أنا هو البابُ:  تأمل في قراءات الحمعة 27 يونية 2014 الموافق 3 أبيب 1730

أنا هو البابُ: تأمل في قراءات الحمعة 27 يونية 2014 الموافق 3 أبيب 1730

أنا هو البابُ

تأمل في قراءات الحمعة 27 يونية 2014 الموافق 3 أبيب 1730

الأب/ بولس جرس

السنكسار

نياحة القديس كيرلس عمود الدين البابا الرابع والعشرون

في مثل هذا اليوم من سنة 160 ش ( 27 يونية سنة 444 م ) تنيح الأب العظيم عمود الدين ومصباح الكنيسة الأرثوذكسية القديس كيرلس الأول البابا الإسكندري والبطريرك الرابع والعشرون . كان هذا القديس ابن أخت البابا ثاؤفيلس البطريرك ال23 وتربي عند خاله في مدرسة الإسكندرية وتثقف بعلومها اللاهوتية والفلسفية اللازمة للدفاع عن الدين المسيحي والأيمان الأرثوذكسي القويم وبعد أن نال القسط الوافر من هذه العلوم ، أرسله خاله إلى دير القديس مقار في البرية فتتلمذ هناك علي يد شيخ فاضل اسمه صرابامون وقرأ له سائر الكتب الكنسية وأقوال الآباء الأطهار وروض عقله بممارسة أعمال التقوى الفضيلة مدة من الزمان . ثم بعد أن قضي في البرية خمس سنوات أرسله البابا ثاؤفيلس إلى الأب سرابيون الأسقف الفاضل فازداد حكمة وعلما وتدرب علي التقوى والفضيلة . وبعد ذلك أعاده الأسقف إلى الإسكندرية ففرح به خاله كثيرا ورسمه شماسا وعينه واعظا في الكنيسة الكاتدرائية وجعله كاتبا له فكان إذا وعظ كيرلس تملك قلوب سامعيه ببلاغته وفصاحته وقوة تأثيره ومنذ ذلك الحين اشتهر بكثرة علمه وعظم تقواه وقوة تأثيره في تعليمه . ولما تنيح خاله البابا ثاؤفيلس في 18 بابه سنة 128 ش ( 15 أكتوبر سنة 412 م ) أجلسوا هذا آلاب 20 بابه سنة 128 ش ( 17 أكتوبر سنة 412 م ) فاستضاءت الكنيسة بعلومه ووجه عنايته لمناهضة العبادة الوثنية والدفاع عن الدين المسيحي وبدأ يرد علي مفتريات الإمبراطور يوليانوس الكافر في مصنفاته العشرة التي كانت موضع فخر الشباب الوثنيين بزعم أنها هدمت أركان الدين المسيحي .فقام البابا كيرلس بتفنيدها بأدلته الساطعة وبراهينه القاطعة وأقواله المقنعة وطفق يقاوم أصحاب البدع حتى تمكن من قفل كنائسهم و الاستيلاء علي أوانيها ثم أمر بطرد اليهود من الإسكندرية فقام قتال وشغب بين اليهود والنصارى وتسبب عن ذلك اتساع النزاع بين الوالي وهذا القديس العظيم الذي قضت عليه شدة تمسكه بالآداب المسيحية وتعاليمها أن يقوم بنفسه بطلب الصلح مع الوالي الذي رفض قبول الصلح ولذلك طال النزاع بينهما زمانا . ولما ظهرت بدعة نسطور بطريرك القسطنطينية الذي تولي الكرسي في سنة 428 م في أيام الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني الذي أنكر أن العذراء هي والدة الإله. اجتمع لأجله مجمع مسكوني مكون من مائتي أسقف بمدينة أفسس في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني الشهير بالصغير.

فرأس القديس كيرلس بابا الإسكندرية هذا المجمع وناقش نسطور , وأظهر له إنحراف تعليمه وهدده بالحرم والإقصاء عن كرسيه أن لم يرجع عن رأيه الفاسد وكتب حينئذ الإثنى عشر فصلا عن الإيمان المستقيم مفندا ضلال نسطور وقد خالفه في ذلك الأنبا يوحنا بطريرك إنطاكية وبعض الأساقفة الشرقيين منتصرين لنسطور ولكنهم عادوا إلى الوفاق بعد ذلك وانتصر كيرلس علي خصوم الكنيسة وقد وضع كثيرا من المقالات والرسائل القيمة شارحا ومثبتا فيها ” أن الله الكلمة طبيعة واحدة ومشيئة واحدة وأقنوم واحد متجسد ” وحرم كل من يفرق المسيح أو يخرج عن هذا الرأي ونفي الإمبراطور نسطور في سنة 435 م إلى البلاد المصرية وأقام في أخميم حتى توفي في سنة 440 م .ومن أعمال البابا كيرلس الخالدة شرح الأسفار المقدسة ولما أكمل سعيه مرض قليلا وتنيح بسلام بعد أن أقام علي الكرسي الإسكندري إحدى وثلاثين سنة وثمانية شهور وعشرة أيام صلاته تكون معنا . آمين .

