الكاردينال بشارة الراعى:الوضع في الشرق الاوسط، يشهد تحولا خطيرا خصوصا بعد ظهور الحركات الاصولية

الكاردينال بشارة الراعى:الوضع في الشرق الاوسط، يشهد تحولا خطيرا خصوصا بعد ظهور الحركات الاصولية

إعداد مراسل الموقع من القاهرة – ناجى كامل

نقلا عن موقع زينيت

اكد البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي  يوم الجمعة 29 آب 2014، ان الوضع في الشرق الاوسط، يشهد تحولا خطيرا خصوصا بعد ظهور الحركات الاصولية التي طغت على الحركات الشعبية المطالبة بالاصلاحات وبالديمقراطية. ووسط هذا الوضع، دفع المسيحيون الثمن الأضخم، وبات حضورهم في هذه المنطقة والذي يعود الى زمن السيد المسيح مهددا بخطر كبير

كلام غبطته جاء في خلال مداخلة له القاها كمتحدث رئيسي في  المؤتمر السنوي الخامس “للشبكة الدولية للمشرعين الكاثوليك” The International Catholic Legislators Network  ICLNالذي عقد في روما بدعوة من رئيس اساقفة فيينا الكردينال كريستوف شونبورن ومشاركة عدد كبير من البرلمانيين والشيوخ والوزراء والمسؤولين السياسيين في عدة دول منها: الولايات المتحدة الاميركية، المكسيك، ليتوانيا، بريطانيا، ايطاليا، الارجنتين، اوستراليا، كندا، فرنسا، تشيكيا، المانيا، هنغاريا، ايرلندا، كينيا، مقدونيا، البيرو، بولندا، البرتغال، كوريا، سلوفاكيا، هولندا، اسبانيا، زمبابواي، سلوفينيا والنمسا. وقد تركز المؤتمر حول المسيحيين في الشرق الاوسط وتحديات هذه المرحلة من حياة المنطقة وتابع غبطته عارضا بايجاز لوضع المسيحيين في المنطقة وقال:” ان الهجمة على المسيحيين في العالم اليوم تم توثيقها بالوقائع، واصبح هناك تهديد حقيقي لهذا الحضور المسيحي في بلدان عديدة من العالم العربي وتحديدا في مصر والعراق وسوريا امام ما نبت من منظمات تكفيرية  كداعش وغيرها. لقد تمت مهاجمة المسيحيين واجبروا على ترك بلدانهم التي عاشوا فيها كمواطنين اصيلين منذ اكثر من 2000 سنة. وهذا النزوح الجماعي سيحرم المنطقة من غناها الإنساني والثقافي والعلمي والإقتصادي والوطني. وفي الوقت عينه فان هذا الامر يشوه صورة الإسلام لانه يرتكب باسم الدين والله ويظهره للعالم وكأنه دين ينبذ التنوع ويضطهد كل من اختلف عنه. اضف الى ذلك ما نشهده من صراع مفتوح  بين مذهبي السنة والشيعة وسقوط لآلاف الضحايا الأبرياء من الطرفين

وتابع غبطته:” انه وضع مؤلم جدا والأكثر ايلاما منه هو هذا الصمت في المواقف الرسمية الإقليمية والعالمية وبصورة خاصة الموقف الصامت للسلطات الإسلامية روحية كانت ام سياسية كذلك الموقف الدولي الفاتر حيال كل الاحداث التي حصلت. الماساة العظيمة اليوم هي تلك التي عاشها مسيحيوا العراق وتحديدا الموصل حيث هجر نحو 13 بلدة مسيحية من سهل نينوى اضافة الى ذلك ما حصل ايضا للأيزيديين وغيرهم من الأقليات. كل هؤلاء الناس تم اقتلاعهم من بيوتهم على يد “داعش” فتركوها وهربوا عزل لا يملكون شيئا سوى ما يلبسون. لقد دنسوا كنائسهم واضرحتهم ومساجدهم وزرعوا الألغام في منازلهم وعلى طرقاتهم. هؤلاء المسيحيون هم كلدانيون وسريان واشوريون، ارمن وانجيليون. لقد لجأوا الى اربيل وغيرها ونحن نشكر كل من استقبلهم وساعدهم ونقول انه من الضروري جدا الان ونحن على ابواب فصل الشتاء ان نؤمن لهم المساكن ونساعد ابناءهم على متابعة تحصيلهم العلمي

