العذراء الـخـاضـعـة، الدامـعـــة، الضـارعــــــــــــة

العذراء الـخـاضـعـة، الدامـعـــة، الضـارعــــــــــــة

الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس أول مايـو 1999

خاص بالموقع –

” مـن هـذه الـمـشرقـة كالصبح، الجـمـيلة كالقـمـر، الـمـختارة كالشمس، الـمـرهـوبة كصفوف تحت الرايـــــات” (نشيد الأنشاد 10:6)

تأمـلنا مـن قـبل ياأحبائي بنعمة الرب وبإلهـام روحه القدوس عن مريم العذراء الناصعة.. ..الرائعة..والقانعـة. واليـوم سنتأمل فـى مريم
الخاضعـة..الدامعة..والضارعة.

أولا – مـريـم الـخـاضـعـة..الـطائـعــة

1- خاضـعة لزوجـهـا

يقول الوحـي الإلهـى على لسان القديس بطرس ” كذلك انتن أيتها النساء إخضعن لرجالكن حتى إن كان بعضهم يكفرون بالكلمة يُربحون بدون الكلمة من
تصرف نسائهم إذ يلاحظون تصرفكن بالمهابة والعفاف” (1بط1:3-6) و “كما كانت سارة تطيع ابراهيم وتدعوه سيدهـا” (1بط6:3). وكذلك قول الرسول بولس ” أيها النساء اخضعن
لرجالكن كما ينبغى فى الرب” (كولوسي 18:3) و ” لتخضع النساء لرجالهن كما للرب لأن الرجل هو رأس المرأة كما ان المسيح هو رأس الكنيسة مخلص الجسد” (أف 22:5-23).
“غضب ووقاحة عظيمة المرأة التى تتسلط على رجلها” (يشوع بن سيراخ 29:25-30).

وعـن مـريـم
..نـجـدهـا كانت خاضعـة..طائعـة لرجلهـا يوسف..

عـند الإكتـتاب و الهـروب إلـى مـصـر..والعـودة إلـى الناصـرة أطاعت ما طلبـه منهـا يوسف دون مناقشة ..فقتبولها الترحال مع يوسف وهى حبلى بيسوع الى بيت لحم
اليهودية وخضوعها للرحيل الى مصر او الحياة فى مدينة الناصرة إحتراما لرغبة زوجها يوسف دليلا على عمق المحبة الزوجية العفيفة ما بين مريم ويوسف.

لهـذا نقرأ فى حادثة فقد يسوع فى الهيكل قول مريم “هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين”

(لو 41:2) فهنا قدمت يوسف أولا وهذا دليل على الإحترام ورفع قدر الرجل.

إن علاقة الـمرأة بالرجل هى علاقة كلها إحترام ومحبة وتضحية وكـما يذكر لنا القديس بولس

إنـها علاقة مثل علاقة الـسيد الـمسيح مع كنيستة فالسيد المسيح هو رأسها والكنيسة هى جسد الـمسيح السري.

وعندمـا إستخدم القديس بولس كلـمة “رأس” للدلالة على الـمسيح فـى علاقـته بالكنيسة وهـى حسده فإنه يتأثـر بعقلتين مختلفتين. ففـى العقلية اليهوديـة نجد أن
“الرأس” (روش بالعبريـة) هو الذى يغذى الـجسد وبه إحكام الجسد كله وله الفضل فـى نـمو الجسد ليقوم بالعـمل الـملائم. أما العقلية اليونانية والرومانية فتنظر
إلـى الرأس (باليونانية Kephale) يعنى القائد الذى يمشى فـى الأمام ويقود فيخضع له الجيش ويتبعه. وهكذا فالـمسيح “الرأس” هو الذى يُخضع كنيسته ويقودها.

والقديس بولس يستعين بهذا الـمعنـى فـى حديثه عن العلاقة بين الرجل والـمرأة وهـما آيـة للعلاقـة بين الـمسيح والكنيسة. والخضوع هنا لا يعنى إطلاقا أي إذلال أو
تسلّط من الرأس على الجسد بل هو مبنى على أساس الـمحبـة…كـما أن الكنيسة تخضع للـمسيح . وهنـا لا يعنـى أوليّة الرجل على الـمرأة..فالرجل يلتزم بالإهتمام
والتضحية بالزوجـة.

