أما كان ينبغي… :”أما  تأمل يوم الثلاثاء الموافق 22 ابريل 2014 الموافق 27 برمودة 1730

أما كان ينبغي… :”أما تأمل يوم الثلاثاء الموافق 22 ابريل 2014 الموافق 27 برمودة 1730

أما كان ينبغي…

“أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”

تأمل يوم الثلاثاء الموافق 22 ابريل 2014 الموافق 27 برمودة 1730

الأب/بولس جرس

نص الإنجيل

في الطريق إلى عمواس

“وإذا اثنانِ مِنهُمْ كانا مُنطَلِقَينِ في ذلكَ اليومِ إلَى قريةٍ بَعيدَةٍ عن أورُشَليمَ سِتِّينَ غَلوَةً، اسمُها “عِمواسُ”. وكانا يتكلَّمانِ بَعضُهُما مع بَعضٍ عن جميعِ هذِهِ الحَوادِثِ. وفيما هُما يتكلَّمانِ ويتحاوَرانِ، اقتَرَبَ إليهِما يَسوعُ نَفسُهُ وكانَ يَمشي معهُما. ولكن أُمسِكَتْ أعيُنُهُما عن مَعرِفَتِهِ. فقالَ لهُما:”ما هذا الكلامُ الذي تتطارَحانِ بهِ وأنتُما ماشيانِ عابِسَينِ؟”.فأجابَ أحَدُهُما، الذي اسمُهُ كِليوباسُ وقالَ لهُ:”هل أنتَ مُتَغَرِّبٌ وحدَكَ في أورُشَليمَ ولم تعلَمِ الأُمورَ التي حَدَثَتْ فيها في هذِهِ الأيّامِ؟”. فقالَ لهُما:”وما هي؟”. فقالا:”المُختَصَّةُ بيَسوعَ النّاصِريِّ، الذي كانَ إنسانًا نَبيًّا مُقتَدِرًا في الفِعلِ والقَوْلِ أمامَ اللهِ وجميعِ الشَّعبِ. كيفَ أسلَمَهُ رؤَساءُ الكهنةِ وحُكّامُنا لقَضاءِ الموتِ وصَلَبوهُ. ونَحنُ كُنّا نَرجو أنَّهُ هو المُزمِعُ أنْ يَفديَ إسرائيلَ. ولكن، مع هذا كُلِّهِ، اليومَ لهُ ثَلاثَةُ أيّامٍ منذُ حَدَثَ ذلكَ. بل بَعضُ النِّساءِ مِنّا حَيَّرنَنا إذ كُنَّ باكِرًا عِندَ القَبرِ، ولَمّا لم يَجِدنَ جَسَدَهُ أتينَ قائلاتٍ: إنَّهُنَّ رأينَ مَنظَرَ مَلائكَةٍ قالوا إنَّهُ حَيٌّ. ومَضَى قَوْمٌ مِنَ الذينَ معنا إلَى القَبرِ، فوَجَدوا هكذا كما قالَتْ أيضًا النِّساءُ، وأمّا هو فلم يَرَوْهُ”. فقالَ لهُما:”أيُّها الغَبيّانِ والبَطيئا القُلوبِ في الإيمانِ بجميعِ ما تكلَّمَ بهِ الأنبياءُ! أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”. ثُمَّ ابتَدأَ مِنْ موسَى ومِنْ جميعِ الأنبياءِ يُفَسِّرُ لهُما الأُمورَ المُختَصَّةَ بهِ في جميعِ الكُتُبِ.

ثُمَّ اقتَرَبوا إلَى القريةِ التي كانا مُنطَلِقَينِ إليها، وهو تظاهَرَ كأنَّهُ مُنطَلِقٌ إلَى مَكانٍ أبعَدَ. فألزَماهُ قائلَينِ:”امكُثْ معنا، لأنَّهُ نَحوُ المساءِ وقد مالَ النَّهارُ”. فدَخَلَ ليَمكُثَ معهُما. فلَمّا اتَّكأَ معهُما، أخَذَ خُبزًا وبارَكَ وكسَّرَ وناوَلهُما، فانفَتَحَتْ أعيُنُهُما وعَرَفاهُ ثُمَّ اختَفَى عنهُما، فقالَ بَعضُهُما لبَعضٍ:”ألَمْ يَكُنْ قَلبُنا مُلتهِبًا فينا إذ كانَ يُكلِّمُنا في الطريقِ ويوضِحُ لنا الكُتُبَ؟”. فقاما في تِلكَ السّاعَةِ ورَجَعا إلَى أورُشَليمَ، ووَجَدا الأحَدَ عشَرَ مُجتَمِعينَ، هُم والذينَ معهُمْ وهُمْ يقولونَ:”إنَّ الرَّبَّ قامَ بالحَقيقَةِ وظَهَرَ لسِمعانَ!”. وأمّا هُما فكانا يُخبِرانِ بما حَدَثَ في الطريقِ، وكيفَ عَرَفاهُ عِندَ كسرِ الخُبزِ.(لوقا24 :13 -35 ).”

