العنصرة وجيل الانجيل

العنصرة وجيل الانجيل

   ”فيض الروح”

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

                                   

 فيض الروح:

” وسيَكونُ بَعدَ هذه أَنِّي أُفيضُ روحى على كُلِّ بَشَر فيَتَنَبَّأَ بنوكم وبَناتُكم ويَحلُمُ شُيوخُكم أَحْلاماً ويَرى شُّبانُكم رُؤًى وعلى العَبيدِ والإِماءِ أَيضاً أُفيضُ روحي في تِلكَ الأَيَّام”  يؤ1:3-2 

 “ولَمَّا أَتى اليَومُ الخَمْسون، كانوا مُجتَمِعينَ كُلُّهم في مَكانٍ واحِد، فانْطَلَقَ مِنَ السَّماءِ بَغتَةً دَوِيٌّ كَريحٍ عاصِفَة، فمَلأَ جَوانِبَ البَيتِ الَّذي كانوا فيه، وظَهَرَت لَهم أَلسِنَةٌ كأَنَّها مِن نارٍ قدِ انقَسَمت فوقَفَ على كُلٍّ مِنهُم لِسان، فامتَلأُوا جَميعًا مِنَ الرُّوحِ القُدس، وأَخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم، على ما وَهَبَ لهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ أن يَتَكَلَّموا.” (اع 2: 1-4)

 ما يرجى من المحبة
أَمَّا أَنْتُم أَيُّها الأَحِبَّاء، فابْنوا أَنفُسَكم على إِيمانِكمُ المُقَدَّس وصَلُّوا بِالرُّوحِ القُدُس،واحفَظوا أَنفُسَكم في مَحَبَّةِ الله وانتَظِروا رَحمَةَ رَبِّنا يسوعَ المسيح مِن أَجْلِ الحَياةِ الأَبَدِيَّةأَمَّا المُتَرَدِّدون فارثوا لَهم،: بل خَلِّصوهم مُنتَشِلينَ إِيَّاهم مِنَ النَّار، وأَمَّا الآخَرونَ فارثوا لَهم على خَوف، وأَبغِضوا حَتَّى القَميصَ الَّذي دَنَّسَه جَسدُهم(يهوذا1: 20-23)

 الرُّوحُ الْقُدُسُ.. الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ“نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” ( رومية 5: 3-5)

 

وهج النور :

 

 «فليُضئ نوركم هكذا قدَّام الناس، لكي يَرَوْا أعمالكم الحسنة، ويُمجِّدوا أباكم الذي في السموات.»(مت 5: 16)

 «بلا لوم وبسطاء، أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل مُعوَّج ومُلتوٍ، تُضيئون بينهم كأنوار في العالم.» (في 2: 15)

بالروح القدس نتحرر من العبودية 
            ونُدعى إلى الحرية ، به صرنا أولاد الله بتبنيه إيانا

 ننال نحن المسيحيّون قداسة المسيح بواسطة الروح القدس الذي نلناه واصطبغنا به  في المعمودية. هذا فعلُ غسيل عميق فائقٌ الادراكَ البشري لأنه رفع عنا رائحة الموت ولعنته، ووهبنا قوّة حياة جعلتنا نخرج من بطن المعمودية خليقة جديدة مقدَّسة في المسيح لله بفعل غسلنا بدم المسيح المتدفق من جنبه وبميرونه الطيب الرائحة أي بدهن  قيامته «لكنكم اغتسلتم بل تقدَّستم بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا» (1كو 6: 11).لذا لا يمكننا ابداً أن نتصور انسانًا مسيحيًّا من دون المسيح الألف والياء  البداية والنهاية في الإنجيل ولكل جيل «أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ» (غل 2: 20)، «مبنيِّين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، الذي فيه كل البناء مُركَّباً معاً» (أف 2: 20و21).فقد دُعيَ علينا اسم المسيح وهذا ما يجعلنا دائماً واحداً فالمسيحي الحقيقي له فكر المسيح واخلاقه “ليكن فيكم من الافكار والاخلاق ما هو للمسيح يسوع (1كو 2: 16)، لأننا من أعضاء جسمه، من لحمه، من عظامه (أف 5: 30)

