البدع و الهرطقات في القرون المسيحية الأولى

* ويمكن إرجاع هذه البدع و الهرطقات إلى عدة أسباب هي:
1- دخول عدد كبير من الأمم إلى المسيحية، بما يحملون من ثقافات وفلسفات يونانية ومحاولاتهم الدمج بين هذه الفلسفات والإيمان المسيحي.
2- محاولة البعض إيجاد طريق وسط بما لا يتعارض مع مبادئ الديانة اليهودية ولا ينكر المسيحية.
3- صعوبة الإيمان المسيحي في ذاته، ومحاولة البعض الوصول إلى تحليل عقلي لهذا الإيمان.
4- امتزاج ثقافات عدة في البيئات المسيحية الأولى، وما تبع ذلك من خلط فكري أدى لمثل هذه الهرطقات.
وفيما يلى سنحاول الوقوف على عدد من هذه البدع والهرطقات السابقة على بدعة آريوس و التي سنبدأ فيها دراسة أخرى.
(1) الغنوسية
أ- تعريفها: كلمة »جنوسيس« كلمة يونانية تعني المعرفة أو العلوم الخاصة بالأمور الروحية أو الإلهية. والغنوسية هي خليط من الأفكار الفلسفية الدينية الهلينية والثنائية الفارسية و اليهودية والمسيحية.
بدأت الغنوسية المسيحية في القرن الأول المسيحي، ولكنها ازدهرت وانتشرت في القرن الثاني، ويعتبر سيمون الساحر الوارد ذكره في سفر أعمال الرسل، هو أبو الغنوسيين حسب رأي بعض المؤرخين. وحاولت بمزيجها الغريب شرح أصل ومصير الروح، التي كانت في البداية في عالم سماوي منير ولكنها سقطت فجأة من هذا العالم المنير إلى الأرض، حيث أصبحت سجينة الجسد الحسي تأثّر الإله الأعظم تأثراً كبيراً لسقوط الروح إلى عالم المادة، فأرسل المخلص لكي يخلصها من هذا السجن، واتخذ هذا المخلص مظهر إنسان لأن الإله لا يمكن أن يتحد بالمادة المرئية، واستطاع بهذه الطريقة أن يعلن للعارفين (الغنوسين) أصلهم أى أنهم من عالم سماوي.
ب- تعاليمها: بالرغم من تنوع مذاهب الغنوسية إلا إنها جميعاً تشترك في أن المعرفة تأتي عن طريق الإلهام، وبهذه المعرفة فقط نستطيع الوصول إلى إدراك وفهم مَن نحن، وما هو مصدرنا وأصلنا وما هي الغاية التي نسعى إليها، وبهذه المعرفة نستطيع الوصول إلى الخلاص من الأشياء الحسية التي تربطنا بالمادة. وبالتالي لا يخلص الإنسان عن طريق الإيمان الذي يمنحه الله إياه في المسيح، بل عن طريق المعرفة التي تنير وترشد إلى الطريق الحقيقي فلا خلاص عن طريق الإيمان.
تعلّم الغنوسية بثنائية الخير والشر وبالتالي ترى وجود سلطتين أو مملكتين:
1- مملكة النور: يحكمها ويسيطر عليها الإله السامي غير المعروف، وقد خرجت من هذا الإله قوات متنوعة الدرجات، وآخر إله خرج من الإله العظيم إله اليهود.
2- مملكة الظلام أو المادة: يحكم هذه المملكة ويسيطر عليها إبليس وتعاونه في الحكم جماعة متنوعة من الشياطين متعددة الدرجات.
تعلِّم الغنوسية كذلك بأن المادة شر وبالتالي فإن الاتصال بالمادة وبما هو مادي شر. والخير (الإله السامي) بعيد كل البعد عن المادة الشريرة، وبالتالي يرفض الغنوسيون أن يأخذ المسيح جسداً مادياً، إذ يقولون أنه أخذ مظهراً جسدياً ولم يأخذ جسداً حقيقياً. انتشرت هذه البدعة كثيراً في مدينة أفسس في فترة حياة القديس يوحنا ولأنه كان يعيش في هذه المدينة فإنا نجد إنجيله ورسائله ترد على هذه البدعة في الآيات الأولى (الكلمة صار جسداً…).
