أمّ المحبّة الإلهية: تأمل في الجمعة الموافق 29 أغسطس الموافق اليوم الأول من توت 1731

أمّ المحبّة الإلهية: تأمل في الجمعة الموافق 29 أغسطس الموافق اليوم الأول من توت 1731

أمّ المحبّة الإلهية

تأمل في الجمعة الموافق 29 أغسطس الموافق اليوم الأول من توت 1731

الأب/ بولس جرس

عيد النيروز

توت: نسبة إلى الإله ( تهوت أو تحوت )

إله الحكمة والعلوم والفنون والاختراعات ومخترع الكتابة ومقسم الزمن،

ويصور بشكل رجل رأسه رأس طائر اللقلق

وكان يحتفل باليوم الأول منه ويستمر الاحتفال به أسبوعا،

حتى أيام الظاهر بيبرس الذي منع الاحتفال به عام 1100 م لتطرف الغوغاء في استخدام الحرية،

ثم عاود الأقباط إحيائة في مصر ويسمى ( النيروز) وهى كلمة فارسية معناها اليوم الجديد .

أمثال الشهر: توت ري لا يفوت

أشهر محاصيله: رطب توت

ملاحظات طقسية :

طقس النيروز:

+ إذا وقع عيد النيروز يوم أحد تقرأ فصول النيروز ثم ترحل قراءات الآحاد الأربعة على آحاد شهر توت الباقية.

تقال الليلويا فاي بيبى ولحن طاي شورى ومرد الابركسيس الخاص بالنيروز كذلك مرد الإنجيل والأسبسمس الآدام والواطس وفى التوزيع تقال مديحة النيروز وتعتبر الفترة من 1 إلى 16 توت فرايحي.

النيروز (رأس السنة القبطية للشهداء)

هذا اليوم هو رأس السنة القبطية المباركة.  فلنحفظه يوما مقدسا بكل طهر ونقاوة، ولنبتعد عن الأعمال المرذولة، ولنبدأ سيرة جديدة مرضية. كما يقول الرسول بولس أن كل شيء قد تجدد بالمسيح، الأشياء القديمة قد مضت وهوذا أشياء جديدة قد صارت وكل شيء هو من قبل الله. هذا الذي رضي عنا بالمسيح وأعطانا خدمة المصالحة (2كوه : 17 و 18 ) وقال إشعياء النبي “روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لأبشر المساكين ، أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق و للمأسورين بالإطلاق (اش 61 : 1) ، وقال داود النبي “بارك رأس السنة بصلاحك . تمتلئ بقاعكم دسما (مز65 : 11) . فلنطلب من الرب أن يحفظنا بغير خطية ويساعدنا على العمل بمرضاته. بشفاعة القديسة مريم العذراء وجميع الشهداء والقديسين. آمين

نص التأمل

المحبة كلمة تكاد أن تلخص في حروفها القليلة ديانة ومنهجا وطريقة للعيش وحياة بأكملها

المحبة وصية وحيدة فريدة تليدة بأن تجعل البشرية تعيش في سلام وتناغم وفرح دائم

المحبة فضيلة إلهية لأنها سر الثالوث وسر الوجود وسر الخلق وسر الحياة

وحيث يقول يوحنا الإنجيلي أن “الله محبة” ومنه تنبع كل الفضائل 

المحبة فضيلة إلهية أفاضها الله علينا وغمرنا بها مذ خلقنا وفي جميع أوقاتنا وفى مختلف جوانب حياتنا

وبدون محبة الله لا تكتمل مسيرتنا نحو الحياة إذ أن المحبة تغلب كل شرور العالم لأن المحبة لا تسقط أبداً.

فالخير محبة والسلام محبة والتواضع محبة والغفران فيض محبة …

والرب يسوع حين يصرح ” من أحب أحداً أكثر مني فلا يستحقني” يعني ما يقول،

فاذا كنا نحن البشر لا نقبل أن تحب علينا زوجاتنا او أزوجنا أحد آخر

فما بالكم بإله غيور يعلن عن نفسه ذلك مرارا كثيرة في العهد القديم…

فالله لا يقبل ان نشرك في قلبنا معه احدا أو شيئا آخر في المحبة

وحبه يجب ان يكون مجرد حتى عن المصلحة الشخصية كحب الأم لرضيعها…

والمحبة في الإنجيل هي اساس كل شيء لدرجة جعلت القديس بولس يتحدى الكون والخليقة والعالم

 أنهم لا ولن يستطيعون فصله عن محبة الله التي في المسيح وهو هنا لا يتحدث حديث الفضيلة

الخارقة في شخصه بل عن محبة الله الساكنة فيه والحتمية في تحديد مصيره واختياراته.

