الخداع وتأثيره على عقد الزواج

الخداع وتأثيره على عقد الزواج

للأب هاني باخوم       

الخداع هو شر كبير، يفسد صراحة وشفافية العلاقات بين الاشخاص. المقصود بالخداع فى القانون هو ذلك الفعل المخطط له بقصد ويُنفذ لإخفاء الحقيقة او لإقناع الآخر بشئ وهمي كي يجعله يأخذ قراراً معينا. ولو غاب هذا الخداع ما اتخذ الشخص الآخر نفس القرار.       

القانون 932 من قانون الكنائس الشرقي ينص علي: البند 1- الفعل القانوني الذي أُنجِز تحت إكراه صادر من الخارج، على شخص لم يمكنه مقاومته مطلقا، يُعتبر باطلا. البند 2- الفعل القانوني الذي أُنجِز تحت ]نوع[ آخر من الإكراه أو عن خوف شديد أوقِع ظلما أو عن خدعة، هو صحيح، ما لم يستدرك الشرع غير ذلك؛ لكن يمكن أن يفسخه القاضي بحكم منه إمّا بناء على طلب الطرف المتضرّر أو مَن يخلفه في حقوقه، وإمّا بحكم المنصب.       

هذا القانون مفاجئ، حيث انه يثبت مبدأ: أن الأفعال المؤسسة على الخداع هي صحيحة، ما لم تكن من تلك التي ينص القانون صراحة على بطلانها، كما يمكن للقاضي فسخ هذه الأفعال بناء على: طلب المتضرر او من يخلفه في الحقوق او بحكم المنصب.      

البعض يعتقد ان هذا المبدأ هو (مع كامل الاحترام للمشرع) يشكل هفوة قانونية يجب تعديلها في المستقبل القريب (شروحات مجموعة قوانين الكنائس الشرقية ص942). في حين ان البعض يعتبر أن الخداع لا يعطل الحرية بالتمام وبالتالي لا يفسد الرضا بالضرورة إلا في الحالات التي ينص عليها القانون (ندوات مجلة قوانين الكنائس الشرقية2، الخوري اسقف منصور حبيقه، ص128). ويبقى الامر مفتوحا للنقاش القانوني.       

لكن القانون الشرقي ينص صراحة على بطلان بعض الأفعال القائمة على الخداع، على سبيل المثال: – الزواج القائم على غش او خداع باطلاً (ق821) – الالتحاق بالابتداء ألرهباني بالخدعة أو النذور ألرهباني المشوب بالخدعة (450، 527) – الانتخاب القانوني القائم على غش او خداع (954).     

وهنا نهتم بالخداع في عقد الزواج:       

بما أن الزواج هو شركة حياة كاملة ومتكاملة، رفعها السيد المسيح سراً، ويقام بواسطة العقد الزوجي، فهو يقتضي رضي تام غير مشوب. فلا يمكن ان يكون هذا الرضى التام قائم على اساس الغش او الخداع. لكن كي يكون هذا الخداع بالفعل مبطلا للزواج هناك اربع نقاط هامة يجب توافرها:

  • ان يكون الخداع سبب الغلط

ان ما يجعل الزواج باطلا هو الغلط. بمعنى ان الشخص اخطأ في تكوين حكم معين على الشخص الآخر وهذا الخطأ (الغلط) سببه بطريقة مباشرة خداع الشخص الأول. ولكن اذا اخطأ الشخص في حكمه على الآخر، لكن ليس بسبب خداعه لا يعتبر باطلاً.

  • الخداع حدث للحصول على الرضى

النقطة الاساسية هى علاقة الخداع بالرضى. فاذا تم الخداع كي يحصل الشخص على رضى الشخص الأخر والزواج منه، هنا يبطل الزواج.

  • الخداع يخص صفة من صفات الشخص الآخر

موضوع الخداع هو صفة من صفات الشخص وتكون مقصودة او مفترضة من الشخص الأخر. مثلاً: الإنجاب، فإذا كان يعلم الشخص عدم قدرته على الإنجاب وأخفى الأمر كي ينال رضي الشخص الأخر، وهذه صفة مفترضة، ومقصودة في الزواج، كان الزواج باطلا. سبب البطلان ليس العقم، فالعقم لا يبطل الزواج ولكن الخداع فى صفة الانجاب وهي أساسية مفترضة هو الذي ابطل هذا الزواج.

  • ان تكون الصفة بطبيعتها قادرة على تعكير شركة الحياة بطريقة خطيرة.

اى ان الصفة يجب ان تكون مهمة موضوعيا وذات صلة بطبيعة الزواج وأهدافه. على سبيل المثال:

  • العقم
  • الحبل من الغير
  • السجن
  • المرض المعدي غير قابل للشفاء
  • الانحراف الجنسي
  • الادمان
  • الزواج السابق

كل هذه الصفات وغيرها بالفعل تعكر شركة الحياة بطريقة جسيمة لذا فالخداع فيها يبطل الزواج. هذه هي الشروط الأربعة التى يجب توافرها كي يعتبر الزواج القائم على الخداع بالفعل باطلاً.