وهـنا حاجـة أصعب للرجل فيذّكر الرسول بولس الرجل بأن عليه أن يترك أهله لإتباع إمرأته (ولا تترك الـمرأة أهلها لإتباع زوجها (أف 25:5)

شبـّه الرسول الزوجة بالكنيسة والرجل هو الـمسيح فى البيت كما بينا، وطالب الرجل والـمرأة بـمسؤليات محددة كـما صنع الرب يسوع الى كنيسته..فالـمسيح أحب الكنيسة
وبذل نفسه من أجلها..”فقدسها مطهراً إياها بغسل الـماء وكلمة الحياة ليهديها لنفسه كنيسة مجيدة لا كلف فيها ولا غضن ولا شيئ مثل ذلك بل تكون مقدسة منـزهة عن كل
عيب” (أف 36:5-37) .

فالرجل يعمل على تقديس كنيسته..أي إمرأته وبيته باذلا كل نفيس من أجلها

وتعمل الـمرأة على تقديس كنيستها..زوجها وبيتها باذلة نفسها ..وخاضعة بإيمان.

الزوج..مسؤول أمام الله..مسؤول كالـمسيح “العمل الذى أعطيتني إياه قد أتممته” (يو 17).. مسؤول كمسيح داخل الأسرة وقيادة بيته روحياونفسيا وجسديا..والكتاب المقدس
يذخر بالوصايا للأب فى تربية الأبناء (يشوع بن سيراخ 30)

الزوجـة..مسؤولة عن البيت وجعله كنيسة وتعمل على تربية الأبناء فى المسيح..تتشاور مع زوجها فى كل الأمور..امرأة خاضعة لزوجها..ترعى مصلحة بيتها..متزينة بزينة
لائقة..

2- خـاضـعـة لأبـنـهـا

وأيضا ولـم تخضع مـريم لزوجهـا فقط، بل كانت خاضعة أيضا لإبنها فأطاعته وعاشت بعيدة فى فترة رسالته الـعلنية وعند الصليب ذهبت مع يوحنا الحبيب الى بيته حسب أمر
إبنها وأيضا بعد القيامة ذهبت الى الجليل مع باقي الرسل حسب طلب يسوع (متى 16:28) وبقيت مع الرسل فى أورشليم عند حلول الروح القدس فى الخماسين

(أع 14:1).

3. خاضعـة للرب وإرادتـه

كانت مـريـم متفانية فى إنجاز الواجبات الدينية “لـمـا تمت ثـمـانية أيام ليختتنوا الصبي سُمي يسوع كـمـا تسمـى من الـمـلاك قبل أن حبل به فى البطن” (لو21:2) ،
“ولـمـا تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به الى أورشليم ليقدموه للرب” (لو22:2) ، “وكان أبواه يذهبان فى كل سنة الى أورشليم فى عيد الفصح”. فأعطت مريم
بذلك نمـوذجا للإعتراف بسلطة الكنيسة وتعاليمها ووصاياها وتقديم أبنائنا لله. السير مسافات لتنفيذ الواجبات الدينية. تقديم كل مـا نمـلك للرب حتى أعز ما نمـلك
وهم أولادنا.

حيـاة الـخضوع والإستسلام لإرادة اللـه ..هـى حياة عبارة عن تسليم كامل للـه بحيث تكون كل أفعال الإنسان وتصرفاتـه وأفكاره وأقوالـه مطابقـة لـمشيئة اللـه.

“لتكن مشيئتـك كـما فـى السـماء كذلك علـى الأرض” ..

وحياة التسليم هذه نجدها فـى حياة السيد الـمسيح “نزلت من السـماء لا لأعـمل مشيئتى بل مشيئة الذى أرسلنى” (يو 38:6) ..وفى صلاته فـى بستان الزيتون قال ” إن شئت
أن تعبر عنى هذه الكأس ولكن لتكن لا إرادتـى بل إرادتك أنت”

(متى 39:26)..

