الغربان وزنابق الحقل:  تأمل في قراءات الإثنين  45 يونيو 2014 الموافق 29  بؤونه 1730

الغربان وزنابق الحقل: تأمل في قراءات الإثنين 45 يونيو 2014 الموافق 29 بؤونه 1730

الغربان وزنابق الحقل

تأمل في قراءات الإثنين  25 يونيو 2014 الموافق 29  بؤونه 1730

الأب/ بولس جرس

نص الإنجيل

“وقالَ لتلاميذِهِ:”مِنْ أجلِ هذا أقولُ لكُمْ: لا تهتَمّوا لحَياتِكُمْ بما تأكُلونَ، ولا للجَسَدِ بما تلبَسونَ. الحياةُ أفضَلُ مِنَ الطَّعامِ، والجَسَدُ أفضَلُ مِنَ اللِّباسِ. تأمَّلوا الغِربانَ: إنَّها لا تزرَعُ ولا تحصُدُ، وليس لها مَخدَعٌ ولا مَخزَنٌ، واللهُ يُقيتُها. كمْ أنتُمْ بالحَريِّ أفضَلُ مِنَ الطُّيورِ! ومَنْ مِنكُمْ إذا اهتَمَّ يَقدِرُ أنْ يَزيدَ علَى قامَتِهِ ذِراعًا واحِدَةً؟ فإنْ كنتُم لا تقدِرونَ ولا علَى الأصغَرِ، فلماذا تهتَمّونَ بالبَواقي؟ تأمَّلوا الزَّنابِقَ كيفَ تنمو: لا تتعَبُ ولا تغزِلُ، ولكن أقولُ لكُمْ: إنَّهُ ولا سُلَيمانُ في كُلِّ مَجدِهِ كانَ يَلبَسُ كواحِدَةٍ مِنها. فإنْ كانَ العُشبُ الذي يوجَدُ اليومَ في الحَقلِ ويُطرَحُ غَدًا في التَّنّورِ يُلبِسُهُ اللهُ هكذا، فكمْ بالحَريِّ يُلبِسُكُمْ أنتُمْ ياقَليلي الإيمانِ؟ فلا تطلُبوا أنتُمْ ما تأكُلونَ وما تشرَبونَ ولا تقلَقوا، فإنَّ هذِهِ كُلَّها تطلُبُها أُمَمُ العالَمِ. وأمّا أنتُمْ فأبوكُمْ يَعلَمُ أنَّكُمْ تحتاجونَ إلَى هذِهِ. بل اطلُبوا ملكوتَ اللهِ، وهذِهِ كُلُّها تُزادُ لكُمْ.”لا تخَفْ، أيُّها القَطيعُ الصَّغيرُ، لأنَّ أباكُمْ قد سُرَّ أنْ يُعطيَكُمُ الملكوتَ. بيعوا ما لكُمْ وأعطوا صَدَقَةً. اِعمَلوا لكُمْ أكياسًا لا تفنَى وكنزًا لا يَنفَدُ في السماواتِ، حَيثُ لا يَقرَبُ سارِقٌ ولا يُبلي سوسٌ، لأنَّهُ حَيثُ يكونُ كنزُكُمْ هناكَ يكونُ قَلبُكُمْ أيضًا. “لتكُنْ أحقاؤُكُمْ مُمَنطَقَةً وسُرُجُكُمْ موقَدَةً، وأنتُمْ مِثلُ أُناسٍ يَنتَظِرونَ سيِّدَهُمْ مَتَى يَرجِعُ مِنَ العُرسِ، حتَّى إذا جاءَ وقَرَعَ يَفتَحونَ لهُ للوقتِ. طوبَى لأولَئكَ العَبيدِ الذينَ إذا جاءَ سيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ ساهِرينَ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ يتمَنطَقُ ويُتكِئُهُمْ ويتقَدَّمُ ويَخدُمُهُمْ. وإنْ أتَى في الهَزيعِ الثّاني أو أتَى في الهَزيعِ الثّالِثِ ووَجَدَهُمْ هكذا، فطوبَى لأولَئكَ العَبيدِ. وإنَّما اعلَموا هذا: أنَّهُ لو عَرَفَ رَبُّ البَيتِ في أيَّةِ ساعَةٍ يأتي السّارِقُ لَسَهِرَ، ولم يَدَعْ بَيتَهُ يُنقَبُ. فكونوا أنتُمْ إذًا مُستَعِدِّينَ، لأنَّهُ في ساعَةٍ لا تظُنّونَ يأتي ابنُ الإنسانِ”.فقالَ لهُ بُطرُسُ:”يارَبُّ، ألَنا تقولُ هذا المَثَلَ أم للجميعِ أيضًا؟”. فقالَ الرَّبُّ: “فمَنْ هو الوَكيلُ الأمينُ الحَكيمُ الذي يُقيمُهُ سيِّدُهُ علَى خَدَمِهِ ليُعطيَهُمُ العُلوفَةَ في حينِها؟طوبَى لذلكَ العَبدِ الذي إذا جاءَ سيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفعَلُ هكذا! بالحَقِّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ يُقيمُهُ علَى جميعِ أموالِهِ”. (لوقا 12: 32-44).

