلهي مع موسى والأنبياء أو الصور الممسوخة من الآلهة الوثنية،

كانت الهيبة والجلال من طبعه والعظمة والجبروت والقوة والسلطان من سماته

وظلّت تلك هي الصورة وهذا هو الحال خوف ورعدة ومهابة ورعب

ووصل الحال باليهود أنهم صاروا لا يجرءون حتى على النطق باسمه: إلوهيم أو يهوه

فكان أدوناي “السيد”  او ” العلى” هما الكلمات المستخدمة للتعبير عن كيانه وجوهره.

إلى أن جاء يسوع الذي  قاد البشرية ووجهها إلى تغيير جوهري في الفكر اللاهوتي

فهو في كل رسالته وجميع كلماته في خطابه وفي عظاته في معجزاته وفي حياته

ومن غيره؟ فهو الوحيد الكائن في حضن الآب منذ البدء، الذي قال “انا والاب واحد”.

الذي جرأ على القول:” من رأني فقد رأى الآب”، الوحيد الذي رأى والقادر على ان يخبر،

وما اروع وأجمل واسمى ما أخبر:

أكد أن: الله هو الله، هو السيد والرب والخالق العظيم والمهيمن والقادر الجبار،

لكن هذا كله هو أبي وابيكم، إلهي وإلهكم ربي وربكم

إطمئنوا إذن لا تقلقوا ولا تخافوا : “فأبوكم السماوي يعرف ما أنتم بحاجة إليه حتى قبل أن تطلبونه”

وتغيرت الصورة وبالضرورة تغيرت العلاقة

فصرت حين أصلي: أسجد وأركع وأخشع بالطبع،

لكن بشعور السكينة والإطمئنان لأني في حضرة أبي

وحين أطلب: اتوسل وأضرع وأرجو، لكن كإبن من أبيه لا كعبد

بل صرت أتوجه إليه بنفس اللذة والبساطة والبراءة

 التي ينادي بها طفل لم يتعلم بعد لغة الكلام اباه ” ابّا”

ها أن أطلبه بنفس اللذة وأناديه “آبّا” …حقاً ما أروع ذلك… جربّ