أجري الحوار مايكل فيكتور
٢٩ ديسمبر ٢٠١٤
الإنجيليون بين الاختلاف والانفتاح
20 فبراير القادم رئيس جديد للكنيسة .. وسأكرس حياتي لخدمة الأطفال
* الدولة تعترف بنا ككنيسة واحدة ولكننا 17 مذهبا بمصر
* ندرس دستورا جديدا للكنيسة ولدينا مطالب لتعديل لائحة المجلس الملي
* الاختلافات بين المذاهب ليس جوهريا والتعدد يثري فكر الكنيسة
* لا نعقد مؤتمرات لجذب الشباب .. وندعوهم دائما للصلاة بكنائسهم
* نقدم جهدا ودم المسيح كرمز إيماني أصنعوا هذا لذكري
* نجحنا في تحدي قانون بناء الكنائس .. ومازالت لائحة الأحوال الشخصية موضع خلافات
* نري في الزواج المدني الحل الأمثل لعدم اللجوء لتغيير الدين للحصول علي الطلاق.
تأسيس الكنيسة الإنجيلية بمصر يعود لعام 1863 برسامة أربعة شيوخ – مدبر للكنيسة – وثلاثة شمامسة لأول كنيسة في مصر كنيسة الأزبكية وكانت صورة القس هو من يرتدي جلبابا وعمة سوداء, لكن مع دخول الكنيسة الإنجيلية لم يستطع المصريون التفرقة بين قساوستها والأشخاص العاديين لأن الكنيسة الإنجيلية لا يرتدي قساوستها زيا موحدا.. وحتي يومنا هذا مازال هناك الكثيرون ممن لم يعرفوا أفكارها ومعتقداتها .. الأكثر أن مجمل الخلافات بين الكنيسة الإنجيلية والكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية نحو 30 نقطة خلاف بعضها في العقيدة والإيمان , وبعضها في الطقوس ,ولابعض الآخر في النظام الكنسي وفي أمور العبادة .. في طريقي إلي مقر رئاسة الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة رأيت أن نترك كل نقاط الخلافات للاهوتيين, وأن أبحث في حواري مع رئيس الكنيسة علي نقاط الإلتقاء .. ذهبت ومعي أسئلة كثيرة تدور كلها حول هذا المحور .. ولم يكن من الصعب الوصول إلي إجابات .. لقد سهل رئيس الكنيسة الإنجيلية الطريق عندما بادرني بقوله : مادام الإنسان مسيحي القلب خالص الحب فإنه يستطيع أن يحب بدون تحفظ وبلا حدود ويتسع قلبه ليشمل الآخر.. تعالوا معنا لنتعرف علي بيت الكنيسة الإنجيلية من الداخل مع جناب الدكتور القس صفوت البياضي رئيس الكنيسة الإنجيلية بمصر…
* نريد أن نتعرف علي الكنيسة الإنجيلية؟
** هذا مهم فهناك من لا يعرف أن المسيحيين بمصر 12 كنيسة منهم أربع كنائس كاثوليكية- أقباط و روم و أرمن, سريان, كلدان, موارنة, ولاتين – أما الإنجيليون بمذاهبهم السبعة عشر بمصر فهم طائفة واحدة تعترف بهم الدولة المصرية ورئيس الكنيسة الإنجيلية هو الممثل القانوني لدي الدولة في رئاسة جميع المذاهب والملل ولكننا داخليا لدي كل كنيسة من الكنائس السبعة عشر مجمع مستقل ورئاسة داخلية تجمعهم.
* ماهي المذاهب الإنجيلية الأكبر بمصر؟
** علي مستوي الجمهورية لدينا 1200 كنيسة , بعض المذاهب لديها الأغلبية فتأتي الكنيسة الإنجيلية المشيخية في التعداد الأكثر فلها 350 كنيسة , يليها كنيسة الأخوة 225 كنيسة, يليها كنيسة نهر القداسة الإصلاح
** وبالعودة للحديث عن النظام الداخلي , دعني أقول أن الكتاب المقدس هو أهم حجر تأسس عليه, وما يزال الفكر الإنجيلي, فهو المصدر الوحيد الذي نستقر منه الإيمان ,ولا يمكن أن يساويه أو يشاركه شيء آخر..
