البابا فرنسيس: “علينا أن نسامح لنجد الرحمة”

البابا فرنسيس: “علينا أن نسامح لنجد الرحمة”

“علينا أن نسامح لنجد الرحمة: هذه هي الدرب التي تحمل السلام إلى قلوبنا والعالم” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

“كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم” استهل الأب الأقدس عظته انطلاقا من دعوة يسوع التي نقرؤها في الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا وقال: لا يمكننا أن نفهم بسهولة موقف الرحمة هذا لأننا قد اعتدنا على الإدانة وإصدار الأحكام وفقدنا قدرتنا على التفهم والرحمة. فالرحمة تتطلب منا أولاً أن نعرف أنفسنا: نعرف بأننا قد فعلنا بعض الأشياء غير الصالحة وبأننا خطأة، وأمام توبتنا تتحول عدالة الله إلى رحمة ومغفرة. ولكن علينا أولاً أن نعترف بخطايانا ونخجل بها.

تابع الأب الأقدس يقول: صحيح أن ما من احد منا قد ارتكب جريمة قتل، لكنها خطايا صغيرة ويومية… وعندما نفكر بما فعلناه ونتأمل به نجد بأننا قد خطئنا إلى الله فنشعر عندها بالخجل أمامه، وهذه نعمة يمنحنا الله إياها: نعمة أن نكون خطأة فنقترب منه ونقول له: “أنا خاطئ يا رب وأخجل من خطيئتي أمامك وأسألك الغفران”، انه أمر بسيط لكنه صعب جدًا في الوقت عينه لأنه ليس من السهل أن يعترف المرء بخطيئته.

أضاف البابا فرنسيس يقول: غالبًا ما نبرر خطأنا ونُحمِّل خطيئتنا لآخرين، كما فعل آدم وحواء. من المحتمل أن يكون الآخر قد ساعدني، أو أنه سهل لي الدرب لكن الخطيئة تبقى خطيئتي لأنني ارتكبتها بنفسي! إن اعترفنا بخطيئتنا نظهر تواضعنا، وموقف التوبة هذا يجعلنا أكثر قدرة على الرحمة لأننا قد اختبرنا بأنفسنا رحمة الله لنا تمامًا كما نقول في صلاة الأبانا: “اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا كما نحن نغفر”، ولذا فإذا لم أغفر أصبح خارج منطق الرحمة هذا وعائقًا له.

أما الموقف الثاني الذي تتطلبه منا الرحمة هو أن “نوسع قلوبنا ونفتحها” لأن “القلب الصغير والمنغلق” هو “متكبر وغير قادر على الرحمة”. علينا أن نوسع قلوبنا، تابع البابا يقول، وألا ننظر إلى ما يفعله الآخرون لأننا بدورنا خطأة ولسنا أفضل منهم لندينهم، وليسأل كل منا نفسه دائمًا: “من أنا لأحكم؟”. الرب يطلب منا أن نوسع قلوبنا ويقول لنا: “لا تدينوا فلا تُدانوا. لا تحكُموا على أَحَدٍ فلا يُحكَمَ علَيكم. أُعْفُوا يُعْفَ عَنكم. أَعطُوا تُعطَوا: ستعطَون في أَحضانكُم كيلاً كريماً مَركومًا مُهَزهَزًا طافِحًا، لأنَّه يُكالُ لَكم بِما تَكيلون”. فالقلب الكبير لا يدين ولا يحكم بل يغفر وينسى، والرب قد غفر خطيئتي ونسيها! الرب قد غفر لي وأنا بدوري مدعو لأغفر وأنسى كما يدعونا يسوع اليوم قائلاً “كونوا رحماء كما أَنَّ أَباكُم رَحيم”. فالإنسان الرحوم يتمتع بقلب كبير ويسامح الآخرين دائمًا لأنه ينظر أولاً إلى ضعفه وأخطائه. هذه هي درب الرحمة التي يجب أن نسلكها جميعًا، ولو كان موقف الرحمة هذا موقف كل الشعوب والأشخاص والعائلات لحل السلام في العالم والقلوب، لأن الرحمة تحمل لنا السلام!