أتى المسيح إلينا ، فكيف نأتي إليه؟

أتى المسيح إلينا ، فكيف نأتي إليه؟

إعداد الأخت سامية صموئيل

من ر اهبات القلب المقدس .. ديسمبر 2013

أتى المسيح إلينا، فكيف نأتي إليه؟ سؤال يجيبنا عنه السيد المسيح بنفسه، فيعلن لنا كيفية الآتيان إليه فيقول: ” إن كان أحد يأتي إلىً ولا يبغض أباه وأمه وأمرأته وأولاده وأخوته وأخواته حتى نفسه أيضَأ، فلا يكون لي تلميذَا … ” ( لو 1: 26 ).

​إن الهدف الأول من صوم الميلاد هو تهيئة روح الإنسان لاستقبال المسيح، ولكن كيف نستقبله إذا لم نكن على مستوى التقدم نحوه؟ يرينا الإنجيل كيف نأتي إلى المسيح الذي أتى إلينا، وذلك في صورة شروط حتمية ينبغي أن نلتزم بها من جهة التخلي عن عواطف الجسد لكي نقبل ما هو للروح. وهذه تبدو للوهلة الأولى على إنها صعبة، ولكن الذي طلب منا ذلك، هو الذي أخلى نفسهأولا من ” مجد ” ألوهيته ليأخذ صورة عبد مهان محتملَا الآلام حتى الصليب.

​وفيما يختص بمجيئنا إليه، فقد أرسل الله أبنه إلى العالم منظورَا وملموسَا، بعدما أخلى ذاته، حتى يمكن أن يتراءى أمامنا فندرك هذا السر الفائق عينه، أي مضمون الإخلاء الذي يتحتم أن نعبره، لكي نتراءى أمامه. لذلك يقول السيد المسيح بكل صراحة:

” إن كان أحد يأتي إلىً ولا يبغض أباه وأمه وأمرأته وأولاده وأخوته

وأخواته حتى نفسه أيضَأ، فلا يكون لي تلميذَا … ” ( لو 1: 26 ).

أتى المسيح إلينا، فكيف نأتي إليه؟

​يجيبنا القديس بولس، وهوأشد من تمسك بالناموس والوصايا، يقول بعدما تعرف على المسيح وآمن به: ” لكن ما كان لي ربحَا، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة، بل إني أحسب كل شئ أيضَا خسارة من أجل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح وأوجد فيه ………. ” ( في 3: 7 -9). إذا فقد صار المسيح بالنسبة لبولس كل شئ ، بل والوحيد، وليس اسم آخر تحت السماء يستطيع أن يعلن لنا الله ويقربنا إليه ويوحدنا فيه.

​ فنظرتنا لميلاد المسيح على مستوى التجسد الإلهي في هذا الصوم هي فتح القلب والذهن للإحساس بالله الذي جاء إلينا في إخلاء منقطع النظير فالمطلق صار محدودَا، وغير الزمني صار تحت الزمن، وذلك لكي نراه ونعرفه ونحبه تمامَا كما يرانا ويعرفنا ويحبنا. إن دخول المسيح إلى عالمنا، يعطي الإنسان فرصة للأقتراب منه، الاقتراب الذي ينتهي بالثبات فيه، ” أثبتوا فيً وأنا فيكم” ( يو15:4).

​ففي فترة الصوم هذا نعد نفوسنا لكي نستقبل الميلاد الحقيقي للمسيح فينا، وهذا دعوة لنا لنعيش سر الميلاد. فالمسيح جاء إلى العالم لكي نأتي نحن إليه، جاء إلينا بعدما أخلى ذاته وصار واحدا منا، وهو على نفس المستوى يدعونا إلى إخلاء مشابه:

” إن كان أحد يأتي إلىً ولا يبغض أباه وأمه …… ، فلا يكون لي تلميذَا “

( لو 1: 26 ).

 عزيزي القارئ:

​ إن كنا نصوم لنُعيّد عيد الميلاد بمجيء الله إلى الإنسان إنما بالأحرى نعيّد بعودتنا إليه لقد جاء إلينا فكيف نحن نأتي إليه؟!!! فصومنا هو إعلان عن رغبتنا بالرجوع والعودة إليه، فلنستقبله لأنه تجسد على أرضنا ليرفعنا كخليقة مستعادة، وهذا العيد يخصنا، لذلك لم تعد السنين والتاريخ لنا مجرد أرقام بل حياة مقدسة مرتبطة بالذي تجسد لأجل خلاصنا. مسيحنا المولود هو صاحب العيد وصومنا كي نستقبله ويولد في مذود قلوبنا، إنه سيد التاريخ والحياة كلها ولا فرح أثمن من استقباله كأعظم زائر نستمد منه ينبوع حياتنا ليخمّر عجين العالم كله بالفرح والمسرة .

بمجئ المسيح إلى العالم مولودا في بيت لحم، دعى الله “عمانوئيل” في شخص المسيح أي ” الله معنا” ، فهل نعي ونعيش هذه الحقيقة ، الله معنا، فكيف نكون معه؟ المسيح جاء إلينا، فكيف نجيء نحن إليه؟