ونحن ننظر للكنيسة أنها كنيسة الشعب , فالشعب هو القاعدة والشعب هو الذي يختار القسوس, وينتخب الشيوخ.. المدبر.. والشمامسة.. وتعتبر الكنيسة الإنجيلية من أولي الكنائس التي سطرت دستورا لها وكان أول دستور وضع في عام 1912 باسم سياسة الكنيسة المشيخية المتحدة ونظام عبادتها وأجري السنودس في عام 1935 تنقيحا له وطبع منه نسخة منقحة .. وفي عام 1958 عندما أعلن السنودس خروجه عن رابطة المحفل العام , قرر السنودس استمرار العمل بدستور الكنيسة بصفة مؤقتة لحين وضع دستور جديد , وقد تقدمت اللجان المتخصصة بسمودات الدستور طوال هذه المدة إلي أن قرر اعتماد الدستور المقدم في دورة السنودس عام 1984, وقرر عمل بعض التعديلات والإضافات وطبع الدستور الجديد , ومنذ أربع سنوات وجدنا من جديد أنه لابد من تعديلات جديدة لسياسة الكنيسة لتكون مواكبة مع المستجدات التي تلاحق المجتمع وبالفعل هناك لجنة سنودسية مشكلة لتعديل هذا الدستور برئاسة القس محسن منير وعضوية لاهوتيين وقانونيين , ومن المنتظر أن يعرض الدستور الكنسي الجديد في فبراير المقبل.
وأيضا من الأنظمة الداخلية للكنيسة سنودس النيل الإنجيلي .. فهو كيانها الإداري ويعمل لخدمة إدارتها والتنسيق في مختلف شئونها ويتم انتخاب رئيس خاص للسنودس كل عام, ولا يمكن أن يترشح رئيس سابق إلا بعد 10 سنوات من ترك المنصب وخدمة الرئيس هو في قيادة الجلسات وشئون الإدارة .. فنحن ننظر لرئاسة الكنيسة بجماعة المؤمنين أكثر من أن يديرها فردا.
وهناك عمود أساسي آخر في كيان الكنيسة الإنجيلية وهو المجلس الملي وهذا يمثل الكنائس الإنجيلية أمام الدولة ويضم في عضويته 12 عضوا من مختلف المذاهب الإنجيلية بمصر, وهناك مطالب داخل الكنيسة هذه الفترة تدعونا لتعديل اللائحة الخاصة بالمجلس, فالبعض يري أن اللائحة لا تعبر عن الإنجيليين ككل, فالدعوة من أجل أن يعطي كل ذي حق حقه, وتكون لائحته مناسبة للعصر, وقادرة علي دفع الإنجيليين للأمام, ونحن نستمع لكل المطالب وعلينا أن ندرس الأمر فالتعديل يحتاج إلي مشاورات عديدة بين جميع المذاهب, فلا يمكن أن نعدل لائحة دون الرجوع إلي أحد فهي لائحة الخاصة بالكنيسة كلها وتربط أيضا علاقتها بالدولة.
* يندرج 17 مذهبا تحت رئاسة كنيسة واحدة .. سنودس واحد .. مجلس ملي عام .. فلماذا هناك اختلافات بين كل كنيسة وأخري؟
** الاختلافات بين مذهب وآخر ليس اختلافا جوهريا وهذا لون من التعدد الذي يثري فكر الكنيسة , فكل إنسان له الحق في أن يعتقد ما يشاء ويعلم بما يشاء , هكذا تعلمنا حرية العقيدة وتنوعها .. مثلا الاختلاف مع كنيسة الإخوة إنها كنيسة لا تعترف بالقساوسة وتعتبرالقس هو خادم , والقيادة لديهم متروكة لمن يشعر بالإرشاد ليس مثل باقي المذاهب التي تعتمد علي إعطاء الخدمات للمسئولين عليها , كما أنها من المذاهب التي تؤمن بالحكم الآلفي الأرضي الذي يأتي فيه السيد المسيح ويملك الأرض ألف عام .. وهناك أيضا كنيسة الإصلاح وهي من المذاهب التي تؤمن بموهبة الألسنة, وأنها دليل علي الملء بالروح.