لذا اخوتي الاحباء كوننا كمسيحيين، نعيش المسيح جيلاً بعد جيل صرنا فيه وبه ومعه جيل الانجيل أي أن نحب ونحيا ونعيش ونعمل حتى ونموت في المسيح “إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت،وإن عشنا أو متنا فللرب نحن “تكون حياتنا وشهادتنا هي للمسيح شخصياً الذي أعطانا القدوة في حياته وهو المعلم صار خادماً متواضعاً قائلاً ” تعلّموا منّي فأني وديعٌ ومتواضع القلب” ومن هنا انطلقت الجماعة الأولى بتبشيرها بانجيل الخلاص كما أعلنه لهم الرب “إذهبوا وبشّروا بالانجيل الخليقةَ كلها”. كان موضوعُ عملِ هذه الجماعة وموضوعُ تبشيرِها وخدمتِها هو أن تقدَم ليس فقط تعاليم المسيح إنَما أن تقدّم يسوع ذاته، وقد صارت قلوبُهم حيّة نابضة بتكرّسها الحقيقي والتزامها لشخص يسوع المسيح الربَ والمخلص. لذا نحن ابناء الكنيسة نتوجّه بالشكر الحقيقي للربّ على هبة حياة المسيح التي تجعلنا جيلاً قوياً ثابتاً ومتأصّلاً في سلوكٍ انجيلي لا يتزعزع من خلاله نخدم الله خدمة مرضيّة ومقبولة، بكل تقوى وخشوع(عب 12: 28)

جماعتنا جماعة جيل الإنجيل في عليّته يفيض عليها الله روحَه القدّوس جاعلاً منهم جماعة واحدة مترابطة كلّها بعضُها مع بعض شبابًا وشابات يتهيّئون وكأنّهم يصغون لصوت الرب القائل في يوئيل النبيّ ” أفيض من روحي عليكم فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شيخوكم . يوصي المسيح هذه الجماعة بالمكوث في العليّة لينال أفرادها قوّة الروح القدس المعزّي والمانح العطايا” كي يكونوا جماعة صلاة فالصلاة والمشاركة الانجيلية عبر التسابق في صفحات الكتاب المقدس برمته هما المنبع والضمان لوحدتنا والتجسيد لروح الأُخوَّة بيننا. من هنا تميّزت جماعة جيل الانجيل بطابع مميَّز حتّى أمكننا أن نسمّيه بذل ذات جماعي نحو التضحية من أجل كل انسان ولكل انسان يريد أن يدخل الى سر عمق محبة المسيح من خلال جيل الانجيل هذا البرنامج الذي شارك فيه أساقفه وكهنة وعلمانيّون وفريق عمل كبير. فيحوّل هؤلاء في كلّ مرّةٍ يلتقون فيها، وبواسطة كاميرات نور سات، الصوتَ اليوحنوي المعمداني الصارخ في برية هذا العالم وجفافه، الى عليّةّ صهيون ينتشر فيها عطر كلمة الله المحيية التى أشهى من العسل.

في احدى الرسائل البابويّة الصادرة تحت عنوان ” من أجل راعويّة الثقافة” الفقرة الاولى حركة التلاقي والتواجه مع الثقافات خبرة عاشتها الكنيسة الأولى منذ جذور المناداة بالانجيل، وميزة الانسان أنه قادر على الترقّي الى مستوى الإنسانيّة الحقّة بواسطة الثقافة ولا سيّما ثقافة الانجيل وعيش مشوراته، من ثمّ فالبشرى الحسنة هي أن نجعل انجيل المسيح لكلّ إنسان وللإنسان كلّه.

يحمل الانجيل البشارة الحسنة الى الثقافات كلّها، فلكي يكشف الله ذاته ويَدخل حوارًا مع الناس ويدعوهم الى الخلاص، اختار من بين معزوفةٍ ثريةٍ بالثقافات شعباً مميزاً قادرًا على تجسيد الاصالة والخصوبة لكلمة الحياة، تماماً كالذي نراه اليوم على مستوانا هنا في لبنان ومنه الى عدة بلدان يصل فيها عدد مشاهدي حلقات برنامج جيل الانجيل الى خمسة وعشرين مليون مشاهد يستمتعون بالاسئلة المتنوعة والاجابات الصحيحة المنطلقة من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وبعض الاسئلة من تاريخ الكنيسة وتاريخ الايمان المسيحي مع اسئلة الثقافة العامة والمعلومات المتنوّعة من عدّة مجالات ويتوَّج هذا كلّه بوجود فقرات تربويّة وتعليميّة سواء البحث في وسائل التواصل الاجتماعيّ بالتكنولوجيا وبالرسم المباشر للوحات تجسّد اللقاء، مع وجود جوقة لجيل الانجيل تترجم ما يقال الى فرح وتراتيل وتسابيح.