فلذلك لا تكونوا ناقصى الرأي بل إفهـموا مـا مشيئة الرب” (أف17:5)

والقديسة مـريـم عاشت “أَمـة للرب ليكن لـي بحسب قولك” (لو38:1)..

ووصيتهـا الوحيدة الـمدونـة كانت “مهـما قال لكم فإفعلوه” (يو5:2).

* تجرد تام عـن الرغبات الشخصيـة ولا يوجد إلاّ غرض واحـد هـو الإتحاد باللـه..

* إتضاع كامـل لأن الإنسان الـمعتد بذاتـه وبفكره لا يستطيع أن يخضع حياتـه للرب “لأنه حكيم فـى عينى نفسه” كـما يقول الكتاب.

إيـمان واثق باللـه من أن كل ما يعـمله اللـه إنـما يعمله بحكمة لخيـر الإنسان.

فالإنسان الخـاضع للـه ويسّلـم مشيئـته للرب لا يكتئب ولا ينفعل بل يتقبّل كل الأمور برضى وشكر وذلـك لأنــه “منـه وبـه ولـه كل الأشياء” (رو36:11).

ثانيـا- مـريـم الـدامـعـة

أعلن سمعان الشيخ نبؤة عن سيف الأوجاع والألم الذى سيجوز فى نفس مريم ” وأنت أيضا سيجوز فى نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة” ومريم فى المنفى ( هروبها بالطفل
الى ارض مصر وحياتها فى مدينة الناصرة) وتحملت سيف الإذدراء وسيف الهروب وسيف اليتم وسيف الترمل وسيف فقد وحيدها على الصليب ومع هذا ظلت مواظبة على الصلاة
والإيمان والمحبة والرجاء.

ومشكلة الألـم فـى حياة مـريم وحياة البشـر عـمومـا هـو من الأمور التى تستحق التأمل.

فـما هـو الألـم؟..وهـل خلق اللـه الألـم والشر؟..لـماذا يتألـم الإنسان؟

الألـم هـو شعور جسدي بحت لا يمكن تحديده او تفسيره بالنسبة لشيئ آخـر.

* قد يتألـم الإنسان نتيجة الخطيّة أو عقابا عليها كما أحس قايـين بشناعة ما إرتكب “ذنبى أعظم من أن يحتمل” (تك13:4). وكـما أعلن السيد الـمسيح لـمريض بيت حسدا
“ها إنك عوفيت فلا تخطأ بعد لئلا يصيبك أعظم”(يو14:5).

” ولا يقل أحد إذا جُرّب إن اللـه قد جرّبنى فإن اللـه غير مُجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً بل كل إنسان تكون تجربته بإجتذاب شهوته وتـملقها له ثم الشهوة تحبل
وتلد الخطيئة والخطيئة إذا تـمت تنتج الـموت” (يع13:1-15).

*أو نتيجة تأديب الرب “يابنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تكره توبيخه لأن الذى يحبه الرب يؤدبه وكأب يسر به” (أم11:3-12) ولكن الـله “لا يشأ أن يهلك الناس بل أن
يقبل الحميع إلـى التوبـة (2بط9:3). ” وقد نسيتم التعزيـّة التى تخاطبكم كالبنين فتقول يابُنـيّ لا تحتقر تأديب الرب ولا تخـُر إذا وبخك فإن الذى يحبه الرب
يؤدبّه ويجلد كل إبن يتخذه فأصبروا على التأديب فإن اللـه إنما يعاملكم كالبنين وأي إبن لا يؤدبه أبوه ..

,ايضا قد كان آبء أجسادنا يؤدبوننا ونحن نهابهم فهلا نكون بالحرى خاضعين لأبـى الأرواح فنحيـا فإنهم إنما أدّبونا لأيام حياتنا القليلة وعلى هواهم أمـّا هو
فلـمنفعتنا حتى نشترك فـى قداسته” (عب5:12-10).

