العائلة المقدسة

العائلة المقدسة

الشماس نبيل حليم يعقوب

لم يُذْكَر مصطلح “العائلة المقدسة” في الكتاب المقدس، ولكنه مُصلح يُسْتَخْدَم للتعبير عن أسرة السيد المسيح:

الطفل يسوع – العذراء مريم – والقديس يوسف النجار

تعالوا بإرشاد الروح القدس نقترب من تلك العائلة ونتعرف على افرادها:

القديس يوسف:  

كان نجارا فقيرا – أجمعت التقاليد القديمة على القول إنـه كان يعمل نجاراً ” أليس هذا هو ابن النجار” (متى 55:3). وحرفة النجارة فى تلك الأيام لم تكن جزيلة العطاء،فهذا الذى كان من نسل ملوكي عاش فقيراً ومات فقيراً وهذا ما تؤكده من تقديم الذبيحة زوج يـمام او فرخا حمام (لوقا 22:2-39 & لاويين 2:12).

كان باراً

يذكر الكتاب المقدس فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. (مت19:1). فإذ ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا له: “يايوسف بن داود لا تخف أن تأخذ إمرأتك لأن الذى سيولد منها إنما هو من الروح القدس”. لـم تكن برارتـه فقط فى “أن يخليها سِراً” بل فـى كل ما فعله بعد أن علِم بسر التجسد الإلهـي.

كان امينا

ثلاثة جواهر وأسرار عظيمة إئتمنـه عليها الرب: مـريم أم الله، و يسوع إبن الله،وسر التجسد فأي آمانـة ضرورية مطلوبة لـمن يتولـى حفظ هذه الكنوز التى لا توصف.

كان في إستسلام لإرادة الرب

فإستمع لأمر السماء بأن يأخذ امراته الى بيته(متى 24:1) واستسلم لكل اوامر الرب

دون اي تساؤل او تذمر او هروب من الـمسؤولية.

كان قنوعاً

“التقوى الـمقترنة بالقناعة هى تجارة عظيمة لأنا لم ندخل العالم بشيئ ومن الواضح

أنا لا نستطيع أن نخرج منه بشيئ فإذا كان لنا القوت والكسوة فإنا نقتنع بهما” (1تيموثاوس 6:6).

 كان مطيعا للرب – تنفيذ إرادة الرب بلا تردد فلقد اُمر بأن يأخذ إمرأته مريم فنفّذ، وأُمر بأن يرحل الى مصر ويتغرب فنفّذ الأمر،مع ان حدث الحَبل الـمقدس شيئ عجيب وفريد وصعب التصديق. وإحترم رغبة خطيبته العذراء فى البتولية رغما من عدم شيوع البتولية فى ذاك الوقت.ولقد اطاع الشريعة عندما قدّم عن الطفل زوجي يمام (لوقا22:2)، وعندما كان يصعد كل عام الى اورشليم للعبادة فى الهيكل (لوقا41:2). لقد كانت كل حياة القديس يوسف طاعة للـه كاملة.

كان مــحـباً –تُعرف المحبة من محبـة الله وبذل الذات من أجل الآخريـن “فكل من يحب فهو مولود من الله وعارف بـه ومن لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة”(1يو7:4-8)، والقديس يوسف أظهر محبتـه لله بطاعـة وصايـاه وتنفيذه لـمشيئة الرب وخدمـة العذراء وإبنهـا.

إيــمــانـــه القوي –سمع القديس يوسف من الـملاك الذى ظهر له فـى الحُلم أن الطفل الآتي هو “الذى يخلص شعبه من خطاياهم” وبعد هذا هروب ولم تتغير الظروف فكيف يكون هذا الطفل هو مخلص العالم ويبقى الحال كما هو عليه؟.

ولكن يذكر لنا الكتاب ان يوسف: -نفذ كلام الملاك على الفور دون تردد، لقد واظب على تنفيذ الوصايا والشرائع وواظب على تربية يسوع كأي أب حتى أن

الكتاب يذكر “وكان يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس” (لو 52:2)، “إن الإيمان هو الثقة بـما يُرجى والإيقان بأمور لا ترى” (عب 1:11)

– إيمان عامل بلا ضجيج فلم يُخبـر العالـم بأنه أب لـمخلّص إسرائيل بل صنع ما أراده الله فى أن يحرس يسوع وأمه.