الفقرة 11 من رسالة كلمة الله تنصّ على ” أنّ الكتاب المقدّس هو كلام الله الذي يحقّق جذور الثقافات الإيمانيّة بإله إبراهيم، وهو كلام الله في لغة البشر، من هنا تبدو لنا أهميّة دعوة ابراهيم “أترك أرضك وعشيرتك وبيت ابيك”. لبّى ابراهيم بالايمان فخرج الى بلدٍ وكأنّه غريب ولكنّه أقام هناك في الخيام ينتظر المدينة ذات الأسس التي هندسها الله وبناها ” (عب11/8-10)

يقدر إيماننا بكلمة الله وتشبُّعنا منها أن ينفذ الى قلب كلّ ثقافة، ليطهِّرها وينميها لبلوغ قياس محبة المسيح، المحبة الفادية التي لا يزال الناس يحنّون إليها منذ لحظة سقوط آدم وحواء. تتحقّق هذه المحبّة عمليًّا بالتعاون مع ذوي الارادة الصالحة جميعهم، فمنذ ألفيّ سنة يتبيّن لنا أنّ الكنيسة بعيشها الإنجيل تنير معنى الحياة وقيمتها وتوسّع آفاق العقل وتثبّت الأخلاق البشريّة. وعندما يعيش الإنسان ايمانه بشكل صحيح يُظهر كرامته الشخصيّة في عمقها كلّه وسموَّ دعوته (فادي الانسان – فقرة-10)

لذا نشكر الله على نعمة روحه القدّوس التي أُعطيت لنا في يوم العنصرة وأعطت لنا رجالاً أبطالا وأقوياء في الايمان وفي التمسك به وإعلانه بشكل صحيح هؤلاء الابطال صاروا روّاد الكلمة منذ العنصرة حتى يومنا هذا من جيل الى جيل من التلاميذ الاثنيّ عشر والرسل السبعين والاباء الأوّلين والمدافعين والقدّيسين والشهداء والمعلّمين الملافنة في الكنيسة على مرّ العصور الى جيلٍ متواضعٍ في امكانيّاته وغنيٍّ بمعلوماته وروحانيّته يسمّى جيل الانجيل بقيادة الخوري جوزف سويد ومعاونة الخوري الدكتور جوزف نفّاع وفريق عمل كبير يحوّلون استديو مارت تقلا في سدّ البوشرية الى عليّهّ وجميعهم مع فريق تلفزيون نور سات الفضائي يحوّلون لبنان البلد الصغير في المساحة الى عليّة الروح يفيض منها على المسكونة كافّة كما أفاضه الله وسكبه في قلوبنا…

امتلأت حياة الجماعة المسيحيّة في القرون الأولى بالروح عينه في العنصرة وصارت كلُّها شهادةً لشخص المسيح وتحوّلت في عبادتها من ممارسةٍ صارمةٍ للطقوس إلى ممارسةٍ إيمانيّةٍ أوفر حياةً وحريّةً. تقدّم المسيحيّون في الطريق الروحي وازدادوا سموًّا وانتقلوا من الروح الانفرادية الى الروح الجماعية، روح الأخوّة وروح الحياة العائليّة التي صارت على مرّ الاجيال شركة المحبة في مقاسمة الخيرات والخبرات وتوزيع المعونات على كل محتاج ومعوز . شابهت فاعليّةُ الحياة المسيحية شلالاتِ قداسةٍ متدفّقة من المسيح في الحياة العمليّة لأشخاصٍ قدّموا ذواتهم بكاملها لمن أنعم عليهم بهذه القداسة وأعمال النعمة الإلهيّة وحياة التسامح وسلام القلب الداخليّ والثقة في الله والحبّ لله والانسان والاتضّاع والوداعة والصبر وحياة التسليم. تفتّحت هذه الأمور كلّها في قلب الجماعة المؤمنة بالمسيح كزهور الربيع في تربة القلب المتجدَّد بكثرة الصلوات والتوسّلات بما أنّ الله الآب يرى ويجازي علانية على كلّ صلاة ترفع في الروح القدس لأجل المضطهَدين والأصدقاء والأعداء والعائلات والأوطان ومن أجل الظالمين وقُساة القلوب كي يقف الجميع أمام كرسيّ العادل الديّان، ونحن نعيش بالتعقّل والبرّ والتقوى في العالم الحاضر.