(2) الابيونية
أ- تعريفها: الأبيونيون هم جماعة خرجت من كنيسة أورشليم وكانت تنادي في الكنائس المسيحية بالعودة إلى الناموس. يُرجع البعض اسمهم إلى مؤسسهم الذي يُدعى ابيون؛ ولكن الرأي الأرجح أن كلمة ابيون تعني في العبرية (فقير) وجمعها ابيونيم أي فقراء. ظهرت هذه البدعة أثناء حياة القديس يوحنا لذا نجده يكتب في رسائله ما يؤكد أن يسوع هو المسيح “من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح” (1يو 22:2)

ب- تعاليمها :- يؤمنون بأن يسوع هو مختار الله، لا بل هو النبي الحقيقي، ولكنهم يرفضون ميلاده العذروي ويقولون أنه ابن يوسف ومريم.
– كذلك يرفضون وجود المسيح السابق قبل التجسّد، وبناء على ذلك فهو لم يولد من الروح القدس ولا من الله، بل خُلِق كما خُلقت الملائكة ورؤساء الملائكة ولكنه أعظم منهما جميعاً في الدرجة أى أنهم يعترفون بناسوت المسيح ولكنهم ينكرون لاهوته.
(3) المار كونية (ماركيون)
أ- التعريف والنشأة: وُلد ماركيون حوالي عام 120م في مدينة سينوب على البحر الأسود، من أسرة مسيحية وكان أبوه أسقفاً للمدينة. عندما شب معمل بالتجارة وكوّن ثروة كبيرة ولكنه كان في خلاف دائم مع والده، مما جعل الأخير يقوم بحرمه من الكنيسة. سافر إلى روما عام 140م وانضم لكنيستها وأظهر نشاطاً كبيراً في الخدمة، ولكنه أظهر أيضاً تعاليم غير مستقيمة مما دفع الكنيسة لحرمه عام 144م. أسس ماركيون بعد حرمه كنيسة وجعل فيها نفس الرتب الكهنوتية، وانضم إليه عدد كبير من الأتباع بسبب نشاطه، واستخدام أمواله في جميع الأتباع.
ب- تعاليمها: خلت تعاليم ماركيون من الثنائية التي تكلم عنها فلاسفة اليونان ولكنه نادى بنوع آخر من الثنائية تعلم بوجود إلهين:
1- الإله العظيم السامى (الإله المحب): وهذا الإله غير معروف من العالم ومخفي عنه لأنه لا صلة له بالعالم وليس هو الخالق.
2- الإله الثاني: ليس مساوياً للإله الأول بل أقل منه درجة، وهو لا يعتبر إلهاً شريراً ولكنه عادل وسريع الغضب ومنتقم، يحارب ويسفك دماء أعدائه بلا رحمة ولا شفقة، وهو الذي قام بعملية الخلق.
* وبعد أن خلق العالم اختار شعباً ليكون شاهداً له وهو الشعب اليهودي الذي أعطى له الناموس، وترك بقية الشعوب فريسة للمادة والوثنية.
* يعتقد ماركيون أن المسيح ليس هو المسيا الذي تنبأ عنه العهد القديم، وأن المسيح الحقيقي هو ذاك الذي ظهر بطريقة فجائية في عهد طبباريوس قيصر، ومنذ اللحظة هذه أصبح المسيح في هيئة بشرية واحتفظ بها حسب الظاهر حتى موته على الصليب.
* كذلك يعتقد ماركيون أن الإله السامي المحب قد اظهر نفسه في يسوع المسيا الذي أرسله إله اليهود، فنزل الإله السامي المحب بنفسه على يسوع في وقت العماد وهذا هو التجسد.
** التجسّد في فكر ماركيون:
– يرى أن عملية التجسّد تمت وقت العماد وليس وقت الحمل بالمسيح.
– التجسّد عند مجرد مظهر لأنه لا يؤمن باتصال ما هو مادي بما هو إلهي.
