استشهاد اسطفانوس من الشدائد والضيقات تولد الانتصارات

تأمل في قراءات الجمعة 27 ديسمبر 2013 –    1 طوبه 1730
اليوم الأول من شهر طوبة
الأب/ بولس جرس
السنكسار
استشهاد القديس اسطفانوس رئيس الشمامسة
 
طوبه: نسبة إلى الإله (أمسو أو طوبيا) أي الأسمى أو الأعلى أو اله المطر الذي سميت باسمه مدينة طيبة بالأقصر ومعناها غسيل أو تطهير ويسمى أيضاً “خم” وهو شكل من أشكال أمون رع إله طيبة بمصر العليا أو إله نمو الطبيعة لأن فيه يكثر المطر وتخصب الأرض . أمثال : طوبة تخلى الصبية كركوبة من كثرة البرد والرطوبة. طوبة أبو البرد والعنوبة)الآلام(.أشهر ما يمتاز به : ماء طوبه
في مثل هذا اليوم استشهد القديس استفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء . هذا الذي شهد عنه لوقا في سفر أعمال الرسل بقوله ” وأما استفانوس فإذ كان مملوءا إيمانا وقوة كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب ” فحسده اليهود واختطفوه وأتوا به إلى مجمعهم ” وأقاموا شهودا كذبة يقولون بان هذا الرجال لا يفتر عن أن يتكلم كلاما تجديفا ضد الموضع المقدس والناموس . لأننا سمعناه يقول إن يسوع الناصري هذا سينقض هذا الموضع ويغير العوائد التي سلمنا إياها موسى . فشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك فقال رئيس الكهنة أترى هذه الأمور هكذا هي ” فأجابهم بكلام مقنع وسرد لهم القول من إبراهيم إلى موسى . وخروج إبراهيم من حاران وميلاد ختان اسحق ويعقوب وبنيه وبيعهم ليوسف وكيف ظهر لاخوته واستدعاهم وساق القول حتى بناء الهيكل . ثم ختم كلامه بقوله : يا قساة الرقاب وغير المختزنين بالقلوب الأذان انتم دائما تقاومون الروح القدس . كما كان آباؤكم كذلك انتم . أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبوا بمجيء البار الذي انتم ألان صرتم مسلميه وقاتليه ممتلئ من الروح القدس فرأي مجد الله ويسوع قائما عن يمين الله . فقال ها أنا انظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله . فصاحوا بصوت عظيم وسدوا آذانهم عليه بنفس واحدة . وأخرجوه خارج المدينة ورجموه وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع اقبل روحي ثم حثي علي ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه وإذ قال هذا رقد” وحمل جسده بعض المؤمنين وأقاموا عليه مناحة عظيمة ثم دفنوه . صلاته تكون معنا آمين.
نص القراءة
“وفي تلك الأيام إذ تكاثر التلاميذ ، حدث تذمر من اليونانيين على العبرانيين أن أراملهم كن يغفل عنهن في الخدمة اليومية فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ وقالوا : لا يرضي أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد فانتخبوا أيها الإخوة سبعة رجال منكم ، مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة ، فنقيمهم على هذه الحاجة وأما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة فحسن هذا القول أمام كل الجمهور ، فاختاروا استفانوس ، رجلا مملوا من الإيمان والروح القدس ، وفيلبس ، وبروخورس ، ونيكانور ، وتيمون ، وبرميناس ، ونيقولاوس دخيلا أنطاكيا الذين أقاموهم أمام الرسل ، فصلوا ووضعوا عليهم الأيادي وكانت كلمة الله تنمو ، وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم ، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان وأما استفانوس فإذ كان مملوا إيمانا وقوة ، كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب فنهض قوم من المجمع الذي يقال له مجمع الليبرتينيين والقيروانيين والإسكندريين ، ومن الذين من كيليكيا وأسيا ، يحاورون استفانوس  ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به حينئذ دسوا لرجال يقولون : إننا سمعناه يتكلم بكلام تجديف على موسى وعلى الله وهيجوا الشعب والشيوخ والكتبة ، فقاموا وخطفوه وأتوا به إلى المجمع  وأقاموا شهودا كذبة يقولون : هذا الرجل لا يفتر عن أن يتكلم كلاما تجديفا ضد هذا الموضع المقدس والناموس لأننا سمعناه يقول : إن يسوع الناصري هذا سينقض هذا الموضع ، ويغير العوائد التي سلمنا إياها موسى فشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ، ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك فقال رئيس الكهنة: أترى هذه الأمور هكذا هي فقال : أيها الرجال الإخوة والآباء، اسمعوا ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين ، قبلما سكن في حاران.” ( أع 7: 54-60)