* تحديات كثيرة تواجها الكنيسة الإنجيلية.. فما موقفكم من سيامة المرأة قسا؟
** في البداية دعني أوضح أن هناك فرقا بين الكاهن و القس لدي الكنيسة الإنجيلية, فالكاهن مرتبط بالذبيحة , فهو الوسيط بين الله والناس فنحن ككنيسة إنجيلية لا نؤمن بحاجتنا إلي هذا الوسيط لأننا نري أن الكتاب المقدس يعلمنا أن ذبيحة المسيح التي قدمها كانت ذبيحة واحدة قدمت مرة واحدة ذات مفعول أبدي, فالمسيح هو الكاهن الأعظم لهذا ما بقيت هناك حاجة لذبيحة أخري , وبالتالي ما بقي هناك حاجة لكهنوت ما , أما درجة القسيس بالكنيسة الإنجيلية هي تعني الشخص الذي يبزل للشعب وليس الكاهن الأقرب إلي الله , والشعب عليه أن يصل إلي الكاهن لكي يصل إلي الله , فالفكرة مختلفة تماما, بصورة أوضح القس مثله مثل الطبيب المتخصص في الطب به يعالج الناس والقس متخصص في الكتاب المقدس وبه يدعو الشعب للخلاص … ومثله مثل الشعب يتزوج, وأن توفيت زوجته يحق له أن يتزوج مرة أخري .. وأعتقد عندما تتضح الأمور هكذا تصبح الأمور أكثر ارتياحا لدي البعض الذي يتصور أن الكنيسة الإنجيلية ستسيم امرأة قسا ولا يعرف أننا في ذات الوقت أنه ليس بالكنيسة كهنوت, وبالتالي لا يوجد تقديم ذبيحة من الأساس .. فأنا شخصيا أومن أن لا فرق في المسيحية بين رجل وامرأة فالمسيح عامل المرأة الخاطئة ورفع من قدرها وحتي التي أمسكت في زناها , فالكل في المسيح واحد .. وكانت لنا جولة كبيرة لرسامة المرأة شيخة واتذكر أني كنت وقتها رئيسا للسنودس وعندما عارض البعض قلت سوف أطلب من النساء أن يمتنعن عن الكنيسة ليوم واحد ليري القساوسة المعترضين علي المرأة كيف تكون شكل كنيستهم !! , ووقتها كانت الموافقة بنسبة 60% فمازلنا متأثرين بثقافة البيئة المحيطة بنا والتقاليد الموجودة في منطقتنا , ولكن عندما رأي الكثير نجاح تجربة رسامة المرأة شيخة وهي نفس درجة القسيس ماعدا الوعظ والكلمة, حيث يكون دورها مدبرا وتشارك في القيادة والتدبير المالي , بدأ الكثير يؤمن بأهمية المرأة داخل الكنيسة فمن أوائل الشيخات التي رسمت لدينا هي الشيخة ماري فاضل وأقامت أول بين للمسنين, فكثير أما يكون الفكر المستنير مخالفا ولكن يأتي يوما يعرف المجمع أنه كان الاتجاه الصحيح .. وأري أن المدنحو فكرة رسامة المرأة قسا يزداد والموافقة عليه مازالت موضع مناقشات لأنه أمر يخص الكنيسة الإنجيلية ككل, وليس مجمعا بمفرده , والقرار والفصل فيه يرجع لسنودس النيل الإنجيلي , ونأمل أن ينجح الجميع في هذه الخطوة الجريئة والشجاعة اعترافا بأهمية المرأة في الكتاب المقدس.