*وقد يكون الألـم بسبب الإضطهاد من أجل الـمسيح كما تحدث الرسول بولس عن نفسه (2كو23:11-26) ..”لأنه وهب لكم لأجل الـمسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضا أن
تتألـموا لأجله” (فيليبى 29:1). ” فأما إن تألـم كـمسيحى فلا يخجل بل ليُـمجد اللـه لأجل هذا الإسـم” (1بط16:4).

*وقد يكون نتيجة الإختيارات الخاطئة للإنسان “لأن من يزرع لجسده يحصد فساداً ومن يزرع فى الروح يحصد حياة أبديـة” (غلا8:6). والقديس بطرس يعلن “فلا يتألـم أحدكم
كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو مترصد لـما هو لغيره” (1بط 15:4). والقديس يعقوب يقول ” من أين فيكم الحروب والخصومات أليست من لذّاتكم الـمحاربة فـى أعضائكم”
(يع1:4). “فأي إنسان أكل خبز الرب وشرب كأسه وهو على خلاف الإستحقاق فهو مجرم إلـى جسد الرب ودمـه فليختبـر الإنسان نفسه..ولذلك كثُـر فيكم الـمرضى والسقام ورقد
كثيـرون” (1كو27:11-30).

*وقد يكون نتيجةعدم تكيف الشخص مع البيئة والـمجتمع كأن يكون خجولا أو عديم الحيلة أو إحساسه بالذنب أو الغيرة.

*وقد يكون الألـم نتيجة شرور الغيـر وأخطائهم.

*وقد يكون نتيجة ظلم إجتماعـى بسبب الفقر والجهل والكسل والإهمال وسوء التوزيع والإحتكار.

*وقد يكون نتيجة الكوارث والشرور الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والجراثيم .

*أو يكون الألـم نتيجة القوانين الطبيعية للخليقة كقوانين الجاذبية .

*وأخيرا قد يكون الألـم لتظهـر أعـمال اللـه (الـمولود أعـمى منذ مولده ) …

“يا معلـم من خطئ هذا ارجل أم أبواه حتى وُلد أعـمى؟ أجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا أبواه وإنـما لتظهر أعـمال اللـه فيـه “. “فإنه خير لكم أن تتألـموا لعمل
الصالحات إن كانت فـى ذلك مشيئة اللـه من أن تتألـموا لعمل السيئات”(1بط17:3). وهـنا يلزم أن نتذّكر القول الإلهـى:

“ولكن اللـه أمين لا يدعكم تجربـون فوق طاقتكم بل يجعل مع التجربـة مخرجـا لتستطيعوا أن تحتـملوا” (1كو13:10). “طوبـى للرجـل الذى يصبـر على التجربـة لأنه إذا
زُكي ينال إكليل الحياة الذى وعد به اللـه الذين يحبونـه” (يع12:1)

ومـن هنا نجد أن الشر فـى العالـم علـى نوعيـن: طبيعـي وأدبـي. والإنسان معّرض لكلا الشرّين فهو من طبيعته خاضع للـمرض والـوت ومن طبيعته معّرض للخطيئة..إذ أنه
ليس إلهـا بل خليقـة. فالشّر الطبيعي ناتج من كون الإنسان خليقة محدودة والشّر الأدبي من كونـه خليقة حرّة فبإمكانه السقوط فـى الخطيئة وأيضا فـىإمكانه التألـه.

ولكن يمكننا على ضوء السيد الـمسيح وحياته وموته وقيامته أن نرى أن الألـم والشر والـموت لـم يعد ذلك اللغـز الذى حيًر الإنسان منذ القديـم ففـى المسيح سُحق
الـموت وحررنا من عبودية الخطيّة “كل من يعـمل الخطيئة هو عبد للخطيئة” و لكن جاء الـمسيح ليحررنا من تلك العبودية “فإن حرركم الإبن كنتم فـى الحقيقة أحراراً)
(يو34:8-36)..”أين غلبتك أيها الـموت؟!.أين شوكتك يا موت؟!..الشكر للـه الذى يؤتينا الغلبـة بربنا يسوع الـمسيح”(1كور54:15-57).

