البابا: على كل منا أن يعود للمكان الأول الذي التقى فيه يسوع ليسير معه من جديد

البابا: على كل منا أن يعود للمكان الأول الذي التقى فيه يسوع ليسير معه من جديد

في عظته خلال قداس العشية الفصحية من الفاتيكان

بقلم البابا فرنسيس

روما, 20 ابريل 2014 (زينيت)

ننشر في ما يلي العظة التي ألقاها البابا فرنسيس في قداس العشية الفصحية الذي ترأسه مساء أمس 19 نيسان في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.

***

بيدأ إنجيل قيامة يسوع المسيح من الموت بمسيرة المرأتين نحو القبر عند فجر اليوم التالي للسبت. لقد ذهبتا الى القبر لتكرما جسد الرب، ولكنهما وجدتا القبر مفتوحًا وفارغًا. وقال لهما ملاك قوي: “لا تخافا!” (متى 28، 5)، وطلب منهما أن تنقلا الخبر للتلاميذ: “إنه قام من بين الأموات، وها هوذا يتقدمكم إلى الجليل” (آية 7). هرعت المرأتان خارج القبر، وعلى الطريق تراءى يسوع لهما وقال: “لا تخافا! إذهبا فقولا لإخوتي أن يمضوا إلى الجليل فهناك يرونني” (آية 10). الصوت الذي يشجع على فتح القلب.

بعد موت المعلم، تفرق التلاميذ، وانكسر إيمانهم، وكأن كل شيء انتهى بالنسبة إليهم، فاليقين قد انهار وانطفأ الرجاء. ولكن الآن، يأتي إعلان المرأتين هذا، ولو أنه لا يصدق، وكأنه بصيص نور في الظلمة. انتشر الخبر: يسوع قام، كما كان قد قال، ومن ثم جاء أمر الذهاب إلى الجليل الذي سمعته المرأتان مرتين، أولا من الملاك ثم من يسوع نفسه: “ليمضوا إلى الجليل فهناك يرونني”.

الجليل هو مكان الدعوة الأولى، حيث بدأ كل شيء! العودة الى مكان الدعوة الأولى! مر يسوع على ضفاف البحيرة فيما كان الصيادون يجهزون الشباك، هناك دعاهم فتركوا كل شيء وتبعوه (متى 4، 18-22).

تعني العودة الى الجليل قراءة كل شيء من جديد، بدءًا من الصليب الى الظفر، من دون خوف، لا تخافوا! قراءة كل شيء من جديد- العظات، المعجزات، الجماعة الجديدة، الحماسة والإبتعاد عن الإيمان حتى الخيانة- قراءة كل شيء من جديد بدءًا من النهاية، التي هي بداية جديدة، انطلاقًا من عمل المحبة الأسمى هذا. لكل واحد منا أيضًا هناك جليل، مكان بدأت منه مسيرتنا مع يسوع.

“الذهاب إلى الجليل” يعني شيئا جميلا، يعني أن نعيد اكتشاف معموديتنا كينبوع حياة، وأن نستقي طاقة جديدة من جذور إيماننا وخبرتنا المسيحية. العودة إلى الجليل تعني قبل كل شيء العودة إلى هذه النقطة المتوهجة، هذه اللحظة التي لمستني فيها نعمة الله في بداية المسيرة. من تلك الشرارة أستطيع أن أُشعل نار اليوم، ونار كل يوم، وأن أحمل النور والدفء إلى أخوتي وأخواتي.

من تلك الشرارة يُضاء الفرح المتواضع: فرحٌ لا يسيء إلى الألم واليأس، فرح طيب وبسيط.

في الحياة المسيحية، وبعد المعمودية،هناك “جليل” أكثر وجودية: خبرة اللقاء الشخصي مع يسوع المسيح، الذي دعاني لأتبعه ولأشارك في رسالته. في هذا السياق، تعني العودة إلى الجليل أن نحفظ في القلب الذكرى الحية لهذه الدعوة، عندما مر يسوع على طريقي ونظر إليّ برحمة وطلب مني أن أتبعه، أن نستعيد ذكريات تلك اللحظة عندما التقت عيناي بعينيه، وعندما أشعرني بأنه يحبّني.

اليوم، في هذه الليلة، يمكن أن يتساءل كل واحد منا: ما هو جليلي؟ أين هو جليلي؟ هل أتذكره؟ هل نسيته؟ لقد سرتُ في طرقات ودروب جعلتني أنساه. ساعدني يا رب: قل لي ما هو جليلي؛ أنت تعلم أني أريد أن أعود إلى هناك كي ألقاك وأترك رحمتك تعانقني.

إنجيل الفصح واضح: يجب أن نعود إلى هناك كي نرى يسوع القائم من الموت ونصبح شهودا لقيامته. هذه ليست دعوة للعودة إلى الوراء ولا حنين إلى الماضي. إنها العودة إلى الحب الأول، للحصول على النار التي أضرمها يسوع في العالم، وحملها إلى الجميع حتى أقاصي الأرض.

“جليل الأمم” (متى 4، 15؛ أشعيا 8، 23): أفق القائم من الموت، أفق الكنيسة؛ رغبة عميقة في اللقاء … دعونا ننطلق!

***

نقلته الى العربية نانسي لحود-وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية محفوظة لدار النشر الفاتيكانية