– الذي تجسّد في يسوع المسيح هو الله نفسه وليس ابنه الكلمة الأبدية.
– هدف التجسّد هو تحرير البشر من ناموس الإله الأدنى مرتبة، الذي ثار وهيج اليهود على المسيح فقتلوه.
** ماركيون والكتاب المقدس:
تمسك ماركيون بعشر رسائل فقط من رسائل القديس بولس وبأجزاء من إنجيل القديس لوقا، أما باقي العهد الجديد فأنكره، وحذف منه أيضاً كل الاستشهادات المأخوذة من العهد القديم.
يرى ماركيون أن المسيحيين قد أضافوا أشياء على الأناجيل وأدخلوا عليها معتقداتهم الشخصية، لذا دعا المسيح الرسول بولس لكي يعطيه الإيمان الصحيح والإنجيل الحق، ولأن كلام بولس ظل غامضاً لذا جاء ماركيون ليشرحه ويبسطه حتى تصبح تعاليمه أكثر صدقاً.
· كان للمواجهة التي تمت بينه والقديس بوليكاربوس عام 155 الأثر الكبير في رجوع عدد كبير من أتباع ماركيون إلى الكنيسة.
· أصدرت الكنيسة قرار الحرم الأول عام 144 ضد ماركيون ويعتبر هذا هو تاريخ أول انشقاق لجماعة من جسد الكنيسة.
(4) البنويون (190م)
أ- تعريفهم: البنويون هم الذين يعلّمون بأن يسوع لم يكن ابن الله بالطبيعة بل بالتبني، ومع أنهم ينادون بالميلاد العذراوي للمسيح إلا أنهم يرفضون أزليته. من الذين علّموا بهذا التعليم رجل شرقي يُدعى ثيودوثيوس وكان يُلقب بالدباغ وكان مثقفاً ثقافة مسيحية ويونانية فلسفية عالية جاء إلى روما في نهاية القرن الثاني (189-190) ، بعد ماركيون مباشرة لذا وجد تربة مهيأة لنشر تعاليمه، ولكنه اختلف معه في تمسكه بكلا العهدين ومحاولته إثبات صحة تعاليمه من خلالهما.
ب- تعاليمهم :
1) المسيح في فكر البنويون :
كان الشيخ الشرقي ثيودوثيوس يعلّم في روما بأن يسوع لم يكن بالطبيعة ابن الله، بل تبناه الله، وهذا يعني أن يسوع بن مريم الذي ولد بطريقة عذراوية (معجزة) في الناصرة، بدا وجوده كأي إنسان آخر من لحظة الميلاد (أى أنه غير أزلى) إلا أنه يختلف عن أي إنسان آخر في:
الميلاد العذراوي.
لحظة العماد: هي اللحظة التي صار فيها يسوع ابن الله بالتبني من خلال حلول الروح القدس عليه والصوت الإلهي الذي يعلن تبني الله له. وقد أدرك يسوع هذه البنوة لذا قام بعمل المعجزات انطلاقاً من القوة العلوية التي منحت له.
ويعتمد ثيودوثيوس في إثبات كلامه على الشواهد الكتابية الآتية:
+ من المزامير: أنت ابنى أنا اليوم ولدتك (مز 7:2ب )
+ من رسالة فيلبى: لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم (في9:2). وقد تمت عملية الرفعة هذه بأبهي صورها عندما أقامه الله من الأموات بقوته ووهبه سلطاناً يفوق كل سلطان.
2) البنويون والكنيسة:
حكم فيكتور أسقف روما حوالي سنة 192م بضلالة هذه التعاليم وأدان ثيودوثيوس ولكن هذا الحكم لم يستطع أن يوقف سريان هذه التعاليم وانتشارها في روما وخارجها وأخذ تلاميذ ثيودوثوس على عاتقهم مواصلة الجهاد ونشر تعاليمه، وقد وصل أحدهم وهو ناتاليوس إلى أن يكون أسقف روما عام 200م.