لقد قضى الـمسيح على الشر والخطيئة دون القضاء على حريّة الإنسان ولكنه جدد الإنسان من الداخل وقّوم طبيعته البشرية الـمحدودة مظهرا وجه اللـه الحقيقى ومبينا
للإنسان الطريق الوحيد الذى لا بد للإنسان أن يسلكه إذا أراد الحياة الأبديـة.

إن مريـم عرفت ما سر الألـم وشاركت إبنهـا فـى تحـمله حتى تعطى للإنسان الجديد قوة ويسهم مع الـمسيح فـى تجسيد الفداء فـى ذاته وفـى الأخرين وفـى الكون حتى يزول
الشر وتزول الخطيئة ” ويصيـر اللـه كلاً فـى الكلّ” (1كور28:15).

لقد دعانا السيد الـمسيح “وفيما أنتم ذاهبون إكرزوا قائلين إنه قد إقترب ملكوت السموات..إشفوا مرضى..طهروا برصا..أقيموا موتـى أخرجـوا شياطين..مـجانا أخذتـم
ومـجانا أعطوا” (مت 7:10-8)…

لقد قال الرسول بولس “نفتخر فى الضيقات عالـمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى لأن محبة الله قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس
الـمعطى لنا” (رو3:1-3).

إن مواعيد اللـه عظيـمة ..فلنأخذ الألـم بشكر ونحمـل الصليب برجاء ثابت فلنا مـجد عتيد أن يظهـر عند مجئ السيد فـى مجده.

ثالثـا- مـريـم الضـارعـة .. المـصـلّيـة

” هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع” (أع 12:1-14).

إن مـريم كانت ثمرة من ثـمار الصلاة فلقد كانا أبواها حنة ويواقيم عاقران ، ودخولها الهيكل منذ طفولتها ، وخطبتها ليوسف بعد صلاة الكهنة.

نجد إن صفات الـمـصلي أن يكون متواضعاً..واثقاً بالله..مـواظبا ، ومريم كانت واثقة ومواظبة ومتواضعة.

وأيضا عندما هتفت مريم بأنشودة التعظيم فهذا دليل على أن نفسها كانت متشبعة بترانيم وتسابيح وكلمات الله.

فهل تصلي أم لا؟..هل صلاتك مستـمرة؟..هل تعي ما تقوله فى صلاتك أم هى تـمـتـمات شفاه فقط؟..هل تكون متخليا عن كل شهوة أرضية أو دنس عند إقترابك من الصلاة؟..هل
تعلم ان الصلاة هى لقاء الـمحبين فلا تقول إني أحب الله او مريم وانت لا تصلي؟..هل رأت فيك مريم رجلا للصلاة كأرميا وموسى وداود ودانيال وكإبنها يسوع الذى لم
يترك فرصة إلا وانفرد وصلى لأبيه السماوي؟

طوفـى أيام بشريته قرّب تضرعات وتوسلات بصراخ شديد ودموع” (عب7:5)

هل تسمع مريم صلواتك وهى لا تضم إلاّ قائـمة من الطلبات ..لا تطلب إلا الشهوات الأرضية ومجد الأرض؟ ..

فهل تعلـم مـا هـى الصلاة الـمقبـولــة؟!

الصلاة المقبولة

لكي تكون صلواتنا مقبولة أمام الرب يجب أن تتوافر فى صلواتنا بعض الشروط:

1. الإيـمـان :
” لكن ليُطلب بإيـمان غير مرتاب البتة لأن الـمرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب” (يع 6:1-7). ”
وبغير إيـمان لا يستطيع أحد أن يرضى الله لأن الذى يدنو من الله يجب عليه أن يؤمن بأنه كائن” (عب 6:11),

2.أن نكون متسامـحين ومـحتـملين:
” ومتى وقفتم تصلون فإغفروا إن كان على أحد شيئا لكى يغفر لكم أبوكم الذى فى السموات زلاتكم” (مر35:11).

3. أن نكون مجاهدين فى حفظ وصايا الرب
:” مهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال الـمرضية أمامه وهذه هى وصيته أن نؤمن بإسم إبنه يسوع الـمسيح” (1يو22:3-23) .

4. الـمحبة:
” إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لى محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صِنجاً يرن” (1كو1:13).