تعيش الكنيسة المقدَّسة سِرَّها الحقيقيّ وحقيقة وجودها في حدث العنصرة أيّ في حلول الروح القدس الذي منحه المسيح وأفاضه على تلاميذه كخميرةٍ جديدة تقدّس الجماعة الأولى المجتمعة في العليّة. تختبر الجماعة المسيحيّة هذا الحدث الخمسيني في كلّ زمان وكلّ ومكان مع كلّ احتفال إفخارستيّ، ولدى معظم الليتورجيات الكنسيّة صلاة تسمّى “استدعاء الروح القدس”، لنقول على سبيل المثال:

 

الليتورجيا المارونية

الليتورجيا القبطية

1-                       بدء الصلاة القربانية:

أ‌-    محبّة الله الآب حتى تسبيح الشعب بتسبحة الساروفيم والكاروبيم “قدوس،قدوس،قدوس.

ب‌-                     يرفع الكاهن صلاته الى الله الآب كونه مملوءًا مراحم والله الإبن متجسّد من البتول النقيّة لخلصنا والروح القدس المحيي وواهب الخيرات.

2-                       يأخذ الكاهن الخبز بيديه وكذا الكأس ويتوجه الى  المسيح كي يبارك ويقدّس الخبز والخمر ليتحوّل إلى جسده ودمه حياة أبديّة لمن يتناول منه.

3-                       يبسط الكاهن يديه ويتكلم بلسان المسيح قائلاً: كلّما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تصنعونه لذكري حتّى مجيئي .

4-                       يضرع الكاهن الى الربّ ويقول ليأت روحك الحيّ القدّوس ويحلَّ علينا وعلى هذا القُربان.ليحوّل الخبز الى جسد والخمر الى دمّ المسيح إلهنا حتّى تكون هذه الاسرار لمغفرة الخطايا وشفاء النفس والجسد ونحيا بالروح ونسير بالنقاوة.

1-مقدّمة الأنافورا “التقدمة”

الرب مع جميعكم حتى تسبيح الشعب بتسبحة الساروفيم والكاروبيم “قدوس،قدوس،قدوس.

ب – يرفع الكاهن صلاة القدّوس الله الذي خلقنا واسكننا في الفردوس، والابن المتجسد الذي صار انساناً لأجلنا وأسلم ذاته للموت فداءً عنا وحررنا من الموت بالصليب .وقام من الاموات وصعد الى السموات ويأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات.

2-يأخذ الكاهن بيديه الخبز والخمر ويتوجّه الى المسيح كي يبارك ويقدّس ويعطي المؤمنين .

3- يبسط الكاهن يديه ويقول كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكاهن تبشّرون بموتي وتعترفون بقيامتي.

4- ينحي الكاهن بخشوع أمام الخبز الخمر ويضرع الى المسيح ” نسجد لك أيها المسيح الهنا ونسألك نحن الخطأة أن ترسل علينا روحك القدوس فيطهّرنا وعلى هذه القرابين فيحوّلها ويحعلها قدساً للقدّيسين ويجعل الخبز والخمر جسد ودم يُعطى لمغفرة الخطايا وحياة ابديّة لمن يتناوله.

 إذاً حياة المؤمن، في ظروفها وأحوالها كافّة وعلى مدى الأجيال والعصور هي الاستعداد القلبيّ للمشاركة في عطايا الروح القدس التي وهبت له منذ اللحظة الأولى لدخوله سرَّ الكنيسة، سرَّ الخلاص بواسطة سرِّ المعموديّة والمسحة المقدّسة والأفخارستيّا. ونحن نصير أعضاء في الكنيسة وبالروح عينه ننال قداسة المسيح، لأن الروح القدس يرفع من طبيعة الإنسان القديمة لعنة الموت ورائحته ويهب الإنسان قوّةً وحياةً لا تزولان. ويحلّ المسيح بالإيمان في قلوبنا على حدّ تعبير القدّيس بولس الرسول في رسالته الى أهل أفسس( 17:3).