* أوضحتم أن القس بالكنيسة الإنجيلية لا يقصد به الكاهن الذي يمارس الأسرار .. فماذا عن سر الإفخارستيا؟
** في الكنيسة الإنجيلية وتعاليمها لا توجد قداسات ولا ذبيحة إلهية , وكما قالت من قبل الكاهن الوحيد هو المسيح وهو الذبيحة الواحدة التي قدمت من أجلنا , فجسد المسيح ودمه معني ككنيسة نتناول منه كعمل إيماني أصنعوا هذا لذكري فعندما قال المسيح خذوا كلوا هذا هو جسدي لم يكن تم عمل الفداء حتي يأكل التلاميذ جسد السيد المسيح لكنه مجرد رمز لنا جسد المسيح ودمه , وتقديمه بكنائسنا تنفيذا لوصية الرب أصنعوا هذا لذكري ولكن لا توجد صلوات لتحول الخبز إلي جسد والخمر إلي دم فهذا لا نعترف به فهو مجرد عمل إيماني فإيماننا أن الله هو الكاهن الأعظم , وهوالذي قدم لنا ذبيحته ونحن نعمل علي الأرض لخلاصنا.
* من الأمور الشائعة أيضا أن الكنيسة الإنجيلية لا تعترف بمكانة العذراء .. هل هذا صحيح؟
* * يسئ العديد من الناس فهم موقف الكنائس الإنجيلية من السيدة العذراء مريم, فالكنائس الإنجيلية التي تبني إيمانها وعقيدتها علي الإنجيل, وتعتبر الكتاب المقدس المصدر الأول والأخير للسلطة في حياة الكنيسة والفرد لابد من أن يكون لها موقف واضح وثابت من هذا الموضوع, لذلك هي مكرمة عند الإنجيليين وأمامها نقف متذكرين كلمات الرب التي أعلنها علي فم مريم فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس ورحمته إلي جيل الأجيال للذين يتقونه (لو1:50)… نعم نحن الإنجيلين نطوب مريم ونقول لها هنيئا لك بغزارة ما عمله الله في حياتك, ونتخذها مثالا أعلي لحياتنا الروحية ونقتدي بها ونسير علي خطاها…
* أيضا يقال أنكم تعقدون مؤتمرات مبهرة لجذب الشباب من الكنائس الأخري إلي كنيستكم… ما تعليق جنابكم؟
* * في الحقيقة هذه المؤتمرات ليست روحية فقط, بل هناك أيضا مؤتمرات ترفيهية وجميعها مؤتمرات تجمع الشباب تحت مظلة الكنيسة, ولم يحدث أن مؤتمرا من هذه المؤتمرات طلب من الشباب الحاضر أن يسجل اسمه للانضمام إلي الكنيسة الإنجيلية, وكثيرا ما أسمع القس سامح موريس خلال مؤتمرات احسبها صح, وOne thing يحيي شباب الكنائس الأخري الحاضرين ويقول أرجعوا إلي كنائسكم ولم يطلب منهم يوما أن يصلوا في قصر الدوبارة, لهذا أتعجب من هذا الفكر الذي يتصور أننا نشد ونجذب شعبا لنا… وأذكر أن يوما طلب مني ابني بالجسد أن يذهب إلي خلوة تعقدها الكنيسة الأرثوذكسية بالمنيا, فوافقته بكل محبة وذهب وحضر وكانت سبب بركة في حياته, ونحن نشكر ربنا أن ما يجمعنا هو الكتاب المقدس حتي إن اختلفنا في التعاليم والعقائد فليس هناك فاصل يمنعنا كمؤمنين أن نجتمع ونصلي معا حول كلمة الله, وأتصور أن هناك تفهما الآن من قادة الكنائس حيث قال أحدهم إن المياه واحدة ولكن في أواني مختلفة… ونحن منذ سنوات يجمعنا سنويا أسبوع صلاة من أجل الوحدة, ولكن مازلت اسأل نفسي كل سنة نصلي من أجل هذه الطلبة, ولكن ما هي الخطوة التي حققناها من أجل الوحدة سنظل نصلي حتي يأتي المسيح ويقول لنا صليتم عصورا ولكن لم تفعلوا شيئا!!.