نص التأمل
من يقرا هذه المقطوعة الخالدة من سفر أعمال الرسل وليست لديه روح الإنجيل يصرخ تلقائيا: يا للهول … لم يكتف اليهود بقتل المخلص وحراسة قبره ولم ترضهم شهادة الرسل أنهم عاينوه واكلوا معه بعد قيامته، فنهروهم وطاردوهم وسجنوهم… وها هم يقومون في هوجة عظيمة غير مبررة على الإطلاق إلا بالقانون الإنجيلي الرهيب ” كلما زادت الخطيئة طفحت النعمة” فيلقون ايديهم على شاب قديس اسمه اسطفانوس…
تكاثر عدد التلاميذ: نعمة وخبر عظيم، لكن زاد التذمرزيادة التذمر اورقت فكرة الدياكون “خدام الكلمة والجماعة” فافرزت سبع قديسين مشهود لهم وعملهم حاضر في الكنيسة إلى اليوم فمن في العالم لا يعرف استفانوس ، وفيلبس، وبروخورس ، ونيكانور ، وتيمون ، وبرميناس ، ونيقولاوس. زيادة التذمر أيقظت الرسل الذين وجدوا انفسهم وقد باتوا منهمكين في تصريف امور مادية واجتماعية فاصدروا هذا البيان العظيم الذي يعتبر دستورا للكنيسة كهنة واساقفة إلى يومنا هذا “وأما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة” ومن يخالفه يخالف روح الإنجيل ويخرج عن نطاق الرسالة…فصلوا ووضعوا عليهم الأيادي وكانت كلمة الله تنمو ، وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم: نتج عن زيادة التذمر ايضا فرزا واختيارا وصلاة وطلب حلول الروح القدس بوضع يد الرسل مؤيدا الفرز مدعما الكنيسة بعناصر جديدة ودم جديد وشهود جدد، فتكاثر عدد التلاميذ جدا في قلب اورشليم.
وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان : ما أروع هذا  الكهنة …خدام الهيكل كهنة العهد القديم يتركون خدمة الشريعة الحجرية وينتقلون إلى شريعة العهد الجديد…ويطيعون الإيمان…حقا ما أجمل ان يترك الكهنة كل شيء ويتفرغون لطاعة الإيمان . إنها العطية العظمى…فالتاريخ لا يتذكر كهنة اغنياء بل كهنة أتقياء والدنيا لم تتغير بمشاريع التنمية بل بشهادة الحياة والرعايا لم تنمو بالجهد المادي بل الروحي والشباب لا يقتنع بالكاهن الشاطر بقدر اقتاعه وإقباله على الكاهن التقي….
وأما استفانوس فإذ كان مملوا إيمانا وقوة : بطل تامل اليوم هذا الرجل القديس الشاب الذي امتلأ قلبه بالإيمان بالرب يسوع ففاق الجميع قوة، لا قوة الجسد بل الروح مما جعله “يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب”هذه هي القوة المطلوبة وتلك هي الصناعة المقبولة: قوة في الروح تصنع العجائب العظيمة. فقام الكثير من العلماء والمتخصصين والحكماء من مختلف المؤسسات والجنسيات “يحاورون استفانوس”  في مناقشة لاهوتية عقائدية“ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به”.حينئذ دسوا الرجال: ما الحل أمام حكمة لا تقاوم ومعرفة لا تقهر ونورانية لا يقترب الظلام إليها وشفافية لا تقبل الدنس؟ الدسيسة… هذا هو الحال منذ البدء منذ الحية وحواء وسوسنة العفيفة…إلى الرب يسوع إلخ… فهل انهت الدسيسة حياة المسيح وهل قضت الدسيسة على اسطفانوس ؟ على العكس أحيتهما خالدين مكرمين وومجدين إلى اليوم وإلى الأبدفشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ، ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك:شخص الجميع  امام طهرك فتجلى نور الرب على وجهك فرأوا ما لا يريدون ان يرو وابصروا ما لا يرغبون في مشاهدته… لأنهم منذ البدء أبوا أن يبصروا الحق لئلا يخلصوا.
اسطفانوس الحبيب كان حياتك قصيرة إذ قطفوا زهرة حياتك في ريعان الشباب
كانت سيرتك العطرة وغيرتك الرسولية مثار إعجاب الرسل انفسهم فوضوعوا عليك اليد
امتلأت من الروح القدس فكانت شهادتك عظيمة مصحوبة بالايات والمعجزات
كانت غيرتك الرسولية وقوة روحك واستنارة عقلك سبب غيرة ومشاحنات
كانت وسيلتهم الوحيدة الباقية هي الكيد والدسيسة فصرت اول شهيد للمسيح
كانت خطبتك العصماء إبان المحاكمة الظالمة درسا وخارطة طريق للإنتقال من العهد القديم إلى الجديد
كانت دماك الطاهرة نبته غرست في قلب أعظم مضطهديك ” شاول” بذرة الإيمان
كان شبابك المسفوك بسخاء العطاء المتوج بإكليل الشهادة درسا للشباب وللبشرية جمعاء
اسطفانوس  يا رئيس الشمامسة وأول الشهداء سلاما عليك يوم انتخبت ويوم نصبت للخدمة ويوم شهدت ويوم رجمت وستبقى إلى الأبد حيا  تعلم الكنيسة باجيالها أن المحن والنكبات والشدائد والضيقات تفرز انتصارات ومعجزات وآيات…