نص التأمل

استكمالا للموعظة على الجبل ينقلنا يسوع إلى مستوى التأمل

نعم يطلب منا الرب والمعلم قبل ان نفكر ونضطرب ونقلق ان نتوقف لحظة للتامل

فالتأمل في الأمور يعطي للحياة معنى آخر ويضفي ظل الإيمان على ما يمر بها من مواقف واحداث

ولا يختار المعلم الرب موضوعات فلسفية ولا لاهوتية أو اشياء عظيمة مبهرات

بل يلفت انظارنا للتأمل في أبسط وأحقر وأقل الأشياء أهمية، لكنه يتوقف أمامها:

تأمَّلوا الغِربانَ: إنَّها لا تزرَعُ ولا تحصُدُ، وليس لها مَخدَعٌ ولا مَخزَنٌ، واللهُ يُقيتُها

                       الغراب الملعون المرفوض في التوراة من عهد نوح إلى خراب اورشليم ” حيث ينعق فيها البوم والغربان”

                    يستخلص من حياته البائسة بالنسبة إلينا عبرة منها نتعلم

                    فهو برغم حقارة كينونته وشظف معيشته وقمائته المميزة شكلا ولونا وصوتا…

                    وقله حيلته وضعف مخيلته فهو حسب قول الرب لا تزرَعُ ولا تحصُدُ، وليس لها مَخدَعٌ ولا مَخزَنٌ،

                    ومع ذلك فاللهُ يُقيتُها و ” الأب السماوي” يعتني بها…

                    فإذا وصلت تلك العناية الأبوية إلى هذا الكائن الحقير الملعون في اعيننا فما الحال

                    بصورة مجده ومصب حبه ” الإنسان” تاج خليقته وشبيهه ومثاله!!

                    كيف لا يمنحة الكفاية من كل شيء في كل حين

                    وكيف لا يفيض عليه من جميع الخيرات وقد خلقها خصيصا لأجله!!!

تأمَّلوا الزَّنابِقَ كيفَ تنمو: لا تتعَبُ ولا تغزِلُ، ولكن أقولُ لكُمْ:

                      الموضوع الثاني للتأمل هو الزنابق وهي زهرات برية تنمو عشوائيا

                    بلا هذف بلا هوية بلا مكان بلا زمان بلا رعاية ، تدوسها الأقدام ذهابا وإيابا

                    غير مرغوب فيها ولا مرحب بها تنمو نتيجة هطول المطار على الجبال والمروج والتلال

                    وهي لا تعتبر حتى نوع من أنواع الزهور ولا قيمة لها على الإطلاق….

                    لكن الرب يريدنا ان نتوقف أمامها وقفتنا امام الغربان

                    أليست هي ايضا بنفس الدرجة من الحقارة في اعيننا؟

                    ألا تفتقد القدرة على أي أداء يكفل لها كسوة وغطاء؟

ولكن

                    أقولُ لكُمْ: إنَّهُ ولا سُلَيمانُ في كُلِّ مَجدِهِ كانَ يَلبَسُ كواحِدَةٍ مِنها:

                    أما كنتم وما زلتم تفتخرون توراة وإنجيلا وقرآنا بمجد ذلك الملك العظيم

                    وتمجدون حكمته وعظمته وقدراته الفائقة… ومع ذلك كله لم يصل مجده ومجدكم

                    إلى درجة من بهاء ما يلبسه الله ببساطة لا متناهية لزنبقة تنمو في البرية

                    زنبقة تنبثق اليوم ناصعة بهية متألقة فتية وفي الغد تموت بلا أي اهمية

فإنْ كانَ

                    العُشبُ الذي يوجَدُ اليومَ في الحَقلِ ويُطرَحُ غَدًا في التَّنّورِ يُلبِسُهُ اللهُ هكذا،

                    فكمْ بالحَريِّ يُلبِسُكُمْ أنتُمْ ياقَليلي الإيمانِ؟

 كم انا خجل اليوم يا سيدي من قلقي واضطرابي

حقا أنني قليل الإيمان إن لم أكن قليل الأدب ايضا…

لم أتأدب بعد بروح إنجيلك

ولم اتتلمذ بعد على التأمل في أبسط بيّناتك

فعلمني ربي أن أراك