الفرنسيسكان والموارنة بعد القرن الخامس عشر

روما، الجمعة 4 ديسمبر 2009 (Zenit.org)

نشر في ما يلي مداخلة الأب حليم نجيم الفرنسيسكاني حول الفرنسيسكان والموارنة بعد القرن الخامس عشر، التي ألقاها خلال مؤتمر العائلات الفرنسيسكانية في لبنان.

قام الفرنسسكان بأعمال جليلة لدعم وحماية المسيحيّين الشرقيّين في الشرق الأوسط. مرارًا ما كان الحكّام يعتبرون المسيحيّين مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، ومرارًا ما كانوا يُتَّهمون بالخيانة الوطنية لمجرّد كونهم مسيحيّين، لهم علاقات مشبوهة مع الغرب المسيحي، الأمر الذي كان غالبًا ما يعتبر جريمة نكراء.

في هذه الظروف كان خطر ابتعاد المسيحيّين الكاثوليك عن روما ممكنًا لأن الاتصالات مع الفاتيكان كانت صعبة جدًّا، للتغلّب على هذه الصعوبة لجأ الفاتيكان مرارًا، إلى توكيل حارس الأراضي المقدسة، أو أحد الرهبان الفرنسيسكان، الاتصال بالكنائس الشرقية والسهر على مصلحة الكنيسة هناك، والتأكّد من صحّة الإيمان في هذه الكنائس.

اتصل رهبان حراسة الأراضي المقدسة، لهذه الغاية، بجميع المسيحيّين في الشرق، وخاصّة بالكنيسة المارونية.

أولاً – اتصالات الفرنسيسكان مع الموارنة:

1 – أيام البطريرك موسى سعادة العكاري:

لبّ الفرنسيسكان طلب البطريرك موسى سعادة العكاري، كي يرسلوا ستة رهبان ليعلّموا اللغة اللاتينية لبعض الموارنة لكي يصبح بإمكان الموارنة الاتصال مباشرة مع الكرسي الرسولي.

2 – استضاف الموارنة الرهبان الفرنسيسكان في القدس، بعدما طردوا من دير علية صهيون عام 1556

3 – سمح الفرنسيسكان للموارنة أن يقيموا الطقوس الدينية حسب الطقس الماروني في كنائسهم وخاصة في كنيسة دير المخلص في القدس.

1 – أيام البطريرك ميشيل الرزي:

ساعد الفرنسيسكان بواسطة الأب جان فرانكو فينشنتينو دي أرزينيانو

Vicentino Gianfranco Morgante da Arzignano، إلى كشف الافتراء والكذب الذي أُشيع حول الإيمان الكاثوليكي للبطريرك ميشيل الرزّي في عام 1568، وقال عن الموارنة في تقريره للكرسي الرسولي: “زرت تلك الأنحاء اللبنانية (قنوبين) وسألت كيف يعيش الموارنة. فوجدت في هذا الشعب بساطة ومحبة واستعدادًا عظيمًا لطاعة الكنيسة الرومانية… ووجدتهم كبارًا وصغارًا كاثوليك فضلاء لدرجة أنهم مستعدون لاحتمال ما يأتيهم يوميًا من غير المؤمنين من المصاعب والمتاعب، ومتأهبون أيضًا للاستشهاد حبًّا بالله تعالى وتمجيدًا للكنيسة المقدسة وإنهم يعيشون في جبالهم ببساطة الآباء الأولين”.

– البطريرك يوحنا مخلوف الإهدني والفرنسيسكان

أ – مدرسة في جبل لبنان لتعليم اللغتين: الإيطالية واللاتينية.

ب – افتتاح دير الفرنسيسكان في إهدن.

أعلن البطريرك يوحنا مخلوف الإهدني عن سروره بوجود الفرنسيسكان في إهدن مخاطبًا رئيس الفرنسيسكان في الشرق: “نعلن إرادتنا، أن أي راهب من رهبانيتك ترسلونه إلى مدينة إهدن، سنعتبره مساعدًا لنا، لتثقيف الشعب الثقافة الدينية. وإننا نهب لرهبانيتك كمسكن لهم دير مار يعقوب في إهدن”. استقبل الإكليروسُ والشعبُ الرهبانَِ الفرنسيسكان في إهدن بحفاوة نادرة المثيل، وغير متوقّعة، وكذلك رحّب بهم الحاكم التركي، حتى إن الشعب كان يقدّم لهم الطعام يوميًّا. كان ذلك حوال العام 1630.