(5) الانتحالية (موداليسم) Modalisme
أ- تعريفها :
عندما نتتبع تاريخ الفكر المسيحي، وخاصة التعاليم المختصة بشخص الرب يسوع، نلاحظ ظهور عدداً كبيراً جداً من المذاهب والمعلمين الذين يحاولون الإجابة على سؤال السيد »من يقول الناس إنى أنا«. وكما سبق ورأينا كيف حاد الكثيرون عن الطريق الصحيح عند محاولتهم الإجابة على هذا السؤال. وأثناء هذا نادى بعض اليهود المسيحيين بوحدانية الله وبأن الله واحد سامٍ عظيم لا يمكن تقسيمه واشترك بعض المعلمين في هذه الطريقة ولكنهم بعد فترة خرجوا بتعليم جديد يُسمى موداليسم وظهر العديد حوالي عام180م، منهم نوتوس المسميرني، وانتشر هذا المذهب في روما في أيام البابا زفيرنوس (202-217).
أشهر شخصيات الانتحالية هو الكاهن سابيليوس الذي وُلد في نهاية القرن الثاني ومات عام 261 م وهو ليبـي الجنسية تعلّم في روما واستقر بها.
ب- تعاليم سابليوس:
رأى سابليوس أن عقيدة الثالوث في الله الواحد عقيدة صعبة وغير مقبولة ومرفوضة من اليهود والوثنيين رفضاً تاماً لذا حاول سابليوس تبسيط وشرح هذه العقيدة بنظرية يمكن تلخيصها فيما يلي:-
يؤمن سابليوس بأن الله الأزلي الذي خلق العالم وكل ما فيه خرج عن صمته وعن راحته بخلق هذا العالم، وعندما خلقه أصبح الله الآب الخالق جوهراً واحداً وشخصاً واحداً، ووحدة واحدة وهو نفس الشخص من الخلق إلى التجسد.
تبدأ المرحلة الثانية عند التجسد، فالله نفسه، نفس الشخص والجوهر هو الذي تجسّد في الإنسان يسوع الناصري أي أن الإله الذي تجسّد في يسوع الناصري ليس الابن أو اللوغوس بل هو الله نفسه، أي أن الآب أصبح ابناً وهو الذي صُلب وتألم ومات.
تبدأ المرحلة الثالثة بعد الصعود، فالروح الذي حلّ على التلاميذ يوم الخمسين هو نفس الشخص الذي كان يعمل في العهد القديم، وهو نفسه الذي صار ابناً أي أن الله أخذ شكل الآب في بداية الخلق، وفي التجسّد انتحل شكل الابن وبعد ذلك انتحل شكل الروح القدس. أي أن سابليوس يؤمن بوجود شخص واحد إلهي قام بأدوار ثلاثة في ثلاث حقبات مختلفة من الزمن. لاقى تفسير سابليوس رواجاً عظيماً حتى أطلق كثيرون عليه الانتحالية السابلينية، وقد انجرف الكثير من معلمي الكنيسة وراء هذه التعاليم لسهولتها وعدم تعقيدها.
ج- موقف الكنيسة من سابليوس:
قام البابا كاليستوس بإصدار حرماناً ضد سابليوس وأتباعه عام 220م، ويظن البعض أن سابليوس قد ظل في روما بعد حرمانه ولكن البعض الآخر يرى أنه حضر إلى مصر ونشر تعاليمه بها. وبرغم كل دفاعات الكنيسة ضد هذا المذهب إلا أنه انتشر بسرعة كبيرة في أماكن كثيرة جداً من المسكونة.
(6) البدعة السيموساطية
أ- تعريفها:
كان بولس السيموساطي خطيباً مفوّهاً وسياسياً ماهراً ماكراً، ولذلك احتل مركزاً مرموقاً في مملكة الملكة زينب التي كانت تعرف بميلها لليهود، ورغبة منها في الانفصال عن روما ساعدت بنفوذها بولس السيموساطي أن يصل إلى كرسى أسقفية إنطاكية عام 260م وهو أيضاً كان يميل لمناصبة روما العداء.