* الكنيسة الإنجيلية شريكة مع الكنائس الأخري في الكثير من الملفات الخاصة بعلاقتها بالدولة… فما موقفكم من قانون بناء الكنائس؟
* * نجحت الكنيسة في هذا التحدي بعد أن توافقت الكنائس الثلاث علي مشروع القانون, فتم الاتفاق علي صورة نهائية لمشروع القانون بعد أن قامت كل كنيسة بتقديم مقترحها, وتم رفع مشروع قانون بناء الكنائس الموحد لوزارة العدالة الانتقالية, ومنها للطرح علي مجلس النواب المقبل, ووفقا للمادة 235 من الدستور, فإنه يتوجب علي البرلمان أن يصدر هذا القانون الذي ظل حلما عالقا منذ زمن طويل ونجاح هذا القانون في تنفيذه وبه تسد احتياجاتنا, حيث سيكون بناء الكنيسة علي مدي حاجة الطائفة لبنائها في الموقع الذي وقع عليه الاختيار, مع الأخذ في الاعتبار عدد ومساحة الكنائس التابعة للطائفة الموجودة في الموقع الجديد ومدي قربها من هذا الموقع, وسهولة الوصول إليها بغير وجود عوائق طبيعية أو مادية تحول دون ذلك, وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد المسافة بين الكنيسة وأقرب كنيسة تابعة لها لنفس الطائفة علي 2كم.
* للكنيسة الإنجيلية رأي مختلف عن الكنائس الأخري في قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين… فما موقفكم؟
* * قانون الأحوال الشخصية هو التحدي الأكبر أمام الكنائس, لأن به بعض المواد والفقرات التي تخالف عقيدة بعض الكنائس, فمن الأمور التي تدعو لها الكنيسة الإنجيلية ومحل رفض الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية هو الزواج المدني, وننظر له أنه الحل الأمثل لكثير من المشكلات, وأنه بفتح هذا الباب سيمنع من يلجأون لتغيير الدين للحصول علي الطلاق, ونري أن المراسم الكنسية للزواج لم ترد في الكتاب المقدس, ولم تكن تمارس في الكنيسة الأولي, ومن يلجأون للزواج المدني هم في الأصل غير منتمين للكنيسة, ويمكن أن يدخلوا الكنيسة يوما ما ويغيروا العقد المدني إلي كنسي ويخضعوا للقانون الكنسي, ولكن من الواضح أن الدولة لا تريد أن تقنن الزواج المدني في قانون عام يطبق علي كل المصريين ورفض الكنائس الأخري يجعلنا نفكر في أن يضاف هذا الباب للإنجيليين في القانون… فالزواج المدني الذي نطالب به هو تقنين للزواج بين الرجل والمرأة في عقد موثق يضمن الحقوق والأنساب والمواريث لكن دون مراسم كنسية ويعطي الحق لهم في الطلاق, وفسخ العقد إذا أرادوا مع تنظيم العلاقة بعد الطلاق من حيث النفقة وغيره… ولكن الكنائس الشقيقة اعتراضهم نابع من إيمانهم أن هذا مخالف لتعاليم الكتاب المقدس ويعتبر زني مقننا ويجب أن تحاربه الكنيسة, ولا تعطي الحرية لهذا البديل وأنه منفذ للطلاق, ولا يصح أن نقوم بتسهيل الطلاق بهذا العقد المدني…