البطريرك اسطفان الدويهي وفرنسيسكان الأراضي المقدسة.

في أيام هذا البطريرك العظيم بنى الفرنسيسكان ديرهم في حريصا للمناسبة كتب البطريرك الدويهي ثلاث رسائل: واحدة لرئيس الفرنسيسكان في الشرق، والثانية لرئيس الدير في حريصا والثالثة للشعب الماروني.

في جميع هذه الرسالئل يعبّر البطريرك الدويهي عن سروره للخطوة التي اتخذتها الرهبانية الفرنسيسكانية بفتح دير لهم في حريصا كسروان. في إحدى هذه الرسائل يقول البطريرك الدويهي مخاطبًا رئيس الفرنسيسكان في الشرق: “يقرّ الموارنة، وهم الطائفة الوحيدة التي بقي أعضاؤها متمسّكين بالإيمان الكاثوليكيّ، بالرغم من أنهم محاطون بشعوب غير مسيحية وغير كاثوليكية، أنهم لم يتلقّوا أية مساعدة، إلا من رهبان القديس فرنسيس”.

لقد قام الرهبان الفرنسيسكان، بزيارات عديدة لمؤمني الكنيسة المارونية لأجل تقوية إيمانهم، ومرارًا ما مثّلوا الكنيسة المارونية في المجامح الكنسية، وكذلك مرارًأ ما اعتمد البطاركة الموارنة على الرهبان الفرنسيسكان للحصول على اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بانتخابهم على رأس الكنيسة المارونية.

في آخر القرن السابع عشر نشأ خلاف بين الفرنسيسكان والبطريرك الدويهي ناتج عن سوء تفاهم، تدخّل الكرسي الرسوليّ وحلّ الخلاف على النحو التالي:

1 – يحق لكهنة الموارنة قيامة القداس بالبخور في جميع كنائس رهبان مار فرنسيس.

2 – جميع الموارنة في كل مكان يقدّمون الطاعة لصاحب الكرسي الإنطاكي ويؤدون له العشور ويحافظوا على عوائدهم وممارساتهم الدينية، أينما وجدوا إلخ…

3 – يَقبل الرهبان بكل احترام الموارنة الذين يزورون الأماكن المقدسة.

4 – يعيَّن لرعية القدس المارونية كاهنان لرعايتها.

5 – يستطيع رئيس الرهبان أن يفسح في القدس من وجوه الزواج المختلفة والمتعارف عليها.

تم الاتفاق على كل ذلك في 15 نيسان 1697

البطريرك يعقوب عواد

أتهم هذا البطريرك العظيم باتهامات باطلة عديدة، ولكنها باطلة وكلها كذب وافتراء، لأنه كان رجلاً تقيًّا عالمًا وقديسًا إلا أنه كانت تنقصه الحكمة الإدارية. قام الأب الفرنسيسكاني لورنسو كوتسا بجهود جبارة ومشكورة وأعاد هذا البطريرك إلى كرسيّه، بأمر من الكرسيّ الرسوليّ، بعد أن عزله عدد من المطارنة. كان ذلك حوالى العام 1720.

أخيرًا للفرنسيسكان دورٌ إيجابيّ وفعّال في توحيد الموارنة بعد أن كان هناك خطر على الانقسام، عندما اختلف الأسقفة وانتخبت كل مجموعة منهم بطريركاً، فقام الفرنسيسكان، طبعًا بتوكيل ودعم من الكرسيّ الرسوليّ، وألغوا انتخاب البطريركين وثبّتوا المطران سمعان عواد بطريركاً وحيدًا على المورانة.

(فأصبح للطائفة المارونية بطريركان: الياس محاسب وطوبيا الخازن 1743).

كذلك حسب الأرشيف المحفوظ في الدير الرئيسيّ للفرنسيسكان في الشرق فإنهم لعبوا دورًا مهمًّا في توضيح الغموض والكذب الذي اتصفت فيه الراهبة هندية.