الإعلام المسيحي وفشل القسّ تيري جونز

الإعلام المسيحي وفشل القسّ تيري جونز

بقلم فارس كلداني

الأردن، الخميس 14 أكتوبر 2010 (ZENIT.org).

ظاهرة تصدرت حديث الإعلام العالمي والعربي ، قس يتحدث في الإعلام ويحرض على حرق القرآن ؟

تصدرت صوره 90% من الصحف العالمية وشاشات التلفاز الإخبارية ، حيث تحدث الأخير وكأنه يتحدث باسم المسيحيين ، والغريب إن أتباعه لا يتجاوزون الخمسين شخص ، فمن هو الذي اكتسب الشهرة في هذه الظاهرة؟ هل حقق جونز حلمه بأن يكون رجل ذو شهرة ؟ هل اكتفى جونز بالمجد الباطل ؟

إن جونز ليس هو من حقق الشهرة ، بل نال قسطا منها ولكن أية شهرة نالها ؟

كما يعي المثقف العربي أو الأجنبي إن للشهرة خواص وظروف وأوقات ، فهناك شهرة يلتهب نارها ويخمد ، وهناك شهرة يفوح عطرها ويزول ، وهناك شهرة يلمع نجمها وينسى . إذا في الناتج الرسمي الشهرة = صفر في سفر الحياة، وهذا يدل إن جونز لم يحقق شيء البتة ، بل نال الفشل الذريع بسبب ردع الإعلام المسيحي الملتزم هذا القس الذي لا يمثل سوى نفسه، حيث قام الآباء والمطارنة والبطاركة بردع هذا القس المنحرف عن تعاليم الرب يسوع المسيح ، وبينوا انه لا يمثل المسيحيين بشيء ولا تعاليمهم المبنية على المحبة وما كانت دعوته إلى هوس متطرف ذو أصول سياسية متطرفة ، تدعو إلى التفكك وزرع الفتن وخلق الكراهية بين بني البشر .

ما المقصود من هذه الدعوة ؟

إن المقصود من هذه الدعوة هو مهاجمة الحوار الإسلامي المسيحي الذي وصل إلى مراحل متقدمة مبنية على المحبة والتعايش والإخاء ، وخاصة إن من يقود هذا الحوار هي الكنيسة الكاثوليكية ، حيث يزعج الكثير في الغرب المتطرف تحركات قداسة البابا بندكتوس السادس التي أنعشت الحوار الإسلامي المسيحي من خلال زياراته إلى المساجد والأئمة وممثلي الإخوة المسلمين في جميع أنحاء العالم .

فقد لوحظ ذلك من خلال زيارات قداسته إلى الدول العربية والأجنبية الإسلامية ، فهذه التحركات التي هوجمت لمرات عديدة فأولها ابتدأت باتهام روما بكثلكة الشرق الأرثوذكسي، وأخرى اتهمتها بالفساد ، ولكن كان الإعلام الكاثوليكي بالمرصاد يرد على الاتهامات ويبين الحقائق من خلال الإذاعات والجرائد والمواقع الإعلامية المسيحية حتى أتت محاولة جونس الأخيرة بالتحريض على حرق القرآن الكريم والتي أيضا ردعتها الكنيسة جمعاء بكل طوائفها في العالم من خلال المقالات والبرامج والدعوة إلى التفهم والتريث حتى سقطت المحاولة وباءت بالفشل.

الإعلام السياسي وكيفية تعالمه مع هذا الحدث

إن الإعلام السياسي تعامل وللأسف مع هذا القس وكأنه من يحمل صليب المجد وهو من يتحدث باسم المسيحيين ، فقد أعطى الإعلام أهمية لشخص يفتقر لها وحجمه دون العودة إلى المراجع المسيحية ورأس الكنيسة سواء الكاثوليكية أم الارثذوكسية ، الم يكن من الأفضل التحقق من شخصية هذا الشخص ومراجعه ؟ وهل كل من يشتم الإسلام نسلط الضوء عليه ؟

إن الإعلام هي مهنة مقدسة مبنية على تقصي الحقائق ونشرها ، فالتأكد من أي خبر من شأنه يرفع بمصداقية الوكالة الإعلامية والقائمين عليها ، وطرق التأكد هي سهلة جدا فهناك الكثير من وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة للكنائس يستطيع إي شخص التأكد من أي تصريح يصدر باسم المسحيين ، فلماذا نعطي الذريعة لجماعات متطرفة أن تبث سمومها من خلال الإعلام فبذلك نحن نعطيهم المساحة لإيصال نواياهم إلى أذهان ليس بالضرورة تستقبل هذه الهرطقة كما يستقبلها المثقف ، بل وصلت إلى الكثير من المتشددين الإسلاميين أيضا ولوحظ في بعض وسائل الإعلام ردود أفعال متسرعة تتحدث مع المسيحيين بصورة مباشرة .

إن التعاليم المسيحية التي نشأ وينشأ المسحي عليها لا تتعدى حدودها المحبة والتعايش وتقبل الآخر ومعتقده واحترام مقدساته ولا يمكن لأي شخص يحمل لاهوت السيد المسيح واسمه له الحق بالتحريض على حرق مقدسات أو مهاجمة معتقدات الآخرين أو حتى الإساءة إليها .

من هنا ندعو كل من ينوي نشر خبر يتحدث باسم المسيحيين أن يتحقق من مصدر الخبر وهل إن الكنائس متبنية له أم لا ، حينها ننشر الخبر على انه تصريح رسمي أم هوس متطرف كما ندعو الإعلام الإسلامي إلى الانتباه لهذه المحاولات الصهيونية لضرب الصفوف في بلداننا العربية و90% من هذه التصريحات كانت موجه إلى الشرق الأوسط باعتباره الأرض الخصبة الآن لافتعال الفتن التي انتشرت في بعض البلدان العربية والتي التمسنا أثارها في العراق ومصر مثلا ، فعلينا أن نكون على قدر من المسؤولية بردع هذه المحاولات لزعزعة العلاقات الأخوية التي تربط المسلمين والمسيحيين لعقود طويلة كانت خالية من هذه الظواهر التي بدأت تنمو مع الجماعات المتطرفة التي تتحدث باسم الدين متسترة بنواياها البغيضة إلى الانسانية والسلام اينما وجد في هذه الأرض .