الأبوه الصـالـحـة – الأبوة هى عطية سـماوية “الذى منه تُسمّى كل أبـوة فـى السـماوات وعلى الأرض”(أفسس15:3)،وكان القديس يوسف مثالا للأعمال الصالحة لهذا دعاه الكتاب بـأنـه كان “بـاراً”.ويوصي القديس بولس تلميذه تيطس قائلاً:”وأنت اجعل نفسك مثالاً للأعمال الصالحة وتعليمك منـزهاً عن الفساد وقوراً وكلامك صحيحاً لا يُلام عليـه” (تيط 7:2-8)، ويوصي الآبـاء بقولـه: “وأنتم ايها الأبـاء فلا تحنقوا بنيكم بل ربّوهم بأدب الرب وموعظته “(افسس 4:6).

فـى كتاب يشوع بن سيراخ نجد العديـد من الوصايـا للآبـاء (سيراخ 1:30-13).والقديس يوسف كان أباً صالحاً قام بكل مسؤوليات الأب من رعاية وتوجيه وتعليم ومثل صالح ليسوع حتى ان الكتاب المقدس ذكر ان “يسوع يتقدم فى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس”(لو52:1).

كان متعبداً – إن التعبد لله هى أعلى ما يمكن للإنسان أن يقدمـه كتعبيرا عن إيمانه وثقته فى مواعيد الله. فمن يكون قد نفّذ هذا الأمر أكثر من القديس يوسف الذى كان يرى يوميا أمام عينية الله الكلمة الـمتجسدة وأم الله عذراء العذارى. قد يكون حضور الله للآخرين هو بالإيـمان فقط فكم بالحرى ان الله الإبن حاضر امام القديس يوسف فى كل وقت. عندما رأى القديس بطرس السيد الـمسيح فى مجده على جبل التجلّي فصاح قائلا”يارب حسنُ لنا أن نكون ههنا وإن شئتَ فلنصنع ههنا ثلاث مَظال واحدة لك وواحدة لـموسى وواحدة لإيليّـا”(متى4:17)،فكم بالحري كانت حياة القديس يوسف وهى كلها كأنها على جبل التجلّي. عاش القديس يوسف حياتـه يرتوى من فيض

حيـاة الخفاء والتواضع –  لم يكتب عنه العهد الجديد أي كلمة قيلت على لسان القديس يوسف فيمكن القول انه كان “صامتــا”،بل كان يعمل فى صمت وخفاء طوال فترة حياته كعائل للعائلة الـمقدسة مرددا قول الـمرّنم القائل:”قد خرِستُ.لم أفتح فمي لأنّك أنت فعلتَ”(مزمور10:38).

2. القديسة مريم

نقرأ فـى انجيل لوقا ” وكان يسوع يتقدم فـى الحكمة والسن والنعمة عند الله والناس” (لوقا52:2). إن العذراء مريم قد تـمتعت بالـمسيح ثلاثين عامـا من عمره، فقد قدم ثلاثين سنة الأولـى من حياته على الأرض لأمه ومن ثم أعطى لنا مـا تبقى من أيام قلائل لـم تزد عن الثلاث سنوات وأربع أشهر. وطوال تلك السنوات عرفت القديسة مريـم أن تنفذ رسالتها كأم .

خاضـعة لزوجـهـا – يقول الوحـي الإلهـى على لسان القديس بطرس ” كذلك انتن

أيتها النساء إخضعن لرجالكن حتى إن كان بعضهم يكفرون بالكلمة يُربحون بدون الكلمة من تصرف نسائهم إذ يلاحظون تصرفكن بالمهابة والعفاف” (1بط1:3-6).  وكذلك قول الرسول بولس ” أيها النساء اخضعن لرجالكن كما ينبغى فى الرب” (كولوسي 18:3) و ”

وعـن مـريـم ..نـجـدهـا كانت خاضعـة..طائعـة لرجلهـا يوسف..عـند الإكتـتاب و الهـروب إلـى مـصـر..والعـودة إلـى الناصـرة أطاعت ما طلبـه منهـا يوسف دون مناقشة ..فقتبولها الترحال مع يوسف وهى حبلى بيسوع الى بيت لحم اليهودية وخضوعها للرحيل الى مصر او الحياة فى مدينة الناصرة إحتراما لرغبة زوجها يوسف دليلا على عمق المحبة الزوجية العفيفة ما بين مريم ويوسف.