ب- تعاليم بولس السيموساطي:
كان بولس السيموساطي يعلم بأن الله واحد، أي أقنوم واحد، وفي هذا الأقنوم يمكننا أن نميز بين اللوجوس والحكمة، وهما عبارة عن صفتين وليسا أقنومين. خرج اللوجوس من الله أو انبثق منه منذ الأزل، وهو الذي كان يعمل في الأنبياء، وأيضاً في يسوع الذي وُلد من العذراء، أي أن يسوع إنسان مثلنا تماماً، مع أنه أعظم من موسى والأنبياء، ولكنه إنسان كامل، وقد حلّ اللوجوس في هذا الإنسان يسوع لذا لابد من التمييز بينه وبين يسوع. فاللوجوس أعظم من يسوع لأن يسوع بشري مثلنا، حل اللوجوس على يسوع وقت عماده وارتبط به برباط المحبة القوية. وبفضل رباط المحبة هذه استطاع يسوع أن ينتصر ليس فقط على الخطيئة بل أيضاً على خطيئة أجداده، لذا أصبح فادياً ومخلصاً لأنه تمّم مشيئة الله بطريقة كاملة.
*بولس ومجمع انطاكية:
أقام الله كاهناً يُدعى مالكيون لإظهار أضاليل بولس وانضم إليه عدد من الكهنة والأساقفة منهم لينوس أسقف طرسوس، الذي دعا لعقد مجمع محلي في إنطاكية عام 264، ولكن هذا المجمع لم يصل لأية نتيجة، وقد أعقبه مجمع آخر في إنطاكية ولم يصل أيضاً لنتيجة، ولكن الأمناء استمروا في نضالهم ضد بولس السيموساطي، وعُقد مجمع آخر في انطاكية عام 268م وقد قام مالكيون باستجواب بولس في هذا المجمع حتى استطاع إظهار ضلالته أمام الجميع، لذا قام المجمع بقطع بولس من الكنيسة وعينوا أسقفاً آخر بدلاً منه، وقام آباء المجمع بالكتابة إلى أسقفي روما والإسكندرية وأساقفة الكنائس الأخرى شارحين ضلالة بولس السيموساطي. واصل بولس البقاء في منصبه كأسقف رافضاً قرار المجمع وذلك بسبب مساندة الملكة زينب له، واستمر الحال هكذا لمدة أربع سنوات حتى سقطت الملكة وسقط معها بولس وكل تعاليمه.
(7) البدعة اللوشيانوسية Lucianisme
أ- التعريف والنشأة:
يعتقد البعض أن لوشيانوس من سميساط بلدة بولس السيموساطي، فقد قام بولس بعد سيامته الأسقفية باستدعاء لوشيانوس وسامه كاهناً، وأوكل إليه مهمة التعليم في مدينة انطاكية.
ب- تعاليم لوشيانوس :
1) تعاليمه الكرستولوجية:
كان لوشيانوس خلقا لبولس السميساطى في تعليمه وفي نفس الوقت كان معلماً لأريوس فقد علّم بنفس تعاليم بولس ولكنه أضاف إليها إضافات بسيطة. فهو يؤمن أن الله واحد وحيد لا مساو له، وهو الخالق لكل الأشياء، وكل ما هو خارج عنه فهو مخلوق، فهو الذي خلق الحكمة أو اللوجوس وقد أخذ هذا اللوجوس جسداً بشرياً لا روحاً. ولأن ابن الله قد جاع وعطش واضطرب فإنه أخذ جسداً فعلياً وبالتالي كان يسوع إنساناً حقيقياً. والمسيح هو الشخص الذي عرّفنا بالله والذي ارتفع إلى المجد بعد أن أظهر طاعة كاملة ومحبة عارمة لله، ومن هذا التعليم نجد أن يسوع ناسوت فقط وأنه ابن الله بالتبني وليس بالحقيقة.
2) لوشيانوس والكنيسة:
ظل لوشيانوس محروماً في أثناء الفترة التي تولى فيها الجلوس على كرسي إنطاكية الأساقفة الثلاثة خلفاء بولس السيموساطي. لكن بعد موت لوشيانوس بأقل من عشر سنوات سرعان ما خرج علينا تلميذه آريوس ببدعة تقارب في جوهرها تعاليمه.

للمقال بقية
عن مجلة صديق الكاهن