اليوم يحمل حدث العنصرة جيل الإنجيل الى حيث يشاء “الروح يهب حيث يشاء” ليكون هذا شهادة صادقة لجيلٍ ربّما يكون لنصفه توجُّهات دنيويّة، وعلاقات قطعت أواصر ترابطها بالمسيح بالعصرنة والتقدّم، وكأنّ المسيح تحوّل مع تعاليمه الى أمر ثانوي بعدما كان هو الأساس، فالمجهود الذي يبذل ما هذا البرنامج إلاّ خطوة حيّة لنعود من العصرنة الى العنصرة، حيث الروح القدس يفجّر المواهب والمنافسات الحسنة وتسلية المحبّة ليجعل من الإنجيل “إنجيل حياة” لأنّ دعوة الإنسان منذ البدء هي دعوة الى حياة مليئة وزاخرة بالكنوز والنعم والبركات حياة تتخطّى الوجود على الأرض لكونها اشتراكاً في حياة الله ذاتها، فهذه الدعوة السامية تكشف عظمة الحياة البشريّة وقيمتها .

أيّها الربّ يسوع المسيح ” أنت صعدت الى السماء، وأنت باق معنا الى منتهى الدهر. أقمت كنيسة حية هي جماعة المؤمنين بك وانت تعرف انها جماعة بشرية، فيها رجاء البشر وضعفهم والآمهم وخطاياهم، ولكنك وعدت أن تبقى في سرك الاعظم سر القربان. لتكون للكنيسة لها عوناً الهياً، كي لا تقوى عليها أبواب الجحيم، كنيسةً تنيرها بنور روحك القدوس لأن من نورك نعاين النور، كنيسةً وجماعة تعيش وتتغذى بكلمتك فأنت القائل كلامي روح وحياة. الخطأة الذين فيها، أنت وحدك القادر على غفران خطاياهم، فانت موجود فيها وتحيا فيها وتسير معها فهي لن تنهار بل تبقى ثابتة وراسخة مبنية على الصخر كي لا تتزعزع لآنك انت ربها وقائدها وسيدها. ها نحن نشاهد على مر العصور، العواصف القاسية التي  تهب علينا من كل مكان وبالوسائل والوسائط المختلفه، ونرى رياح مدمرة تحاول ان تزلزل ايماننا وتنتزعه منا، ولكن انت معنا، قلت لبطرس هوذا الشيطان اراد ان يغربلكم واكنى صليت لاجلك لكي لا يتزعزع ايمانك وانت متى رجعت فثبت اخوتك. يا رب نشعر، في صلاتنا، بوجودك معنا، وفي فرحنا نشعربمشاركتك، وفي احزاننا نشعر بتعزيتك، وفي الآمنا نصرخ اليك لتخلصنا، وفي مرضنا نرفع

إليك الدعاء والطلب لتشفينا، وعند موتنا نتذكر قيامتك، فنموت على رجاء القيامة. يا رب ما أروعك وما ابهاك انك تلبس البهاء والجلال، فما أعظم وجودك وحضورك في قلوبنا. نتعهد امامك أن نعمق محبتنا لك وتمسكنا بك ونصون كلمتك ونحفظها ونعلمها كما طلبت للناس أجمعين “تلمذوا جميع الأمم، عملوهم وحفظوهم كل ما اوصيتكم به”، فنربي اجيال جديدة في وسط نورك ونقضي حياتنا في الاخلاص لك والامانة في اعمالنا ورسالتنا. فيا أيها المسيح أقبل صلاتنا برغم ضعفنا وخطيتنا وعدم استحقاقنا. أرحم موتانا وأقبلهم في ملكوتك مع الابرار والصديقين كي يتمتعوا بمجدك الابدي مع القديسين. إشف مرضنا وأهلهم لمراحمك الكثيرة والعزيزة والوفيرة. ولا تتركنا إننا نلوذ بك ونحتمي فيك ونثق تمام الثقة وكمال الايمان بأنك باق معنا  لا ولن تغادر العالم. لك كل مجد وكرامة الى ابد الابدين أمين.