لهـذا نقرأ فى حادثة فقد يسوع فى الهيكل قول مريم “هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” (لو 41:2) فهنا قدمت يوسف أولا وهذا دليل على الإحترام ورفع قدر الرجل.

شبـّه الرسول الزوجة بالكنيسة والرجل هو الـمسيح فى البيت كما بينا، وطالب الرجل والـمرأة بـمسؤليات محددة كـما صنع الرب يسوع الى كنيسته..فالـمسيح أحب الكنيسة وبذل نفسه من أجلها..”فقدسها مطهراً إياها بغسل الـماء وكلمة الحياة ليهديها لنفسه كنيسة مجيدة لا كلف فيها ولا غضن ولا شيئ مثل ذلك بل تكون مقدسة منـزهة عن كل عيب” (أف 36:5-37) .

فالرجل يعمل على تقديس كنيسته..أي إمرأته وبيته باذلا كل نفيس من أجلها  الـمرأة على تقديس كنيستها..زوجها وبيتها باذلة نفسها ..وخاضعة بإيمان.

الزوج..مسؤول أمام الله..مسؤول كالـمسيح “العمل الذى أعطيتني إياه قد أتممته” (يو 17).. مسؤول كمسيح داخل الأسرة وقيادة بيته روحياونفسيا وجسديا..والكتاب المقدس يذخر بالوصايا للأب فى تربية الأبناء (يشوع بن سيراخ 30)

الزوجـة..مسؤولة عن البيت وجعله كنيسة وتعمل على تربية الأبناء فى المسيح..تتشاور مع زوجها فى كل الأمور..امرأة خاضعة لزوجها..ترعى مصلحة بيتها..متزينة بزينة لائقة..

خـاضـعـة لأبـنـهـا – وأيضا ولـم تخضع مـريم لزوجهـا فقط، بل كانت خاضعة

أيضا لإبنها فأطاعته وعاشت بعيدة فى فترة رسالته الـعلنية وعند الصليب ذهبت مع يوحنا الحبيب الى بيته حسب أمر إبنها وأيضا بعد القيامة ذهبت الى الجليل مع باقي الرسل حسب طلب يسوع (متى 16:28) وبقيت مع الرسل فى أورشليم عند حلول الروح القدس فى الخماسين (أع 14:1).

 خاضعـة للرب وإرادتـه – كانت مـريـم  متفانية فى إنجاز الواجبات الدينية “لـمـا تمت ثـمـانية أيام ليختتنوا الصبي سُمي يسوع كـمـا تسمـى من الـمـلاك قبل أن حبل به فى البطن” (لو21:2) ، “ولـمـا تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به الى أورشليم ليقدموه للرب” (لو22:2) ، “وكان أبواه يذهبان فى كل سنة الى أورشليم فى عيد الفصح”. فأعطت مريم بذلك نمـوذجا للإعتراف بسلطة الكنيسة وتعاليمها ووصاياها وتقديم أبنائنا لله. السير مسافات لتنفيذ الواجبات الدينية. تقديم كل مـا نمـلك للرب حتى أعز ما نمـلك وهم أولادنا. والقديسة مـريـم عاشت “أَمـة للرب ليكن لـي بحسب قولك” (لو38:1)..ووصيتهـا الوحيدة الـمدونـة كانت “مهـما قال لكم فإفعلوه” (يو5:2).

مـريـم الـدامـعـة  – أعلن سمعان الشيخ نبؤة عن سيف الأوجاع والألم الذى سيجوز فى نفس مريم ” وأنت أيضا سيجوز فى نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة” ومريم فى المنفى ( هروبها بالطفل الى ارض مصر وحياتها فى مدينة الناصرة) وتحملت سيف الإذدراء وسيف الهروب وسيف اليتم وسيف الترمل وسيف فقد وحيدها على الصليب ومع هذا ظلت مواظبة على الصلاة والإيمان والمحبة والرجاء.