نياحة البابا كلستينوس بابا رومية

في مثل هذا اليوم تنيح البابا العظيم كلستينوس أسقف مدينة رومية ( 27 يونيه سنة 422 م ) وكان هذا القديس تلميذا للقديس بونيفاسيوس أسقف رومية وعند نياحته أوصي أن يكون الأب كلستينوس بعده . ثم أوصاه قائلا : ” تحفظ يا ولدي فلابد أن يكون في رومية ذئاب خاطفة ” . وكان هذا الأب راهبا فاضلا عالما فلما تنيح بونيفاسيوس في 4 سبتمبر سنة 422 رسموا كلستينوس مكانه في 10 سبتمبر سنة 422 م في أيام الإمبراطور هونوريوس. وقد مات هذا الإمبراطور في رافين بفرنسا في سنة 423 م ولما أراد أحد الأباطرة أن يجعل نسطور بطريركا علي رومية ويطرد كلستينوس البابا القديس قام الشعب وطرد نسطور ولكن الإمبراطور يوليانوس حقد عليه فخرج هذا القديس إلى أحد الأديرة القريبة من المدن الخمس ، وأقام فيه مدة واجري الله علي يديه عجائب كثيرة ثم ظهر له الملاك روفائيل في حلم قائلا : ” قم اذهب إلى إنطاكية إلى بطريركها القديس ديمتريوس وأقام عنده لأن الإمبراطور قرر في نفسه أن يقتلك عند عودته من الحرب ” . فلما استيقظ خرج من الدير وكان معه اثنان من الاخوة وأتي إلى إنطاكية فوجد بطريركها القديس مريضا وروي له ما حدث وأقام في أحد الأديرة عنده ثم ظهر القديسان أغناطيوس وبونيفاسيوس ومعهما شخص آخر مهيب للإمبراطور في حلم وقالوا له : ” لماذا تركت مدينة القديسين بلا أسقف . هوذا الرب ينزع نفسك منك ، وتموت بيد عدوك ” فقال لهم: ” ماذا أفعل ” فأجابوه قائلين: ” أتؤمن بابن الله ” فقال: ” نعم أؤمن ” فقالوا له: ” أرسل إلى ولدنا الأسقف وأرجعه إلى كرسيه مكرما ” فلما استيقظ كتب إلى بطريرك إنطاكية ديمتريوس ، يسأله أن يعرف رسله بمكان كلستينوس ويعيده إلى كرسيه، فوجده وأعادوه إلى كرسيه بكرامة عظيمة وتلقاه الشعب بفرح وسرور واستقرت الكنيسة بوجوده . ولما جدف نسطور واجتمع عليه المجمع بمدينة أفسس لم يقدر كلستينوس أن يحضره بنفسه لمرضه فأرسل قسين برسالة يحرمه فيها وترأس المجمع أخاه القديس كيرلس بطريرك الإسكندرية . وكان الإمبراطور راضيا بقول نسطور إلا أنه خضع لقرار المجمع ونفي نسطور إلى مصر .ولما أراد الرب أن يخرج القديس كلستينوس من هذا العالم ظهر له بونيفاسيوس سلفه وأثناسيوس الرسولي وقالا له ” أوص شعبك لان المسيح يدعوك إليهفلما استيقظ أوصي شعبه قائلا : ” سيدخل في هذه المدينة ذئاب خاطفة ” . ولما قال هذا أردف قائلا : ” أني أمضي لأن القديسين يطلبونني ” . ولما قال هذا تنيح بسلام . صلاته تكون معنا . أمين