5. الرحـمـة :
“من يسد أذنيه عن صراخ الـمسكين فهو أيضاً يصرخ ولا يستجاب” (أم13:21).

6. أن تكون وفق مـشيئة الله:
“إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا” (1يو14:5).

7. الثبات فى الـمسيح :
“إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم” (يو7:15).

8. حياة التقوى :
” طلبة البار تقتدر كثيراً فى فعلها” (يع 16:5).

9. اللجاجة فى الصلاة :
” وأنا أقول لكم إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم” (لو 9:11). ” أترى “الله لا ينتقم لـمختاريه الذين يصرخون اليه نهاراً وليلا أو يتأنى فى أمرهم”
(لو7:18) .

10. أن تكـون لخلاصنا الروحي :“تشتهون ولستم تـمتلكون، تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون أن تنالوا، تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون
ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا فى لذاتكم” (يع2:4-3).

11. مـحــددة :” واحدة سألت الرب وإياها ألتمس أن أقيم ببيت الرب جميع أيام حياتي لكي أعاين نعيم الرب” (مز 4:26).

12. بسيــطة :” وإذا صليتم فلا تكثروا الكلام مثل الوثنيين فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم” (مت 7:6) .

13. إكــرام الوالدين : “من أكرم أباه فإنه يكفر خطاياه ويمتنع عنها ويستجاب له فى صلاة كل يوم” (سيراخ 4:3).

14. عدم الكبرياء : مثل الفريسي والعشار (لو 10:18-14).

يقول أحد الـمفسرين أن هناك أكثـر من 17 سبب للصلاة منهـا:

– تعضيد القديسين :”واظبوا على الصلاو وإسهروا فيها بالشكر مصّلين من أجلنا ليفتح اللـه لنا باب الكلام حتى ننطق بسر الـمسيح” (كولوسى 2:4-3).

– تشفى الـمرضى” هل فيكم مكروب فليصل أو مسرور فليرتل، هل فيكم مريض فليدع كهنة الكنيسة ليصلوا عليه ويمسحوه بالزيت بإسم الرب فإن صلاة الإيـمان تخّلص الـمريض
والرب ينهضه” (يع 13:5-15).

-تعطى الحكـمة: “وإن كان أحد تنقصه حكمة فليسأل اللـه الذى يؤتـى الجميع

بسخاء خالص بغير إمتنان فيُعطى” (يع5:1)

-تحفظ من الشرير: “إصحوا وإسهروا لأن إبليس خصـمكم كأسد زائـر يجول

مـلتـمسا من يـبتلعـه” (1بط8:5). “صلّوا لئلا تدخلوا فـى تجربـة” (لو4:22)

-تخلّص الخطاة: طأما العّشار فوقث عن بعد ولـم يرد أن يرفع عينيه إلـى السماء بل

كان يقرع صدره قائلا اللهـم إرحـمنى أنا الخاطـئ” (لو13:18).

وايضا هى التى خلصّت قائد الـمئة كرنيليوس عندما أخبره ملاك اللـه “إن صلواتك

وصدقاتك قد صعدت أمام اللـه تذكاراً” (أع3:10).

– من أجل الرؤساء لـنحيا حياة مطمئنة” ” فأسأل قبل كل شيئ أن تقام تضرعات

وصلوات وتوسلات وتشكرات من أجل جميع الناس، من أجل الـملوك وكل ذى

منصب لنقضى حياة مطمـئنة ذات دِعة فـى كل تقوى وعفاف”(1تيمو1:2-2).

إن الصلاة هـى صـِلـة..صلتك باللـه قلبا وفِكراً ..

هـى إحساسك بالوجود فـى الحضرة الإلهية كـما كان إيليا النبـي

“حى هو رب الجنود الذى أنا واقف أمامـه” (1ملو15:18).

هـى عاطفـة حب نعبّـر عنهـا سواء بالصلاة الصوتية التى تستعمل فيها الألفاظ

والجـمل سواء أكانت محفوظـة أو مرتجلـة، أو بالصلاة العقلية التى تكون من عـمق

القلب كـما كان يرنم داود”توهج قلبى فـى داخلي فـى هذيذي أتقدت فـى نار”

(مز1:42).