نص التأمل

أما كان ينبغي…

“أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”

نتناول  من الخمس نقاط التي حددناها في هذا النص الإنجيلي في موضوع القيامة النقطة الثانية بعد أن تناولنا بالأمس نص  الآية “كنا نرجو…” وحالة اليأس التي تصيب الإنسان حتى لو كان من التلاميذ المقربين امام احداث الصلب والهزائم… فتعالوا اليوم نتامل سويا في النقطة الثانية التي تُعتبر رد يسوع الكاشف والمبهر للتغلب على كل ما يمكن ان يلقاه تلاميذه عبر الزمان من صلبان وعثرات وإحباط …

فامام هذاالفراغ الرهيب في تلك النفوس اليائسة المنسلة تحت جنح ظلام ليل الصليب، فراغ الهزيمة البشعة، فراغ صليب العار- فراغ القبر الفارغ – فراغ النفوس من الرجاء – فراغ الحياة من الفرح …نسمع يسوع يصرخ بقوة ويبكتبشدة ويبرهن بوضوح :”أما كان ينبغي: أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟

بل نراه يوبخ ويندد: “ أيُّها الغَبيّانِ والبَطيئا القُلوبِ في الإيمانِ بجميعِ ما تكلَّمَ بهِ الأنبياءُ! أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟”. ثُمَّ ابتَدأَ مِنْ موسَى ومِنْ جميعِ الأنبياءِ يُفَسِّرُ لهُما الأُمورَ المُختَصَّةَ بهِ في جميعِ الكُتُبِ.”

  • فما هو الغباء إذا لم يكن في هذه الحالة الإعتقاد بان يسوع مجرد نبي عاش ونادى بمباديء سامية فتآمر عليه اليهود وقتلوه وانتهى الأمر عند هذا الحد!!! كيف لتلاميذ تبعوه لثلاث سنوات وسمعوا الكوعظة على الجبل: قيل لكم أما انا فاقول… ورأوا المعجزات من قانا الجليل إلى قيامة لعازر..أن يكتفوا بهذ القدر من السطحية في الفهم والإدراك وأن يعيشوا الأمور بمنظور المهزومين الخائبين مما يقودهم بالحتم إلى ما يعيشون من مشاعر الأس والإحباط؟
  • وما هو بطء القلب في الإيمان: سوى تلك الحالة من البلد وعدم الفهم وغياب الوعي وإدراك الأحداث بطريقة تقود إلى ما وصلوا إليه من قرار بالانسحاب والعودة إلى البيت يجترون ذكريات الخيبة والعار بينما ما تم هو قمة النصر وعنوان الإفتخار على مر التاريخ والزمان…

يعودالمسيح القائم مضطراً  إلى دور المعلم والمفسر

منطلقا ومستشهدا كعادته بموسى والأنبياء والكتب المقدسة

أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟

 ليتركهم امام بديهية السؤال ولا منطقية التجاوب والتعامل والسلوك…

ليفتح عقولهم وقلوبهم على أن الوصول إلى نور القيامة، يجب ان يمر بدرب الصليب

وأن الدخول إلى المجد لا يتاتى عبر الهوشعنا والأهازيج بقدر ما يولد عبر العرق والدم والكفاح والموت

وأن مزامير داوود وكلمات اشعياء ومراثي إرمياء وتنهدات موسى ودمعات يوسف المباع من قبل إخوته

غنما كُتبت لأجله وتحققت في شخصه وانطبقت عليه وحده…

وهكذا فإن وروح اليأس والإحباط والتنهد والبكاء المصاحبة للصليب

لا تتناسب مع المسيحية فهي عكس قيمها ولا تناسب التلميذ فهي عكس اختياراته المبدئية

لقد كان المسيح المعلم واضحا منذ الوهلة الأولى

فقد سبق وقال من اراد ان يتبعني فليكفر بنفسه

ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني”

لقد سبق وقال وتنبأ عن كل ما سيحدث له حال الصعود إلى أورشليم

فوقفنا في الطريق نمنعه ورحنا نحذره وننهره”حاشايا رب ان يكون هكذا”

فما كان منه سوى ان طردنا كما سبق وان طرد الشيطان قبلنا:

” إذهب إلى الخلف وابتعد عني فليس تفكيرك من الله بل من البشر”

وهكذا نراه اليوم ثائرا ناقما على فكرنا البشري الذي يرفض الصليب

ويرتد متراجعا امام الصعاب ويحزن ويكتئب امام التجارب.

ها هو اليوم يضع وصفته السحرية ويعيج رسم خارطة الطريق

امام تلاميذه الأغبياء القلوب الثقيلي العيون البطيء الفهم… اما كان ينبغي؟؟؟

وها هو اليوم ينبه كل مسيحي يريد اتباعه:

ضيق الباب ووعرة الطريق

شاق هو الدرب وثقيل حمل الصليب

عنيف هو الحقد وكريه هو الحسد والغيرة

بائس هو الضمير الإنساني حين يفسد

فيحول الحق باطلا والباطل حقا

تعيسة هي المجتمعات التي تحارب الأفضل فيها

ولكن النصر أكيد والقيامة باقية

لكل من سار نحو المجد خلفي، في طريق الألآم،

باخلاص التلميذ الحقيقي الذي لا يعرف التراجع للخلف …