وهنا نأتي على نوعية ذلك الحب الذي احبته السيدة العذراء:

– فمريم قد أحبت الله في كل آن وزمان ولحظة من حياتها فكل خطوة تخطوها

انما هي حلقة من سلسلة متواصلة لحبها له مذ خلقها وبراها وانشأها

– لقد أحبت مريم الله من كل قلبها ومن كل نفسها وبكل قوتها فأسلمت نفسها طوعا لعمله فيها ” ليكن”

– لذا فكل فضائل مريم من طاعة وطهارة وتواضع وتضحية هي ثمرة نابعة من مصدر واحد هو حبها لله

– كان حب مريم لله نقيا خالصا لا يعرف مساومة ولا تردد فحبها طاهر لا تشوبه شائبة ولا عاطفة جانبية

– لم يكُ حب مريم يوما حبا استبعادايً exlusive”” يستبعد فيه الحبيبان بصورة قاطعة تواجد أي حب آخر

   بل كان حبها لله شاملا “inclusive” لجميع الخلائق والكائنات لا سيما البشر في كل جيل وإلى الأبد

وهذا لسبب بسيط وواضح هو أن حبها لله جعلها رائدة هذا الحب الشامل على مثال ابنها،

وفيه وبه ومن خلاله أحبت وتحب الجميع لذا يقول القديس الفونسو:

” كما أن النار تلج الحديد فتصهره وتصير واحدا معه وفيه،

هكذا ملأ الروح القدس بلهيبة السماوي

كيان مريم بدرجة لم يعد بعدها ممكنا

ان نرى او نشعر في قلبها سوى بحرارة الحب الإلهي.”

يطول الحديث عن حب مريم “أم المحبة الإلهية” التي قال عنها القديس أنسلموس:

“أنه حيثما توجد طهارةٌ عظمى فهناك تصادف وجود محبةٌ أسمى،

وهكذا بمقدار ما يوجد القلب طاهراً نقياً فارغاً من حب الذات،

فبأكثر من ذلك يوجد ممتلئاً من المحبة لله

ومريم البتول الكلية الطهارة والقداسة،

بتواضعها وإفراغها القلب من حب الذات،

قد وجدت من هذا القبيل مشبعة من المحبة الإلهية،

حتى أنها تفوقت بالحب له تعالى على جميع البشر والملائكة أيضاً…

 كما قال القديس برنردينوس: أن حبها لأبنها قد سما على حب سائر المخلوقات له عز وجل؛

ولذلك بالصواب قد سماها القديس فرنسوا دي سال: سلطانة الحب الإلهي

وقد أمر الرب الإنسان بأن يحبه من كل قلبه بقوله: “أحبب الرب إلهك من كل قلبك

ومن كل نفسك ومن كل فكرك” لكن حسبما يقول القديس توما اللاهوتي

أن هذه الوصية ستفعل من البشر بالكمال في السماء لا في هذه الأرض،

غير أن الطوباوي ألبارتوس الكبير يلاحظ ذلك قائلاً:

أنه لأمراً غير لائقٍ بالله أنه سبحانه يضع وصيةً

لا يوجد ولا واحد من البشر ههنا يمكنه أن يتممها بالكمال،

 لولا أن هذه الأم الإلهية هي من أكمل حفظ الوصية المذكورة تماماً وبكل أجزائها.

وهذا القول يوطده ريكاردوس الذي من سان فيتورة هكذا:

أن أم عمانوئيل مخلصنا قد كانت كاملةً بالتمام في كل الفضائل،

لأنه ترى من هو ذاك الذي حفظ الوصية الأولى تماماً،

وهي أن تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك

الا تلك التي قد أرتسم في قلبها الحب الإلهي.

وأتقد بهذا المقدار، حتى أنه لم يوجد فيها شيء بالكلية مما يثلم هذه الوصية.

 ويقول القديس برنردوس: أن الحب الإلهي قد جرح نفس مريم البتول نافذاً في كل قواها بهذا المقدار،

حتى أنه لم يعد يوجد ولا جزءٌ من أجزاء كيانها الا وأنجرح بالحب.

ومن ثم قد أكملت هي هذه الوصية الإلهية تماماً،

ولذلك أمكن لعروسة النشيد هذه أن تقول:”حبيبي لي وأنا له”

ولهذا كتب ريكاردوس قائلاً: أن السيرافيم أنفسهم كانوا يقدرون أن ينحدروا من السماء

الى الأرض لكي يتعلموا من قلب مريم العذراء الطريقة التي بها يحبون الله.

من هنا نستطيع أن نجزم بأن مريم قد استسلمت تماما لإلهامات الروح القدس

واستثمرت نعمته في حياتها بحبها له ولإبنه القدوس

أما عن حبها للبشر جميعاً ورعايتها لهم وعنايتها بهم فهذا موضوع تأمل الغد