مـريـم الضـارعـة .. المـصـلّيـة – “هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع” (أع 12:1-14).

إن مـريم كانت ثمرة من ثـمار الصلاة فلقد كانا أبواها حنة ويواقيم عاقران ، ودخولها الهيكل منذ طفولتها ، وخطبتها ليوسف بعد صلاة الكهنة. نجد إن صفات الـمـصلي أن يكون متواضعاً..واثقاً بالله..مـواظبا ، ومريم كانت واثقة ومواظبة ومتواضعة.

وأيضا عندما هتفت مريم بأنشودة التعظيم فهذا دليل على أن نفسها كانت متشبعة بترانيم وتسابيح وكلمات الله.

مـريـم الرائعة فى إيـمـانـها..فى قبولهـا بالحبل الإلهي..فى خدمتها لأليصابات..فى

خدمتها ليسوع..فى خدمتها ليوسف..فى خدمة بيتها..فى إحتمال الآلام والضيق والهروب الى أرض مصر وسماعها بقتل أطفال بيت لحم..فى غربتها وحياتها فى الناصرة التى لا يخرج منها شيئ صالح..حياة منطوية ..بلا تذمر..إيـمـانها فى عرس قانا الجليل بقدرة إبنها الإلهي..إيـمـانها تحت الصليب فلم تيأس وتلعن السماء..

فى الحقيقة انه منذ أن سلمت مريم نفسها لتكون آمة للرب حتى موتها وبعد موتها

وإنتقال جسدها ونفسها للسماء مازالت تشهد بإيـمـانها..موجهة قلب أبنائها الـى يسوع مخلص العالم “مهما قال لكم فافعلوه”.

المتواضعة – بعد أن أخبر الملاك مريم بالسر الإلهي والحبل بـمخلص العالم..يقول لنا الكتاب انها أسرعت الى بيت أليصابات وهناك سمعت مديحاً وتطويباً على لسان أليصابات بعد ان إمتلأت من الروح القدس. كان يـمـكنها أن تتفاخر..كان يـمـكنها أن تعلن هذه البشرى للعالم أجمع والذى كان فى شوق وإنتظار للـمـسيا..كان يمكنها أن تصيح (تعالوا وانظروا..هاتو تقدماتكم وبخوركم فأنا أم الـمسيا…!!).

ولكنها أعلنت إتضاعها العجيب ” تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر الى تواضع آمته” (لو 48:1). وعند زيارة الـمجوس باحثين عن الـمـولود ملك اليهود..لم تقل مريم أنا أم الـملك وقدموا لي الهدايا والإكرام والسجود..فلقد كانت السقطة الأولى للإنسان هى خطيئة الكبرياء “تصيران آلهة عارفي الخير والشر” (تك 5:3) وسقطة الشيطان كانت ايضا بسبب الكبرياء كما جاء فى سفر اشعياء (أش 13:14-14).

القــانــعـة –مريم القانعة ..السعيدة.. الـمـكتفية فى الرب. كقول الـمرنم”الرب راعي فلا يعوزني شيئ” (مز22). نقرأ سليمان فى أمثاله ” شيئين سألتك فلا تمنعنيهما قبل أن أموت أبعد عني الباطل وكلام الكذب،لا تجعل حظي الفاقة ولا الغنى بل أرزقني من الطعام ما يكفيني لئلا أشبع فأجحد وأقول من الرب أو أفتقر فأسرق وأتخذ اسم إلهي بالباطل” (أمثال 7:30-10). ومريم فى تسبحتها “رفع الـمـتواضعين وأشبع الجياع خيراً” (لو 51:1-53) نجدها تعلن فرحتها وإتضاعها وان الخير الذى لها هو من الله. ونجد ان التسبيح دليل  ايضا للسرور والقناعة “امسرور أحد فليرتل” (يعقوب 4).

