الموت ليس نهاية الإنسان  مقال الاب بطرس انور

الموت ليس نهاية الإنسان مقال الاب بطرس انور

انطلاقاً من طقس الكنيسة بأن في بداية شهر نوفمبر من كل عام تصلي الكنيسة من أجل الموتى ، ولذلك صلى وقال قداسة البابا فرانسيس “إنّ تذكار الموتى هو لحظة حزن ممزوجة بالرجاء”، وأشار قداسة البابا إلى أنّ تذكار الموتى هو شعور بالحزن من جهة على “أقاربنا الذين غادرونا” ولأنّ الموت يذكّرنا بالمستقبل”. وتابع: “إنما نحن نحمل الورود كعلامة للرجاء وكنبوّة للعيد. وعندئذٍ يمتزج الحزن بالرجاء. إنه الرجاء الذي يمنحنا إياه المسيح “الذي فتح لنا الباب من أجل الدخول إلى حيث نعاين الله”. ولذلك الموت ليس نهاية الإنسان، لأننا دائماً نحن للرب، يقول القديس بولس في رسالته لأهل رومية (رم14/8).  ” فإِذا حَيِينا فلِلرَّبِّ نَحْيا، وإِذا مُتْنا فلِلرَّبِّ نَموت: سَواءٌ حَيِينا أَم مُتْنا فإِنَّنا لِلرَّبّ” (رو14/8). هذا الكلام عندما نفكر فيه بعين الإيمان يجعلنا نفهم أن الموت ليس نهاية الإنسان. لأن الموت هو ظاهرة طبيعية، فكما أن في الطبيعة توجد حياة، كذلك يوجد فيها الموت. الموت والحياة عنصران من سر الطبيعة التي أبعها الله.

ولكن انسان اليوم يقلق كثيراً من الموت والتفكير فيه، وكما تقول الفلسفة الوجودية ” أقسى من الموت نفسه التفكير فيه ” يكشف لنا السرالإلهي عن حياة جديدة بعد الرقاد. المسيحي يؤمن أن السيد المسيح أعطى مفهوماً جديداً عن الموت وعن الحياة، فلم يبق الخلود رغبة الإنسان بل هو أساساً مشئية الله، الله لم يتسمّر عند الموت، لم يكتفِ يسوع بأن أقام الموتى ( ابنة يائيروس – وحيد أرملة نائيين – لعازر ) بل اراد الحياة لكل من يؤمن به ” من أمن بي وإن مات سيحيا ” لأنه أكيد في زمن يسوع مات كتير من البشر ولكن لم يقمهم جميعاً. لأنه المسالة ليست تحدي لنظام الطبيعية، لأن الله هو أوجده ولا يتحدى نفسه بل هو إعلان أن الله فوق هذا النظام لأن هو من أوجده. ويسوع يقدم علامات لحب الله الذي يتجاوز هذا النظام.

علينا نحن المسيحيون في عمق واقعنا وفي عمق كيان حياتنا، أن ننظر إلى الموت برجاء فهو ليس نهاية. لا يعتبر الموت نهاية المطاف، فبقيامة السيد المسيح تتجدد الحياة فلنثبت في المسيح لنحيا معه للأبد. والحياة معه للأبد هى دعوة لكل واحد فينا لأنه الحياة الحقيقية هى في المسيح، ” وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح” (1كو15/22).

 

نحن مدعوون إلى الشركة في هذه الحياة الأبدية، في المسيح المنتصر القائم من بين الأموات، وإيماننا بالمسيح يمنحنا امتلاك الحياة، والحياة الأبدية، ” فقال لهم يسوع أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا ” ( يو11/ 25). فمن امتلك هذه الحياة ينتصر على الموت، لأن الحياة بعد الموت هى سر ولا يمكن معرفته تماماً. لأن الحياة البيولوجية سر ، وأيضا الحياة الأبدية هى سر، والسر هو ما لا ننتهي من التعرف عليه، ويفوق العقل ولذلك نحتاج إلى عمق الايمان بالله حتى نتعرف على هذا السر، وهذا السر قال عنه القديس يوحنا. ” الحياة الأبدية هى أن يعرفوك ” والمعرفة هنا بحسب ثقافة ولغة الكتاب المقدس هى الدخول في علاقة وجودية مع الله ، علاقة انتماء، علاقة ارتباط، علاقة بنوءة. فكما أن المسيح عاش حضور الله في حياته واستمر في ابديته بعد مماته أي قام من بين الأموات. المسيحي لا تبدأ ابديته يوم مماته بل تنطلق منذ معموديته وتستمر حتى مماته ويصبح الموت هو عبور نحو نوعية جديدة من تحقيق الوجود، ولذلك نحتاج للارتباط منذ الأن، منذ المعمودية حتى نعبر نحو الحياة الجديدة، الحياة الأبدية، وهذا يتطلب منا أن نتعمق في كلمة الله ونمارس الأسرار عن وعي وايمان.

في النهاية نصلي من أجل الذين رقدوا وتنيحوا في الإيمان بالمسيح يسوع ربنا، من رعايانا وعائلاتنا ومجتمعنا المصري، نصلي أن الرب يعطيهم الراحة الأبدية في أحضان القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب، ويعطي العزاء للجميع، لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد أمين.