هــى تواضع من اللـه أن يسمح لـنا بأن نتحدث إليـه وأن نكلـمه..لذلك عار و

وخطيّة أن نقول ليس لدي وقت للصلاة..هل يجرؤ العيد أن يقول انه ليس لديه وقت

للكلام مع سيّده؟!.واللـه غيـر محتاج إلـى صلاتك بل أنت الذى تحتاج للصلاة

التى تأخذ منها قوة ومعونـو وبـركـة.

وقداسة البابا كيرلّس السادس ..”رجل الصلاة” يقول عن خطورة عدم الصلاة

“إن فتـرت الصلاة أقبل التراخـى وإستولـى الكسل وخارت العزيـمة وفقدت

الحرارة الروحية وزال النشاط وفـنى الشوق إلـى السماويات وإضمحلت الـمقاصد

الحـميدة وإستسلم القلب للأهواء الشريرة وبادت كل عاطفـة مقدسة وفقد الفرح

وهرب السلام”.

والقديس يوحنا ذهبى الفـم يقول ” إذا لاحظت أن إنسانـا لا يحب الصلاة فإعرف

فـى الحال أن ليس فيـه شيئا صالـح بالـمرّة فالذى لا يصلّى للـه هو ميت بالروح

وليس فيـه حياة”.

أحيانـا يأتـى إنسان إلـى الكنيسة يقف هناك وقتا ما يتفرس فـى الأيقونات أو

وجوه الناس وملابسهم ثم يخرج من الكنيسة وهو مقتنع إنه كان يصلّى؟!..

وآخـر يقف أمام الأيقونـة ويحنى رأسه ويتمتم ببعض كلـمات قد حفظها عن ظهر

قلب بدون معرفة أو شعور ثم يقتنع فـى ذاتـه انـه صّلى؟!..

ليست هذه بأي حال من الأحوال صلاة؟!

ومــريــم .. مـريـم اللـى هـى دائـما فـى ظهوراتهـا ليس لهـا إلاّ مطلب واحد

“صـلّوا….” ليـه مـش بتصـلوا ؟؟!.. ليـه بتـنـــسوا ؟؟!

هـى لا تعاتب..هـى لا تلـوم .انـها خايـفة علــينـا ..على الأبنــاء

علـشـان كدة بتنصـح..ونصيـحتـهـا محبـة..و نصيـحتـهـا رحمــة.

والآن..هـل تعـد مـريـم ..بأن نسلّم مشئـيتنـا للـه..”لتكن مشيئتك”

وأن نـقـبـل الألـم والدمـع من أجل مـجد يسوع..

وأن نصلّى من كل القلب حديث الأبناء إلـى الأب السماوي..

نحـن من إختارهـم يسوع ونـُدعـى بأولاد مـريـم..

نـحن من
عـظـّم الرب فيـنا..ومُـجّـد إسـمه..

فكرّسوا ذواتـكم لأم الحنـان..لأم العطـف..لأم الـمـحبـة..

فتـكون لـكم ثـمـرات الخـيـر تـتـابـع الواحـدة تـلو الأخـرى..

مـّجـدوا إسـمهـا فـى كـل مـكـان..

لأنـهــا أمـكـم جـميعــا..

واظـبــوا عـلـى الصـلاة..واظبـوا علـى حيـاة التسليـم

فـالـيـتـألـم الـجـسد..ولـتضـطرب الأرض..

لـكن يـكفـى حـفـظ الروح..وأمـانـة الروح..وصـدق الـروح..

وقــوة الـروح..وحــب الـروح..

لا حــزن للأبـنــاء..

لا حـقــد للأبـنــاء..

لا ضغينـة للأبـنـاء..

لا إنــزعــاج للأبـنـاء..

لا خــوف للأبـنـاء..

فلـمــاذا تضطربــون؟!..

حياتـكم مـن حياة يسـوع..

فعيشوا خاضعين..طائعيـن..

فـإن الرب مـعــكــم وإلــى مـنـتـهــى الــدهـــر.

الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس أول مايـو 1999