* الكنيسة الإنجيلية كنيسة وطنية وجميعنا لمسنا وطنيتكم طوال ثورة 25 يناير و30 يونية من خلال صلواتكم والمستشفيات الميدانية التي أقمتموها… كيف ترون مصر اليوم؟
* * مصر تغيرت… وهي تبني اليوم قواعدها علي أسس متينة من الكرامة الإنسانية, وحقوق المواطنة والحرية الدينية, فالكل أصبح شركاء الوطن لا فرق بينهم, فنسير معا علي أرض صلية في طريق إعادة مصر بجهود وشراكة كل المواطنين, فمصر محمية بالإرادة الإلهية, ولن ينل منها حاسد أو حاقد, أو معاند أو محارب… جيشنا يقف حاميا ساهرا وكذلك رجال الأمن, وإن ما يحدث هنا أو هناك ليس إلا عنادا وحقدا علي مصر التي عاشت لآلاف السنين شعب حضارة وشعب يقبل الآخر, وأن التنوع في العقائد يضيف ثراء لا عداء, فالكل يعبد الله, وهو وحده الذي يدين, فمن هو الإنسان الذي يحاول أن يدين الآخرين, فالدينونة حق لله وحده…
* من المتوقع إجراء انتخابات قريبا لرئيس الكنيسة الإنجيلية… فما موقف جانبكم من هذه الانتخابات؟
* * في قانون الكنيسة الإنجيلية فترة رئيس الطائفة ثماني سنوات وعلي مدار الكنيسة الإنجيلية بمصر كان رئيس الطائفة يظل رئيسا للكنيسة إلي وفاته, حتي أن أحدهم فقد الذاكرة إلا أنه ظل رئيسا للكنيسة وكان يدبر أمور الكنيسة نائب الرئيس وهذا ما يسمي بالأسرة البطريركية أي أن الأب لا يستقيل حتي الموت, ولكن في الحقيقة أري أن راعي الكنيسة هو عمل قيادي وإداري ويحتاج إلي تجديد الدماء خصوصا عندما يصل الإنسان إلي رحلة ضعف الجسد… وأنا شخصيا بعد فترة صلاة كبيرة وجدت أمام الله أنه علي أن أسلم أمانة الكنيسة لرئيس جديد, وأري أنه بعد 17 عاما أي دورتين -16 عاما- وجزء من دورة سلفي الدكتور القس صموئيل حبيب الذي تنيح قبل انتهاء دورته, علينا أن نعترف بالتسليم لمزيد من العطاء داخل الكنيسة, ونحن نري نجاحا كبيرا لهذه التجربة بالكنيسة الكاثوليكية, فهناك دائما بطريرك فخري يسلم البطريركية لمن هو قادر علي العطاء أكثر حينما يمرض أو لكبر السن أو لإعاقة الكرسي تحت أي ظروف.
* هل ستكتب جنابكم استقالة رسمية من منصبكم؟
* * سوف يفتح باب الترشح لرئاسة الطائفة في الأول من فبراير المقبل -2015- ومجرد عدم تسجيل اسمي هو تخلي عن الخدمة, ولكني سأظل أصلي من أجل الكنيسة وسيكون عطائي أكثر عندما أتخلي عن المسئوليات الإدارية التي يبذل فيها الإنسان من مجهوده ووقته الكثير, بين دراسات وأوراق وقرارات ومتابعات مشاكل, فسوف أكون مشاركا مع رئاسة الكنيسة بالفكر والرأي والخبرة.
* ما هي آليات انتخاب الرئيس للكنيسة الإنجيلية؟
* * عند فتح باب الترشح علي كل مرشح أن يقدم برنامجا يوضح من خلاله رؤيته للكنيسة بحيث تعرض الورقة علي المجلس قبل عملية الانتخاب, ويتم التصويت بين أعضاء المجلس وبإذن الله يعلن في 20 فبراير 2015 الرئيس الجديد للطائفة.