مـريم وحياتها القانعة من الوجهة الـمـادية، فرجلها يوسف نجار مكتفي بـمـا أعطاه له

الله. لم تطلب مريم من رجلها مسكن لائق بأم المسيح..لم تطلب من رجلها أشياء لا يقدر عليها.

“الـمـرأة الصالحة نصيب صالح تُمـنح حظاً لـمن يتقي الرب فيكون قلبه جذلاً ووجهه بهجاً كل حين غنيا كان أم فقيراً” (يشوع 3:26-4).

وفى صلاتنا “خبزنا كفافنا أعطنا اليوم” هـل حقا نعني ما نطلب..؟

ان الإنسان دائم التطلع للإقتتناء ..إقتناء كل الأشياء..فالفلب معلق بالأرضيات وليس بالإلهيات.

الطفل يسوع

من قانون الإيمان: هو ابن الأب الأزلي ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء. هذا الذي من أجلنا نحن البشر، و من أجل خلاصنا، نزل من السماء و تجسد من الروح القدس و من مريم العذراء. تأنس و صلب عنا على عهد بيلاطس البنطي. تألم و قبر و قام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب، و صعد إلى السموات، و جلس عن يمين أبيه، وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء و الأموات، الذي ليس لملكه انقضاء.

من أعماله: وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.

يجول يصنع خيرا  لتكن مشيئتك لا مشيئتي – مصليا – من منكم يبكتني على خطيّة – وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.

وفي صلاته الأخيرة: أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. وهو على الصليب قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.

من استعراضنا السابق نجد ان العائلة المقدسة لـهـا صفات أسـاسية مـحددة منها: مقدّسة – تكون متحابـة – يعمل أفرادها على إحترام بعضهم البعض – و تعمل على تنمية الحياة الروحية لكل فرد فيها.

1– مقدســة لأن قدوس القديسين في وسطها

2– مـــتـــحــابـــــة – صفات الـمحبة الكنسية نجدهـا فـى رسالة القديس بولس

الرسول الى كورنثوس الأولى،والتى فيها: الـمحبة تـحتـمل كل شيئ،تصدق كل

شيئ،تــرجــو كل شيئ،وتصـــبر على كل شيئ. ولدينـا أصدق تطبيق عن هذه الـمحبة فـى العائلة الـمقدسة: يسوع ومريم ويوسف.هذه العائلة الـمقدسة قد إحتملت وصبرت على كل شيئ على الألـم والإغتراب والفقر ولم تتذمر ابداً.

3– إحترام بعضهم البعض      

فى حادثة فقد الطفل يسوع فى الهيكل نجد مريم تقول لإبنها عندما وجدته ” هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك” (لو 49:2)،مقدمة ذكر الأب،انه إحترام لـمكانة الأب فى الأسرة فالأبوة عطية سماوية (أف 14:3). وأما عن يسوع فيقول الكتاب انه “كان خاضعاُ لهما”،انه إحترام لـمكانة الأب والأم فى الأسرة. إحترام متبادل مبني على أساس المحبة والثـقة فـى فعل الروح القدس داخل

سر الزواج.

4. تنمية الحياة الروحية لكل فرد فيها

كل فرد يعمل على تنمية حياته الروحية الشخصية والعمل مع الآخرين على مساعدتهم فى الجهاد الروحي.التوبـة والإعتراف والإستفادة من وسائط النعمة الـمتنوعة التى تقدمها الكنيسة كالإفخارستيا والصلاة وقراءة الكتاب الـمقدس وحضور الإجتماعات الروحية وقراءة الكتب الروحية والصوم،ويعبر عن كل هذا بأعمال مقدسة حيث أن الأعمال هي ثـمرة الإيمان الـمقدس.

فيكون شعار الزوج الـمسيحي والزوجة الـمسيحية “أما أنا وأهل بيتي فنعبد الرب” (يشوع 24)،وهدف الأسرة النهائي ان يقفوا جميعا فى السماء مرنمين الى أبد الأبدين “هآنذا والأولاد الذى أعطانيهم الله” (عب 13:2).

