أنتم…أما أنا… : تأمل في قراءات الأربعاء  7 مايو 2014 الموافق 12 بشنس

أنتم…أما أنا… : تأمل في قراءات الأربعاء 7 مايو 2014 الموافق 12 بشنس

أنتم…أما أنا…

تأمل في قراءات الأربعاء  7 مايو 2014 الموافق 12 بشنس 1730

الأب/بولس جرس

نص الإنجيل

“قالَ لهُمْ يَسوعُ أيضًا:”أنا أمضي وستَطلُبونَني، وتموتونَ في خَطيَّتِكُمْ. حَيثُ أمضي أنا لا تقدِرونَ أنتُمْ أنْ تأتوا”. فقالَ اليَهودُ:”ألَعَلَّهُ يَقتُلُ نَفسَهُ حتَّى يقولُ: حَيثُ أمضي أنا لا تقدِرونَ أنتُمْ أنْ تأتوا؟”. فقالَ لهُمْ:”أنتُمْ مِنْ أسفَلُ، أمّا أنا فمِنْ فوقُ. أنتُمْ مِنْ هذا العالَمِ، أمّا أنا فلستُ مِنْ هذا العالَمِ. فقُلتُ لكُمْ: إنَّكُمْ تموتونَ في خطاياكُمْ، لأنَّكُمْ إنْ لم تؤمِنوا أنِّي أنا هو تموتونَ في خطاياكُمْ”. فقالوا لهُ:”مَنْ أنتَ؟”. فقالَ لهُمْ يَسوعُ:”أنا مِنَ البَدءِ ما أُكلِّمُكُمْ أيضًا بهِ. إنَّ لي أشياءَ كثيرَةً أتكلَّمُ وأحكُمُ بها مِنْ نَحوِكُمْ، لكن الذي أرسَلَني هو حَقٌّ. وأنا ما سمِعتُهُ مِنهُ، فهذا أقولُهُ للعالَمِ”. ولم يَفهَموا أنَّهُ كانَ يقولُ لهُمْ عن الآبِ. (يوحنا 8: 21- 27).

 

أنتم…أما أنا…

أنتُمْ مِنْ أسفَلُ، أمّا أنا فمِنْ فوقُ

أنتُمْ مِنْ هذا العالَمِ، أمّا أنا فلستُ مِنْ هذا العالَمِ

هذا هو الفارق وهو ما يصنع الفارق

نحن من أسفل من تراب من سديم من رماد

ومَن مِن الأسفل إلى الأسفل يهبط ومن من التراب إلى التراب يعود

ومن الأرض بالأرضيات ينطق ومن من المادة فبالمادة يقيس

ومع انه منذ البدء حين خلق الله الإنسان نفخ في انفه نسمة الحياة

فحول ترابه إلى تبر وأرضه إلى فردوس وحياته إلى نعيم أغار منه كل الخلائق

إلا أن فداحة الخطيئة أظهرت المعدن الأساسي وبينت ما هو قبيح وعرت كل ما كان مستترا

فوجد الإنسان نفسه عبدا للخطيئة مستعبدا لإبليس

منقادا إلى شهواته مستأنسا من الملذات والفواحش

صارت اعماله شريرة وأقواله قميئة وأفكاره آثمة

باختصار شديد بسقوطه في الخطيئة

لم يعد يستطيع ان يحيا إنسانيته الحقيقية

لم يعد قادرا أن يتحمل أخاه او يطيق زوجه

لم يعد قادرا ان يتحمل وجود الآخر المختلف

لم يعد يستطيع على الإطلاق ان يدخل في لقاء مع الله

مصدر قوته وتميزه وعظمته ووحيه وإلهامه

لدرجة ان صارت القاعدة في الكتاب ” من يرى الله يموت”!!

كيف وقد كنا في الفردوس ننتظر رؤياه بلهفة قلب ونعدو للقياه بفرحة طفل

 ونسعد بصحبته سعادة العريس وننعم بالتحدث والإصغاء إليه حديث الأصدقاء

هكذا صار الحال بعد الخطيئة والإنفصال

صار الإنسان من الأسفل فقط أي:

–       عبد للخطيئة وإبليس يسوده

–       عبد للموت يفنيه ويقضي عليه

–       عبد لشهوات لا تنقضي ولا تعرف إنتهاء

–       عبد للسطة عبد للجنس – عبد للمال…

صار الإنسان في أسفل السافلين  وصارت محبة الله لهذه الخليقة كثيرا ما تعجز عن الوصول إليه

لذا وجدت الرحمة الإلهية أن الوسيلة الوحيدة الباقية لخلاص هذه الخليقة البائسة

هي ان تنزل إليها من فوق لترفعها من اسفل إلى علو

وهكذا شاء الرب ان يصير ” عمانوئيل” ويعيش حياتنا وياكل طعامنا

يسير في شوارعنا ويتحدث لغتنا ويشرب خمرنا

ليحول في النهاية بموته وقيامته،

ظلمة موتنا إلى نور حياة

وماءنا الآسن الراكد إلى خمر فرح

وجوعنا وعطشنا وحرماننا إلى مادبة عرس

وحزننا وضيقنا وكآبة قلوبنا إلى سرور ورقص

والمسيح اليوم إذ يكشف حقيقته وحقيقتنا

لا يعرنل بذلك ولا يتعالى علينا فهو من أخلى ذاته لأجلنا

بل ليقول لنا هلم خارجا من قبوركم جئت لأحييكم

هلم إلى العمق فالخير كثير ينتظركم

هلم غلى الحياة فقد غلبت الموت لإجلكم

هلم إلى النور فقد قهرت الظلمة لتحيوا في النور

هلم إلى الفرح والفردوس من جديد فقدفتحت أبوابه أمامكم

من فوق أتيت لأرفعكم فإلى فوق قلوبكم