وختم غبطته عارضا لعدد من الحلول التي يمكن استخدامها لإنهاء مأساة هذا الشرق فطالب بوضع حد للتنظيمات الإرهابية. وأشار الى انه يجب على” الدول الإسلامية ان تتحرك وتساعد على وضع حد لهذه التنظيمات لأنه لا يمكنها البقاء كمراقب صامت حيال ما يجري. فهذه التنظيمات الإرهابية كداعش وغيرها تؤذي الإسلام وتشوه صورته.” ثم دعا الى “انشاء قوة عسكرية باشراف الامم المتحدة ومجلس الامن لوضع حد للهجمات وللإجتياحات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية، وممارسة الضغط من قبل الأسرة العربية والدولية على كل من يمول او يساعد او يدرب هذه التنظيمات، دعم الوجود المسيحي في الشرق الاوسط  لحماية الحوار بين الاديان والحفاظ على التعايش بين الثقافات والحضارات.

كتب قداسة البابا فرنسيس انه علينا ان نبذل جهدنا “لإضاءة شعلة في قلب هذا العالم”. وهذا يعني من خلال كلماتكم، شهاداتكم، تشريعاتكم وسياستكم المبنية على الإيمان. انتم مدعوون لبناء وتعزيز مجتمعات عادلة ترتكز على كرامة الإنسان

الكنيسة تعلم ان عملكم ليس بالأمر السهل. انها تتفهم التهديدات الكثيرة التي تواجه حياة العائلة وهي على شكل سياسات او قوانين تسمح لا بل تسرع عملية تفكك العائلة. كما انها مدركة تماما للحاجة الماسة الى التخفيف من البؤس والفقر ودعم النمو المتكامل للمجتمعات التي يعاني ابناؤها من الإهمال. وكما ان الكنيسة بحاجة اليكم ،كذلك انتم بحاجة اليها. وهي تضع في تصرفكم اسرارها ومشوراتها الحكيمة وتعهدها بالحقيقة الأخلاقية للشرع الطبيعي. كما انها تدعم مبادراتكم المستمرة في خدمة الخير العام من خلال تطبيقكم للقانون. وفي هذا الشأن فان قداسة البابا والاساقفة يشجعون عملكم لخدمة ملكوت الله على الأرض بالإتحاد مع رسالتهم كرعاة.

ثم كانت اللقاء بين الكردينال الراعي والكردينال بارولين تركزت حول الأوضاع في الشرق الأوسط ودور الفاتيكان الدبلوماسي في المساعدة على ايجاد الحلول والمحافظة على الحضور المسيحي في الشرق الاوسط وارساء السلام العادل والشامل الامر الذي يحرص الكرسي الرسولي على تطبيقه كما اكد امين سر الدولة، ثم  ترأس الكردينال الراعي جلسة مناقشة الاوضاع في الشرق الاوسط ودور القوى السياسية و المجتمع المدني في دعم قضايا لبنان والشرق الاوسط فأكد على اهمية التعددية والغنى الثقافي والحضاري الذي ميز الشرق بفضل حوار الأديان والتفاعل الإيجابي المسيحي المسلم الذي يحمل رسالة مشرقة للعالم اجمع مؤكدا على وجوب المواجهة المشتركة لكل اشكال الإرهاب والتطرف والأصوليات التي تعادي الديان

وعندما سُئل عن رأي الفاتيكان بهذه الأوضاع، أجاب بأنّ البابا فرنسيس لم يوفّر طريقة إلاّ واستخدمها من أجل تعزيز الحوار إن من خلال الصلاة أو بالقول. “لقد ألحّ الأب الأقدس أكثر من مرّة على ضرورة رفع الصلوات لله سائلينه نعمة السلام. بالإضافة إلى ذلك، نحن بحاجة إلى تحفيز المجتمع الدولي ليتحمّل مسؤوليته إذ الدولة أصبحت عاجزة عن حماية مواطنيها. إنّ البابا لا يكفّ عن دعوتنا لتبنّي ثقافة مختلفة، ثقافة التضامن والحوار باعتبارها السبيل الوحيد من أجل بنيان مستقبل مشترك من السلام والتقدّم