فهل نجد الآن في عائلاتنا الزوج او رب الأسرة باراً وأمينا ومستسلما لإرادة الله وقنوعا ومطيعا للرب و محبا ومؤمنا ومتعبدا ومتواضعا؟ الزوج مسؤول أمام الله مسؤول كمسيح داخل الأسرة وقيادة بيته روحيا.

وهل نجد الآن في عائلاتنا الزوجة او ربة البيت الخاضعة لزوجها ولربها والمصليّة والمؤمنة و المتواضعة و القانعة والشاكرة؟ الزوجـة فهى مسؤولة عن البيت وجعله كنيسة وتعمل على تربية الأبناء فى المسيح.

وهل نجد الآن في عائلاتنا اولادا يصلون ويشكرون ويطيعون وينمون في الحكمة والقامة امام الله والناس؟ الأولاد، يلزم ان يطيعوا والديهم فى الرب وان يكرموا الأباء والأمهات “فإن من أكرم أباه فإنه يكفر خطاياه ويمتنع عنها ويستجاب له فى صلاة كل يوم ومن إحترم امه فهو كـمدخر الكنوز” (يشوع بن سيراخ 1:3-5).

ان العدو يعمل جاهدا لتحطيم كنيسة المسيح وذلك بتخريب مقومات الأسرة وكيانها. في المسيحية لا توجد كلمة “طلاق” لأن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان وبدلا من معرفة أسباب الخلاف والإستعانة بالمرشد الروحي تتردد على السنتنا تلك الجملة. في المسيحية لا يوجد خصام وقطيعة وفتوركما يدعونا القديس بولس:” وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ.لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ”(كولوسي8:3-10).

المسيحية ليست حضور قداس الأحد بل انها حياة متجددة في المسيح يسوع وعلاقة شخصية بالصلاة والتقشف والتأمل في كلمات الكتاب المقدس والعمل بدستور الحياة وومن ثماركم يعرفونكم فيمجدوا أباكم السماوي.

الآن بعد أن عرفنا ما هى العائلة الـمقدسة،وما هى صفات الأسرة الـمسيحية هـل لنا أن نعيد الـمفهوم الصحيح للأسرة المسيحية الـمقدسة الـمتحابـة,,التى تحترم أفرادها،وتعمل على التربية الروحية الأمينة لكل أفرادها،وليس فقط التربية الجسدية أو الذهنية أو الإجتماعية.

فتزداد بهجة الرب بتلك الأسرة الـمباركة التى تـممت إرادة السماء،فيدعوها الرب لتكون كنيسة مكللـة بالـمجد الذي لا يذوي الى دهر الدهور. آمين.

صلاة:

أيهــــا المسيــــح، أملــــك علــــى عــائـــلاتنــــا، وكُــــن حــــاضـــراً فيهــــا، كمـــا كنـــتَ فـــي قـــانـــا الجليـــل، وجُــــد عليهــــا بالنــــور  والفــــــرح والقـــــوة. أفــــض بــركـــاتِـــكَ عليـهـــــا، بالمحبــّــة والســــلام.

يـــا عــائلـــة النـــاصـــرةِ المقـــدســـــــة، التــــي عشـــــتِ عيشــــةً صــــامتـــة، وعـــانيــــتِ مــــن فقــــرٍ واضطهـــــاد وتهجيـــــر، ســـاعـــدي عــائـــلاتنـــا لتقــــوم بــأمـــانـــة بمسـؤوليــاتهــا اليــوميــــّة، وتتحمـــّــل بـــايمــــانٍ متــــاعــــبَ الحيــــاة ومشقّــــاتهــــا

وتهتَـــــمّ بسخــــاء بحـــاجــــاتِ الآخــــريـــــن، وتُتِـــــــمَ بفــــرح إرادة اللــــــــــه.

 أعضـــدي عـــائـــلاتنــــا فـــي مسيــــرة القــــداســــــة، لتكـــــونَ خميـــــرةَ حــــبٍّ ووحـــــدةٍ وأمـــــانـــــــــــةٍ فـــــــــي قلــــــــــبِ العـــــالــــــــــــم.  آميــــــــــن. عظة الأحد 29 ديسمبر 2019 في عيد العائلة المقدسة -لوس انجلوس


الشماس نبيل حليم يعقوب