* هل هناك أسماء طرحت أمامكم… وهل يشترط أن يكون المرشح قسيسا؟
* * الفترة الزمنية لفتح باب الترشح تقترب فباقي شهر تقريبا واعتقد أن الأشخاص الذين يعتزمون التقدم هم الآن في فترات صلاة لأخذ القرار الصالح, والله يحقق مشيئته الصالحة في رؤيتهم نحو الكنيسة, وبرغم أن الأسماء لن تعلن بعد إلا أنهم جميعا أخوتي وأبنائي في الخدمة, وأثق أن رؤيتهم ستكون استكمالا لما بدأناه سويا, ولكني لا اعتقد في نفس الوقت أن يتقدم عدد كبير لأن رئيس الطائفة هي وظيفة تطوعية ليست لها درجة مالية وتحتاج من يعطي من وقته وجهده بالإضافة لخدمته الأساسية سواء راعي كنيسة أو خلافه.
* * أما عن ما كان يشترط أن يكون رئيس الطائفة قسيسا, فهذا ما أتجه له الفكر الإنجيلي مؤخرا, فكان الرؤساء الأربعة الأوائل من الباشوات والبكوات أعيان الإنجيلين وأحدهم كان عضوا بمجلس النواب وكان في هذا الزمان مقبولا حيث كانوا هم الذين يقومون ببناء الكنائس, ويقدمون الأموال للكنيسة ويدفعون رواتب القساوسة, ولكن عندما ألغيت الألقاب لم يعد مقبولا لدي الكنيسة, فلم يبق لنا سوي اللقب الروحي الذي تتقبله الكنائس والتعب معا, وكان الدكتور القس سعيد راعي كنيسة قصر الدوبارة الرئيس الخامس للطائفة والأول في القساوسة بالرئاسة ثم خلفه القس إلياس مقار راعي كنيسة مصر الجديدة, ثم القس صموئيل حبيب مدير الهيئة, ثم شخصي, وفي فبراير القادم سيكون الرئيس التاسع في عداد رؤساء الكنيسة علي مدار تاريخها بمصر.
* قبل ترككم رئاسة الكنيسة بالتأكيد هناك مواقف وذكريات لا تنساها؟
* * صدقوني الحياة مليئة بالآمال والآلام معا, فأكثر ما أسعدني طوال خدمتي أن أري أولادي في الخدمة يتحملون مسئوليات وأجدهم جيلا من القساوسة وبرغم صغر سنهم أصبحوا مؤهلين لخدمات كثيرة ولا يتركوا أيام شبابهم تضيع هدرا… ولكننا نعاني كثيرا لبناء كنيسة وكثيرا ما كنت اتألم أمام أحلام أبناء الكنيسة والواقع الذي نعيشه وتألمت جدا أثناء أحداث كنيسة القديسين وكنت وقتها مع مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة وكنت أقول له بكل ألم فين الأمن… لم أجد شرطيا واحدا جرح أو أصيب… ده معناه أن الكل تخلي وكان قداسته يتحمل الآلام ويصمت, ولاستمرار المشكلات التي كنا نعاني منها تعرضت لوعكة صحية دخلت علي إثرها مستشفي الحياة بمصر الجديدة, وقد زارني وقتها قداسة البابا وقال لي لا تسمح للمشكلات أن تدخل داخلك… دعها خارجك حتي تستطيع أن تنظر إليها وتفكر في حلها فكان صديقا قريبا لنا وعشنا سويا حقا بمحبة أخوية.
* كيف سيقضي القس صفوت البياضي وقته بعد تخليه عن رئاسة الكنيسة؟
* * لدي خدمة معني بها كثيرا وسوف أكرس كل وقتي لها وهي خدمة الأطفال الذين ليس لديهم مأوي حتي نتخلص من أطفال الشوارع, سأسعي أن نبدأ بمدرسة يكون بها قسم داخلي يتعلم فيها الغني والفقير معا, فأنا ضد فكرة الملاجئ التي تربي أجيالا غير أسوياء لا يخرجون للمجتمع وإذا خرجوا يقال عنهم تربية ملاجئ فنحن اليوم علينا أن ننقذ الطفل قبل أن يصبح في يوم من الأيام طفل شوارع.