نص الإنجيل

“الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ الذي لا يَدخُلُ مِنَ البابِ إلَى حَظيرَةِ الخِرافِ، بل يَطلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فذاكَ سارِقٌ ولصٌّ. وأمّا الذي يَدخُلُ مِنَ البابِ فهو راعي الخِرافِ. لهذا يَفتَحُ البَوّابُ، والخِرافُ تسمَعُ صوتهُ، فيَدعو خِرافَهُ الخاصَّةَ بأسماءٍ ويُخرِجُها. ومَتَى أخرَجَ خِرافَهُ الخاصَّةَ يَذهَبُ أمامَها، والخِرافُ تتبَعُهُ، لأنَّها تعرِفُ صوتهُ. وأمّا الغَريبُ فلا تتبَعُهُ بل تهرُبُ مِنهُ، لأنَّها لا تعرِفُ صوت الغُرَباءِ”. هذا المَثَلُ قالهُ لهُمْ يَسوعُ، وأمّا هُم فلم يَفهَموا ما هو الذي كانَ يُكلِّمُهُمْ بهِ.فقالَ لهُمْ يَسوعُ أيضًا:”الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنِّي أنا بابُ الخِرافِ. جميعُ الذينَ أتَوْا قَبلي هُم سُرّاقٌ ولُصوصٌ، ولكن الخِرافَ لم تسمَعْ لهُمْ. أنا هو البابُ. إنْ دَخَلَ بي أحَدٌ فيَخلُصُ ويَدخُلُ ويَخرُجُ ويَجِدُ مَرعًى. السّارِقُ لا يأتي إلا ليَسرِقَ ويَذبَحَ ويُهلِكَ، وأمّا أنا فقد أتيتُ لتكونَ لهُمْ حياةٌ وليكونَ لهُمْ أفضَلُ. أنا هو الرّاعي الصّالِحُ، والرّاعي الصّالِحُ يَبذِلُ نَفسَهُ عن الخِرافِ. وأمّا الذي هو أجيرٌ، وليس راعيًا، الذي ليستِ الخِرافُ لهُ، فيَرَى الذِّئبَ مُقبِلاً ويترُكُ الخِرافَ ويَهرُبُ، فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. والأجيرُ يَهرُبُ لأنَّهُ أجيرٌ، ولا يُبالي بالخِرافِ. أمّا أنا فإنِّي الرّاعي الصّالِحُ، وأعرِفُ خاصَّتي وخاصَّتي تعرِفُني، كما أنَّ الآبَ يَعرِفُني وأنا أعرِفُ الآبَ. وأنا أضَعُ نَفسي عن الخِرافِ. ولي خِرافٌ أُخَرُ ليستْ مِنْ هذِهِ الحَظيرَةِ، يَنبَغي أنْ آتيَ بتِلكَ أيضًا فتسمَعُ صوتي، وتكونُ رَعيَّةٌ واحِدَةٌ وراعٍ واحِدٌ. (يوحنا 10 : 1 – 16)

نص التأمل

نعود لنص إنجيل الراعي الصالح …

بالطبع في يوم إحتفال ببابوين عظيمين للكنيسة الكاثوليكية

نياحة القديس كيرلس عمود الدين البابا الرابع والعشرين

الذي دافع عن العذراء ” أم الله- ثيوتوكوس” في مجمع أفسس

وحارب الهرطقات والبدع وعاش حياة القداسة

وهو بابا وبطريرك مصري كاثوليكي، لأن الأرثوذكسية لم تكن قد وُجُدت بعد

فهي وليدة شقاق مجمع خلقيدونية في القرن التالي…

ونياحة البابا كلستينوس بابا رومية  وهو معاصر ورفيق كفاح للقديس كيرلس

وإن حالت ظروفه الصحية حضوره مجمع أفسس إلا انه ارسل مندوبين عنه…

يؤيدون كيرلس في الفكر والدفاع عن العقيدة الكاثليكية السليمة

وهكذا نرى عمل الله في الكنيسة والقديسين والبطاركة عبر التاريخ

فلم يبخل الراعي الصالح أبدا على كنيسته في كل جيل برعاة حسب قلبه

رعاة يبذلون انفسهم عن الإيمان المستقيم

يحمون شعوبهم كما يحمي الراعي خرافه

ينيرون لهم الطريق عبر التعليم الصحيح ودحض البدع

يسلمون القيادة لمن يختاره الروح بعدهم وعبرهم

يتحملون الإضطهاد والظلم والنفي والموت في سبيل إيمانهم

أمثال هؤلاء القادة العظام الذين سبق وأخترتهم رعاة لشعبك

يا رب هب كنيستك على الدوام

لاسيما في هذه الأيام العثيرة المتعثرة التي تتطلب قمة التيقظ وعمق الإيمان وقداسة السيرة

دعونا نصلي اليوم طالبين من الراعي الصالح الذي بذل نفسه بالفعل لا بالقول

أن يرسل رعاة حسب قلبه

وان يقود خطاهم ويوجه عقولهم وقلوبهم لما فيه خير القطيع الذي كما راينا في رؤيا البابا القديس كلستينوس بابا روما “ولما أراد الرب أن يخرج القديس كلستينوس من هذا العالم

ظهر له بونيفاسيوس سلفه وأثناسيوس الرسولي وقالا له

” أوص شعبك لان المسيح يدعوك إليه

 ” فلما استيقظ أوصي شعبه قائلا :

” سيدخل في هذه المدينة ذئاب خاطفة “

ولما قال هذا أردف قائلا : ” أني أمضي لأن القديسين يطلبونني “.

ولما قال هذا تنيح بسلام…

فليحفظ الرب كنيسته من هذه الذئاب